الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 20
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 20
كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} تَّنْبِيهِ منهُ تعالى لعبادِهِ عَلَى أَنَّهُ ما تَرَكَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ إلَّا عَمتْهُ آثَارُ رَحْمَتِهِ ـ سُبْحانَهُ، مُؤمنَهم وكافرَهُمْ، فحَتَّى الْذينَ كَفَروا بِهِ أَوْ عَبَدُوا معهُ غَيْرَهَ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِلِقَائِهِ فَقَدْ أَعْطَاهُمْ مِنْ نِعَمَ الدُّنْيَا، ووزَّعَها عَلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ: الذِينَ أَرَادُوا الدُّنْيا وَزِينَتَها، وَالذِين أَرَادُوا الآخِرَةَ وَنَعِيمَهَا، وَسَعَوْا لَهَا سَعْيَها، فإِنَّهُ يُمُدُّهُمُ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ كريمِ عَطائِهِ، فَهُوَ المُتَصَرِّفُ الحَاكِمُ الذِي لاَ يَجُورُ، فَإِنَّه يُعْيِطي كُلاًّ مِنْهُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا المِقْدَارَ الذِي يَقْتَضِيهِ صَلاحُ حالِهُ، واسْتمرارُ عَيْشِهِ، مُدَّةِ عمرِهِ الذي حدَّدَهُ لهُ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ الأَحْوَالُ: فَفَرِيقُ العَاجِلَةِ يُصْرَفُ إِلَى جَهَنَّمَ، وَفَرِيقُ الآجِلَةِ يَصِيرُ إِلَى الجَنَّةِ. و "نُمِدُّ" نَزِيدُ مِنَ العَطَاءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. بحَسَبِ مَا قَدَّرَ لَهُمْ، وَأَمَّا المُؤْمِنِينَ فَقَدْ أَعْطَاهم مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَذَلِكَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ تعالى مِنْ سُورةِ الْأَعْرَاف: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الآية: 156، وَجاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رَوَاهُ الأَئِمَّةُ الكرامُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ، مِنْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)). وفي روايةٍ: ((إِنَّ اللهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى. فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ)). وفي روايةٍ: ((لَمَّا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْخَلْقِ كَتَبَ عَلَى عَرْشِهِ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ: (2/381، رقم: 8945). والبُخَارِيُّ: (6/196). والنَّسَائِيُّ في "الكبْرَى": (7704). وَالْإِشَارَةُ بِـ "هؤُلاءِ" فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِلَى مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ. وَالْإِمْدَادُ: اسْتِرْسَالُ الْعَطَاءِ وَتَعَاقُبُهُ. وَجَعْلُ الْجَدِيدِ مِنْهُ مَدَدًا لِلسَّالِفِ بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "كُلًّا نُمِدُّ" الْآيَةَ قَالَ: كُلًّا نَرْزُقُ فِي الدُّنْيَا، الْبَرَّ وَالفَاجِرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء" يَقُولُ: نُمِدُّ الْكُفَّارَ وَالْمُؤمنِينَ "مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ" يَقُولُ: مِنَ الرِّزْقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "كُلًّا نُمِدُ" الْآيَةَ قَالَ: نَرْزُقُ مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا، وَنَرْزُقُ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "كُلًّا نُمِدُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ" قَالَ: "هَؤُلَاءِ" أَصْحَابَ الدُّنْيَا، وَ "هَؤُلَاءِ" أَصْحَابَ الْآخِرَةِ.
قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} أَيْ: وَعَطَاءُ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهُ أَوْ يَرُدَّهُ أَوْ يُنْقِصَ مِنْهُ. والعطاءُ اسمُ مصدرٍ واقعٌ موقعَ اسْمِ المَفْعُولِ. وَالجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ أَوْ تَذْيِيلٌ، وَ "عَطَاءُ رَبِّكَ" جِنْسُ الْعَطَاءِ، وَالْمَحْظُورُ: الْمَمْنُوعُ، أَيْ مَا كَانَ مَمْنُوعًا بِالْمَرَّةِ بَلْ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ نَصِيبٌ مِنْهُ. وَأَصْلُهُ مِنَ الحَظْرِ، وَهُوَ: جَمْعُ الشَّيْءِ فِي حَظيرَةٍ، والحَظيرَةُ: مَا يُعْمَلُ مِنْ شَجَرٍ ونَحْوِهِ لِتَأْوِي الغَنَمُ، والمُحْتَظِرُ: مَنْ يَعْمَلُ الحَظِيرَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "مَحْظُورًا" قَالَ: مَمْنُوعًا عَمَّنْ يُرِيدُهُ اللهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا" قَالَ مَمْنُوعًا.
قولُهُ تَعَالَى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} كُلًّا: مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ لِـ "نُمِدُّ" مُقَدَّمٌ عليهِ، والتَنْوينِ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إِلَيْهِ، أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الفَريقَيْنِ. و "نُمِدُّ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحن) يَعُودُ عَلَى اللهِ تعالى. و "هؤُلاءِ" الهاء: للتنبيهِ، و "أُولاءِ" اسْمُ إِشَارَةٍ مبنيٌّ على الكَسْرِ في محلِّ النَّصْبِ على البَدَلِ مِنْ "كُلًّا" بَدَلَ تَفْصِيلٍ مِنْ مُجْمَلٍ. وهو كَقَوْلِ النَبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ)). وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْإِبْدَالِ التَّعْجِيبُ مِنْ سِعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى. و "وَهَؤُلاءِ" حرفُ عَطفٍ ومَعْطُوفٌ عَلَى "هؤُلاءِ" الأَوَّلِ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بـ "نُمِدُّ"، و "عَطاءِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ مُضافٌ. و "رَبِّكَ" مَجْرُرٌ بالإضافةِ إليهِ ومُضافٌ أَيْضًا، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ جُملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} الواوُ: حَاليَّةٌ. و "ما" نَافِيَةٌ. و "كانَ" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ. و "عَطاءُ" اسْمُهُ مرفوعٌ بِهِ مُضافٌ. و "رَبِّكَ" مجرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ، مُضافٌ أيضًا، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليْهِ أَيْضًا. و "مَحْظُورًا" خَبَرُ "كان" منصوبٌ، والجُمْلَةُ في محلِّ النَّصْبِ على الحالِ.
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} تَّنْبِيهِ منهُ تعالى لعبادِهِ عَلَى أَنَّهُ ما تَرَكَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ إلَّا عَمتْهُ آثَارُ رَحْمَتِهِ ـ سُبْحانَهُ، مُؤمنَهم وكافرَهُمْ، فحَتَّى الْذينَ كَفَروا بِهِ أَوْ عَبَدُوا معهُ غَيْرَهَ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِلِقَائِهِ فَقَدْ أَعْطَاهُمْ مِنْ نِعَمَ الدُّنْيَا، ووزَّعَها عَلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ: الذِينَ أَرَادُوا الدُّنْيا وَزِينَتَها، وَالذِين أَرَادُوا الآخِرَةَ وَنَعِيمَهَا، وَسَعَوْا لَهَا سَعْيَها، فإِنَّهُ يُمُدُّهُمُ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ كريمِ عَطائِهِ، فَهُوَ المُتَصَرِّفُ الحَاكِمُ الذِي لاَ يَجُورُ، فَإِنَّه يُعْيِطي كُلاًّ مِنْهُمْ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا المِقْدَارَ الذِي يَقْتَضِيهِ صَلاحُ حالِهُ، واسْتمرارُ عَيْشِهِ، مُدَّةِ عمرِهِ الذي حدَّدَهُ لهُ، ثُمَّ تَخْتَلِفُ الأَحْوَالُ: فَفَرِيقُ العَاجِلَةِ يُصْرَفُ إِلَى جَهَنَّمَ، وَفَرِيقُ الآجِلَةِ يَصِيرُ إِلَى الجَنَّةِ. و "نُمِدُّ" نَزِيدُ مِنَ العَطَاءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. بحَسَبِ مَا قَدَّرَ لَهُمْ، وَأَمَّا المُؤْمِنِينَ فَقَدْ أَعْطَاهم مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَذَلِكَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ تعالى مِنْ سُورةِ الْأَعْرَاف: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} الآية: 156، وَجاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رَوَاهُ الأَئِمَّةُ الكرامُ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ، مِنْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: ((إِنَّ اللهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي)). وفي روايةٍ: ((إِنَّ اللهَ كَتَبَ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ: إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى. فَهْوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ)). وفي روايةٍ: ((لَمَّا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْخَلْقِ كَتَبَ عَلَى عَرْشِهِ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ: (2/381، رقم: 8945). والبُخَارِيُّ: (6/196). والنَّسَائِيُّ في "الكبْرَى": (7704). وَالْإِشَارَةُ بِـ "هؤُلاءِ" فِي الْمَوْضِعَيْنِ إِلَى مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ. وَالْإِمْدَادُ: اسْتِرْسَالُ الْعَطَاءِ وَتَعَاقُبُهُ. وَجَعْلُ الْجَدِيدِ مِنْهُ مَدَدًا لِلسَّالِفِ بِحَيْثُ لَا يَنْقَطِعُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "كُلًّا نُمِدُّ" الْآيَةَ قَالَ: كُلًّا نَرْزُقُ فِي الدُّنْيَا، الْبَرَّ وَالفَاجِرَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء" يَقُولُ: نُمِدُّ الْكُفَّارَ وَالْمُؤمنِينَ "مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ" يَقُولُ: مِنَ الرِّزْقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "كُلًّا نُمِدُ" الْآيَةَ قَالَ: نَرْزُقُ مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا، وَنَرْزُقُ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "كُلًّا نُمِدُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ" قَالَ: "هَؤُلَاءِ" أَصْحَابَ الدُّنْيَا، وَ "هَؤُلَاءِ" أَصْحَابَ الْآخِرَةِ.
قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} أَيْ: وَعَطَاءُ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَهُ أَوْ يَرُدَّهُ أَوْ يُنْقِصَ مِنْهُ. والعطاءُ اسمُ مصدرٍ واقعٌ موقعَ اسْمِ المَفْعُولِ. وَالجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ أَوْ تَذْيِيلٌ، وَ "عَطَاءُ رَبِّكَ" جِنْسُ الْعَطَاءِ، وَالْمَحْظُورُ: الْمَمْنُوعُ، أَيْ مَا كَانَ مَمْنُوعًا بِالْمَرَّةِ بَلْ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ نَصِيبٌ مِنْهُ. وَأَصْلُهُ مِنَ الحَظْرِ، وَهُوَ: جَمْعُ الشَّيْءِ فِي حَظيرَةٍ، والحَظيرَةُ: مَا يُعْمَلُ مِنْ شَجَرٍ ونَحْوِهِ لِتَأْوِي الغَنَمُ، والمُحْتَظِرُ: مَنْ يَعْمَلُ الحَظِيرَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "مَحْظُورًا" قَالَ: مَمْنُوعًا عَمَّنْ يُرِيدُهُ اللهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا" قَالَ مَمْنُوعًا.
قولُهُ تَعَالَى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} كُلًّا: مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ لِـ "نُمِدُّ" مُقَدَّمٌ عليهِ، والتَنْوينِ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إِلَيْهِ، أَيْ: كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الفَريقَيْنِ. و "نُمِدُّ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحن) يَعُودُ عَلَى اللهِ تعالى. و "هؤُلاءِ" الهاء: للتنبيهِ، و "أُولاءِ" اسْمُ إِشَارَةٍ مبنيٌّ على الكَسْرِ في محلِّ النَّصْبِ على البَدَلِ مِنْ "كُلًّا" بَدَلَ تَفْصِيلٍ مِنْ مُجْمَلٍ. وهو كَقَوْلِ النَبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ)). وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْإِبْدَالِ التَّعْجِيبُ مِنْ سِعَةِ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى. و "وَهَؤُلاءِ" حرفُ عَطفٍ ومَعْطُوفٌ عَلَى "هؤُلاءِ" الأَوَّلِ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ متعلِّقٌ بـ "نُمِدُّ"، و "عَطاءِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ مُضافٌ. و "رَبِّكَ" مَجْرُرٌ بالإضافةِ إليهِ ومُضافٌ أَيْضًا، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ جُملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ فلَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} الواوُ: حَاليَّةٌ. و "ما" نَافِيَةٌ. و "كانَ" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ. و "عَطاءُ" اسْمُهُ مرفوعٌ بِهِ مُضافٌ. و "رَبِّكَ" مجرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ، مُضافٌ أيضًا، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليْهِ أَيْضًا. و "مَحْظُورًا" خَبَرُ "كان" منصوبٌ، والجُمْلَةُ في محلِّ النَّصْبِ على الحالِ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 1
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 15 (2)
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 29
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 41
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 57
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 15 (2)
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 29
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 41
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 57
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود