منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (22)

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (22) Empty الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (22)

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الإثنين ديسمبر 05, 2011 10:35 am

{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً
فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
(22)
قوله تعالى : { الذي جَعَلَ لَكُمُ } : " الذي " تحتملُ النصبَ والرفعَ . فالنصبُ من خمسةِ أوجهٍ ، أظهرُها : أن يكونَ نصبُه على القطع . الثاني : أنه نعتٌ لربكم . الثالث : أنه بدلٌ منه . الرابع : أنه مفعول « تتقون » وبه بدأ أبو البقاء . الخامس : أنه نعتُ النعت أي: الموصولُ الأول ، لكن المختارَ أن النعتَ لا يُنْعَتُ بل إنْ جاء ما يُوهم ذلك جُعِلَ نعتاً للأول ، إلا أَنْ يمنَع مانعٌ فيكونَ نعتاً للنعت نحو قولهم : « يا أيُّها الفارسُ ذو الجُمَّة » ، فذو الجُمَّة نعتٌ للفارس لا لـ « أيّ » لأنها لا تُنْعَتُ إلاَّ بما تقدَّم ذِكْرُه . والرفعُ من وجهين : أحدهما وهو الأصح أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ أي : هو الذي جَعَلَ . والثاني أنه مبتدأٌ وخبرُه قولُه بعد ذلك : " فلا تَجْعَلُوا " وهذا فيه نظرٌ من وجهين ، أحدُهما : أنَّ صلتَه ماضِيةٌ فلم يُشْبِهِ الشرطَ فلا تُزَادُ في خبرِهِ الفاءُ ، الثاني : عدمُ الرابط إلاّ أنْ يُقالَ بمذهبِ الأَخفش وهو أَنْ يُجْعَلَ الربطُ مكرَّرَ الاسمِ الظاهرِ إذا كان بمعناه نحو : " زيدٌ قام أبو عبد الله " ، إذا كان أبو عبد الله كُنيةً لزيدٍ ، وكذلك هنا أقامَ الجلالةَ مُقامَ الضميرِ كأنّه قال : الذي جعل لكم فلا تَجْعلوا له أنداداً .
و " جَعَل " فيها وجهان ، أحدُهما : أن تكونَ بمعنى صَيَّر فتتعدَّى لمفعولين فيكونُ " الأرض " مفعولاً أولَ ، و « فراشاً » مفعولاً ثانياً . الثاني : أن تكونَ بمعنى " خَلَقَ " فتتعدَّى لواحدٍ وهو " الأرضَ " ويكونُ " فراشاً " حالاً .
« والسماء بِنَآءً » عطفٌ على " الأرضَ فراشاً " على التقديرين المتقددِّمين ، و " لكم " متعلِّق بالجَعْل أي لأجلكم . والفراشُ ما يُوْطَأُ ويُقْعَدُ عليه . والبِنَاءُ مصدرُ بَنَيْتُ ، وإنما قُلِبت الياءُ همزةً لتطرُّفها بعد ألفٍ زائدةٍ ، وقد يُرادُ به المفعولُ . و " أَنْزل " عطفٌ على "جَعَلَ " ، و " من السماء " متعلِّقٌ به ، وهي لابتداءِ الغاية . ويجوز أنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أن يكونَ حالاً مِنْ " ما " لأنَّ صفةَ النِكِرَةِ إذا قُدِّمَتْ عليها نُصِبَتْ حالاً ، ويكون حينئذٍ معناها التبعيضُ ، وثَمَّ مضافٌ محذوفٌ ، أي : من مِياه السماءِ ماءً .
وأصلُ " ماء " مَوَه بدليلِ قولِهم : " ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمُوه " وفي جَمْعِه : نقول: مياه وأَمْواه ، وفي تصغيرِه : مُوَيْهٌ ، فتحرَّكتِ الياءُ وانفتحَ ما قبلها فقُلبت ألفاً ، فاجتمع حرفان خَفِيَّان : الألفُ والهاءُ ، فَأَبْدَلوا من الهاءِ أختَها وهي الهمزةُ لأنّها أَجْلَدُ منها .
وقولُه : " فَأَخْرَجَ " عطفٌ على " أَنْزَل " مُرَتَّبٌ عليه ، و " به " متعلِّقٌ بِه ، والباءُ فيه للسببيّة . و " من الثمرات » جار ومجرور متعلقان به أيضاً ، ومِنْ هنا للتبعيضِ .
وإنما نَكَّر " ماء " و " رزقاً " ليفيدَ التبعيضَ ، لأنَّ المعنى : وأنزل من السماءِ بعض ماءٍ فَاَخْرَجَ به بعضَ الثمراتِ بعضَ رزقٍ لكم ، إذ ليس جميعُ رزقِهم هو بعضَ الثمراتِ ، إنَّما ذلك بعضُ رزقِهم .
و " لكم " متعلُّقَ بـ " أَخْرَج " وقولُه تعالى:{فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداًً} الفاءُ للتسبُّب ، تَسَبَّبَ عن إيجادِ هذه الآياتِ الباهرة النهيُ عن اتخاذِكم الأندادَ . و " لا " ناهية و " تَجْعلوا " مجزومٌ بها ، علامةُ جَزْمِه حَذْفُ النونِ ، وهي هنا بمعنى تُصَيِّروا . أو تُسَمُّوا . ويتعدَّى لاثنين أنداداًً ، والجارُّ والمجرورُ قبلَه . و " أنداداً " جمع نِدّ ، والنِّدُّ : المقاوِمُ المضاهي والضدُّ والكُفْءُ ولا يُقال إلا للنِّدِّ المخالف ، ونادَدْتُ الرجلَ خالَفْتُه ونافَرْتُه مِنْ : نَدَّ يَنِدُّ نُدُوداً أي نَفَر . ويقال "نَديدة " على المبالغة ، قال لبيد :
لِكيلا يكونَ السَّنْدَرِيُّ نديدتي ... وأَجْعَلُ أَقْواماً عُموماً عَماعِمَا
وأمَّا النَّدُّ بفتح النون فهو التل المرتفعُ ، والنَّدُّ الطِّيب أيضاً ، ليس
بعربي . وهذه الجملةُ متعلقةٌ من حيث المعنى بقوله : " اعبدُوا " لأنَّ أصلَ العبادةِ التوحيدُ ، ويجوز أن يتعلَّقَ بـ " الذي " إذا جعلتَه خبرَ مبتدأ محذوفٍ ، أي هو الذي جعل لكم هذه الآياتِ العظيمةَ
والدلائلَ النَّيِّرة الشاهدَةَ بالوَحْدانية فلا تَجْعلوا له أنداداً .
قوله تعالى : { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } جملةٌ من مبتدأ وخبرٍ في محلِّ نصب على الحال ، ومفعولُ " تعلمون " متروكٌ ، والمعنى : وأنتم تعلمونَ بُطْلانَ ذلك .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى