منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :110 ـ 115

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :110 ـ 115 Empty الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :110 ـ 115

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الإثنين أبريل 30, 2012 6:57 am

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110)

إقامة الصلاة ، أداؤها بحدودها وفروضها ، وأما قوله: {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله} يعني جلّ ثناؤه مهما تعملوا من عمل صالح في أيام حياتكم ، فتقدموه قبل وفاتكم ذخراً لأنفسكم في معادكم ، تجدوا ثوابه عند ربكم يوم القيامة ، فيجازيكم به . و"الخير" هو العمل الذي يرضاه الله . و" تجدوه " أي: تجدوا ثوابه .
وإنما أمرهم جلّ ثناؤه في هذا الموضع بما أمرهم به ، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتقديم الخيرات لأنفسهم ، ليَطَّهروا بذلك من الخطأ الذي سلف منهم في استنصاحهم اليهود ، وركون من كان ركن منهم إليهم ، وجفاء من كان جفا منهم في خطابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "راعنا" إذْ كانت إقامة الصلوات كفارة للذنوب، وإيتاء الزكاة تطهيراً للنفوس والأبدان من أدناس الآثام ، وفي تقديم الخيرات إدراك الفوز برضوان الله . وهذا الكلام وإن كان خرج مخرج الخبر ، فإن فيه وعداً ووعيداً ، وأمراً وزجراً . وذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ، ليجِدّوا في طاعته ، وليحذروا معصيته ، وأما قوله: "بصير" فإنه " مُبصِرٌ" صُرِّفَ إلى "بصير"، كما صُرِّفَ "مبدع" إلى"بديع" ، و"مؤلم" إلى"أليم".
قوله: {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ} كقوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} البقرة: 106 فيجوز في "ما" أن تكونَ مفعولاً بها وأن تكونَ واقعةً موقعَ المصدرِ ، ويجوز في "مِنْ خيرٍ" الأربعةُ الأوجهِ التي في "من آية" . من كونِه مفعولاً به أو حالاً أو تمييزاً أو متعلقاً بمحذوفٍ. و"مِنْ" للتبعيض، وقد تقدَّم تحقيقُها. و"لأنفسِكم" متعلِّق بتقدِّموا، أي:لحياةِ أنفسِكم، فَحُذِفَ، و"تَجِدُوه" جوابُ الشرطِ ، وهي المتعدِّيةُ لواحدٍ لأنها بمعنى الإِصابةِ ، ومصدرُها الوِجْدانُ بكسرِ الواو كما تقدَّم ، ولا بُدَّ من حذفِ مضافٍ أي: تَجدوا ثوابَه ، وقد جَعَلَ الزمخشري الهاءَ عائدةً على "ما" وهو يريد ذلك ، لأنَّ الخيرَ المتقدِّم سببٌ مُنْقَضٍ لا يوجد ، إنما يوجد ثوابُه . قوله: "عند الله" يجوزُ فيه وجهان . أحدُهما: أنه متعلقٌ بـ "تجدوه". والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من المفعولِ أي: تَجِدُوا ثوابَه مُدَّخَراً مُعَدَّاً عند الله ، والظرفيةُ هنا مجازٌ نحو: "لك عندَ فلانٍ يدُ" .

وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)

نزلت هذه الآية في وفد نجران وكانوا نصارى اجتمعوا فى مجلس رسول الله عليه السلام مع اليهود فكذب بعضهم بعضاً فقالت اليهود لبنى نجران: لن يدخل الجنّة إلاّ اليهود وقال بنو نجران لليهود: لن يدخلها إلاّ النصارى ، وقال الله تعالى: {كان} ولم يقل كانوا حملاً للاسم على لفظ "مَن" وجمع الخبر حملاً على معناه .
{إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً} مَنْ:فاعلٌ بقوله "يَدْخُلَ" وهو استثناءٌ مفرغٌ، فإنَّ ما قبل "إلاَّ" مفتقرٌ لِما بعدَها ، والتقديرُ: لن يدخلَ الجنةَ أحدٌ ، ويجوزُ في "مَنْ" وجهان آخران ، وهما النصبُ على الاستثناءِ والرفعُ على البدلِ من "أحد" المحذوفِ ، وهو لو صُرِّح به لجاز في المستثنى الوجهان المذكوران فكذلك مع تقدِيره . والجملةُ من قولِه: {لَن يَدْخُلَ الجنة إِلاَّ مَن} في محل نصبٍ بالقول ، وحُمِلَ أولاً على لفظِ "مَنْ" فَأُفْرِدَ الضمير في قوله: "كان" وعلى معناها ثانياً فجُمِع في خَبَرِها وهو"هوداً " وفي مثلِ هذين الحَمْلين خلافٌ ، أعني أن يكونَ الخبرُ غيرَ فعل ، بل وصفاً يَفْصِلُ بين مذكرِه ومؤنثِه تاءُ التأنيثِ ، فمذهَبُ جمهورِ البصريين والكوفيين جوازُه ، ومذهبُ غيرِهم مَنْعُه ، منهم أبو العباس"المبرد" ، وهو أنهم مَحْجوجون بسماعِه من العربِ كهذه الآيةِ ، فإنَّ هوداً جمعُ هائد على أظهر القولين ، نحو: بازِل وبُزْل وعائِد وعُود وحائل وحُول وبائِر وبُور و"هائد" من الأوصافِ الفارقِ بين مذكرِها ومؤنثِها تاءُ التأنيثِ ، قال الشاعر:
وأَيْقَظَ مَنْ كان مِنْكم نِياما . . . . . . . . . . . . . .
و"نيام" جمعُ نائمٍ وهو كالأول ، وفي "هُود" ثلاثةُ أقوالٍ ، أحدُها: أنه جمعُ هائِدٍ كما تقدَّم . والثاني: أنه مصدرٌ على فُعْل نحو حُزْن وشُرْب ، يوصف به الواحدُ وغيرُه نحو: عَدْل وصَوْم . والثالث: أنَّ أصلَه "يَهود" فحُذِفَتِ الياء من أوله ، وهذا بعيدٌ جداً .
و"أو" هنا للتفصيلِ والتنويعِ لأنه لمَّا لَفَّ الضميرَ في قوله:"وقالوا" فَصَّل القائلين ، وذلك لِفَهْمِ المعنى وأَمْنِ الإلباس ، والتقديرُ: وقالَ اليهودُ لًَنْ يدخُلَ الجنةَ إلا مَنْ كانَ هُوداً ، وقال النصارى: لَنْ يَدْخُلَ الجنةَ إلا مَنْ كان نصارى ؛ لأنَّ مِن المعلومِ أنَّ اليهودَ لا تقول: لَنْ يَدْخُلَ الجنةَ إلا مَنْ كان نصرانياً وكذلك النَّصارى ، ونظيرُه: {قَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نصارى} البقرة: 135 إذ معلومُ أنَّ اليهودَ لا تَقُول: كونوا نصارى ، ولا النصارى تقول: كونوا هوداً ، وصُدِّرَت الجملةُ بالنفي بـ "لن" لأنها تُخَلِّصُ للاستقبالِ ودخولُ الجنة مستقبلٌ .وقُدَّمَتِ اليهودُ على النصارى لفظاً لتقدُّمِهِم زماناً .
قوله: {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} تلك: مبتدأ ، وأمانِيُّهم: خبرُه ، ولا محلَّ لهذه الجملةِ لكونها اعتراضاً بين قولِه: "وقالوا" وبين: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} فهي اعتراضٌ بين الدعوى ودليلها . والمشارُ إليه بـ "تلك" فيه ثلاثةُ احتمالات أحدُها: أنه المقالةُ المفهومةُ مِنْ: "قَالُواْ لَن يَدْخُلَ" ، أي: تلك المقالةُ أمانيُّهم ، فإنْ قيل: فكيف أَفْرَدَ المبتدأ وجَمَعَ الخبرَ؟ فالجوابُ أن تلك كنايةً عن المقالةِ ، والمقالةُ في الأصلِ مصدرٌ ، والمصدرُ يقع بلفظِ الإِفرادِ للمفردِ والمثنَّى والمجموعِ ، فالمرادُ بـ "تلك" الجمعُ من حيث المعنى .
قوله: {هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} هذه الجملةُ في محلِّ نصبٍ بالقولِ . و"هاتِ" فعلٌ ، لاتصالِه بالضمائرِ المرفوعةِ البارزةِ نحو : هاتُوا ، هاتي ، هاتِيا ، هاتِين . ويمكن القول: إنه اسمُ فعلٍ بمعنى أحْضِرْ . وهاؤه أصلٌ بنفسها ، وأنَّ أصلَه هاتَي يُهاتي مُهاتاةً مثل: رامَى يُرامي مُراماة ، فوزنه فاعَلَ فنقول: هاتِ يا زيدُ وهاتي يا هندُ وهاتوا وهاتِين يا هندات ، كما تقولُ: رامِ رامي راميا رامُوا رامِينَ .
قوله: {بُرْهَانَكُمْ} مفعولٌ به ، وهو مشتقٌّ من البُرْهِ وهو القَطْعُ ، وذلك أنه دليلٌ يفيدُ العلمَ القطعيَّ ، ومنه: بُرْهَةُ الزمان أي : القِطْعَةُ منه فوزنه فُعْلان . والبرهان: هو البيان والحجة والبينة .

بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)

{بلى} ردٌّ لقولهم الذي زعموه وإثبات لما تضمّنه من نفي دخول غيرهم الجنة . و{مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} أي انقاد لما قضى الله تعالى وقدر ، أو أخلص له نفسه أو قصده فلم يشرك به تعالى غيره . فمعنى أَسْلَمَ: خَضَع ، ومنه قول الشاعر:
وأَسْلَمْتُ وَجْهي لِمَنْ أَسْلَمَتْ ........... له المُزْنُ تَحْمِيلُ عَذْباً زُلالا
{وَهُوَ مُحْسِنٌ} جملةٌ في موضعِ نصبٍ على الحالِ والعاملُ فيها "أَسْلم" أي: أسلم وجهه محسناً ، وعَبَّر بالوجهِ لأنه أشرفُ الأعْضاءِ وفيه أكثرُ الحواسِّ، ولذلك يقال: وَجْهُ الأمرِ أي مُعظَمُه قال الأعشى :
أُؤوِّلُ الحُكْمَ على وَجْهِهِ ................. ليسَ قضائي بالهوى الجائِرِ
وهذه الحالُ مؤكِّدة لأنَّ مَنْ أَسْلَمَ وجهه لله فهو مُحْسِنٌ له في عمله .
قوله: { فَلَهُ أَجْرُهُ } الفاءُ: جوابُ الشرطِ إنْ قلنا بأنَّ " مَنْ " شرطية ، أو زائدةٌ في الخبرِ إنْ قيل بأنَّها موصولةٌ ، وقد تقدَّم تحقيقُ القولين عند قولِه: {بلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً} البقرة: 81 . و"له أجره" مبتدأٌ وخبرُه ، إمَّا في محلّ ِجزمٍ أو رفعٍ على حَسَبِ ما تقدَّم من الخلافِ في "مَنْ" ، وحُمِل على لفظِ "مَنْ" فأُفْرِدَ الضميرُ في قوله: {فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ} وعلى معناها فجُمع في قولِه: {عليهم وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ـ كما سلفت الإشارة إليه ـ وهذا أحسنُ التركيبين ، أعني البَداءَةَ بالحَمْلِ على اللفظ ثم الحَمْلِ على المعنى . والعاملُ في "عند" ما تعلَّق به "له" من الاستقرارِ ، ولمَّا أحال أجرَه عليه أضافَ الظرفَ إلى لفظةِ الربِّ لِما فيها من الإِشعار بالإِصلاحِ والتدبيرِ ، ولم يُضِفْهُ إلى الضمير ولا إلى الجلالةِ فيقول: فله أجرهُ عنده أو عندَ الله ، وقد تقدَّم الكلامُ في قولِه تعالى: "ولا خَوْفٌ" وما فيه من القرآءت .

وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)

المراد بها يهود المدينة ووفد نصارى نجران الذين تماروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسابوا وأنكرت اليهود الإنجيل ونبوة عيسى عليه السلام ،وأنكر النصارى التوراة ونبوة موسى عليه السلام، فأل في الموضعين للعهد . وقيل: المراد عامّة اليهود وعامّة النصارى ، وهو من الإخبار عن الأمم السالفة ، وفيه تقريعٌ لمن بحضرته صلى الله عليه وسلم ، وتسلية له عليه الصلاة والسلام ، إذ كذبوا بالرسل والكتب قبلَه ، فـتكون ـ على هذا ـ "أل" في الموضعين للجنس ، والأول: هو المروي في أسباب النزول ، وعليه يحتمل أن يكون القائل كلّ واحدٍ من الطائفتين وهو الظاهر .
قوله تعالى: {اليهود} اليهودُ مِلَّةٌ معروفةٌ ، والياءُ فيه أصليةُ لثبوتِها في التصريفِ ، وليست من مادَّةِ هَوَد من قوله: {هُوداً أَوْ نصارى} البقرة: 111. وقد تقدَّم أنَّ "هوداً" أصلُه: يَهود فَحُذِفت ياؤُه ، وتقدَّم أيضاً عند قولِه: "والذين هادوا" أنَّ اليهودَ نسبةُ ليهوذا ابن يعقوب . وفي "يَهُود" وجهان ، أحدُهما: أن تكونَ جمعَ يهودي فتكونَ نكرةً مصروفةً . والثاني: أَنْ تكونَ عَلَماً لهذه القبيلةِ فتكونَ ممنوعةُ من الصرف . وعلى الأولِ دَخَلَتْ الألفُ واللامُ ، وعلى الثاني قولُ الشاعر:
أولئك أَوْلَى من يهودَ بمِدْحَةٍ ........... إذا أنتَ يوماً قُلْتَها لم تُؤَنَّبِ
ولو قيل بأنَّ "يهود" منقولٌ من الفعلِ المضارع نحو: يَزيد ويشكر لكان قولاً حسناً . ويؤيِّدُه قولُهم: سُمُّوا يهوداً لاشتقاقِهم من هاد يَهُود إذا تَحَرَّك . كما تعني "هاد" ثاب ورجع .
قوله: {لَيْسَتِ النصارى} ليس" فعلٌ ناقصٌ أبداً من أخواتِ كان ولا يتصرَّفُ ووزنُه على فَعِل بكسر العين ، وكان من حقِّ فائِه أن تُكْسَرَ إذا أُسْنِدَ إلى تاء المتكلم ونحوِها دلالةً على الياءِ مثل: شِئْتُ، إلا أنه لَمَّا لم يتصرَّفْ بقيت الفاءُ على حالِها، وقال بعضُهم: لُسْتُ بضم الفاء ، ووزنُه على هذه اللغة: فَعُل بضم العين ، ومجيء فَعُل بضمِّ العينِ فيما عينُه ياءٌ نادر ، لم يَجيء منه إلا "هَيُؤَ الرجلُ" إذا حَسُنَتْ هيئتُه . وكونُ "ليس" فعلاً هو الصحيحُ خلافاً للفارسي في أحدِ قولَيْه ومَنْ تابَعَه في جَعْلِها حرفاً كـ "ما" ويَدُل على فعليَّتها اتصالُ ضمائرِ الرفعِ البارزةِ بها ، ولها أحكامٌ كثيرةٌ . و"النصارى" اسمُها ، و" على شيء" خبرُها ، وهذا يَحْتمِل أن يكونَ ممَّا حُذِفَتْ فيه الصفةُ ، أي على شيء مُعْتَدٍّ به .
قوله: {وَهُمْ يَتْلُونَ} جملةٌ حالية . وأصل يَتْلُون: يَتْلُوُوْنَ فأُعِلَّ بحذفِ اللام .
قوله: { َذَلِكَ قَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} الكافِ: في محلِّ نصبٍ ، نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ قُدِّم على عامِله تقديرُه: قولاً مثلَ ذلك القولِ قالَ الذين لا يعلمون . أو هي في محلِّ نصبٍ على الحالِ من المصدرِ المعرفةِ المضمرِ الدالِّ عليه "قال" تقديرُه: مثلَ ذلك القولِ قاله أي: قال القولَ الذين لا يعلمون حالَ كونِه مثلَ ذلك القولِ ، وهذا رأيُ سيبويه والأول رأيُ النحويين .
وعلى هذين القولَيْن ففي "مثلَ قولهم" وجهان ، أحدُهما: أنه منصوبٌ على البدلِ من موضعِ الكاف . والثاني: أنه مفعولٌ به والعاملُ فيه "يَعْلمون" ، أي: إنهم قالوا ذلك على سبيلِ الاتفاقِ ، وإن كانوا جاهلين بمقالةِ اليهود والنصارى .
ويمكن القول بأنَّ "كـ" في محلِّ رفعٍ بالابتداء ، والجملةُ بعدها خبرٌ ، والعائدُ محذوفٌ تقديرُه: مثلَ ذلك قاله الذين لا يعلمون ، وانتصابُ "مثلَ قولهم" حينئذٍ إمَّا: على أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أو مفعولٌ بيعلمون تقديرُه مثلَ قولِ اليهودِ والنصارى قالَ الذينَ لا يعلمون اعتقادَ اليهود والنصارى .
قوله: {بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} منصوبان بيحكُمُ ، و"فيه" متعلق بيختلفون .

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114)

نزلت في طيطوس بن إسيانوس الرومي وأصحابِه وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتليهم وسبوا ذراريهم وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف وذبحوا فيه الخنازير وبقي خراباً إلى أن بناه المسلمون في أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وروى عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت في مشركي العرب منعوا المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام ، وعلى الأول: تكون الآية معطوفة على قوله تعالى: { وَقَالَتِ النصارى } البقرة: 3 11 ، عطف قصة على قصة تقريراً لقبائحهم ، وعلى الثاني: تكون اعتراضاً بأكثر من جملة بين المعطوف أعني {قَالُواْ اتخذ} البقرة: 6 11 والمعطوف عليه أعني {قَالَتْ اليهود } البقرة: 3 11 لبيان حال المشركين الذين جرى ذكرهم بياناً لكمال شناعة أهل الكتاب فإن المشركين الذين يضاهونهم إذا كانوا أظلم الكفرة ، وظاهر الآية العموم في كل مانع وفي كل مسجد وخصوص السبب لا يمنعه .
قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ } مَنْ: استفهامٌ في محلِّ رفعٍ بالابتداء ، و" أظلمُ ": للتفضيلٍ على وزن أفعل، خبرُه، ومعنى الاستفهامِ هنا النفيُ، أي: لا أحدَ أظلمُ منه ، ولمَّا كان المعنى على ذلك أَوْرَدَ بعضُ الناس سؤالاً: وهو أنَّ هذه الصيغةَ قد تكرَّرتْ في القرآن: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى} الأنعام: 21 {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ} السجدة: 22 { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله } الزمر: 32 وكلُّّ واحدةٍ منها تقتضي أنَّ المذكورَ فيها لا يكونُ أحدٌ أظلمَ منه ، فكيف يُوصفُ غيرُه بذلك؟ وفي ذلك ثلاثةُ أجوبةٍ ، أحدُها: هو أَنْ يُخَصَّ كلُّ واحدٍ بمعنى صلته ، كأنه قال: لا أحدَ من المانعين أظلمُ مِمَّنْ مَنَعَ مساجدَ الله ، ولا أحدَ من المفترين أظلمُ مِمَّن افترى على الله ، ولا أحدَ من الكذَّابين أظلمُ مِمَّن كَذَب على الله ، وكذلك ما جاءَ منه . الثاني: أن التخصيصَ يكونُ بالنسبةِ إلى السَّبْقِ ، لمَّا لم يُسْبَقْ أحدٌ إلى مثلِه حَكَم عليهم بأنَّهم أظلمُ مِمَّن جاء بعدَهم سالكاً طريقتَهم في ذلك ، وهذا يُؤُول معناه إلى السَّبْقِ في المانعيَّةِ والافترائيِّةِ ونحوِهما . الثالث: أنَّ هذا نَفْيٌ للأظلميَّة ، ونفيُ الأظلميَّةِ لا يَسْتَدْعي نفيَ الظالميةِ ، لأنَّ نَفْيَ المقيدِ لا يَدُلُّ على نفيِ المطلقِ ، وإذا لم يَدُلَّ على نَفْيِ الظالميةِ لم يكن مناقِضاً لأنَّ فيها إثباتَ التسوية في الأظلميةِ ، وإذا ثَبَتَتْ التسويةُ في الأظلميةِ لم يكنْ أحدٌ مِمَّن وُصِف بذلك يزيدُ على الآخر لأنهم متساوون في ذلك وصار المعنى: ولا أحدَ أظلمُ مِمَّن مَنَع ومِمَّن افترى وممَّن ذُكِّر ، ولا إشكالَ في تساوي هؤلاء في الأظلميَّة ، ولا يَدُل ذلك على أنَّ أحد هؤلاء يزيدُ على الآخرِ في الظلم ، كما أنَّك إذا قلتَ: "لا أحدَ أفقهُ من زيدٍ وبكرٍ وخالدٍ"لا يَدُلُّ على أن أحدَهم أفقهُ من الآخر، بل نَفَيْتَ أن يكونَ أحدٌ أفقهَ منهم ، لا يُقال: إنَّ مَنْ مَنَع مساجدَ اللهِ وسَعَى في خرابِها ولم يَفْتَرِ على الله كذباً أقلُّ ظلماً مِمَّنْ جَمَعَ بين هذه الأشياء فلا يكونون متساوين في الأظلميةِ ؛ لأنَّ هذه الآياتِ كلَّها في الكفار وهم متساوُون في الأظلميَّة وإن كان طُرُقُ الأظلميةِ مختلفةً .
و" مَنْ " يجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً فلا محلَّ للجملةِ بعدَها ، وأَنْ تكونَ موصوفةً فتكونَ الجملةُ في محلِّ جرٍّ صفةً لها ، و"مساجد" مفعولٌ أولُ لمَنَع ، وهي جمعُ مَسْجِد وهو اسمُ مكانِ السجودِ ، وكان من حَقِّه أن يأتي على مَفْعَل بالفتح لانضمامِ عينِ مضارِعه ولكن شَذَّ كَسْرُه كما شَذَّت ألفاظُ يأتي ذكرُها ، وقد سُمع " مَسْجَد " بالفتح على الأصل ، وقد تُبْدَلُ جيمُه ياءً ومنه: المَسْيِد في لغة .
قوله: {أَن يُذْكَرَ} ناصبٌ ومنصوبٌ ، وفيه أربعةٌ أوجهٍ أحدُها: أنه مفعولٌ ثانٍ لمَنَع ، تقولُ: مَنَعْتُه كذا . والثاني: أنه مفعولٌ من أجلِه أي: كراهةَ أن يُذْكَرَ . فَتَعَيَّن حَذْفُ مضافٍ أي دخولَ مساجدِ الله ، وما أَشْبهه . والثالثُ: أنه بدلُ اشتمالٍ من "مساجد" ، أي: مَنَعَ ذِكْرَ اسمِه فيها . والرابع: أنه على إسقاطِ حرفِ الجرِّ ، والأصلُ: مِنْ أَنْ يُذْكَرَ ، وحينئذٍ يجيءُ فيها المذهبان المشهوران من كونها في محلِّ نصبٍ أو جرٍّ ، و"في خَرابِها" متعلِّقٌ بسَعَى . واختُلِف في "خراب" فقيل هو اسمُ مصدرٍ بمعنى التخريب كالسَّلامِ بمعنى التسليم ، وأُضيف اسمُ المصدرِ لمفعوله لأنه يَعْمَلُ عَمَلَ الفعلِ . وهذا على أحدِ القَوْلينِ في اسمِ المصدرِ هل يَعْمَلُ أو لا؟ وأنشدوا على إعماله :
أَكْفْراً بعد رَدِّ الموتِ عني ................... وبعد عَطائِك المئةَ الرِّتاعا
وقال غيرُه: هو مصدرُ خَرِبَ المكان يخرَب خَراباً ، فالمعنى: سعى في أن تَخْرَبَ هي بنفسِها بعدمِ تعاهُدها بالعِمارة ، ويقال: منزلٌ خَرابٌ
وخَرِب كقوله:
ما رَبْعُ مَيَّةَ معمورٌ يَطِيفُ به ....... غَيْلانُ أَبْهى رُبَىً من رُبْعِها الخَرِب
فهو على الأولِ مضافٌ للمفعولِ وعلى الثاني مضافٌ للفاعل .
قوله: {مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا} لهم" خبرُ "كان" مقدَّمٌ على اسمِها ، واسمُها "أَنْ يدخُلوها" لأنه في تأويل المصدرِ ، أي: ما كان لهم الدخولُ ، والجملةُ المنفيةُ في محلِّ رفعٍ خبراً عن "أولئك" .
قوله: {إِلاَّ خَائِفِينَ} حالٌ من فاعل "يَدْخُلوها" ، وهذا استثناءٌ مفرغٌ من الأحوالِ ، لأن التقديرَ: ما كان لهم الدخولُ في جميع الأحوال إلا في حالةِ الخوف . وقرأ أُبَيّ "خُيَّفاً" وهو جمعُ خائف ، كضارب وضُرَّب ، والأصل: خُوَّف كصُوَّم ، إلا أنه أَبْدل الواوَيْنِ ياءَيْنِ وهو جائزٌ ، قالوا: صُوَّم وصُيَّم ، وحَمَل أولاً على لفظ " مَنْ " ، فَأَفْرَد في قوله: "مَنَع،وسعى"وعلى معناها ثانياً فجَمَع في قوله: "أولئك" وما بعده .
قوله: {لَّهُمْ فِي الدنيا خِزْيٌ} هذه الجملةُ وما بعدها لا محلَّ لها لاستئنافِها عَمَّا قبلَها ، ولا يجوز أن تكونَ حالاً لأنَّ خِزْيَهم ثابتٌ على كلِّ حالٍ لا يتقيَّد بحالِ دخولِ المساجدِ خاصةً .

وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)

قوله تعالى: { وَللَّهِ المشرق والمغرب } جملةٌ مرتبطةٌ بقولِه : " مَنَعَ مساجدِ الله ، وسعى في خَرابِها " يعني أنه إنْ سَعَى ساعٍ في المَنْعِ مِنْ ذِكْرِهِ تعالى وفي خَرابِ بيوتِه فليسَ ذلك مانعاً من أداءِ العبادَةِ في غيرِها لأنَّ المشرقَ والمغربَ وما بينهما له تعالى ، والتنصيصُ على ذِكْرِ المَشْرقِ والمَغْرِبِ دونَ غيرِهما لوجهين ، أحدُهما: لشَرَفِهما حيث جُعِلا لله تعالى . والثاني: أن يكونَ مِن حَذْفِ المعطوفِ للعِلْم أي: لله المشرقُ والمغربُ وما بينهما كقوله: " تَقِيكم الحَرَّ" أي والبردَ، وكقولِ الشاعر:
تَنْفي يداها الحصى في كلِّ هاجِرَةٍ ...... نَفْيَ الدراهيمِ تَنْقادُ الصيّاريفِ
أي: يَداها ورجلاها ، ومثله:
كأنَّ الحَصَى من خَلْفِها وأمامِها ....... إذا نَجَلَتْه رِجْلُها خَذْفُ أَعْسَرَا
أي: رجلُها ويدُها . وفي المشرق والمغرب قَوْلان ، أحدُهما: أنهما اسما مكانِ الشروقِ والغروبِ ، والثاني: أنهما اسما مصدرٍ أي: الإِشراق والإِغرابُ ، والمعنى: لله تَوَلِّي إشراقِ الشمسِ من مَشْرِقها وإغرابِها من مَغْربها، وهذا يُبْعِدُه قولُه: " فأينما تُوَلُّوا " وأَفْرد المشرقَ والمغربَ إذا المرادُ ناحيتاهما ، أو لأنَّهما مصدران ، وجاء المشارقُ والمغاربُ باعتبار وقوعِهما في كلِّ يومٍ ، والمشرقَيْن والمغربَيْن باعتبارِ مَشْرق الشتاءِ والصيف ومَغْربيهما . وكان مِنْ حقِّهما فتحُ العينِ لِما تقدَّم من أنَّه إذا لم تَنْكَسِرْ عينُ المضارعِ فحقُّ اسمِ المصدرِ والزمانِ والمكانِ فتحُ العينِ ، ويجوزُ ذلك قياساً لا تلاوةً .
قوله:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ} أين: هنا اسمُ شرطٍ بمعنى "إنْ " و"ما" مزيدةٌ عليها و"تُوَلُّوا" مجزومٌ بها . وزيادةُ "ما" ليست لازمةً لها بدليلِ قوله:
أَيْنَ تَضْرِبْ بنا العُداةَ تَجِدْنا ... . ............. . . . . . . . . . .
وهي ظرفُ مكان، والناصبُ لها ما بعدَها ، وتكونُ اسمَ استفهامٍ أيضاً فهي لفظٌ مشتركٌ بين الشرطِ والاستفهامِ كـ "مَنْ " و"ما" وزعم بعضُهم أن أصلَها السؤالُ عن الأمكنةِ ، وهي مبنيةٌ على الفتحِ لتضمُّنه معنى حرفِ الشرط أو الاستفهامِ . وأصلُ تُوَلُّوا: تُوَلِّيوا فَأُعِلَّ بالحَذْفِ.
وقرأ الجمهور: تُوَلُّوا بضم التاء واللام بمعنى تَسْتقبلوا، فإنَّ "وَلَّى" وإن كان غالبُ استعمالِها أَدْبَر فإنها تقتضي الإِقبالَ إلى ناحية ما تقول: وَلَّيْتُ عن كذا إلى كذا. وقرأ الحسن: "تَوَلَّوا" بفتحِهما، وفيها وجهان، أحدهما: أن يكونَ مضارعاً والأصل: تَتَوَلَّوا مِن التَّوْلِيَةِ فَحَذَف إحدى التاءَيْن تخفيفاً ، نحو: {تَنَزَّلُ الملائكة} القدر:4.
والثاني: أن يكونَ ماضياً والضميرُ للغائِبين ردَّاً على قوله: "لهم في الدنيا ، ولهم في الآخرة " فتتناسَقُ الضمائرُ ، و"أين" إمَّا شرطٌ أو استفهامٌ وليس لها معنىً ثالثٌ .
قوله: {فَثَمَّ وَجْهُ الله} الفاءُ وما بعدَها جوابُ الشرطِ ، فالجملةُ في محلِّ جزم ، و" ثَمَّ " خبرٌ مقدم ، و"وجهُ الله " رفعٌ بالابتداء و" ثَمَّ " اسمُ إشارةٍ للمكانِ البعيدِ خاصةً، مثل: هُنا وهَنَّا بتشديدِ النونِ ، وهو مبنيٌّ على الفتحِ لتضمُّنِه معنى حرفِ الإشارة أو حرفِ الخطاب . تقولُ في الحاضر: هُنا ، وفي الغائب هُناك ، و" ثَمَّ " ناب عن هناك . وقيل : بُني لِشَبَهِهِ بالحَرْفِ في الافتقارِ ، فإنه يَفْتَقِرُ إلى مشارٍ إليه ، ولا يَتَصَرَّف بأكثَر مِنْ جَرِّه بـ " مِنْ " . ومعنى "وَجْهُ الله" جِهَتُه التي ارتضاها قِبْلةً وأمَرَ بالتوجُّه نحوَها ، أو ذاتُه نحو: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} القصص: 88 ، أو المرادُ به الجاهُ ، أي فَثَمَّ جَلالُ الله وعَظَمَتُه مِنْ قولِهم: هو وجهُ القوم .
والْوَجْهُ عِبَارَةٌ عَنْهُ عَزَّ وَجَلَّ ، كَمَا قَالَ سبحانه : " وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى