منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سلمى_ قصة من الواقع

اذهب الى الأسفل

سلمى_ قصة من الواقع Empty سلمى_ قصة من الواقع

مُساهمة من طرف رشدي مصطفى الصاري الثلاثاء مارس 13, 2012 6:50 am

سلمى


--------------------------------------------------------------------------------



تستر نفسها بقميص رجالي ناوله لها أحدهم ، الأحياء مدمرة ، والبيوت قصفت فوق ساكنيها ، الشمس غابت عن (سهل الروج ) غابت مرة ولم تعد بعدها ، تقول النساء أن غضباً حل على القرية ، وأن الشمس ذهبت ولن تعود ، يحكي من تبقى من الأولاد عن جحافل المغول التي سقطت من رحم التاريخ ، لتبيد القرية وتعود مرة أخرى ، وتحكي الجدات عن جبالٍ سقطت من السماء فوق سهل الروج ،
أما الرجال .. لن يمكنك الحصول على أحدهم لتسألهم ، فقد ابتلعتهم الأرض قرباناً لتكفر عن ذنوب البلاد كلها ، بينما سلمى ،شاحبة الوجه ، هزيلة يخيل لك أنها لن تستمر واقفة أكثر من دقائق ، تجلس على عتبة ما تبقى من بيتها ، ترى اقتراب بعثة ما ، تتفقد الأوضاع بعد المذبحة ، تقول لهم وهي تعتدل واقفة :
- اسمي سلمى
صوتها كالحشرجة ، ودموعها تتساقط جامدة كأنها قطع من الحجارة ، تنظر لمحدثها مستنكرة :
ماذا فعلوا بي ؟
دموعها كالنحيب ، صوتها كالحشرجة ، إصبعها باردٌ يشير إلى بطنها ، وبصوت خرج كالصرخة تقول :
- في أرحامنا أبناء زنى ، نحملهم في أحشائنا
يرتد محدثها كالمصعوق ، حوله نساءٌ أخريات على عتبات البيوت ، وبعضهن خلف سلمى ، يشبهنها في كل شيء ، هزالها وشحوبها ودموعها ، وذات الإصبع يشير إلى مكان الجريمة ، والصرخة في العتمة باردةً بلا ضوضاء ..
***

الجسد يقطر وجعاً ..
عارية من كل شيء ، بعض ملابسها الممزقة لا تستر شيئا ، ملقاة فوق المائدة الوحيدة التي تبقت سليمة في المنزل ، الدماء تسيل من جرح في جبهتها ، أحدهم من الخلف يمسك بيديها ، والأربعة الآخرون يلتفون حولها ، ينهشون لحمها ، صدرها ينز دماً وهم يلتهمونه بعنف ، والآهات تخفت شيئاً فشيئاً ، الصوت لا يسمعه غيرها والدموع جفت ، تنظر لمغتصبها ، لم يعد في قلبها رجاء منه أو رحمة ، يقول لها وهو يضرب بيديه على فخذها :
- من ربكم الآن .. هه .. أخبريني .؟
تتهاوى المائدة تحت ثقلهم ، فتسقط أرضاً فوق قطع الأثاث المحطم ، وفوقها مغتصبوها لا يبارحون الجسد النازف
مترٌ واحد يفصلها عن جثة زوجها ، مترٌ يبدو كألف ميل ، وهي تمد ذراعها يميناً ، تتمنى أن تلمسه ولو مرة واحدة أخيرة .

***

الفجر إلا قليلا ..
صوت القذائف يدوي في سماء البلدة ، وصوت التسبيح يتوقف فجأة ، ليستبدل بهتاف أحد الشباب ، يطلب من الناس اللجوء إلى الأقبية والملاجئ والسراديب ، الناس كلهم يهرعون مع النداء ، إلا سلمى ..
تقول جارتها لزوجها :
- يجب أن ندعو سلمى وزوجها ، منزلهم لا يوجد به أي مخبأ أو سرداب ، والقصف يشتد ..
يحاولون الوصول إلى منزل جيرانهم ، فيفشلون ، الدبابات الروسية الصنع على بعد قذيفة ، والصراخ صار في كل مكان ، سلمى شامخة قوية واثقة ، تطلب من زوجها ألا يغادر ، تطمئن على أطفالها وتهرع إلى قائد الدبابة بالخارج ، الرصاص لا يعطيها سبيلاً للوصول ، تهرع إلى منزل الجيران ، تختبئ في السرداب قليلاً ، يخترق مسمعها صوت ابنها وصراخه ، لحظة تنسى فيها كل شيء ، لتصير أمام باب بيتها ، الجنود في كل مكان ، الرشاش مصوبٌ إلى زوجها وابنها ، يرمون زوجها أرضاً ، يتقافزون فوق جسده المسجى ، تصرخ :
- خذوا ما تشاءون واتركونا
فيصرخون :
- جئنا لنأخذ أرواحكم
- اتركونا في حالنا
يقول القائد :
- إذا فعلنا ما نريد بك أمام عين زوجك وابنك ، ربما ننصرف بهدوء
يصرخ الزوج ، يحاول النهوض ، تقول هي بصوت كالبكاء :
- لكننا أخواتكم
فيضحكون ، تقتل ضحكاتهم زوجها ، وتصيب ابنها ، نحن أخواتكم ، كذا تصرخ ، يستل أحدهم سكيناً ،
يضعه على عنق الصغير ، يتساقط الجسد ، وخلفه تهوي الصرخات ، تكتم إلى الأبد .
بقلم أحمد عيسى

رشدي مصطفى الصاري
رشدي مصطفى الصاري
أرمنازي للعظم
أرمنازي للعظم

عدد المساهمات : 192
نقاط : 889
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
العمر : 57
الموقع : الرياض

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى