إياكم والحسد

بسم الله الرحمن الرحيم
أعلم أنه ليس من المنطق رمي كل شيء وكل مصيبة وتبريرها بالعين أو الحسد ..
ولكن أرى أنه من حق من يشك أدنى أنه محسود أن يصرخ بها عاليا ثم يبذل كل سبب لإزالة ماأصابه ..

ألا لمن كان لي حاسدًا **** أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في فعله **** لأنَّك لم ترض لي ما وهب
فجازاك عني بأن زادني **** وسدَّ عليك وجوه الطَّلب

حلق بي ذهني ذات مرة ثم جاء إلى بستان على طرف المدينة كبير جدا،
كان لكل رجلٍ فيه مساحة خاصة متساوية مع البقية والبقية كانوا ثلاث مائة وستة من الرجال،
كان لكل منهم مقدار شجر و نخل متساوٍ وسقاء
وحتى الثمر لافرق بين أحد
وبما أنه البستان الوحيد في ذلك المكان الشجر نفسه والثمر هو هو
يأتي كل يوم سكان المدينة
وكلٌ مرتاح في مكانه حيث لا أحد يحسده فكل ممن حوله يبيع نفس البيع،
وكل يربح نفس الربح يعودوا به مساءاً لا يزيد أحدهم بربع قرش عن الآخر.

انتهى ذهني من التحليق فهبط
لأقول له (عفوا ماعليش بايخة)
إنها قصة خيال تفتقد لـ طعم فللخسارة مرارة تعقبها سعادة بعد بذل أطيب وعمل أجمل،
طعم الحياة في التنافس، الفوز، الألم،
يوم لك ويوم عليك، تحدي، وإصرار، فشل، يعقبه نجاح …
كفاح… ومن ثم رباح…
ليس باللازم أن يجب مايكون عند غيري عندي مثله !!
فالله جلّ وعلا يعطي ويمنع لحكمة يعلمها سبحانه، يبتلي ويرى الصابر من المتسخط.
وكل شيء يؤخر إلى أجل مسمى.

نعود للحساد هل عرفتم الحياة وهل عشتم شيئا من شقائها،
اعلموا أو أنكم بالفعل تعلمون….أنكم تكابدون هذا الشقاء والبذل والتعب والكبد والكد نفسه في مجالات متعدد…
فإذا كان رقودكم وشغلكم الشاغل هو الحديث بخيرٍ أو شر في الناس والطعن في عمل ما لأحد
أو البحث عن أمور الناس الخاصة والعامة … كل هذا عبث وضياع وقت سيعود وبالاً إلا أن تتوبوا.

أيها الحساد كفى ،،
انشغلوا بأمنياتكم، واسعوا لتحقيقها على أرض واقع خصب إن شاء الله.
قال الله سبحانه وتعالى:: ” أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ”

وقال صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والحسد فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)

فلماذا هذا الاحتجاج على القدر
بنفس تتنفس الخبيث من الهواء و تتمنى زوال نعم الله التي قدرها سبحانه ومابيد المحسود أي شيء الا الإستعانه بالله القادر على كل شيء.

كفى أيها الحساد فإنكم تتعبون أبدانكم وأذهانكم
كفى :
انشغلوا بأنفسكم عما عند الناس، كفوا السنتكم، واطفئوا ناراً موغلة في الصدور.
اذكروا الله عند كل نعمة ترونها أو تسمعونها في الحياة واعلموا أن الأرزاق بيد الله وحده…
كفوا ألسنتكم، وأبصاركم، و( ارقدوا) بترقيق القاف هذه المرة كلمة تقال لمن ليس لديه شغل ذو فائدة.
كفى أيها الحاسد فنحن في هذه الدنيا أخيراً إلى زوال.

همسة للمحسود

فقط عد بقوة ولا يهمك أحداً.
والأهم لك ولغيرك أن لا تبرر العثرة بالعين أو الحسد حاول النهوض وانهض لترتقِ في هذه الدنيا مع تواضع يصاحبك وتحصين يلازمك وحسن ظنٍ بالله يغشاك.

أخيراً.
لنتيقن أنه لن يغير الله مابنا حتى نغير ما بأنفسنا كما أنه غالباً مشاكلنا وعثراتنا هي ما كسبت أيدينا.
فأوصيكم و نفسي بالرضاء بالقدر والمباركة لكل من أنعم الله عليه بشيء وبالإخلاص لله في الأقوال والأعمال
ثم التوكل على الله حق التوكل قبل و أثناء كل عمل.
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه …