منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3

اذهب الى الأسفل

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3 Empty الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود السبت يوليو 06, 2019 10:14 am

ماكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3)

قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} المُرادُ بالمُكْثِ هُنَا الِاسْتِقْرَارُ فِي الْمَكَانِ، شَبَّهَ مَا لَهُمْ في الجنَّةِ مِنَ اللَّذَّاتِ وَالْمُلَائِمَاتِ بِالظَّرْفِ الَّذِي يَسْتَقِرُّ فِيهِ حَالُهُمْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ الْحَسَنَ فيها كَالْمُحِيطِ بِهِمْ، لَا يُفَارِقُهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، ولا يفارقونَهُ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ تَعَالى: "أَبَدًا" تَأْكِيدًا لِمَعْنَى قولِهِ "مَاكِثِينَ"، بَلْ أُفِيدَ بِمَجْمُوعِهَا الْإِحَاطَةُ وَالدَّوَامُ. والمُكْثُ: اللَّبْثُ، واللَّبَاثُ، قالَ اللهُ تَعَالَى في مُحْكَمِ كتابِهِ العَزيزِ: {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} الآيَةَ: 23، مِنْ سُورَةِ النَّبَأِ. وَالتَّمَكُّثُ التَّلبُّثُ والبَقَاءُ مَعَ الاطْمِئْنانِ، وأَلَّا يَكُونَ نِزَاعٌ قَطُّ، وَإِنَّهُ دَائِمٌ مَا دَامَتِ السَمَاواتُ والأَرْضُ، قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ هُودٍ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} الآية: 108. أَيْ: عطاءً غَيْرَ مَقْطُوعٍ. والمُكْثُ أَيضًا الأَنَاةُ، واللَّبَثُ، والانْتِظارُ. يُقالُ مَكَثَ يَمْكُثُ مَكْثًا، وَمُكْثًا، ومُكوثًا، ومَكاثًا، وَمَكاثَةً، فهوَ مِكِّيثيٌّ ومِكِّيثَى، ومِكّيثٌ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ، وتَمَكَّثَ: إِذَا مَكَثَ وتَثَبَّتَ، وَالمَكِيثُ: الرَّزينُ الذي لا يَعْجَلُ فِي أَمْرٍ، وفي الجَمْعِ يُقَالُ: هُمُ المُكَثَاءُ، والمَكِيثُونَ، وَرَجُلٌ مَكِيثٌ أَيْ: رَزِينٌ، جَاءَ فِي الحَديثِ النَبَوِيِّ الشَّريفِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ العاصِ بْنِ وائلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا مَكِيثًا ... )، أَيْ: مُتَأَنِّيًا بَطِيئًا غَيْرَ مُسْتَعْجَلٍ، وَهَذَا المقطَعُ هُوَ جُزْءٌ مِنْ حَديثٍ طَويلٍ، أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ: (7/480، بِرَقَمٍ: 37382)، وأَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ الجامِعِ: (27/27 2/174، برقم: 6623)، وغَيْرُهُما.
وَأَيضًا رَجُلٌ مَكِيثٌ: مَاكِثٌ، وَالمَكِيثُ أَيْضًا المُقيمُ الثابِتُ، قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ الشاعِرُ:
وعَرَّسَ بالسَّكرانِ يَومَيْنِ وارْتَكَى ........ يَجُرُّ كَمَا جَرَّ المَكِيثُ المُسَافِرُ
ومِنْ ذَلِكَ المعنى أَيْضًا قَوْلُ الشَّاعِرِ أَبي المُثَلَّمِ الهُذَلِيِّ، يُعَاتِبُ صَخْرَ الغَيِّ:
أَنَسْلَ بَني شِعارَةَ مَنْ لِصَخْرٍ؟ ................. فَإِنِّي عن تَقَفُّرِكم مَكِيثُ
قولُهُ عَنْ "تَقَفُّرِكم" أَيْ: عَنْ اقْتِفاءِ آثارِكُمْ. والقَفِيرُ في الأَصْلِ للنَّحلِ يضَعُ عسَلَهُ فيهِ، أَيْ: إِنِّي رَجُلٌ وَقُورٌ، لَا أَحْتَاجُ إِلَى اتِّبَاعِكُمْ.
فإنَّ ذَاكَ الأَجْرَ الحَسَنُ الذي تَحَدَّثتْ عَنْهُ الآيَةُ التي قَبْلَها، وَالذي فُسِّرَ هُنَاكَ بِأَنَّهُ الجَنَّةُ، ومَا فِيها مِنْ نَعيمٍ وَتَكريمٍ للمُؤْمِنِينَ، هُوَ دَائمٌ لَا انْقِطاعَ لَهُ، وَهُمْ مَقِيمُونَ عَلَيْهِ، بَاقُونَ فِيهِ بَقَاءً أَبَدِيًا خالدًا، لَيْسَ كأُجورِ الدنيا، فإِنَّ أُجُورَ الدُنْيا نافِدَةٌ زائِلَةٌ، كَمُعْطِيهَا، لِأَنَّهُ لَا شَكَّ ذَاهِبٌ حِينَ يَنْقَضِي أَجَلُهُ كَمَا قَدَّرَ اللهُ تَعَالى لَهُ مِنْ عُمُرٍ، وَأَمَّا الحيُّ القَيُّومُ الدَّائِمُ عَلَى الدَّوامِ، فإِنَّ أَجْرَهُ للمؤمنينَ بِهِ باقٍ لَا زَوَالَ لَهُ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا} مَاكِثِينَ: هو مَنْصُوبٌ عَلَى الحَالِ، إِمَّا مِنَ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ تعالى مِنَ الآيةِ التي قَبْلَهَا {لَهُمْ}، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ المُسْتَتِرِ فِيهِ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ {أَجْرًا} مِنَ الآيَةِ التي قبلَها، وذلكَ لِتَخَصُّصِهِ بِالصِّفَةِ، إِلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَجِيءُ إِلَّا عَلَى رَأْيِ الكُوفِيِّينَ: فَإِنَّهُمْ لَا يَشْتَرِطُونَ بُرُوزَ الضَّمِيرِ فِي الصِّفَةِ الجَارِيَةِ عَلى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ إِذَا أُمِنَ اللَّبْسُ، وَلَوْ كَانَ حَالًا مِنْهُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ لَقَالَ: مَاكِثِينَ هُمْ فِيهِ. وَيَجُوزُ ـ عَلَى رَأْيِ الكُوفِيِّينَ، أَنْ يَكونَ صِفَةً ثَانِيَةً لِـ {أَجْرًا}. قالَ العُكْبُريُّ أَبُو البَقَاءِ: وَقِيلَ: هُوَ صِفَةٌ لـ {أَجْرًا}، والعائدُ: هو الهَاءُ مِنْ "فِيهِ". وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبُرُوزِ الضَّمِيرِ، وَلَا لِعَدَمِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المَذْهَبَيْنِ. وَ "فِيهِ" في: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "ماكِثِينَ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ. وَ "أَبَدًا" مَنْصُوبٌ عَلى الظَرْفِيَّةِ الزمانيَّةِ مُتَعلِّقٌ أَيْضًا بِالحَالِ "مَاكَثِينَ".

عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى