منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 22

اذهب الى الأسفل

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 22 Empty فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، :الآية: 22

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الإثنين سبتمبر 10, 2012 9:55 am

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)
في هذه الآية الكريمة والتي سبقتها توجيهٌ للناسِ إلى الأمرِ الذي خُلِقوا من أجلِه وهو عبادةُ اللهِ دون ما سِواه، وبيانُ البراهينِ الساطعةِ التي تَدُلُّ على وَحدانيّةِ اللهِ وعظيمِ قُدرتِه. فبقولِه تعالى:{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا..} تَعَرَّف إليهم ـ سبحانه ـ بذِكْرِ ما مَنَّ به عليهم من خَلْقِ السماءِ لهم سَقْفاً مَرْفوعاً، وإنشاءِ الأرضِ لهم فَرْشاً موضوعاً، وإخراجِ النباتِ لهم بالمَطَرِ رِزْقاً مجموعاً. فكافيهم السماءُ لهم غطاءً، والأرضُ وِطاءً ، والمباحاتُ رِزْقاً، والطاعةُ حُرْفةً، والعِبادةُ شُغلاً، والذكرُ مُؤنِسًا، والرّبُّ وكيلاً، فلا تجعلوا لله أنداداً، ولا تُعلِّقوا قلوبَكم بالأغيارِ في طلب ما تحتاجون إليه؛ فإنَّ الحقَّ سبحانَه وتعالى مُتَوَحِّدٌ بالإبداع، لا مُحْدِثَ سواه، فإذا تَوَهِّمْتم أنّ شيئًا مِنْ نفعٍ أو ضررٍ، أو خيْرٍ أو شَرٍّ يَحدُثُ مِن مَخلوقٍ كان ذلك، في التحقيقِ شِرْكاً. وبقوله عز وجل: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} بيّن لهم أنّ مَن له حاجةٌ لا يَصْلُحُ أن تُرفَع إلا إليه. فتعلُّقُ المُحتاج بالمحتاج، واعتمادُ الضعيفِ على الضعيفِ إنّما يَزيدُ الفَقرَ فقراً والضَعفَ ضَعفاً.
قوله تعالى: {الذي جَعَلَ لَكُمُ} يأتي "جعل" بمعنى صَيَّرَ، كما يمكن أن يأتي بمعنى سَمّى أيضًا، من ذلك قولُه تعالى: {حم * والكتابِ المُبينِ * إنّا جَعلْناه قرآنًا عَربيًّا}. الزخرف: 1 – 3. وقولُه: {وجعلوا له من عباده جزءًا}. الزخرف: 15. و{ جعلوا الملائكةَ الذين هم عبادُ الرحمنِ إناثًا}. الزخرف: 19. أيْ سَمّوهُم، ويأتي "جعل" بمعنى أَخَذَ أيضًا كما قال الشاعر:
وقد جَعَلَتْ نَفسي تَطيبُ لِضَغْمَةٍ ...... لضَغْمِهما ها يَقْرَعُ العَظْمَ نابُها
ضَغْمَةٌ: عَضَّةٌ من غيرِ نَهْشٍ، ومنه سمّيَ الأسدُ ضَيْغَمًا، وقد تأتي "جعل" زائدةً، قال أبو عبيدة:
وقد جعلتُ أرى الإثنين أربعةً .......... والواحدَ اثنينِ لمّا هدّني الكِبَرُ
وقد قيل في قوله تعالى: {وجعل الظلماتِ والنورَ} سورة: ، الآية: . أنّ "جعل" زائدةٌ.
وجعلَ واجْتَعَل بمعنى واحدٍ قال الشاعر أبو زُبَيدٍ الطائيُّ:
ناطَ أَمْرَ الضِّعافِ واجْتَعَلَ اللَّيـ ............. ـل كحَبلِ العادِيَّةِ المَمْدُودِ
قولُه ـ سبحانه:{الذي}: تحتملُ النصبَ والرفعَ. فالنَّصبُ مِن خمسةِ أوجهٍ، أظهرُها: أنْ يكونَ نصبُه على القطعِ. الثاني: أنّه نَعْتٌ لربِّكم. الثالث: أنّه بَدَلٌ منه. الرابع: أنّه مفعول"تتقون". الخامس: أنّه نعتُ النعتِ، أي: الموصولُ الأول، لكنَّ المُختارَ أنَّ النعتَ لا يُنْعَتُ بل إنْ جاء ما يُوهِم ذلك جُعِلَ نعتًا للأوّل، إلّا أَنْ يَمْنَعَ مانِعٌ فيكونَ نعتًا للنعت نحو قولهم: "يا أيُّها الفارسُ ذو الجُمَّة"، فذو الجُمَّة نعتٌ للفارس لا لـ "أيّ" لأنّها لا تُنْعَتُ إلاَّ بما تقدَّم ذِكْرُه. والرفعُ من وجهين: أحدُهُما ـ وهو الأَصَحُّ ـ أنَّه خبرُ مبتدأٍ مَحذوفٍ أي: هو الذي جَعَلَ. والثاني أنّه مُبتَدأٌ وخبرُه قولُه بعد ذلك: "فلا تَجْعَلُوا" وهذا فيه نظرٌ من وجهين، أحدُهما: أنَّ صِلتَه ماضِيةٌ فلم يُشْبِهِ الشرطَ فلا تُزَادُ في خبرِهِ الفاءُ، الثاني: عدمُ الرابط إلّا أَنْ يُجْعَلَ الرابطُ مكرَّرَ الاسمِ الظاهرِ إذا كان بمعناه نحو: "زيدٌ قامَ أبو عبدِ الله"، إذا كان أبو عبد الله كُنيةً لزيدٍ، وكذلك هنا أقامَ لفظَ الجَلالةِ مُقامَ الضميرِ كأنّه قال: الذي جَعَلَ لكم فلا تَجْعلوا لَه أَنداداً.
و"جَعَل" فيها وجهان، أحدُهما: أنْ تَكونَ بمعنى صَيَّرَ فتَتَعَدَّى لِمفعوليْن فيكونُ "الأرضُ" مفعولاً أوَّلَ، و"فِراشاً" مفعولاً ثانياً. الثاني: أن تكونَ بمعنى "خَلَقَ" فتتعدَّى لواحدٍ وهو "الأرضَ" ويكونُ "فراشاً" حالاً.
و{فراشًا} أي وِطاءً يَفترِشونَها ويَستَقِرُّون عليها، وما ليس بِفراشٍ كالجِبالِ والبحارِ والأوْعارِ فهي من مَصالِحِ ما يُفتَرَشُ منها لأنَّ الجبالَ كالأوتادِ كما قالَ ـ سبحانه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرضَ مِهادًا * والجِبالَ أَوْتادًا} النبأ: 6 و7. والبِحارُ تُرْكَبُ إلى سائرِ مَنافعِها كما قال: {والفُلْكِ التي تَجري في البحرِ بما يَنفَعُ النّاسَ} البقرة: 146.
قال أصحابُ الشافعيِّ: لو حَلَفَ رَجُلٌ ألّا يَبيتَ على فِراشٍ أوْ لا يَسْتَسْرِجَ بِسِراجٍ فباتَ على الأرضِ وجَلَسَ في الشَّمْسِ لم يَحْنِثْ لأنَّ اللفظَ لا يَرجِعُ إليْهِما عُرْفًا. وأمّا المالِكِيَّةُ فبَنَوهُ على أصلِهم في الأَيْمانِ أنَّها محمولةٌ على النِيَّةِ أو السَبَبِ أو البِساطِ الذي جَرَتْ عليه اليَمينُ فإنْ عُدِمَ ذلك فالعُرْفُ.
"والسماءَ بِنَاءً" عطفٌ على "الأرضَ فراشاً" على التقديرين المتقددِّمين، والسماءُ للأرضِ كالسقفِ للبيتِ ولهذا قالَ وقولُه الحَقُّ: {وجعلنا السماءَ سَقْفًا محفوظًا}. الأنبياء: 32. وكلُّ ما عَلا فأَظَلَّ قِيلَ لهُ سماءٌ، والوَقْفُ على "بِناءً" أحسن منه على "تتّقونَ" لأنّ قولَه: {الذي جعل لكمُ الأرضَ فِراشًا} نَعْتٌ للرَبِّ، ويُقالُ: بَنَى فُلانٌ بَيتًا، وبَنَى فلانٌ على أَهْلِهِ ـ بناءً فيهما ـ أيْ زَفَّها فأصبحت في ظِلِّهِ وكَنَفِه. والعامّةُ تَقولُ: بَنَى بأهلِهِ وهو خطأٌ، وكأنَّ الأَصلَ فيه أنَّ الداخلَ بأَهْلِه كان يَضرِبُ عليْها قُبَّةً ليلةَ دُخُولِهِ بها فقيلَ لِكُلِّ داخلٍ بأهْلِهِ: بانٍ. وبَنَى (مقصورًا) شَدَّدَ للكَثْرةِ، وابْتَنى دارًا وبَنَى بِمعنًى، ومنه بُنيانُ الحائطِ، وأصلُه وضعُ لَبِنَةٍ على أُخرى حتّى تَثْبُتَ.
و"لكم" متعلِّقٌ بالجَعْلِ أيْ لأجلِكم. والفِراشُ ما يُوْطَأُ ويُقْعَدُ عليه. والبِنَاءُ مصدرُ بَنَيْتُ، وإنّما قُلِبت الياءُ همزةً لتَطَرُّفِها بعد ألفٍ زائدةٍ، وقد يُرادُ به المفعولُ. و"أَنْزل" عطفٌ على "جَعَلَ"، و"مِنَ السماءِ" متعلِّقٌ به، وهي لابتداءِ الغاية. ويجوزُ أنْ يَتَعَلَّقَ بمحذوفٍ على أنْ يكونَ حالاً مِنْ "ما" لأنَّ صِفَةَ النِكِرَةِ إذا قُدِّمَتْ عليها نُصِبَتْ حالاً، ويكونُ حينئذٍ معناها التبعيضُ، وثَمَّ مضافٌ محذوفٌ، أي: من مِياهِ السماءِ ماءً.
وأصلُ "ماء" مَوَهَ بِدليلِ قولِهم: "ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمُوه" وفي جَمْعِه نقول: مياهٌ وأَمْواهٌ، وفي تصغيرِه: مُوَيْهٌ، فتحرَّكتِ الياءُ وانفتحَ ما قبلها فقُلبت ألفاً، فاجتمع حرفان خَفِيَّان: الألفُ والهاءُ، فَأَبْدَلوا من الهاءِ أختَها وهي الهمزةُ لأنّها أَجْلَدُ منها.
وقولُه: "فَأَخْرَجَ" عطفٌ على "أَنْزَل" مُرَتَّبٌ عليه، و"به" متعلِّقٌ بِه، والباءُ فيه للسببيَّة. و"من الثمرات" جار ومجرور متعلقان به أيضاً، ومِنْ ـ هنا ـ للتبعيضِ. وإنّما نَكَّرَ "ماءً" و"رِزقاً" ليفيدَ التبعيضَ، لأنَّ المعنى: وأنزل من السماءِ بعضَ ماءٍ فَاَخْرَجَ به بعضَ الثمراتِ بعضَ رزقٍ لكم، إذ ليس جميعُ رزقِهم هو بعضَ الثمراتِ، إنَّما ذلك بعضُ رزقِهم. و"لكم" متعلُّقَ بـ "أَخْرَج". و"الثمراتُ" جمعُ ثَمَرَةٍ ويُقالُ: ثَمَرٌ مثل شَجَرٍ وخَشَبٍ وبَدَنٍ، وثِمارٌ، مثلُ إكامٍ، جمعُ ثَمَرٍ، وسيأتي لهذا مزيدُ بيانٍ في الأَنعامِ إنْ شاءَ اللهُ، وثِمارُ السِياطِ: عُقَدُ أَطرافِها.
والمعنى في الآيةِ الكريمة: أَخرَجْنا لكم ألوانًا مِن الثَمَرات وأنواعًا مِن النَباتِ {رزقًا} طعامًا لكم وعَلَفًا لدَوابِّكم، وقد بيّنَ هذا قولُه تعالى: {أَنّا صَبَبْنا الماءَ صَبًّا * ثمّ شَقَقْنا الأرضَ شَقًّا * فأنْبَتْنا فيها حبًّا * وعِنَبًا وقَضْبًا * وزَيتونًا ونَخْلًا * وحدائقَ غُلْبًا * وفاكِهَةً وأَبًّا * متاعًا لكم ولأَنْعامِكم}. سورة عَبَسَ: 25 – 32.
فإن قيل: كيف أَطْلَقَ اسْمَ الرِّزْقِ على ما يَخرُج مِن الثَمَراتِ قبلَ التَمَلُّكِ؟ قيلَ له: لأنَّها مُعَدَّةٌ لأنْ تُمْلَكَ ويَصِحَ بها الانتفاعُ فهي رِزْقٌ.
وقد دلّتْ هذه الآيةُ على أنَّ اللهَ تعالى أَغنى الإنسانَ عن كُلِّ مخلوقٍ، ولهذا قال عليه الصلاةُ والسلامُ مُشيرًا إلى هذا المَعنى: ((واللهِ لَأَنْ يَأخُذَ أحدُكم حَبْلَهُ فيَحْتَطِبَ على ظَهْرِهِ خيرٌ لَه مِن أنْ يَسْألَ أَحَدًا، أَعطاهُ أو مَنَعَه)). أخرجه مسلم. ويَدخُلُ في معنى الاحْتِطابِ جميعُ الأشغالِ مِن الصنائعِ وغيرِها، فمَن أَحْوَجَ نفسَه إلى بَشَرٍ مثلَه بِسببِ الحِرْصِ والأمَلِ والرّغْبَةِ في زُخْرُفِ الدُنْيا فقد أَخَذَ بِطَرَفِ مَنْ جَعَلَ للهِ نِدًّا. وقال عُلماءُ الصُوفيَّةِ: أَعلَمَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في هذه الآيةِ سبيلَ الفَقْرِ، وهو أنْ تَجعَلَ الأرضَ وِطاءً والسماءَ غِطاءً والماءَ طِيبًا والكلأَ طَعامًا، ولا تَعْبُدَ أَحَدًا في الدنيا مِنَ الخَلْقِ بِسَبَبِ الدُّنيا فإنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قد أَتاحَ لكَ ما لا بُدَّ لك منه مِنْ غيرِ مِنَّةٍ فيه لأَحَدٍ عليك. وقال نوفٌ البكاليُّ: رأيتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ خرَجَ فنَظَرَ إلى النجوم فقال: يا نوف أَراقِدٌ أنتَ أمْ رامقٌ؟ قلت: بلْ رامِقٌ يا أميرَ المؤمنين، قال: طوبى للزّاهدين في الدنيا والرّاغبين في الآخِرَةِ، أولئك قومٌ اتّخَذوا الأرضَ بِساطًا، وتُرابَها فِراشًا، وماءها طِيبًا، والقرآنَ والدعاءَ دِثارًا وشِعارًا، فَرَفَضوا الدّنيا على مِنهاجِ المَسيحِ عليه السلامُ وذَكَرَ باقيَ الخَبَرِ وسيأتي تمامُه في هذه السورة عند قوله تعالى: {أُجيبُ دعوةَ الداعِ}. البقرة: 186. إنْ شاءَ اللهُ تعالى.
وقولُه تعالى: {فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً} الفاءُ للتسبُّب، تَسَبَّبَ عن إيجادِ هذه الآياتِ الباهرة النهيُ عن اتخاذِكم الأندادَ. و"لا" ناهية و"تَجْعلوا" مجزومٌ بها، وعلامةُ جَزْمِه حَذْفُ النونِ، وهي ـ هنا ـ بمعنى تُصَيِّروا. أو تُسَمُّوا. ويتعدَّى لاثنين: أنداداً، والجارُّ والمجرورُ قبلَه. و"أنداداً" جمعُ نِدٍّ، والنِّدُّ: المُقاوِمُ المُضاهي والضِدُّ والكُفْءُ، ولا يُقالُ إلّا للنِدِّ المُخالِفِ، ونادَدْتُ الرجلَ خالَفْتُه ونافَرْتُه مِنْ: نَدَّ يَنِدُّ نُدُوداً أي نَفَرَ. ويُقالُ "نَديدةٌ" على المبالغة، قال لبيد:
لِكيلا يكونَ السَّنْدَرِيُّ نَديدَتي ........... وأَجْعَلُ أَقْواماً عُموماً عَماعِمَا
وأمَّا النَّدُّ بفتحِ النونِ فهو التَلُّ المُرتفعُ، والنَّدُّ الطِّيبُ أيضاً، وليس بعربيٍّ. ونَدَّ البعيرُ يَنُدُّ نَدًّا ونِدادًا ونُدودًا: نَفَرَ وذَهَبض على وجهِهِ، ومنه قَرَأَ بَعضُهم {يومُ التَنادِّ} غافر: 32. ونَدَّدَ بِه أي شَهَرَهُ وسَمَّعَ بِه. وهذه الجُمْلةُ متعلِّقةٌ من حيث المعنى بقوله: "اعبدُوا" لأنَّ أصلَ العبادةِ التوحيدُ، ويجوزُ أنْ يتعلَّقَ بـ "الذي" إذا جعلتَه خبرَ مبتدأ محذوفٍ، أي هو الذي جعل لكم هذه الآياتِ العظيمةَ والدلائلَ النَّيِّرة الشاهدَةَ بالوَحْدانية فلا تَجْعلوا له أنداداً.
قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ في محلِّ نصب على الحال، ومفعولُ "تعلمون" متروكٌ، والمعنى: وأنتم تعلمونَ بُطْلانَ ذلك.
فإنْ قِيلَ: كيف وصَفَهم بالعِلمِ وقد نَعَتَهم بخلافِ ذلك، مِنَ الخَتْمِ والطَبْعِ والصَمَمِ والعَمى؟ فالجوابُ مِن وجهيْن: أحدُهما: {وأنتم تعلمون} يُريدُ العِلمَ الخاصَّ بأنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ الخَلْقَ وأَنْزَلَ الماءَ وأنبتَ الرِزْقَ فيَعلمون أنَّه المُنعِمُ عليهم دونَ الأَنْدادِ، الثاني: أنْ يَكونَ المعنى: وأنتم تعلمونَ وَحْدانيَّتَهُ بالقُوَّةِ والإمْكانْ لو تَدَبَّرتم ونَظَرْتُمْ، والله أعلم.
وفي هذا دليلٌ على الأمرِ بإسْتِعمالِ حُجَجِ العُقولِ وإِبطالِ التقليدِ وقال ابنُ فُورك: يُحتمَلُ أنَّ تَتناوَلُ الآيةُ المؤمنين فالمَعْنى لا تَرْتَدّوا أيّها المؤمنون وتَجْعلوا للهِ أنْدادًا بعدَ عِلْمِكم الذي هو نَفْيُ الجهلِ بأنَّ اللهَ واحدٌ.

عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 75
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى