حقيقة العشق

في بداية الامر قد يتبادر لقارئي الكريم ان العشق هو عشق المحب لمحبوبه كالحب والهيام والتتيم والوله ومالى ذلك من معان استفرد بها عشاق الادب من التفنن في تسمية المحب والمحبوب من جنس البشر حتى وصل بهم الحد الى الجنون كمجنون ليلى ...الخ
ولكن الامر مختلف نوعا ما
تفضل معي لنرى حقيقة العشق يا أخي:

هل تصدق أن العشق هو حب النفس لما يضرها ,وقديقترن به بغضها لما ينفعها,والعشق مرض نفساني إذا قوي أثر في البدن فصار مرضا في الجسم -إما من أمراض الدماغ كالوسواس وإما من أمراض البدن كالضعف والنحول أو مرض القلب الذي هو أصل محبة النفس لما يضرها 0
كالمريض البدن الذي يشتهي مايضره وإذا لم يطعم ذلك تألم وإن أطعم ذلك قوي به المرض وزاد (فهاهم مرضى السكري يعشقون البقلاوة فان حصلوا عليها زاد مرضهم وقد يودي بهم للهلاك وان ابتعدوا عنها خف عنهم العناء والالم0
كذلك العاشق يضره اتصاله بالمعشوق مشاهدة وملامسة وسماعا ,بل ويضره التفكير فيه والتخيل له وهو يشتهي ذلك فإن منع من مشتهاه تـألم وتعذب ,وإن أعطي مشتهاه قوي مرضه وكان سببا لزيادة الألم 0
والناس في العشق على قولين : 1-إرادات 2-تصورات
فالأولون منهم من قال :يوصف العشق بأنه المحبة التامة والله يحب ويحب وروي في أثر عن عبد الواحد بن زيد أنه قال:لايزال عبدي يتقرب إلي يعشقني وأعشقه0
أما في التصورات :فإنه فساد في التخييل حيث يتصور المعشوق على ماهو به فقالوا:لايوصف الله بالعشق ولا أنه يعشق لأنه متنزه عن ذلك ولايحمد من يتخيل فيه خيالا فاسدا 0والجمهور لايطلقون هذا الوصف في حق الله لأن العشق هو المحبة المفرطة الزائدة عن الحد الطبيعي الذي ينبغي ومحبة الله تعالى لاحدود لها ولانهاية فليست تنتهي الى حد لاتنبغي مجاوزته 0 وكثيرا ما نسمع او نرى المقولة: "عاشق النبي يصلي عليه" نحن نصلي على الحبيب لمحبتنا به وليس لعشقنا له لان العشق يتعدى حدود المحبة مابين عبد عادي مثلنا ونبي احب خلق الله الى الله .
والعشق مذموم لايمدح لافي محبة الخالق ولا المخلوق لأنه المحبة المفرطة الزائدة عن الحد المحمودوأيضا فإن لفظ العشق إنما يستعمل عرفا في محبة الإنسان لإمرأة أو صبي ولايستعمل في محبة كمحبة الأهل والجاه والمال والأنبياء والصالحين 0وهومقرون كثيرا بالفعل المحرم :إما بمحبة إمرأة أجنبية أو صبي يقترن بذلك النظر المحرم واللمس المحرم وغير ذلك من الأفعال المحرمة ففيه من الفساد مالايحصيه إلا رب العباد 0وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبه وعرضه ثم تفسد عقله ثم جسمه 0وإذا ابتلي الإنسان بالعشق وعفا وصبر فإنه يثاب على تقواه لله وقد سمعت قولا في العشق ان "من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات مات شهيدا 0"ولا اعلم هل هو حديث ام قول مأثور ؟؟ 0
لكن من المعلوم بأدلة الشرع أنه إذا عف عن المحرمات نظرا وقولا وعملا وكتم ذلك فلم يتكلم به حتى لايكون به محرم فصبر على طاعة الله وعلى مافي قلبه من ألم العشق كما يصبر المصاب على ألم المصيبة فإنه يكون ممن اتقى الله وصبر {ومن يتق الله ويصبر فإن الله لايضيع أجر المحسنين}0
وللنظر ماذا حل بشاعر عشق امرأة سوداء فقال:
أحب لحبها السودان حتى أحب لحبها سود الكلاب 0؟
وبعد هذا ماذا نقول 0

منقول من احد المنتديات
بعد اجراء بعض التعديلات
والله من وراء القصد
مع تحيات
اخوكم ابو محمد

أذكر يوما في مطلع شبابي أني كتبت مقالا عن هذا الموضوع بمناقشة فلسفية بحتة ولكني للاسف بعد أن قرأته على احد الاخوان ( واسعي الاطلاع الادبي ) نبهني الى تشابه النتائج مع كتاب لابن حزم الاندلسي اسمه " طوق الحمامة "
وقد تأكدت من ذلك بنفسي فأتلفت ما كتبت دون اسى لأني اطمئنيت الى صحة اتجاهي فكريا من جهة ولوجود كتاب ادبي أدق وأعمق تحليلا من مقالتي .
لذا انصح من يهمه الامر بالاطلاع على هذا الكتاب ..

جزاك الله خيرا
واطعمك طيرا
وزوجك بكرا