منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم .. سورة البقرة الآية 38

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم .. سورة البقرة الآية 38 Empty الدر النظيم .. سورة البقرة الآية 38

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الأربعاء يناير 18, 2012 7:35 am


قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)
هو خطاب لآدم ومن في ظهره من ذريته إلى قيام الساعة ، فنحن مخلوقون من عالم الذر ، قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ } الآية 11. وإنما كرَّر قولِه : " قُلْنا " لأنَّ الهبوطَيْنِ مختلفان باعتبارِ متعلَّقَيْهما ، فالهبوطُ الأول عَلَّق به العداوةَ ، والثاني علَّقَ به إتيانَ الهدى . وقيل : لأنَّ الهبوطَ الأول من الجنةِ إلى السماءِ ، والثاني من السماءِ إلى الأرض . وقيل : كُرِّر على سبيلِ التأكيدِ نحو قولِك : قُمْ قُمْ ، والضمير في " منها " يَعُودُ على الجنةِ أو السماء .
قوله : " جميعاً " حالٌ من فاعلِ " اهبِطوا " أي : مجتمِعِين : إمَّا في زمانٍ
واحدٍ أو في أزمنةٍ متفرقة لأنَّ المرادَ الاشتراكُ في أصلِ الفعل ، وهذا هو الفرقُ بين : جاؤوا جميعاً ، وجاؤوا معاً ، فإن قولَك " معاً " يستلزمُ مجيئهم جميعاً في زمنٍ واحدٍ لِما دَلَّتْ عليه " مع " مِن الاصطحاب ، بخِلاف " جميعاً " فإنها تفيدُ أنه لم يتخلَّفْ أحدٌ منهمْ عن المجيءِ ، من غيرِ تعرُّضٍ لاتحادِ الزمانِ . و" جميع " في الأصل من ألفاظِ التوكيد ، نحو : " كُلّ " .
{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِع . . .} الآية . الفاءُ مُرَتَّبَةٌ معقِّبةٌ . و" إمَّا " أصلُها : إن الشرطيةُ زِيدَتْ عليها " ما " تأكيداً ، و" يأتينَّكم " في محلِّ جزمٍ بالشرطِ ، لأنه بُني لاتصالِه بنونِ التوكيدِ .
و" مني " متعلق بـ " يَأْتِيَنَّ " ، وهي لابتداءِ الغاية مَجازاً ، و " هُدى " فاعلٌ ، والفاءُ مع ما بعدها مِنْ قولِه : { فَمَن تَبِعَ } جوابُ الشرطِ الأولِ ، والفاءُ في قوله تعالى : { فَلاَ خَوْفٌ } جوابُ الثاني ، وقد وقع الشرطُ الثاني وجوابُه جوابَ الأول .
و" مَنْ " يجوزُ أَنْ تكونَ شرطيةً وهو الظاهرُ ، ويجوز أَنْ تكونَ موصولةً ودَخَلَت الفاءُ في خبرِها تشبيهاً لها بالشرطِ ، ولا حاجةَ إلى هذا . فإن كانتْ شرطيةً كان " تبع " في محل جزم ، وكذا : " فلا خَوْفٌ " لكونِهما شرطاً وجزاءً ، وإنْ كانت موصولةً فلا محلَّ لـ " تَبِع " . وإذا قيل اعتبرت شرطيّةً
فهي مبتدأٌ أيضاً ، وخبرها فعلُ الشرطِ .
والمشهورُ : " هُدَايَ " ، وقُرئ : هُدَيَّ ، بقلبِ الألفِ ياءً ، وإدغامها
في ياء المتكلم ، وهي لغة هُذَيْل ، يقولون في عَصاي : عَصَيَّ ، قال شاعرُهم
يرثي بَنيه :
سَبَقوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ ................ فَتُخُرِّمُوا ولكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
كأنهم لمَّا لم يَصِلوا إلى ما تستحقُّه ياءُ المتكلمِ مِنْ كسرِ ما قبلَها لكونِه ألفاً أتَوا بما يُجَانِسُ الكسرةَ ، فقلبوا الألفَ ياءً ، وهذه لغةٌ مطردةٌ عندهم ، إلا أَنْ تكونَ الألفُ للتثنية فإنهم يُثْبِتُونها نحو : جاء مسلمايَ وغلامايَ .
قولُه : { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } يجوزُ أن يكونَ جواباً للشرطِ ، فيكونَ في محلِّ جزم ، وأن يكونَ خبراً لـ " مَنْ " إذا قيل بأنها موصولةٌ ، فيكونَ في محل رفع و" لا " يجوز أَنْ تكونَ عاملةً عملَ ليس فيكونَ "خوفٌ " اسمها و"عليهم" في محلِّ نصبٍ خبرَها ، ويجوز أن تكونَ غيرَ عاملةٍ فيكونَ " خوفٌ " مبتدأ ، و" عليهم " في محل رفع خبرَه . وهذا أَوْلَى مِمَّا قَبْله لوجهين ، أحدُهما : أنَّ عملَها عملَ ليس قليلٌ ، والثاني : أنَّ الجملة التي بعدها وهي : { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } تُعَيِّنُ أن تكونَ " لا " فيها غيرَ عاملةٍ لأنها لا تعملُ في المعارفِ ، فَجَعْلُها غيرَ عاملةٍ فيه مشاكلةٌ لِما بعدها .
وقُرِئَ : " فلا خَوْفُ " بالرفعِ مِنْ غيرِ تنوين ، على تقدير إضافة أي : خوفُ شيءٍ ، وقيل : حَذَفَ التنوينَ تخفيفاً . وقرئ : " فلا خوفَ " مبنياً على الفتح ، لأنها لا التبرئة وهي أبلغُ في النفي ، ولكن الأرجح قراءةُ الرفع لوجهَيْنِ ، أحدُهما : أنه عُطِف عليه ما لا يجوزُ فيه إلا الرفعُ وهو قولُه : " ولا هم " لأنه معرفةٌ ، و" لا " لا تعملُ في المعارِفِ ، فالأَوْلى أن يُجْعَلَ المعطوفُ عليه كذلك لتتشاكلَ الجملتان .
قولُه تعالى : { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } " لا " نافية " هم " مبتدأ وجملة
"يَحْزنون " في محلِّ رفعٍ خبراً للمبتدأ ، وجملةٌ " هم يحزنون " ابتدائية ٌمنفيةٌ لا محل لها من الإعراب .
والخوفُ : الذُّعْرُ والفَزَع ، يقال : خافَ يخاف فهو خائِفٌ والأصل : خَوِف بوزن عَلِمَ ، ويتعدَّى بالهمزةِ والتضعيف . قال تعالى : { وَنُخَوِّفُهُمْ } ، ولا يكونُ إلا في الأمر المستقبل . وخوف المكروه منفيٌّ عنهم مطلقاً . أما خوف الجلال ففي غاية الكمال والمخلصون على خطر عظيم ، والحُزْنُ ضدُّ السرورِ ، وهو مأخوذٌ من الحَزْنِ ، وهو ما غَلُظَ من الأرض فكأنه ما غَلُظ من الهمِّ ، ولا يكون إلا في الأمرِ الماضي ، يقال: حَزِن يَحْزَن حُزْناً وحَزَناً . ويتعدَّى بالهمزةِ نحو : أَحْزَنْتُه، وحَزَّنْتُه ، بمعناه ، فيكون فَعَّل وأَفْعَلَ بمعنى . وقيل : أَحْزَنَه حَصَّل له حُزْناً .
وكرر { قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا } ليتعلق عليه معنى آخر غير الأول ، إذ ذكر إهباطَهم أولاً : للتعادي وعدم الخلود ، والأمر فيه تكويني . وثانياً : ليهتدي من يهتدي ، ويضل من يضل ، والأمر فيه تكليفي ، ويسمى هذا الأسلوب في البديع الترديد ، ويحتمل أن تكون فائدة التكرار التنبيه على أنه تعالى هو الذي أراد ذلك ، ولولا إرادته لما كان ما كان ؛ ولذلك أسند الإهباط إلى نفسه مجرداً عن التعليق بالسبب بعد إسناد إخراجهما إلى الشيطان.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى