الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 126
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 126
وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى للمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَعْدِلوا فِي القَصَاصِ، وَبِالمُمَاثَلَةِ فِي اسْتِيفَاءِ الحُقوقِ، فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا، فَخُذُوا مِنْهُ مِثْلَهُ ولا تَعْتَدُوا. فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْه، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" قَالَ: أَيْ لَا تَعْتَدوا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" قَالَ: إِنْ أَخَذَ مِنْكَ رَجُلٌ شَيْئًا فَخُذْ مِنْهُ مِثْلَهُ.
وَفِي الْآيَةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ اللهَ سيُظْهِرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَيَجْعَلُهُمْ فِي قَبْضَتِهِمْ، فَلَعَلَّ بَعْضَ الَّذِينَ فَتَنَهُمُ الْمُشْرِكُونَ يَبْعَثُهُ الْحَنَقُ عَلَى الْإِفْرَاطِ فِي الْعِقَابِ ولِذَلِكَ كانَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: "فَعاقِبُوا لِلْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ فَإِنَّ عَدَمَ التَّجَاوُزِ فِي الْعُقُوبَةِ وَاجِبٌ. والْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَدْخُلُ فِيهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دُخولًا أَوَّلِيًّا.
و "عُوقِبْتُمْ" مُشَاكَلٌ لِـ "عاقَبْتُمْ"، وقَدِ اسْتُعْمِلَ "عُوقِبْتُمْ" فِي مَعْنَى "عُومِلْتُمْ بِهِ"، لِوُقُوعِهِ بَعْدَ فِعْلِ "عاقَبْتُمْ"، فَهُوَ اسْتِعَارَةُ وَجْهِ شَبَهِهَا هُوَ الْمُشَاكَلَةُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "عُوقِبْتُمْ" حَقِيقَةً لِأَنَّ مَا يَلْقَوْنَهُ مِنَ الْأَذَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَصَدُوا بِهِ عِقَابَهُمْ عَلَى مُفَارَقَةِ دِينِ قَوْمِهِمْ، وَتَسْفِيهِ آبَائِهِمْ، وَعَلَى النَّيْلِ مِنْ أَصْنَامِهِمْ. وَالْمُعَاقَبَةُ: الْجَزَاءُ عَلَى فِعْلِ السُّوءِ بِمَا يَسُوءُ فَاعِلَ السُّوءِ.
أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، فِي قَوْلِهِ تعالى: "وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" قَالَ: هَذَا حِينَ أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ قَاتَلَهُ ثُمَّ نَزَلَتْ (بَرَاءَة) وانْسِلاخُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، قَالَ: فَهَذَا مِنَ الْمَنْسُوخِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: كَانُوا قَدْ أُمِرُوا بالصَّفْحِ عَنِ الْمُشْركِينَ، فَأَسْلَمَ رِجَالٌ ذُوُو مَنَعَةٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ لَوْ أَذِنَ اللهُ لَنَا لانْتَصَرْنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْكِلابِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْجِهَادِ.
قولُهُ: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} يحثُّ اللهُ تعالى المؤمنينَ على الصَبْرُ، ويُرَغِّبُهُمْ بالعَفْوِ، لأَنَّهم إِذا لَمْ يَقْتَصُّوا لأَنْفُسِهِمْ، كَانَ ذَلِكَ خَيْرَا لَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ. و "لِلصَّابِرينَ" أَيْ: الصَبْرُ خَيْرٌ لِجِنْسِ الصّابرينَ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ عامًّا، ويَجُوزُ أَنْ يَكونَ المعنى: صَبْرُكمْ خَيْرٌ لَكُمْ، فيكونُ مِنْ وُقوعِ الظاهِرِ مَوْقِعَ المُضْمَرِ.
وَلِهَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ نظائرُ فِي القُرْآنِ الكريمِ، تَشْتَمِلُ عَلَى العَدْلِ في القصاصِ، وَالنَّدْبِ إِلَى التَفَضُّلِ والعَفْوِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ النِّساءِ: {لَا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} الآيةَ: 148، ثمَّ قَالَ بعدها: {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} الآية: 149، وكقولِهِ مِنْ سُورةِ المائدَةِ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} الآية: 40. وكقولِهِ منْ سُورةِ الشُورى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَاْ}، ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله} الآية: 40. و وَقَال بعدَها: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} الآية: 41، ثمَّ قَالَ في الآيةِ: 43: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
وَفِي سَبَبَ النُّزُولِ أَنَّهُ لمَّا قُتِلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، (عَمُّ النبيِّ ـ صَلواتُ اللهِ وسَلامُهُ عَلَيْهِ) في مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، وَمُثِّلَ بِهِ، اغْتَاظَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، كَثِيرًا، وَقَالَ: ((لَئِنْ أَظْهَرَنِي اللهُ عَلَيْهِمْ لأُمَثِلَّنَ بِثَلاَثِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ)). فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ، فَكَفَّرَ الرَّسُولُ عَنْ يَمِينِهِ وَأَمْلَكَ عَنْ ذَلِكَ. فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حنبل فِي زَوَائِد الْمُسْنَدِ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أُبيِّ بْنِ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، أُصِيبَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا، وَمِنَ الْمُهَاجِرينَ سِتَّةٌ مِنْهُمْ حَمْزَة، فَمَثَّلُوا بِهِمْ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُم يَوْمًا مِثْلَ هَذَا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِم، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ للصَّابرينَ". فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَصْبِرُ وَلَا نُعَاقِبُ، كُفُّوا عَنِ الْقَوْمِ إِلَّا أَرْبَعَةً.
وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَالْبَزَّارُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَفَ عَلَى حَمْزَةَ حِينَ اسْتُشْهِدَ، فَنَظَرَ إِلَى مَنْظَرٍ لَمْ يَرَ شَيْئًا قَطُّ كَانَ أَوْجَعَ لِقَلْبِهِ مِنْهُ، وَنَظَرَ إِلَيْهِ قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ: ((رَحْمَةُ اللهُ عَلَيْكَ، فَإنَّكَ كُنْتَ ـ مَا عَلِمْتُ، وَصُولًا للرَّحِمِ، فَعُولًا لِلْخَيْرَاتِ، وَلَوْلَا حُزْنُ مَنْ بَعْدكَ عَلَيْكَ لَسَّرَّني أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّى يَحْشُرَكَ اللهُ مِنْ أَرْوَاحٍ شَتَّى، أَمَا وَاللهِ لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ مِنْهُمْ مَكَانَكَ)). فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَالنَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاقِفٌ، بِخَواتيمِ سُورَةِ النَّحْلِ: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ" الْآيَةَ. فَكَفَّرَ النَّبِيُّ عَنْ يَمِينِهِ، وَأَمْسَكَ عَنِ الَّذِي أَرَادَ، وصَبَرَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ قُتِلَ حَمْزَة وَمُثِّلَ بِهِ: ((لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْش لَأُمَثِّلَنَّ بِسَبْعِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ)). فَأَنْزَلَ اللهُ "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ" الْآيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَلْ نَصْبِرُ يَا رَبُّ: فَصَبَرَ، وَنَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ، وَابْنُ جَريرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْم أُحُدٍ، وَانْصَرَفَ الْمُشْركُونَ، فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ بِإِخْوانِهِمْ مُثْلَةً، جَعَلُوا يُقَطِّعُونَ آذانَهُمْ وآنَافَهُم وَيَشُقُّونَ بُطُونَهُمْ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَئِنْ أَنَالَنَا اللهُ مِنْهُمْ لَنَفْعَلَنَّ وَلَنَفْعَلَنَّ)) فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ" الْآيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَلْ نَصْبِرْ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَق، وَابْنُ جَرير، عَنْ عَطاء بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ النَّحْلِ كُلُّهَا بِمَكَّة إِلَّا ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ قُتِلَ حَمْزَةُ، وَمُثِّلَ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَئِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْهُمْ)) فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ قَالُوا: وَاللهِ لَئِنْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً لَمْ يُمَثِّلْها أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ بِأَحَدٍ قَطُّ. فَأَنْزَلَ اللهُ: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا" إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
وعَلَى هَذَا قَالُوا: سُورَةُ النَّحْلِ كُلُّهَا مَكِيَّةٌ إِلَّا الآياتِ الثَّلاثَ الأَخِيرَةَ منها. ورَجَّح جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، كَوْنَهَا مَكِّيَّةً مَعَ سَابِقاتِهَا ابْتِدَاءً مِنَ الْآيَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ.
وَمُخْتَارُ النَحَّاسِ وَابْنِ عَطِيَّةَ وَفَخْرِ الدِّينِ الرازي أَنَّ السُّورَةَ مكيَّةٌ كلَّها بِمَا فِي ذَلِكَ هَذِهِ الآية. وَالَّذي رَجَّحَ ذَلِكَ وُجُودُ العاطِفِ فهيَ مَعْطوفَةٌ عَلَى قولِهِ: {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} الآيةَ: 125، أَيْ: إِنْ كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ الدَّعْوَةِ فَلْتَكُنْ دَعَوْتُكَ إِيَّاهُمْ كَمَا وَصَفْنَا، وَإِنْ كُنْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مُعاقِبينَ لِبعضِ المُشْرِكينَ عَلَى مَا نَالَكُمْ مِنْ أَذَاهُمْ، فَعَاقِبُوهُمْ بِالْعَدْلِ ولا تَتَجَاوَزوا حَدِّ مَا لَقِيتُمْ مِنْهُمْ. فَهَذِهِ الْآيَةُ إِذًا مُتَّصِلَةٌ بِمَا قَبْلَهَا أَتَمَّ اتِّصَالٍ. قالَ الإمامُ الفَخْرُ الرَّازيُّ في تَفْسيرِهِ (الكبَيرِ): (20/289): لَا حَاجَةَ إِلَى الْقَدْحِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ (التي سَبَقَ حكايتُها في الأحاديث السابقةِ والتي تتعلَّقَ بِتَمْثيلِ المُشركينَ بجسمِ سَيِّدِنَا الحمزة)، لِأَنَّا نَقُولُ: تِلْكَ الْوَاقِعَةُ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ فَيُمْكِنُ التَّمَسُّكُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ، إِنَّمَا الَّذِي يُنَازَعُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَصْرُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ سُوءَ التَّرْتِيبِ فِي كَلَامِ اللهِ تَعَالَى. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِرِعَايَةِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَرَتَّبَ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ:
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ يَعْنِي إِنْ رَغِبْتُمْ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فَاقْنَعُوا بِالْمِثْلِ وَلَا تَزِيدُوا عَلَيْهِ، فَإِنَّ اسْتِيفَاءِ الزِّيَادَةِ ظُلْمٌ وَالظُّلْمُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ فِي عَدْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَفِي قَوْلِهِ: "وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، كَمَا أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ لِلْمَرِيضِ: إِنْ كُنْتَ تَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ فَكُلِ التُّفَّاحَ، كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَوْلَى بِكَ أَنْ لَا تَأْكُلَهُ، فَذَكَرَ تَعَالَى بِطَرِيقِ الرَّمْزِ وَالتَّعْرِيضِ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ.
وَالْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: الِانْتِقَالُ مِنَ التَّعْرِيضِ إِلَى التَّصْرِيحِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ الِانْتِقَامِ، لِأَنَّ الرَّحْمَةَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَسْوَةِ، وَالْإِنْفَاعَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِيلَامِ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: وَهُوَ وُرُودُ الْأَمْرِ بِالْجَزْمِ بِالتَّرْكِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَاصْبِرْ لِأَنَّهُ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَ أَنَّ التَّرْكَ خَيْرٌ وَأَوْلَى، وَفِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ صَرَّحَ بِالْأَمْرِ بِالصَّبْرِ، وَلَمَّا كَانَ الصَّبْرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ شَاقًّا شَدِيدًا ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُفِيدُ سُهُولَتَهُ فَقَالَ: {وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ} أَيْ بِتَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ الْكُلِّيُّ الْأَصْلِيُّ الْمُفِيدُ فِي حُصُولِ الصَّبْرِ وَفِي حُصُولِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى هَذَا السَّبَبَ الْكُلِّيَّ، الْأَصْلِيَّ، ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا هُوَ السَّبَبُ الْجُزْئِيُّ الْقَرِيبُ فَقَالَ: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} وَذَلِكَ لِأَنَّ إِقْدَامَ الْإِنْسَانِ عَلَى الِانْتِقَامِ، وَعَلَى إِنْزَالِ الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ، لَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ هَيَجَانِ الْغَضَبِ، وَشِدَّةُ الْغَضَبِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا لِأَمْرَيْنِ اثْنَيْنَ:
أَحَدَهُمَا: فَوَاتُ نَفْعٍ كَانَ حَاصِلًا فِي الْمَاضِي وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} قِيلَ مَعْنَاهُ: وَلَا تَحْزَنْ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ، وَمَعْنَاهُ لَا تَحْزَنْ بِسَبَبِ فَوْتِ أُولَئِكَ الْأَصْدِقَاءِ. وَيَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى فَوْتِ النَّفْعِ. وَالثَّانِي: لِشِدَّةِ الْغَضَبِ تَوَقُّعُ ضَرَرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: "وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ" وَمَنْ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ اللَّطَائِفِ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كَلَامٌ أَدْخَلُ فِي الْحُسْنِ وَالضَّبْطِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ
قولُهُ تَعَالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} الواوُ: اسْتِئْنافِيَةٌ، و "إِنْ" شَرْطِيَّةٌ جازمةٌ. و "عَاقَبْتُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هو تاءُ الفاعلِ، في مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إِنْ" الشَرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِها فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا، وَتاءُ الفاعِلِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الرفعِ فاعِلُهُ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ. و "فَعَاقِبُوا" الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوابِ "إِنْ" الشَرْطِيَّةِ. و "عاقبُوا" فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إِنْ" الشَرْطِيَّةِ عَلَى كونِهِ جوابًا لها، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرفعِ فاعِلُهُ، والألفُ فارقةٌ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "بِمِثْلِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ متعلق بـ "عاقبوا"، و "مثلِ" مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ، مُضافٌ. و "مَا" موصولةٌ مبنيَّةٌ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافَةِ إِلَيْهِ، أَوْ هيِ نَكِرةٌ مَوْصوفةٌ. و "عُوقِبْتُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ للمجهولِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هو تاءُ الفاعلِ، وَتاءُ الفاعِلِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ نائبٌ عنْ فاعِلُهُ، والمِيمُ للجَمْعِ المُذَكَّرِ. و "بِهِ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "عُوقِبْتُمْ" والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ، والجُمْلَةُ صِلَةٌ لِـ "ما" لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، إِنْ أُعْرِبتْ "ما" اسْمًا مَوْصولًا، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في محلِّ الجَرِّ إنْ أعربتْ "ما" نَكِرةً مَوصوفةً.
قولُهُ: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} الواوُ: للاسْتِئْنَافِ، أَوْ للعَطْفِ، وَاللامُ مُوَطِّئَةٌ للقَسَمِ، و "إِنْ" شَرْطِيَّةٌ جازمةٌ. و "صَبَرْتُمْ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هو تاءُ الفاعِلِ، فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "إِنْ" الشَرْطِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا، وَجَوابُ الشَّرْطِ مَحْذوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ جَوابُ القَسَمِ، والتقديرُ: فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ. وتاءُ الفاعِلِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ رَفعِ فاعِلِهِ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ. و "لَهُوَ" اللامُ: زَائدَةٌ، زِيدَتْ لِتَأْكِيدِ لامِ القَسَمِ، و "هو" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ على الفتْحِ في محلِّ الرَّفعِ بالابتداءِ. و "خَيْرٌ" خَبَرُهُ مرفوعٌ، و "لِلصَّابِرِينَ" اللامُ حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "خَيْرٌ"، و "الصابرين" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السالمُ، والنونُ عِوضٌ مِنَ التنوينِ في الاسْمِ المفردِ، والجُمْلَةُ جَوابُ القَسَمِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، وجُمْلَةُ القَسَمِ جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الشَّرْطِ قَبْلَهَا لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بمِثْلَ} عَلَى المُفاعَلَةِ، وَهِيَ بِمَعْنَى فَعَلَ كَ "سافَرَ"، والباءُ في "بمثلِ" مُعَدِّيَةٌ. وقَرَأَ ابْنُ سِيرينَ "عَقَّبْتُمْ" بتَشديدٍ القافِ، بِمَعْنَى: قَفَّيْتُمْ فَقَفُّوا بِمِثْلِ مَا فُعِلَ بِكُمْ. وَقِيلَ: تَتَبَّعْتُم. وَالباءُ: في قِرَاءَةِ ابْنِ سِيرين: إمَّا للسَّبَبِيَّةِ، وَإِمَّا مَزيدَةٌ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 99
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 117
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 100
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 118
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 119
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 117
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 100
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 118
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 119
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود