منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

البحر في الأدب العربي /4/ ( عبد القادر الأسود)

اذهب الى الأسفل

البحر في الأدب العربي /4/ ( عبد القادر الأسود) Empty البحر في الأدب العربي /4/ ( عبد القادر الأسود)

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود السبت سبتمبر 18, 2010 9:55 pm





















البحر في الشعر الأندلسي


إذا كان العربُ - كما سَلَفَ أن بيَّنا- قليليِّ الخِبرةِ بالبحرِ ، فإنَّ الأمرَ أصبح مختلفاً عندما فتحوا بلادَ المَغرِبِ العربيِّ ثمَّ عَبروا البَحرَ إلى البَرِّ الأوربيِّ،وقد بدا أثرُ هذا التّوجُّه الجديدِ يظهرُ في أشعارِهم . وفي هذه الأبياتِ المنسوبةِ إلى القائدِ التاريخيِّ البطلِ طارق ابن زياد ، تظهرُ بواكيرُ هذا التوجُّه :

رَكِبْنــا سَفينــاً بالمَجـــازِ مُقَيَّـــراً
عسى أنْ يكونَ اللهُ منّا قدِ اشْتَرى
نفوسـاً وأمـــوالاً وأهـــلاً بجنَّـــةٍ
إذا ما اشْتَهَيْنا الشيءَ فيها تَيَسَّرا
ولسْنا نُبالي كيف سالتْ نُفوسُنا
إذا نحن أَدْركنا الذي كان أَجْدَرا
(1)
لقد ازداد ذكرُ البحرِ في الشعرِ الأندلسيِّ عمّـا كان عليـــه في العُصورِ السّالفَةِ ، لازْدِيادِ أَهمّيَّتِهِ في حيـــــــاتِهــم , إلاّ أنّه لم يَنَلْ مِن اهْتِمامِهم ما نالتْه بعضُ عَناصِر الطّبيعــةِ الأُخرى، وإنّ وصفَهم له كان قليلاً بالرّغمِ من معرفةِ البعضِ منهـم بالبحر وتجاربِهم في التّعاملِ معه فقد ركِبَ الأندلسيّون البحرَ وتجوّلوا فيه واجتازوه غازين أو متواصلين مع أصولِهم في غربيّ الوطنِ العربيِّ وشرقيِّه يقول الدكتور سعد شلبي في كتابه البيئة الأندلسيّـة عن البحارِ والأساطيلِ والزوارقِ والأنهارِ :
(( موصوفاتٌ أعطاها الأندلسيّون مَزيداً من الاهْتِمام وأشعارُهم التي أنشدوها في هذا البابِ طبعتْ الأدبَ الأندلسيَّ بطابَعٍ خاصٍّ )) (2)
إذاً لقد وَصَفَ الأندلسيّون البحرَ وركوبَهم ورَحَلاتِهم فيه ووصفوا المعـاركَ البحريَّةَ والسفنَ والأساطيلَ في ثنايا قصائدِهم ، أحياناً ، أو بمقطوعاتٍ قصيرةٍ أحياناً أُخرى ، ولم يُفْرِدوا لهذا الغَرَضِ قصائدَ مستقلّةً ، وإنّما ذَكروا ذلك في طيّاتِ قصائدَ أَنشدوها في الفخرِ والمديحِ ، لاسيّما بعد أنْ دخَلَ المُرابطون الأندلسَ وأصبح لهم فيه شأنٌ ، وقــد بَقي العربيُّ ينظرُ إلى البحرِ نظرةً سلبيّةً،في غالبِ الأحيانِ،لأنّـه بقي عندهم غامضـاً مرهوب الجانب غير مأمون العواقب .
يقول العلاّمةُ الحِمْيَرِيُّ : (( ولا يعلم أحدٌ ما خلف هذا البحر المظلم ، ولا وقفَ منه بشرٌ على خبرٍ صحيح ، لصعوبةِ عبورِه وإظلامِه ، وتعاظُمِ موجِه، وكَثرةِ أهوالِه وتسلُّطِ دوابِّهِ وهَيجانِ رياحِه )). (3)
لقد ارتبطت صورةُ البحرِ ـ في الغالبِ ــ بالخـوفِ والرُّعبِ عند عامَّةِ الشعراءِ ، يقول الشاعر يحيى الغزال :

قال لي يَحيى وصِرْنا بـــين مـوج كــــالجبـــالِ
وتَـوَلَّـتْـنــــــــــــا رياحٌ مـن دَبورٍ وشَمَــــــــــــالِ
شَقَّتِ القَلْعَيْنِ وانْبَتَّـــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــــــــتْ عُرا تلك الجبالِ
وتمطّى ملكُ المــــــو.............. تِ إلينــــا عن حِيــــــالِ
(4)
فقد ركب الشاعُر وصاحبُه ( يحيى ) السفينةَ فيمن ركب ، وما هو إلا وقتٌ قصير حتى هاجمتهم الريح العاتية من الشرق حيناً ، ومن الشمال حيناً آخَرَ ، ويعلو الموجُ ويرتفع مثل الجبال العالية ثمَّ يهوي على السفينة ليضرِبَها ممزِّقاً شراعها ، مُثيراً مشاعرَ الخوفِ والهَلَعِ والرُعْبِ بين رُكّابِها، ويتمطى ملك الموتِ ، وكأنّه كان في حالة استرخاء لنيل قسطٍ من الراحة ، وقد نودي للقيام بواجب قبض أرواح أنهت رحلةَ عمرها وبلغتْ نهايةَ شوطِها .
وهــذا شاعـرٌ آخـر ، هـو محمّــد بنُ أبي الحسين يصف البحرَ بقولــــه :
ومُلتطِـــمُ الأرجـاءِ مُحلَوْلِكُ القُرى
كثــيرٌ رَزايــــــاهُ قـليـــــلٌ نَـوافِـلُــــــهْ
بساطٌ مِن الآفــــــــاتِ رِخْــوٌ كأنَّهُ
غِـلالــةُ ليـلٍ ما تُـــــلاثُ مَهــاوِلُــــهْ
كأنّ اصْطِفـاقَ المـــوجِ في جَنَبـاتِـهِ
خميسٌ تَهـاوتْ بالسيوفِ قَنـابِـلُـــهْ
كأنّ سَنا أمواجِهِ ، في الْتِجـاجِهِ
لُجَيْـنٌ جَرى فوق الزَّبَرْجَدِ سائلُـهْ
(5)
كما ترى ، فنحن أمامَ لوحةٍ قاتمةٍ أخرى للبحرِ تُثيرُ الهَلَعَ والخوفَ والرعبَ ، وتُنَفِّرُ منه ، لأنّه ــ في نظرِ الشاعرِ ــ قليلُ العَطاءِ كثيرُ الرزايا ، مُتــلاطِمُ الأمواج حالكُ الظلامِ ، بساطٌ طريٌّ مِن الآفاتِ ، أمواجُه أفواجٌ من الفرسان الذين يَهْوون بسيوفِهم التي تَلْتَمِعُ فيُكَشِّرُ فيها الموتُ عن أنيابِه ، وهي جميعُها صُوَرٌ قاتمةٌ تُثيرُ الهَلَعَ وتُنَفِّرُ من البحرِ، اللهمّ إلاّ البيتَ الأخيرَ الذي جاء بصورةٍ إيجابيةٍ فيها الكثيرُ من الجمالِ ، حيث الأمواجُ البيضـاءُ الـلامعـةُ كالفِضَّـةِ تَسبحُ على بساطٍ من الزَّبَرْجَـدِ الأخضرِ اللونِ والجواهرِ النَّفيسَةِ ، لكنّ هذه الصّورةِ جاءت مُجافية للسِياقِ غيرَ مُتَّسِقَةٍ معه.
ويَتكرَّرُ باستمرارٍ تشبيهُ البحر بالجيشِ المُخيفِ ، ويَتكرَّرُ تشبيهُ موجِهِ بالسيوفِ المُلْتَمِعَةِ التي تَهوي بالموتِ الزُّؤامِ على كلِّ مَن صادفتْه ، يقول ابنُ الزقاق :

كأنَّ البحرَ إذا طَلَعتْ ذُكـــاءٌ
ولاحَ بِمَتْنِـــــهِ منهــا شُعـــــــــــاعُ
جُيوشٌ في السَّوابِغِ قد تَبَدَّى
لِبيضِ الهِنْــدِ بينَهمَــــا اْلِتمَــــاع
(6)
إذاً فالبحرُ ــ عند ابنِ الزقاق ــ جيشٌ يَلْبَسُ الــدُّروعَ الفَضْفاضَــةَ ((السَّوابغَ)) ويَحملُ السيوفَ اللوامعَ ، ويَنطلقُ مع الصباحِ للقتالِ ، والشمسُ هي التي ظَهَّرَتْ هذه الصورةَ للبحرِ ، فالدُّروعُ الزَّرقاءُ بِلونِ البحرِ والسيوفُ ذاتُ اللّوْنِ الأبيضِ اللَّمّاعِ بِلونِ أمواجِه.
وكَثرةْ تشبيهِ البحر بالجيشِ ، عند شعراءِ العربيّـةِ ، دليـلٌ على حياةِ العربيِّ التي ارتبطت بالجهادِ ارتباطاً وثيقاً ، فالجهادُ في سبيلِ اللِه لنشرِ التوحيدِ ونـورِ العِلمِ والعدالةِ بين الناسِ وتَخليصِهم مِن ظُلمِ الطُّغـــاةِ والجَبـــابِرَةِ ،رُكنٌ هامٌّ مِن أركانِ الدِّينِ الحَنيفِ .
فالعَربُ أمّةُ غزوٍ وجهادٍ ، اصْطَبَغتْ حياتُهم بالطَّابَـعِ العَسكريِّ ، فحملــوا السُّيــوفَ وأَزاحوا ـ كما هو معروف ـ دُوَلاً وإمبرطورياتٍ كانت قائمـةً على الظُّلمِ والطُّغيانِ ، فدالتْ بهم تلك الدُّولُ وعَمَّ الأرضَ بهم النـورُ ، نـورُ الهِدايـةِ والعـدلِ والمُسـاواةِ ، ضاربين بذلك أروعَ الأمثلةِ التي شهِدَ لهم بِها المُنصفون مِن أعدائِهم ، حتى قال عنهم المُؤرِّخُ الفرنسيُّ الكبير : غُوستاف لوبون: (( مـا عَـرَفَ التّـاريـخُ فاتِحـاً أرحـمَ مِن العربِ )) (7)
أمّا الشاعرُ الأندلسيُّ ، ابنُ حَمْـديسَ ، فقد أوردَ صورةَ البحرِ الغاضبِ بمقطعين نَـدَّ فيهما عن غيرِه من الشعراءِ ، إذ كان له مع البحرِ شأنٌ ، فلم يُشبِّهْهُ بالجيشِ ، ولا شبَّه موجَه بالسيوفِ الصَّقيلةِ اللَّمّاعةِ. يقول في المقطع الأول:

وأَخضرُ حَصَلتْ نفسي بِهِ ونَجَتْ
وما تُفـــــارقُ منـــــــــــــــــهُ رَوْعــةٌ رَوْعي
أَرْغى وأَزْبَدَ والنَّكْباءُ تُغضِبُــــــــــهُ
كمَـــــــا تَعَـبَّـثَ شَيْطـــــــانٌ بِمَصْروع
(Cool
ويبدو لنا جلياً ، في هذين البيتين ، ذلك الصراعُ الدّائمُ الأبَدِيُّ بيْن الإنسانِ والطَّبيعةِ ، والبحرُ أحدُ عناصرِ هذه الطبيعةِ التي وَجَــدَ الإنســانُ فيهـا نفسَـه مُرْغَماً على تَحَدّيها وتذليلِ صِعابِها ، وتَسخيرِها لِخِدْمَتِه.
وقد حَمَلَ الشاعرُ لنا ،في هذين البيتين ، صورةً مِن صُوَرِ العيشِ في الصَّحراءِ ، وأَلْبَسَها البحرَ لِنَراه جَمَلاً هائجاً أَزعجتْـهُا الريحُ، فراح يُحَطِّـمُ كلَّ ما حوله غير عابئٍ بأحـــدٍ ، فالبحرُ هنــــا حَيَوانٌ غيرُ عاقلٍ ، أو إنسانٌ صَرَعَتْه الشياطينُ ، فهو لا يَعقِـــلُولا يَدري ما يفعل.
أمّــا في المقطعِ الثاني ، فإنّ الشاعرَ يُصَوِّرُ لنا مَظهَراً مِن مَظاهرِ صِراعِ عَناصـرِ الطبيعةِ ، بعضُها مع بعضِها الآخر، يقول:

ومَنْسَــــمُ الآذِيِّ يَعْـنِـــقُ شَـطَّـــــهُ
مِن نَكْبَـةٍ هَوْجـــــــاءَ حُـلَّ وِثاقُهــا
وكأنّما رأتِ الحِقاقَ فعَجْعَجَتْ
فيهـــــــا القُرومُ وأَزْبـــدتْ أَشداقُها
(9)

فالريحُ إذاً قد أَفلتَتْ من عِقالِها ، لتُزعجَ هذا الجَمَـلَ (( البحرَ)) الآذيَّ (( الذي لا يَستقِرُّ أبَداً ، وكأنَّـه يَتَأَذّى بالمكانِ )) فقد أخذَ يَضرِبُ الأرضَ بِخُفَّيْه ، أي(( يَعْنِقُ )) و (( العَنَقُ ضَرْبٌ من سَيْرِ الإبِلِ )) ، ويندفعُ على غيرِ هُـدى ، وكأنّمـا رأى صِغـاراً لـه (( حِقاقاً )) من بعيدٍ ، فراحَ يُصَوِّتُ ، والزَبَدُ يَخْرُجُ مِن شِدْقيْهِ غضباً ، وهي صورةٌ لَصيقَةٌ بحياةِ العربيِّ البدائيةِ في صحرائِه التي انطلق منها ليَفتَحَ مَدائنَ العـالَمِ وحواضِرِه .
وفي الأبياتِ الآتيةِ ، يُؤكِّــدُ لنا الشاعرُ ، ابنُ حَمْديسَ ، الْتِصاقَه بالصحراءِ حيث يَذكُرُ لنا اسمَ اثْنَيْنِ مِن الشعراءِ الصعاليك هما السُليْكُ والشَنْفَرى ، يقول:

يا رُبَّ ذي مَـــــــــدٍّ وجَــــــــــــزْرٍ ماؤهُ
للفُلْــــــكِ هُـلْــــــكٌ قَطْعُـــــــــه فَتَيَسَّرا
نَفَـخَ الـدُجـــــــــا لمـّا رآهُ مَـيِّـتــــــــــاً
فيـــــــه مَكانَ الرَّوْحِ رِيحــاً صَـرْصَرا
يَخشى ، لِوَحشتِــــه السُلَيْـكُ سُلوكَهُ
ويَلوكُ فيـــــــه الرُّعْبُ قلبَ الشَّنْفَرى
بحرٌ حَكى جُودَ ابْنِ يَحيى فيضُـهُ
وطَمَا بسيفِ القَصْــرِ مِنْــــــهُ فَقَصّـرا
(10)
إذاً لقد كان البحرُ هادئاً لا حَراكَ فيـه ، وكأنّه مَيْتٌ ، فنَفخَ اللّيـلُ فيـه ريحـاً عاتيـةً (( صَرْصَراً )) وإذ به يَثورُ غاضباً مُزْبِداً مُرْعِــداً ، حـتى إنَّ شُجـاعـاً كالسُّلَيْك بنِ سَلَكَهة أو الشَّنْفَرى ، وهمَــا من الشعراءِ الصَعاليكِ رابطيِّ الجأشِ، الذين اعْتادوا تَحَمُّلَ الأهوالِ واقتحامَ المَخاطرِ يَلوكُ قلبَه الرُّعبُ والهَلَعُ .
ثُمَّ يَنْتقلُ إلى غَرَضِ القصيـــدةِ الأول ، وهو مدحُ ابنِ يَحيى . وسنعرض لذلك فيما سيأتي بعد .
وهـذا شـاعـرٌ أنـدلسيٌّ آخـر ، وهـو ابـنُ خَفاجَةَ ، يُحاول تفسيرَ ظاهرةِ الموجِ ، فيَقعُ في حَيْرةٍ مِن أمره ، يقول :

ولُجَّـــةٌ تْفرَقُ أو تَعْشَـــــقْ فما تَني أحشاؤهـــــا تَخْفُقْ
شارفْتُها وهي بمـا هاجَها مِن الصَّبا مُزْبِــــــــــدةٌ تَقْلَقْ
فخِلْتُني في شَطِّها فارســــاً قَـرُبَ مِن فــــــــــرسٍ أَبْلَـقْ
(11)
لقد حارَ الشاعرُ ، ابنُ خَفاجَةَ في سببِ هَيَجانِ البحرِ واضْطِرابِ أمواجِه ، أَهُو الخوفُ أمْ العِشقُ ؟
ذلك لأنَّ المَرْءَ يَضْطرِبُ في الحالين ، وتَتسارعُ دقَّات قلبِه فيَعلو صَدرُه ويَنْخَفِضُ ، وممن يَخــاف يا تُرى ومَن يَعشُقه ؟ أتُـراه يَخافُ الإنسانَ،عندما يَراه واقفاً أمامَه،أم يُحِبُّـه فيضطربُ حُبّـاً بِــه وشَوقاً إلى ضَمِّه؟ لكنّ حَيْرتُه هذه ، تَنتهي بعدَ ذلك ، فيَجْزِمُ بأنَّ سببَ هذا الاضْطِرابِ هو اضْطِرامُ العِشقِ ، لأنَّـــــه يجعـلُ الصَّبــا ـ وهي الرّيـحُ اللَّطيفةُ التي تَهُبُّ على الصحراءِ من جِهةِ الشرقِ أواخرَ الليلِ حيثُ يكونُ السُّهْدُ قد اسْتَبَدَّ بالعُشّاقِ فتُصْبِيهم ـ وهذه الرّيحُ ، ذاتُها هي التي تُثيرُ في البحرِ كَوامِنَ الوَجْدِ ، فيَهيجُ ويُرْغي ويُزْبِدُ ، وقـــد أصبغَ بذلك ابنُ خَفاجَةَ على البحرِ صِفةً من صِفاتِ العُشّــاقِ في الصحراءِ العربيَّـــةِ فأنْسَنَـه.
ويَتّضِحُ لنا كيف أنَّ عاداتِ العربِ وثقافتَهم ومُفرداتِ حياتِهم الصَحراويَّةِ مازالت تُلازِمُ العربيَّ ، بعــد كلِّ تلكَ السنين التي عاشها في حَواضِـرِ الأندلسِ ، بعيداً عن صحرائهِ ، ثُمَّ تَبْرُزُ لنا في البيتِ الثالثِ صورةُ هذا العربيِّ الذي ألِفَ الفُروسيّةَ والحروبَ ، فهو في تَوْقٍ دائمٍ لِرُكوبِ الخيلِ والمُضِيِّ مُجاهِــداً في سبيلِ الله حــامـــلاً رسالــةَ الحَقِّ والعدالةِ ، أو مُمْتَطِياً هذه الصَهَواتِ للسِّباقِ أو الزِّينةِ ، واقفاً أمامَ جَوادِه الأبلقَ ((الذي اخْتَلطَ فيه السوادُ بالبياضِ)) يَهُمُّ باعْتِلاءِ صَهْوَتِه .
وقد حَظِيَ البحرُ بقِسطٍ وافرٍ من شعرِ ابنِ خَفاجَةَ ، فهاهو في الأبياتِ الآتيةِ فتًى شُجاعاً يَقطعُ الفَيافِيَ والقِفارَ كما كان قـد قطعَها أجدادُه مِن قبلُ ، إنّما زاد هو عليهم بركوبِه البِحارَ العميقةَ وسبَرَ أَغوارَها ، يقول :

وأخضرَ عَجّـاجٍ تُــــــــدَرِّجُـهُ الصَّبــا
فتُتْهِـــــــم فيـه العيْـنُ طَـوْراً وتُنْجِـدُ
كأنَّ فـــــــــؤاداً بيْـن جَنْبَيْــهِ راجِفــا
يَقومُ بِـــــــــــهِ نَـأْيُ الحبيبِ ويَقعُــدُ
سأركبُ منــهُ ظهـرَ أدْهَـــمَ رَيِّضٍ
مَروعٌ بسوطِ الريح يَجري فيُزبِـــدُ
وأَمضي فإمّـــا بيتُ نفسٍ كريمــةٍ
يُهَــــــدُّ وإمّــــــا بيـتُ عـزٍّ يُشيَّـــــدُ
(12)
قد يكون الشاعرُ ابنُ خَفاجَةَ يَقْصدُ اللّونَ الأسودَ في تَكرِارِه لِوصفِ البحرِ بالخُضْرةِ ، إذْ هُما لونان مُتَقاربان ، لأنّه يَصِفُه بالدُهْمةِ في البيتِ الثالثِ ، وقد كرّرَ ذِكرَ الصَّبا أيضاً ، فهي تُؤثِّرُ في البحرِ فتَجعلُه مُضْطَّرِباً هائجــاً ، وهي اللَّطيفــةُ الرَّقيقَةُ ، إذاً رُبَّما كان يريـــد القولَ بأنّـــه إذا كانتِ ريـــحُ الصَّبـــا تَجعلُه كذلك فكيف بالرّيحِ؟
ثمّ إنّ ذِكرَ الشــــاعرِ لمُفرداتِ حيــاةِ الصحراءِ ، مِن ريحِ الصبا ونَجْدٍ وتِهامَـــةَ ، تَشي بأنّ الشاعرَ مازال يَحِنُّ إلى حياتِه في الصحراءِ بشَمَمِها وأَنَفَتِها ، بالرّغمِ مِن حياتِه النَّاعِمةِ في رُبوعِ الأندلسِ الخَضِرةِ العطرةِ ، وما فيها مِن رَغَدٍ وسَعَةٍ في العيشِ ، وإذا كان أجدادُه قد رَكِبوا الخُيولَ وفتحوا البلادَ ، فإنَّــــــهُ سوفَ َركبُ البحرَ ويُلْهِبُ ظهـرَه بِسوطِ الرِّيـحِ، فإمّا حياةٌ عزيزةٌ ، وإمّا مِيتَةٌ كَريمةٌ لكنّه في مَوضِعٍ آخرَ ، وفي مُناسبةٍ أُخرى يقول:

وجاريــــــــةٍ رَكبتُ بِها ظَلامــاً
يَطيرُ مِن الصَّباحِ بِها جَنــاحُ
إذا الماءُ اطْمَـــأَنَّ فَرَقَّ خَصْـراً
عَـلا مِن مَوجِــهِ رِدْفٌ رَداحُ
وقـد فَغَرَ الحِمــامُ هُناك فاهُ
وأَتْلَـعَ جِيـــدَهُ الأجَلُ المُتـاحُ
(13)

هنا صورة أخرى للبحر غيرَ صورة الجيشِ ، فقد شبَّه الشاعرُ البحرَ بالغانيةِ وشبَّه مَوجَه بِرِدْفِها ، وإنْ بقي خائفاً منْه مُرتاباً ، فالموتُ يَتَرَبَّصُ برُكابِ تلك السفينةِ فاغراً فاه ، وقلوبُ الرّكابِ يُسابِقُ الأَمواجَ خفقانُها وأنفاسُهم تَعْصِفُ كالرياحِ ، حتى الْتَبَسَ الأمرُ على الشاعرِ فلم يستطِعِ التّفريقَ بينَها.
وقد استفادَ مِن البحرِ غيرُ واحدٍ من شعراءِ الأندلسَ فشبَّهوا مَمدوحَهم به ، في سَعَتِهِ وحِلْمِه ، وجُودِه وكَرَمِه ، يقول عبــدُ اللهِ بْنُ حَمْـديسَ مُشَبِّهـاً مَمـدوحَــه ابْـنَ يَحيى بالبَحرِ :

أَلا أَيُّـهـــــــذا البحــــــرُ جــــــاوَرَكَ البَحـــرُ
وخيَّـمَ في أَرْجـــــائـــــكَ النَّفْـــــــعُ والضَّــرُّ
وجاش على أمــــــواهِكَ العقلُ والحِجــــــا
وفاض عــــلى أعطـــــافِك الَنهْيُ والأَمْــــــرُ
وســـــال عليــــكَ البِــرُّ خَيْــــلاً كُـمَــاتُها
إذا حــــــاولتْ غزواً فقـــــد وَجَبَ النَّصرُ
لـعــــلَّـــــك يُطْغيـكَ اشْـتراكُ سُـمْعَتِـــــهِ
فـذلـــــك بَحــــرٌ لا يُشــاكِـــلُـــــه بَحــــرُ
فأنتَ خَـــــديـــمُ الشَمْسِ والبَدرِ عُـنْوةً
وتَخــــدُمُــــهُ في أمـــــرِهِ الشمسُ والـبــدرُ
وقـــــــد وَسِــــــعَ الأيامَ جُوداً ونَجْدةً
وليس لِمــــــا تَأتي بِــــــــهِ عِنـــــــدَهُ قَــدْرُ
ومــــالَـــــكَ مِــنْ مَعْــــنىً تُشـارِكُهُ بِهِ
سِوى خُـــــدَعٍ في النُّطْقِ زَخْرَفَهــا الشِّعرُ
ومــالَـــــكَ مِن شيءٍ يُشيرُ إلى الّتي
تَفُوهُ بهـــــــا إلاّ السَّـلاطَــــــــةُ والهَــــــــذْرُ
وليس اشْتراكُ اللَّفْظِ يوجِبُ مَدْحَهُ
ولـكـنّــهُ أَنْ وافَـــــقَ الخَبـَــــــرَ الخُبْــــــرُ
(14)
إذاً لقد جاوز ممدوحُه البحرَ، وخيَّم عليه بنَفعِه وضَرِّه ، وطَغى عليه برَجاحةِ عقلِه وفكرِه ، وعمَّه بنهيِهِ وأمرِه ، وسال فوق مياهِه نهرُ رِفدِه وبِرِّه ، وما مِن شبيهٍ لعَطايا المَمدوحِ غيرُ خيلِه وجُنْدِه ، التي إذا ما تَوَجَّهت لِغَزْوٍ،فقد وَجَبَ لها النَّصرُ وكان لها الحليفَ .
ثُمَّ يتوجَّه إلى البحرِ مُنَبِّهاً زاجراً مُحذِّراً له مِن أنْ يَغْتَرَّ بنفسِه ، فهو وإن شابهَه بسَعَتِه وذُيوعِ صِيتِه ، فإنّ ممدوحَه ليس كمثلِـه ، لأنَّـه لا شبيـهَ لـه ، هو بحرٌ لا بحرَ يشبهه لأنَّ البحرَ يَخْدُمُ الشمسَ والقمرَ ،بينما الشمسُ تخدم ممدوحَه والقمرُ يخدمه أيضاً ، فنَجْدتُه وجُودَه قد امتدا على مَـدى الأيامِ ، يغيث المحتاجَ إليه إنْ بالمال أو السيف ، غيرَ عابئٍ بما تَجيء به هـــذه الأيامُ مِـن خيرٍ أو شرٍّ ، لأنَّه يَنطلِق فيما يفعـــل من سَجايا مُتَجَذِّرَةٍ فيه ، عليها نشأ وعليها سيبقى ،لا يرجو فيما يفعلُ ثواباً ، ولا يَخشى عِقاباً ، ولا يثنيه عمّا يروم شيء أبداً ، فأنَّى للبحر أن يُشاكِلَه ، إلاَّ بِخــدَعٍ وأوصـافٍ زَخـرَفَهـا الشعرُ ، وإنَّ ادِّعـاءه هذا إنّما هو مَحْضُ جُرْأةٍ وسَلاطَةِ لسانٍ ليس له في الحقيقةِ أيُّ نَصيبٍ ، فالشاعرُ قد جَرَّبَ مَمدوحَه وخَبَرَه عن قُرْبٍ فطابقَ الخُبْرُ الخَبَرَ وصَدَّقَ الفعلُ السُّمعَة َ.
وقد سَبَقَ أن شَبَّهَهُ بالبحرِ في قصيدةٍ أُخرى ، كما سَلَفَ ، حيثُ قال:

بَحرٌ حَكى جُودَ ابْنِ يَحيى فيْضُـهُ وطَمَــا بسيفِ القَصْرِ منْه فقَصَّرا

وتشبيــه الممدوحِ بالبحر كثيرٌ، وكثيرٌ جداً ، في الشعر العربي على مدى العصور ، فهذا الشاعر الشيخ أمين الجندي وهو من شعراء القرن الثامن عشر يشبّه ممدوحه الشاعر الشيخ عمر اليافي ، رحمهما الله، بالبحر ، حين يرثيه فيقول :

هو البحرُ إلاّ أنَّ تيّــارَ لُجِّــــــــه يفيضُ فيُهدي دُرَّهُ الجَزرُ والمَـدُّ
(15)
لكن الممدوح هنا بحرٌ زاخرٌ بالعلوم والمعـــــــارف والحبِّ والتقوى بينما كان هناك بحراً زاخراً بالنوال والمال الذي يفيض على قاصديه ، وطالبي جدواه ، وشتّان ما بين البحرين وشتان ما بين الفيضين ، فكلَّ إناء بما فيه ينضح ، ويجود بما كنَزَ ولا جود إلاّ بالموجود . وثَمَّةَ شاعران أَندلسيّـــــان ، همـا ابْنُ رشيقٍ القَيْروانيِّ وابنُ حَيّـانٍ الأندلسيِّ ، قَلَّـدا الشاعرَ الفـــارسَ الجاهليَّ المعروفَ ((عنترةَ العَبْسِيَّ )) فذكرَ كلٌّ منهما حَبيبَتَه ، كما ذكرها عنترة ، ولكن عندما ركبا البحرَ ، وجاشتْ نَفساهما هَلَعاً وخوفاً، بينما ذكرها عنترةُ في ساحة الوغى ، ساحة العزِّ والشرف والمجد ، وشتّان ما بين الساحين والذكرين ، وشَتَّان ما بينَهما وبين عنترةَ الذي يقول:

ولقد ذكرتُكِ والرِّمـــــــاحُ نَواهِـلٌ
منّي وبِيضُ الهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمي
فوَدِدْتُ تَقْبيلَ السُّيــــــوفِ لأنّهــا
لَمَعَتْ كَبـــــــــــارِقِ ثَغْرِكِ المُتَبَسِّــمِ
(16)

أمّا ابْنُ رشيقٍ فقال :

ولقد ذكرتُك في السفينةِ والرَّدى
مُتَـــوَقَّـــــــعٌ بِتَــلاطُـــــمِ الأمْــــواجِ
والجَوُّ يَهطُلُ والرِّياحُ عَواصِفٌ
واللّيْـلُ مُسْـــــــــــــوَدُّ الـذَّوائِبِ داجِ
وعلى السَّواحِلِ للأعادي غارةٌ
يُتَوَقَّعـون لِغــــــارةٍ وهِيـــــــــــــــاجِ
وعَلَتْ لَأصحابِ السفينةِ ضَجَّةٌ
وأنا وذِكْـرُكِ في أَلَــــــذِّ تَنَـــــــــاجِ
(17)
وأمّا ابنُ حَيَّانٍ فقد قال :

ولقد ذكرتُك والبحرُ الخِضَـمُّ طَغَـتْ
أمواجُــــه والورى منــــه على سَفَـــرِ
في ليلـةٍ أَسـدلتْ جِلبـابَ ظُلْمَتِهــا
وغــــــاب كَوكَبُهـا عـن أعْيُـنِ البَشَـرِ
والمــاءُ تحتُ ، وفـوقُ المُـزْنُ واكِفــةٌ
والبَرقُ يَسْتَـلُّ أَسْيـافــــــاً مِن الشَّرَرِ
والفُلْكُ في وسَـطِ المـاءين تَحْسَبُها
عينـاً وقــد أَطْبَقَتْ شَفْراً على شَفَرِ
والرّوحُ مِنْ حَزَنٍ راحتْ وقد وَرَدَتْ
صَـدْري ، فيـا لَكَ مِن وِرْدٍ بلا صَدَرِ
هـذا وشخصُكِ لا يَنفَكُّ في خَلَدي
وفي فؤادي ، وفي سَمْعي ، وفي بَصَري
(18)
وأيْن هذا الشعر من شعر عنترةَ ، ليت كـلاًّ منهما عَرَفَ قَـــدْرَ نفسِه، ولم يورِدْها هذا المَوْرِدَ الصَّعْبَ ، فمن امتلك ذائقة سليمة ،بل أي مُهْتَمٍّ بالأدبِ لابُدَّ من أنَّه سيلاحظ الفرقَ الكبيرَ بين الصُّورتَيْن .
وهكــذا نَـرى أنَّ الغـالبَ عـلى شِعـرِ الأَندلسيين ، هو نظرتُهم السَلْبِيَّةُ إلى البحر فهو غامضٌ مُبْهَمٌ مُخيفٌ غيرُ عاقلٍ ولا مُتَرَوٍّ هائجٌ دائماً بسببٍ أو بلا سبب ،يَثورُ لأبْسطِ الأسبابِ ، ويَتَرَبَّصُ بمن يَقترِبُ منه ، ليَبْتَلِعَه ويَبْطِشَ به فه فهو كالجُيوشِ الغازيَــةِ ، التي تَعيثُ في الأرضِ فساداً وقَتْلاً وفَتْكاً ، لكنّ هذه النظرةَ السَلْبِيَّةَ إلى البحرِ ، سَتَخْتَلِفُ في الأدبِ العربيِّ الحديثِ ، ولسوف نَرى ذلك في شعرِهم كما رأيناه في نثرِهم ، إن شاء اللهُ تعالى .
قال أبو سعيد القصار لما جاز السلطان ابن عباد البحر المسمى بالمحيط إلى مدينة سبتة ، قاصداً لأمير المسلمين، وناصر الدين أبي يعقوب يوسف بن تاشفين للاستنجاد به على الروم، وقد راموا الوثوب على الأندلس، بعد أخذ طليطلة ، وهجموا على بلادها أقبح هجوم قال :

أحاط جودُك بالدُّنيا فليس له ...
إلا المُحيطُ مثالٌ حين يُعتَبرُ
وما حسبتُ بأن الكلَّ يحمُله ...
بعضٌ ولا كاملاً يَحويه مُختصَر
لم تَثْنِ عنك يداً أرجاءُ ضفَّته ...
إلا ومَّدت يداً أرجاؤُه الأَخر
كأنّما البحرُ عينٌ أنت ناظرُها ...
وكل شَطٍّ بأشخاص الوَرى شُفُر
تأتي البلادَ فتَنْدَى منك أوجهُها
حتى يقول ثَراها هل هَمَي المطر
ما القَفْر إلا مكانٌ لا تَحُلُّ به ..
وحيثُما سرْتَ سار البدوُ والحَضَر
الأرضُ داركُ فاسْلُك حيثُ شئتَ بها ...
هو المُقام وإن قالوا هو السّفَر



مصادر الباب السادس:

1 ــ نفح الطيب للمقري :ج1ص265
2 ــ البيئة الأندلسية للدكتور سعد شلببي : ص128.
3 ــ صفة جزيرة الأندلس للعلامة الحميري:ص2
4 ــ ديوان يحيى بن حكم الغزال : ص100
5 ــ التشبيهات من أشعار أهل الأندلس للكتاني ص180
6 ــ ديوان ابن الزقاق: ص198.
7 ــ كتاب حضارة العرب لغوستاف لوبون:ص327
8 ــ ديوان ابن حمديس : ص 311.
9 ــ نفس المصـــدر: ص 328.
10 ــ نفس المصـــدر: ص 120.
11 ــ ديوان ابن خفاجة : ص 137 .
12 ــ ديوان ابن خفاجة : ص194-195.
13 ــ ديوان ابن خفاجة : ص138.
14 ــ زاد المســـافر : ص 88.
15 ــ ديوان اأمين الجندي : منشورات وزارة الثقافة السورية، ص197
16 ــ ديوان عنترة : ص183
17 ــ ديوان ابن رشيق القيرواني: ص48،دار الثقافة ،بيروت.
18 ــ ديوان ابن حيان الأندلسي : ص448-449 .
19 ــ المطرب من أشعار أهل المغرب - (ج 1 / ص 32)




عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى