منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ويقسو الزمن

اذهب الى الأسفل

ويقسو الزمن Empty ويقسو الزمن

مُساهمة من طرف رشدي مصطفى الصاري الخميس يناير 05, 2012 9:29 pm

ويقسو الزمن


--------------------------------------------------------------------------------


كنت عائدا" من قريتي أرمناز التي تبعد عن مدينة حلب ثمانين كيلو مترا"بعد يوم عطلة قضيته في بلدتي، وبعد ساعتين من العنين والصخب ...بين الغفوة والصحوة ....بين الحلم والواقع في أحضان ميكرو الباص
وعلى أصوات معاون السائق ....لابد لأي انسان مسافر في هذا الصاروخ الأرضي...لابد له من الإرهاق والتعب ،وبين ثقل الارهاق والتعب والرغبة في الوصول الى غرفتي في المدينة الجامعية في أقرب حين من الزمن......أطلقت العنان لساقي للوصول الى محطة النقل الداخلي .....وصلت بآخر الأنفاس ،وانتظرت كثيرا" من الدقائق يجوز للبعض أن يسميها أجزاء من الساعة الى أن وصل الفرج أخيرا"...!
وتلوح البسمة على شفاه المنتظرين ....ولاشك بأنها بسمة الأنتصار على من....يعلم الله وبدون أن أشعر وجدت نفسي داخل الباص....(منوها" الى الأزمة التي عانت منها مدينة حلب أثناء قلة الباصات وقدوم ميكرو الباصات الصغيرة)أسندت رأسي على متراس صنعه لنا بعض من مبتكري الغرب لأنهم يعرفون أننا شعب ذو عضلات مفتولة شعب راق…لابأس …فقد أسدلت الستار على عيني ،وسرحت في هذا العالم الغريب ….وفجأة وبلمسة فنية على الفرامل يؤديها سائق الباص المخضرم وجدت نفسي مضطرا" الى أن أمسك بكل ما أملك من قوة ذلك المتراس المخصص لنا؛وأعدت الكرة وأرخيت الستار لتينك العينين ….وقبل أن تلفا بالظلمة التي تخفي النور …آلاف من الصور …سجلت على عدسات عيني ..مشاهد رسمت ..والى الدماغ وبسرعة فائقة نقلت وحفرت ,ياترى ما الذي حصل في هذه الأجزاء من الثانية ,ما الذي رأته عيناي …؟ما الذي جعلني أتسمر في مكاني بل جعلني أنتفض كعصفور مبلل الجناحين يحاول التحليق, لوحة بديعة صممها خالق هذا الكون …!بابداع واعجاز بالغين ..كانت هذه اللوحة فتاة شقراء اللون متموجة الشعر الى حد الخيال ..خضراء العينين تلفها دموع الحنان والرقة.. ورمشان أجمل مافيهما أنك تراهما حارسين لتلك العينين بأبوية فائقة ورفق واضح نظرة آمنت من يومها بالنظرات القاتلة…لوحة فنان مبدع يتميز بما يضيفه من رتوش جميلة تضفي على لوحته تقنية عريقة تنم عن قدرة خارقة …قوام جميل ووجه أجمل وبسمة رائعة ,كانت مكملة بكل ماتعني الكلمة ,لاأنكر على نفسي أنها وقسما" سحرتني ..بل جعلتني أهتز الى حد الرجفان 0 وتبدا" رحلتي معها …رحلة ميكرو النقل الداخلي القصيرة كنت أدعو الله أن تطول هذه الرحلة الى حد اللانهاية ...لاأدري ؟ماالذي حصل لعيني وكعادتي من الخجل والحياء الموروث الذي تأصل في ألا أكون ثقيلا" على أحد …لكن ما باليد حيلة فلم تعد أوامري تنفذ فقد خرجت المشاعر عن طوع ارادتي ,أدفع العينين بعيدا" لاجدها تعود وتستقر في وجهها.. أستغفر الله العظيم بدأت أقولها وأرتلها وكأني وقعت في شرك أجبرني على اقتراف الخطيئة …أستغفر الله أقولها حتى أن من في الباص انتبهوا الى تلك التراتيل ووافقوني عليها لأنها كانت مناسبة للواقعة فقد كانوا دهشين مثلي …! ويستمر الجريان وكعادتها بأن الحياة ستنتهي بقصة الموت …أشرفت الرحلة على الانتهاء … وتستعد الشقراء للنزول …تحركت بيمناها كل أحاسيسي ترقبها تودعها بل ترافقها بنظرة أسى وحزن ,نظرة وداع أخيرة …تتلو اليمنى باليسرى …ياآلهي ….ياليتها ما تلتها ماذا تريني عيناي ...؟ماذا أشاهد …؟هذه الكوكبة البراقة هذه الوردة اليانعة تحني قدها خجلا" وتقول للناس المدهوشين بل تناجي ربها...بدمعة خفية ببكاء باطني …برقة مأساوية تقول انظروا فجميلتكم ملوية اليسرى عرجاء كما تسمونها ...!تتكئ على عصا أخفتها بذوق عجيب…صمت غريب …وقفة حيرى وقفة تساؤل…؟وبدون أي شعور تقدمت خطوة ورجعت أخرى من أجل ماذا لاأدري ,وعدت الى تراتيلي أقول أستغفر الله… أسغفر الله…وكأن قلوب الناس داخل هذا الصاروخ الارضي اصبح سماويا بحق0000 بدات ترتل استغفر الله بصوت واحد وروح واحدة كانت الأصوات واهنة حزينة وتنزل الجميلة راسمة على محياها لمسة خجل تتلو الكبرياء التي علتها قبل قليل فقد كانت سيدة مرموقة يميل البعض الى حسدها والآخر الى الاعجاب بها …والآن وفي لحظة تهوي من نظرات الحسد والاعجاب الى نظرات قد تشوبها احكام قلوب قاسية …سبحانك ربنا أنت أعلم منا بخلقك وباعجازك ,لك الحكمة والموعظة. 0

رشدي مصطفى الصاري
رشدي مصطفى الصاري
أرمنازي للعظم
أرمنازي للعظم

عدد المساهمات : 192
نقاط : 889
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
العمر : 57
الموقع : الرياض

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى