منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جذور الأزمة السورية وآفاقها

اذهب الى الأسفل

جذور الأزمة السورية وآفاقها Empty جذور الأزمة السورية وآفاقها

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الأحد فبراير 12, 2012 12:22 am

جذور الأزمة السورية وآفاقها


منذ فجر الإسلام وانتصارات العدالة والفكر الوسطي الذي جاء به الإسلام ، على قوى الاستغلال الغاشمة التي كانت تهيمن على العالم ، قوّة المال المنهوب من عرق الشعوب ـ وما جُمِع مالٌ من حلالٍ قطّ ـ المال الذي كان مكنوزاً في خزائن اليهود والأكاسرة والقياصرة ، المجموع بالقوة الطاغية والأساليب الملتوية ، المال الذي تحميه قوى البغي والعدوان ، وتتنازع عليه بين حين حين فتنشب حروب تأكل الآلاف من المستضعفين ، وَقود كلِّ حربٍ ـ في العادة ـ وكلّ صراع ، إذ يحتاط الأثرياء لأنفسهم ويحصنونها ، ويكونون في مقدمة صفوف الهاربين منها ، ويدفعون الفقراء لتطحنهم ثفالها تحت عناوين وشعارات ، يجيد الماكرون صياغتها .
وجاء محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ برسالة من ربِّ العالمين ، تنصر المستضعفين ، وتحفظ لكلّ ذي حقٍّ حقَّه ، فتألَّب عليه وعلى دعوتِهِ أثرياءُ الجزيرة العربية من عرب ويهود ، ونصرَه اللهُ عليهم ، فخشي كسرى وقيصر من انتشار هذا الدين ووصوله إلى بلادهم ، وإيقاظِه شعوبَهم، فأعدا العدّة ووجّها السرايا والزحوف للقضاء على هذه الدعوة في مهدها ، لكن ديناً أراد الله له أن يبسط على الأرض نوره ، ما كانت لتستطيع إطفاءه قوى الاستكبار والغطرسة بالغة ما بلغت .
وعمّ الإسلام وعمّ العدل ، ودخل الناسُ في دين الله أفواجاً ، لكن قلّة حاقدةً ، ذهبت ريحُها ، اندسّتْ بين صفوف المسلمين مُظهِرةً الإيمان ومُبطِنةً الكفر ، لتفرّق هذه الصفوف ، حيناً بإذكاء نار الفتنة بين المسلمين وبالاغتيالات أحياناً ، فاغتالت أئمّةَ المسلمين من كبار أصحاب الرسول الكريم ، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ، ومن ثم ابنه الحسين من بعده ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ فقد خدعوه وورّطوه واستدرجوه ثم تخلَّوا عنه وأسلموه للقتل ، ومازالوا يندبونه إلى اليوم ، لا حبّاً به ، بل إذكاءً لنار الفتنة وتعميقاً للخلاف .
وما زال هذا دأبهم في كل عصر ومصر ، وكانت آخرُ معاركهم ، حين انتصر الخميني في إيران على شاهه ، مدعوماً من الغرب الذي احتضنه وأمدّه حتى انتصرت ثورتُه ، فما إن صارت مقاليد الأمور إليه حتّى امتدت يده إلى جيرانه العرب المسلمين ، فقضم بعضاً من الجزر العربية مستغلاً تشتُّتَ العرب وضعفَهم ، واتجهت أنظاره إلى العراق ، محرّكاً فيها فئتَه وجُندَه ، تحت شعار تصدير الثورة ، الأمرُ الذي نبَّه العرب المسلمين من سباتهم العميق فاجتمعوا على حربِه والحدِّ من خطرِه ، وهنا جاء دور يهود إسرائيل ، حلفائه الاستراتيجيين ، فأمدّوه بالسلاح ، بالرغم من أنه رفعَ شعار القضاء على إسرائيل ، لكن اليهودَ يعرفون حقيقةَ هذا الشعار وزيفه ، ويعرفون اليوم أن المستهدف من السلاح النووي الذي يسعى إليه إنما جيرانه العرب المسلمين ليخوّفهم به ويبسط سيطرته عليهم ، وما التهديدات التي يطلقونها ضدّه إلا لتوتير أعصاب العرب ودفعهم لشراء المزيد من السلاح واستنزاف طاقاتهم وثرواتهم .
أقول لقد اجتمع العرب على حرب إيران ما عدا النظام الطائفي الحاكم سورية منذ أربعين سنة وتزيد ، والذي جمعه مع الإيرانيين وحدةُ العداوة والهدف ، فهو الآخر ناقم على الأكثريّة السنيّة التي كانت لها السيادة أثناء الحكم العثمانيِّ ، فكان النظامَ العربيَّ الوحيدَ الذي وقف على جانب الإيرانيين وأمدهم بالسلاح وكل ما يحتاجون .
ثم توقفت الحرب ، وأراد اليهودُ الصهاينةُ أن ينتقموا من العراق ، الذي طُردوا منه على يَدِ بختَنَصّرَ منذ مئات السنين فجاؤوا بحلفائهم الجدد في الغرب ، وحلفائهم القدامى في إيران وأتباعها في العراق ، وكان لهم ما أرادوا لكن في غفلةٍ من العرب ومؤازرةٍ من حكامِهم وأكرادِ العراق ” السُنّةِ ” هذه المرّة .
ولاحت تباشيرُ فجرِ الربيعِ العربيِّ ، وهبَّتْ رياحُ التغيير على المنطقة ، فكان الشيعةُ في أوّل صفوف المؤيدين لها والمصفقين ، وما إن وصلت إلى سوريةَ ضدّ حليفهم الاستراتيجي حتى اكفهرت الوجوه وتغيرت المواقف ، فأصبحت المطالبةُ بالحريّة جريمةً ، والثورةُ على الفساد والفاسدين خيانةً ، وبشعارات مزيفة هذه المرة ايضاً .
ولنُسلّمْ جدلاً بأنَّ نظامَ الحكم في سوريا نظامٌ مقاومٌ وممانعٌ ، هل هذا مبرِّرٌ للسكوت على جرائمه ضدَّ شعبِه ، من فسادٍ وإفسادٍ وسرقة أموال الشعب وسلبِه حريّتَه وكرامتَه والولوغِ في دم أبنائه لأكثرَ من أربعين سنة ، علماً بأنّ إسرائيلَ ما عَرَفت الهدوءَ والاستقرار إلاّ في هذه الفترة التي حكم فيها هؤلاء الممانعين .
دعْك من مسرحيّاتِ حرب تشرين التي سلّموا فيها نيِّفاً وعشرين قرية للعدو ، والتي كان لا بدَّ منها لظهورِ الخائن بمظهر البطل المجاهد والشريف الممانع .
وأسفر التحالفُ الطائفيُّ عن وجهِهِ من جديد ، واستدعى كلَّ قوّاتِه وتحالفاتِه العالميّة ، وفي المقدّمةِ روسيا التي سبق له أن تحالف معها على هذه الأمّة ، وما تحالفُ الدولةِ الصفويّةِ مع روسيا القيصريّة ضد الدولةِ العثمانية عنا ببعيد ، حيث ما منعتهم أخوَّةُ الدين التي ما فتئوا يتشدقون بها بين الحين والحين للضحك على الذقون ، ولنتخلّى عن تعصُّبنا لفئتنا ، بينما هم يزدادون تعصُّباً لطائفيَّتِهم ويشتدون تمسكاً بها ، فهم في كلِّ يوم يُسيئون إلى نبيِّنا في أزواجه وكبارِ أصحابه أمام أنظار وأسماع المتمسكين ” بالأخوة الإسلاميّة ” ، وما ذا يبقى لنا من الإسلام إذا سبّينا أزواج نبيِّه ، أمّهاتِ المؤمنين ومن أصحابه المقربين رضي الله عنهم أجمعين ، وهم الذين أوصلوا لنا هذا الدين؟.
ولذلك فإن المعركة في سوريَّة ليست كغيرها من المعارك ، فهي ليست معركةً بين حاكمٍ فاسدٍ متسلِّطٍ مستبدٍّ ، وشعبٍ ثائرٍ للحصول على كرامتِه وحقوقِه ، إنّما هي معركةُ فئةٍ من طائفيِّين متعصِّبين لطائفيتهم ، ولهم تحالفاتهم الاستراتيجيّة ذاتُ الجذورِ الضاربةِ بعيداً في التاريخ ، وبين فئةٍ هي الأكثريّةُ المظلومةُ المغلوبةُ على أمرها ، في ظلِّ تآمرٍ دوليٍّ وتخاذلٍ عربي وضَياعٍ إسلامي.
ولهذا فإنها مرشّحةٌ لتطوراتٍ خطيرةٍ قد تتعدّى حدودَ المنطقةِ ، وقد تؤدّي إلى حربٍ كونيّةٍ ثالثةٍ ذلك لأنَّ قُوى الاستكبارِ والفتنةِ لا تريد أن تتخلى عن حليفِها الاستراتيجيِّ ليسترد الشعبُ حقوقَه المسروقةِ وكرامتَه المستباحة ، كما أن الشعبَ مصرٌّ على نيل حقوقه مهما كلَّفه ذلك من تضحيات .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى