الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 73
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 73
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} صورةٌ مِنْ صُوَرِ عَمَّاهُم في الدُنْيا، فالجملةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ مِنَ الآيةِ التي قبلَها: {وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى} الآيةَ: 72، وَ "لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ" أَيْ: لِيَسْتَزِلُّونَكَ عَنِ الَّذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، ويُزيلونَكَ وَيَصْرِفُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ القُرْآنِ الكريمِ وَمَا أَنْزَلْنا فِيهِ مِنْ أَحْكامٍ. وَذَلِكَ بِإِعْطَائِهم ما سَأَلُوا مِنْ مُخالَفَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَحكامٍ. فَقَدْ سَاوَمُوهُ عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ رَبَّهُ، مُقَابِلَ أَنْ يَتْرُكَ التَّنْدِيدَ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ. وَسَاوَمُوهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لِبَعْضِ كُبَرَائِهِمْ مَجْلِسًا غَيْرَ مَجْلِسِ الفُقَرَاءِ، وَلَوْ أَنَّهُ ـ عَلَيْهِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ، رَضِيَ مُسَايَرَتِهِمْ فِيمَا أَرَادُوا لاتَّخَذُوهُ خَلِيلًا، وَلَكَفُّوا عَنْ إِيذَائِهِ وَتَكْذِيبِهِ. لكنَّ اللهَ تَعَالَى ضَرَبَ عَلى نَبِيِّهِ سُرادقاتِ العِصْمَةِ، وآواهُ في كَنَفِهِ ورَعَاهُ، وحَفِظَهُ عَنِ خَطَرِ اتِّبِاعِهِ هواهُ، فَالْزَّلَّةُ مِنْهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، مُحَالٌ، لِكَمَالِ قَدْرِهِ، وَعُلُوِّ شَأْنِهِ.
قولُهُ: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} أَيْ: لِتَخْتَلِقَ عَلَيْنَا غيرَهَ، وَتَتَقَّولَ عَلَيْنَا الأَقاويلَ. وتَدَّعِيَ غَيْرَ ما أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ أَحْكَامِ. ولِتَعْتَدِيَ فِي أَوَامِرِنَا ما لَمْ نَأْمُرْكَ بِهِ.
قولُهُ: {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أَيْ: إِذا فَعَلْتَ ما يطلُبونَهُ مِنْكَ مِمَّا يُخالِفُ أَحْكامَ رَبِّكَ اتَّخَذُوكَ صَدِيقًا لَهُمْ مُقرَّبًا لِمُمَالَأَتِكَ لَهُمْ، وَالخَلِيلُ: مِنَ الخُلَّةِ بِالضَمِّ وَتعني الصَدَاقَةُ. والخَلَّةُ بالفَتْحِ مِنَ الخَلَلِ تَعْنِي الفَقْرَ، مِنَ الحَاجةِ والعَوَزِ والفاقَةِ.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى في هَذِهِ الآيةِ الكريمةِ عَنْ تَأْيِيدِهِ لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ ـ عليهِ أَفضلُ الصَّلاةِ وأَتَمُّ التَسْليمِ، وَعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ تَثْبِيتِهِ إِيَّاهُ، وَعِصْمَتِهِ لَهُ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الفُجَّارِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ المُتَوَلِّي أَمْرَهُ وَنَصْرَهُ، فَقَدْ حَاوَلَ المُشْرِكُونَ فِتْنَتَهُ عَمَّا أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ، لِيَفْتَرِيَ عَلَى اللهِ غَيْرَهُ، وَهُوَ الصَّادِقُ الأَمِينُ، فعصَمَهُ اللهُ منْ مكائدِهم، ونَصَرَهُ عَليهِمْ، وأَظهرَ دينَهُ.
وفي أَسْبَابِ نُزُولِ هذهِ الآيةِ الكريمةِ، أَخْرجَ ابْنُ إِسْحَق، وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: إِنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَأَبَا جَهْلٍ عَمْرَو بْنَ هِشَامٍ، ورِجالًا مِنْ قُرَيْشٍ أَتَوا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: تَعَالَ فاسْتَلِمْ آلِهَتَنَا ونَدْخُلْ مَعَكَ فِي دِينِكَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِرَاقُ قَوْمِهِ، وَيُحِبُّ إِسْلَامَهمْ، فَرَقَّ لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: "وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك" إِلَى قَوْلِهِ: "نَصِيرًا". وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ باذانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ، فَقَالُوا: لَا نَدَعُكَ تَسْتَلِمُهُ حَتَّى تَسْتَلِمَ آلِهَتَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا عَلَيَّ لَوْ فَعَلْتُ وَاللهُ يَعْلَمُ مِنِّي خِلَافَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: "وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ" الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ـ رضيَ اللهُ عنْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوُا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا لَهُ: إِنْ كُنْتَ أُرْسِلْتَ إِلَيْنَا فَاطْرُدِ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ مِنْ سِقَاطِ النَّاسِ وَمَوَالِيهِمْ لِنَكُونَ نَحْنُ أَصْحَابَكَ، فَرَكَنَ إِلَيْهِمْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: "وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ" الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ ثَقِيفًا قَالُوا للنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجِّلْنا سَنَةً حَتَّى نُهْدِي لِآلِهَتِنَا، فَإِذا قَبَضْنَا الَّذِي يُهْدَى للآلِهَةِ أَحْرَزْناهُ ثُمَّ أَسْلَمْنَا وَكَسَرْنَا الْآلِهَةَ، فَهَمَّ أَنْ يُؤَجِّلَهمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ المباركةُ: "وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ".
قولُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي} الواوُ: اسْتِئْنَافِيَّةُ. و "إِنْ" مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَقِيلَةِ، واسْمُهَا ضَميرُ الشَأْنِ، والتقديرُ: وَإِنَّهُ، واللامُ فارِقَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ "إنْ" النافِيَةِ، وَلِهَذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ نَاسِخٍ هو "كاد" مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ، وَمَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ أَنَّها بِمَعْنَى "ما" النافيةِ، واللامُ بِمَعْنَى "إِلَّا". و "كادُوا" فِعْلٌ ماضٍ نَاقِصٌ مِنْ أَفْعَالِ المُقَارَبَةِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضَمِيرٌ مُتَّصلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ اسْمُهُ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ. و "لَيَفْتِنُونَكَ" اللامُ: فارقةٌ (كما تقدَّمَ). وَ "يَفْتِنُونَكَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فَاعِلُهُ، وكافُ الخِطَابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ به. وَضُمِّنَ "يَفْتِنُونَكَ" مَعْنَى "يَصْرِفُونَكَ" فَلِهَذَا عُدِّي بِـ "عَنْ" والتَقْديرُ: "لَيَصْرِفُونَكَ بفتنتِهم". وَ "عَنِ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "يَفْتِنُونَ" وَ الَّذِي" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجرِّ، وجُمْلَةُ "يَفْتِنُونَ" الفِعْلِيَّةُ خَبَرُ "كادَ" في مَحَلِّ النَّصِبِ، وجُمْلَةُ "كادَ" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إن" المُخَفَّفَةِ، وجُمْلَةُ "إِنْ" المُخَفَّفَةُ معَ اسْمِها وخبرِها جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أَوْحَيْنا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متجرِّكٍ هوا (نا) المُعظِّمِ نفسَهُ ـ سُبْحانَهً، و "نا" التعظِمِ هذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ. و "إِلَيْكَ" إلى: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرْفِ الجرِّ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذهِ صِلَةُ المَوْصُولِ لا محلَّ لها منَ الإعرابِ، والعائدُ مَحْذُوفٌ والتَقْديرُ: أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ.
قولُهُ: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ وَتَعْليلٍ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَفْتِنُونك". و "تفتريَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ "أَنْ" مُضْمَرةٍ جَوَازًا بَعْدَ لامِ كَيْ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرهُ (أنت) يَعُودُ عَلَى سيدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. وَ "عَلَيْنا" على: حرفُ جرٍّ مُتَعَلٍّقٌ بِهِ، و "نا" ضميرُ التعظيمِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجرِّ بحرْفِ الجرِّ. و "غَيْرَهُ" مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ، وهو مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليْهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، صِلَةُ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، و "أَن" مَعَ صِلَتِها فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ باللامِ، تَقْديرُهُ: لافْتِرائكَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ، الجَارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَفْتنونَ".
قولُهُ: {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} الواوُ: حرفُ عَطْفٍ. و "إِذًا" حَرْفُ جَوابٍ وجَزَاءٍ مُقَدَّرٍ بِـ "لو" الشَرْطِيَّةِ؛ أَيْ: وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ الافْتِرَاءَ. ولِهَذَا تَقَعُ أَدَاةُ الشَرْطِ "لو" مَوْقِعَها. وَ "لَاتَّخَذُوكَ" اللَّامُ" مُوَطِّئَةٌ للقَسَمِ، وَ "اتَّخَذُوكَ" فِعْلٌ ماضٍ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذوفٍ، والتَقْديرُ: إِذًا وَاللهِ لاتَّخَذوكَ، وَهُوَ ماضٍ مُسْتَقْبَلٌ فِي المَعْنَى، لأَنَّ "إِذًا" تَقْتَضِي الاسْتِقْبَالَ؛ إِذْ مَعْنَاهَا المُجَازَاةُ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعالى مِنْ سُورةِ الرُّوم: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّواْ} الآيةَ: 51، أَيْ: "لَيَظَلُّنَّ". وَقَوْلُ الزَمَخْشَرِيِّ: أَيْ: "وَلَوِ اتَّبَعْتَ مُرَادَهُمْ لاتَّخَذُوكَ" تَفْسيرُ مَعْنَى لَا إِعْرَابٌ، فإنَّهُ لا يُريدُ بِذَلِكَ أَنَّ "لاتَّخَذُوكَ" جَوابٌ لِـ "لو" مَحْذوفَةٍ، إِذْ لا حَاجَةَ إِلَيْهِ. وهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصبِ مَفْعُولٌ بهِ أَوَّل، و "خليلًا" مفعولُهُ الثاني منصوبٌ بِهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ جَوَابٌ للقَسَمِ المَحْذوفِ، لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ، وجُمْلَةُ القَسَمِ مَعَ جوابِهِ، جَوابُ لَوْ المُقَدَّرَةِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، والتَقْديرُ: وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ الافْتِراءِ، وَاللهِ لا تَّخَذُوكَ خَليلًا، وَجُمْلَةُ "لَوْ" المُقَدَّرَةِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "وَإِنْ كادُوا" عَلَى كَوْنِهَا جُمْلَةً مُسْتَأْنَفةً لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} صورةٌ مِنْ صُوَرِ عَمَّاهُم في الدُنْيا، فالجملةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قولِهِ مِنَ الآيةِ التي قبلَها: {وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى} الآيةَ: 72، وَ "لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ" أَيْ: لِيَسْتَزِلُّونَكَ عَنِ الَّذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، ويُزيلونَكَ وَيَصْرِفُونَكَ عَنِ الذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ القُرْآنِ الكريمِ وَمَا أَنْزَلْنا فِيهِ مِنْ أَحْكامٍ. وَذَلِكَ بِإِعْطَائِهم ما سَأَلُوا مِنْ مُخالَفَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَحكامٍ. فَقَدْ سَاوَمُوهُ عَلَى أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ رَبَّهُ، مُقَابِلَ أَنْ يَتْرُكَ التَّنْدِيدَ بِآلِهَتِهِمْ، وَمَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ. وَسَاوَمُوهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لِبَعْضِ كُبَرَائِهِمْ مَجْلِسًا غَيْرَ مَجْلِسِ الفُقَرَاءِ، وَلَوْ أَنَّهُ ـ عَلَيْهِ ـ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلامُهُ، رَضِيَ مُسَايَرَتِهِمْ فِيمَا أَرَادُوا لاتَّخَذُوهُ خَلِيلًا، وَلَكَفُّوا عَنْ إِيذَائِهِ وَتَكْذِيبِهِ. لكنَّ اللهَ تَعَالَى ضَرَبَ عَلى نَبِيِّهِ سُرادقاتِ العِصْمَةِ، وآواهُ في كَنَفِهِ ورَعَاهُ، وحَفِظَهُ عَنِ خَطَرِ اتِّبِاعِهِ هواهُ، فَالْزَّلَّةُ مِنْهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، مُحَالٌ، لِكَمَالِ قَدْرِهِ، وَعُلُوِّ شَأْنِهِ.
قولُهُ: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} أَيْ: لِتَخْتَلِقَ عَلَيْنَا غيرَهَ، وَتَتَقَّولَ عَلَيْنَا الأَقاويلَ. وتَدَّعِيَ غَيْرَ ما أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ أَحْكَامِ. ولِتَعْتَدِيَ فِي أَوَامِرِنَا ما لَمْ نَأْمُرْكَ بِهِ.
قولُهُ: {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} أَيْ: إِذا فَعَلْتَ ما يطلُبونَهُ مِنْكَ مِمَّا يُخالِفُ أَحْكامَ رَبِّكَ اتَّخَذُوكَ صَدِيقًا لَهُمْ مُقرَّبًا لِمُمَالَأَتِكَ لَهُمْ، وَالخَلِيلُ: مِنَ الخُلَّةِ بِالضَمِّ وَتعني الصَدَاقَةُ. والخَلَّةُ بالفَتْحِ مِنَ الخَلَلِ تَعْنِي الفَقْرَ، مِنَ الحَاجةِ والعَوَزِ والفاقَةِ.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى في هَذِهِ الآيةِ الكريمةِ عَنْ تَأْيِيدِهِ لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ ـ عليهِ أَفضلُ الصَّلاةِ وأَتَمُّ التَسْليمِ، وَعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَعَنْ تَثْبِيتِهِ إِيَّاهُ، وَعِصْمَتِهِ لَهُ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الفُجَّارِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ المُتَوَلِّي أَمْرَهُ وَنَصْرَهُ، فَقَدْ حَاوَلَ المُشْرِكُونَ فِتْنَتَهُ عَمَّا أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ، لِيَفْتَرِيَ عَلَى اللهِ غَيْرَهُ، وَهُوَ الصَّادِقُ الأَمِينُ، فعصَمَهُ اللهُ منْ مكائدِهم، ونَصَرَهُ عَليهِمْ، وأَظهرَ دينَهُ.
وفي أَسْبَابِ نُزُولِ هذهِ الآيةِ الكريمةِ، أَخْرجَ ابْنُ إِسْحَق، وَابْنُ أَبي حَاتِم، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: إِنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَأَبَا جَهْلٍ عَمْرَو بْنَ هِشَامٍ، ورِجالًا مِنْ قُرَيْشٍ أَتَوا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: تَعَالَ فاسْتَلِمْ آلِهَتَنَا ونَدْخُلْ مَعَكَ فِي دِينِكَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِرَاقُ قَوْمِهِ، وَيُحِبُّ إِسْلَامَهمْ، فَرَقَّ لَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تعالى: "وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك" إِلَى قَوْلِهِ: "نَصِيرًا". وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ عَنْ باذانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ، فَقَالُوا: لَا نَدَعُكَ تَسْتَلِمُهُ حَتَّى تَسْتَلِمَ آلِهَتَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا عَلَيَّ لَوْ فَعَلْتُ وَاللهُ يَعْلَمُ مِنِّي خِلَافَهُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: "وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ" الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ـ رضيَ اللهُ عنْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوُا النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا لَهُ: إِنْ كُنْتَ أُرْسِلْتَ إِلَيْنَا فَاطْرُدِ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ مِنْ سِقَاطِ النَّاسِ وَمَوَالِيهِمْ لِنَكُونَ نَحْنُ أَصْحَابَكَ، فَرَكَنَ إِلَيْهِمْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: "وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ" الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ ثَقِيفًا قَالُوا للنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجِّلْنا سَنَةً حَتَّى نُهْدِي لِآلِهَتِنَا، فَإِذا قَبَضْنَا الَّذِي يُهْدَى للآلِهَةِ أَحْرَزْناهُ ثُمَّ أَسْلَمْنَا وَكَسَرْنَا الْآلِهَةَ، فَهَمَّ أَنْ يُؤَجِّلَهمْ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ المباركةُ: "وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ".
قولُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي} الواوُ: اسْتِئْنَافِيَّةُ. و "إِنْ" مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَقِيلَةِ، واسْمُهَا ضَميرُ الشَأْنِ، والتقديرُ: وَإِنَّهُ، واللامُ فارِقَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ "إنْ" النافِيَةِ، وَلِهَذَا دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ نَاسِخٍ هو "كاد" مَذْهَبُ البَصْرِيِّينَ، وَمَذْهَبُ الكُوفِيِّينَ أَنَّها بِمَعْنَى "ما" النافيةِ، واللامُ بِمَعْنَى "إِلَّا". و "كادُوا" فِعْلٌ ماضٍ نَاقِصٌ مِنْ أَفْعَالِ المُقَارَبَةِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجماعةِ ضَمِيرٌ مُتَّصلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ اسْمُهُ، والأَلِفُ للتَّفْريقِ. و "لَيَفْتِنُونَكَ" اللامُ: فارقةٌ (كما تقدَّمَ). وَ "يَفْتِنُونَكَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فَاعِلُهُ، وكافُ الخِطَابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ به. وَضُمِّنَ "يَفْتِنُونَكَ" مَعْنَى "يَصْرِفُونَكَ" فَلِهَذَا عُدِّي بِـ "عَنْ" والتَقْديرُ: "لَيَصْرِفُونَكَ بفتنتِهم". وَ "عَنِ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "يَفْتِنُونَ" وَ الَّذِي" اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجرِّ، وجُمْلَةُ "يَفْتِنُونَ" الفِعْلِيَّةُ خَبَرُ "كادَ" في مَحَلِّ النَّصِبِ، وجُمْلَةُ "كادَ" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إن" المُخَفَّفَةِ، وجُمْلَةُ "إِنْ" المُخَفَّفَةُ معَ اسْمِها وخبرِها جملةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أَوْحَيْنا: فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متجرِّكٍ هوا (نا) المُعظِّمِ نفسَهُ ـ سُبْحانَهً، و "نا" التعظِمِ هذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ. و "إِلَيْكَ" إلى: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرْفِ الجرِّ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذهِ صِلَةُ المَوْصُولِ لا محلَّ لها منَ الإعرابِ، والعائدُ مَحْذُوفٌ والتَقْديرُ: أَوْحَيْنَاهُ إِلَيْكَ.
قولُهُ: {لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ} اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ وَتَعْليلٍ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَفْتِنُونك". و "تفتريَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصُوبٌ بِـ "أَنْ" مُضْمَرةٍ جَوَازًا بَعْدَ لامِ كَيْ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرهُ (أنت) يَعُودُ عَلَى سيدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. وَ "عَلَيْنا" على: حرفُ جرٍّ مُتَعَلٍّقٌ بِهِ، و "نا" ضميرُ التعظيمِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجرِّ بحرْفِ الجرِّ. و "غَيْرَهُ" مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ، وهو مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليْهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ، صِلَةُ "أَنْ" المُضْمَرَةِ، و "أَن" مَعَ صِلَتِها فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ باللامِ، تَقْديرُهُ: لافْتِرائكَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ، الجَارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَفْتنونَ".
قولُهُ: {وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} الواوُ: حرفُ عَطْفٍ. و "إِذًا" حَرْفُ جَوابٍ وجَزَاءٍ مُقَدَّرٍ بِـ "لو" الشَرْطِيَّةِ؛ أَيْ: وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ الافْتِرَاءَ. ولِهَذَا تَقَعُ أَدَاةُ الشَرْطِ "لو" مَوْقِعَها. وَ "لَاتَّخَذُوكَ" اللَّامُ" مُوَطِّئَةٌ للقَسَمِ، وَ "اتَّخَذُوكَ" فِعْلٌ ماضٍ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذوفٍ، والتَقْديرُ: إِذًا وَاللهِ لاتَّخَذوكَ، وَهُوَ ماضٍ مُسْتَقْبَلٌ فِي المَعْنَى، لأَنَّ "إِذًا" تَقْتَضِي الاسْتِقْبَالَ؛ إِذْ مَعْنَاهَا المُجَازَاةُ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعالى مِنْ سُورةِ الرُّوم: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّواْ} الآيةَ: 51، أَيْ: "لَيَظَلُّنَّ". وَقَوْلُ الزَمَخْشَرِيِّ: أَيْ: "وَلَوِ اتَّبَعْتَ مُرَادَهُمْ لاتَّخَذُوكَ" تَفْسيرُ مَعْنَى لَا إِعْرَابٌ، فإنَّهُ لا يُريدُ بِذَلِكَ أَنَّ "لاتَّخَذُوكَ" جَوابٌ لِـ "لو" مَحْذوفَةٍ، إِذْ لا حَاجَةَ إِلَيْهِ. وهوَ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصبِ مَفْعُولٌ بهِ أَوَّل، و "خليلًا" مفعولُهُ الثاني منصوبٌ بِهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ جَوَابٌ للقَسَمِ المَحْذوفِ، لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ، وجُمْلَةُ القَسَمِ مَعَ جوابِهِ، جَوابُ لَوْ المُقَدَّرَةِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، والتَقْديرُ: وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ الافْتِراءِ، وَاللهِ لا تَّخَذُوكَ خَليلًا، وَجُمْلَةُ "لَوْ" المُقَدَّرَةِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "وَإِنْ كادُوا" عَلَى كَوْنِهَا جُمْلَةً مُسْتَأْنَفةً لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 11
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 24
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 36
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 52
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 69
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 24
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 36
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 52
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 69
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود