فيض العليم ... سورة الأعراف، الآيات: 58 , 59, 60, 61
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآيات: 58 , 59, 60, 61
قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ
(61)
قولُه ـ جلَّ وعَلا: {قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} ناداهم "يا قومِ" بإضافَتِهم إليْهِ اسْتِمالَةً لَهم نَحْوَ الحَقِّ. فنفى الضلالَ عنْ نفسِهِ الكَريمةِ على أَبْلَغِ وَجْهٍ، وَالنِّدَاءُ فِي جَوَابِهِ إِيَّاهُمْ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ خُطَّابَهُ بِالَّذِينَ جَاوَبُوهُ، بَلْ أَعَادَ الْخِطَابَ إِلَى الْقَوْمِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّ جَوَابَهُ مَعَ كَوْنِهِ مُجَادَلَةً لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ هُوَ أَيْضًا يَتَضَمَّنُ دَعْوَةً عَامَّةً، كَمَا هُوَ بَيِّنٌ، والتاءُ للمَرَةِ الواحدةِ إنَّما تكونُ للمُبالغةِ في الجَوابِ على قولِهِمُ الأَحْمَقِ، فالمَقامُ يَقتَضي ذلك، والمَعْنى ليْس بي أَقَلُّ قليلٍ مِنَ الضَلالِ فَضْلاً عَنِ الضَلالِ المَبينِ. وإنَّما بالَغَ ـ عليه السلامُ ـ في النَفيِ لِمُبالَغَتِهم في الإثباتِ، فالأسماءُ المُفرَدَةُ الواقِعَةُ على الجِنسِ التي تَكونُ بينَها وبَيْنَ واحدِها تاءُ التَأْنيثِ مَتى أُريدَ النَفيُ كان استعمالُ واحدِها أَبْلَغُ، ومتَى أُريدَ الإثْباتُ كان اسْتِعمالُها أَبْلَغُ، كما في هذه الآيةِ الكريمة. فَتَأْنِيثُهُ لَفْظِيٌّ مَحْضٌ، وَالْعَرَبُ يَسْتَشْعِرُونَ التَّأْنِيثَ غَالِبًا فِي أَسْمَاءِ أَجْنَاسِ الْمَعَانِي، مِثْلِ الْغَوَايَةِ وَالسَّفَاهَةِ، فَالتَّاءُ لِمُجَرَّدِ تَأْنِيثِ اللَّفْظِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ التَّاءِ مَعْنَى الْوَحْدَةِ لِأَنَّ أَسْمَاءَ أَجْنَاسِ الْمَعَانِي لَا تُرَاعَى فِيهَا الْمُشَخِّصَاتُ، فَلَيْسَ الضَّلَالُ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْجَمْعِ لِلضَّلَالَةِ. والتَّخَالُفَ بَيْنَ كَلِمَتِي ضَلَالٍ وَضَلَالَةٍ اقْتَضَاهُ التَّفَنُّنُ في البيانِ حَيْثُ سَبَقَ لَفْظُ ضَلَالٍ، وَمُوجِبُ سَبْقِهِ إِرَادَةُ وَصْفِهِ بـ "مُبِينٍ" في الآيةِ السابقة، فَلَوْ عَبَّرَ هُنَالِكَ بِلَفْظِ ضَلَالَةٍ لَكَانَ وَصْفُهَا بِمُبِينَةٍ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَمَّا تَقَدَّمَ لَفْظُ ضَلالٍ هناك اسْتُحْسِنَ أَنْ يُعَادَ بِلَفْظٍ يُغَايِرُهُ فِي السُّورَةِ دَفْعًا لِثِقَلِ الْإِعَادَةِ فَقَوْلُهُ: "لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ" رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ: {إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الْأَعْرَاف: 60. بِمُسَاوِيهِ بلْ بِأَبْلَغَ مِنْهُ.
وثمَّةَ نكتةٌ لطيفةٌ هنا يحسُنُ الإشارةُ إليها، وهي: أنَّه لَمّا نَسَبوا نوحاً ـ عليه السلامُ ـ إلى الضَلالةِ، تَولَّى إجابَتَهم بِنَفْسِهِ، فقالَ: "يَا قَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلاَلَةٌ"، ولمَّا نُسِبَ الضلالُ إلى نَبِيُّنا محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ تَوَلَّى الحقُّ ـ سُبْحانَهُ وتعالى ـ الرَدَّ عَنْهُ فقالَ في سورةِ النَجْمِ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} الآيةُ: 2. فشتانَ بين من يدافعُ عن نفسِهِ ومن يتولّى الدّفاعَ عنهُ ملاه ـ تباركتْ أسماؤه.
قولُهُ: {وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} هو استدراك على ما قَبْلهُ رافعٌ لِما يُتَوَهَّمُ منهُ، وذلك أنَّ القومَ لمَّا أَثبَتوا لَهُ الضَلالَ، أرادوا بِهِ تَرْكَ دِينِ الآباءِ ودَعوى الرِّسالةِ، فحينَ نَفى الضَلالَةَ تُوُهِّمَ مِنْه أَنَّه على دينِ آبائهِ، وتَرَكَ دَعْوَى الرِّسالةِ، فأخبَرَ بأنَّهُ رَسولٌ وثابتٌ على الصِراطِ المُستقيمِ اسْتِدراكاً لِذلك، فإنَّ لكنَّ حقُّها أنْ تتوسَّطَ بين كلاميْنِ مُتغايِرَيْن نَفْياً وإثْباتاً، وسَلَكَ طريقَ الإطْنابِ لأنَّ هذا الاسْتِدْراكَ زيادةٌ على الجَوابِ إذْ قولُه: "لَيْسَ بِى ضلالة" كان كافياً لكنَّه ـ عليهِ السلامُ ـ انتهَزَ الفُرصة وأَدْمَجَ مَقصودَهُ في الجَوابِ عَلى أَحْسَنِ وَجْهٍ.
قولُهُ تعالى: {قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} قال: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح الظاهر على آخره. "يا قوم" الياءُ للنداءِ و"قومِ" مُنادى مضافٌ، منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ فَتْحةٌ مقدَّرةٌ على ما قبلِ ياءِ المتكلم أو النَسَبِ المحذوفة تخفيفاً، والياءُ المحذوفةُ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه. والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ "هو" يعودُ على نبيِّ اللهِ نوحٍ ـ عليه السلامُ. "ليس" فعلٌ ماضٍ ناقِصٌ من النواسخ، جامدٌ، وقالَ: "ليسَ" ولم يَقلْ ليستْ، لأن معنى الضلالة: الضلالُ أو على تقديمِ الفِعْلِ، وَتَجْرِيدُ لَيْسَ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ مَعَ كَوْنِ اسْمِهَا مُؤَنَّثَ اللَّفْظِ جَرَى عَلَى الْجَوَازِ فِي تَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ، إِذَا كَانَ مَرْفُوعُهُ غَيْرَ حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ. و"بي" الباءُ: حرفُ جَرٍّ، لِلْمُصَاحَبَةِ أَوِ الْمُلَابَسَةِ، وَهِيَ تُنَاقِضُ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ "فِي ضَلالٍ" الْأَعْرَاف: 60. فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الضَّلَالَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ، فَنَفَى هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلضَّلَالِ مُتَلَبَّسٌ بِهِ. وياءُ المتكلِّمِ: ضَميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ بحرف الجرِّ، مُتَعلِّقٌ بمَحذوفِ خَبَرٍ مقدَّمٍ لـ "لَيْسَ" والتقدير: ليس موجوداً بي ضلالة. "ضلالة" اسْمُ ليسَ مُؤَخَّرٌ مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعهِ الضمَّةُ الظاهرةُ على آخرِه. وجُملَةُ "قال" استئنافٌ بيانيٌّ لا مَحَلَّ لَها من الإعرابِ. وجُمْلَةُ "يا قوم" في محلّ نَصْبِ مَقولِ القَوْلِ. وجُمْلَةُ "ليس بي ضلالة" جوابُ النّداءِ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ. وقيل: هي في محلِّ نصبِ مفعولٍ به.
قولُه: {وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} و: حرف عطفٍ، "لكنَّ" حرْفٌ مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ ـ من النواسخِ ـ للاسْتِدْراكِ، وَشَأْنُ "لَكِنَّ" أَنْ تَكُونَ جُمْلَتُهَا مُفِيدَةً مَعْنَى يُغَايِرُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهَا، وَأَكْثَرُ وُقُوعِهَا بَعْدَ جُمْلَةٍ مَنْفِيَّةٍ، لِأَنَّ النَّفْيَ مَعْنًى وَاسِعٌ، فَيَكْثُرُ أَنْ يَحْتَاجَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْدَهُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ، فَيَأْتِي بِالِاسْتِدْرَاكِ، والياءُ: ضَمِير المتكلِّمِ في محلِّ نَصْبِ اسْمِ "لكنَّ". "رسولُ" خَبَرها مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعِه الضمُّ الظاهرُ على آخرِهِ. "من رب" جارٌّ ومَجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ "رسولٌ" أو بنَعْتٍ لِه، و"ربِّ" مضافٌ. "العالمين" مُضافٌ إليْهِ مَجرورٌ وعلامةُ جرِّه الياءُ لأنَه ملحقٌ بجمعِ المذكَّرِ السالمِ، والنونُ عوضاً عنِ التنوينِ في الاسمِ المفرد. وجملة "لكني رسول" معطوفة على جملةِ "ليس بي ضلالةٌ" ولها مثلُ إعرابِها.
(61)
قولُه ـ جلَّ وعَلا: {قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} ناداهم "يا قومِ" بإضافَتِهم إليْهِ اسْتِمالَةً لَهم نَحْوَ الحَقِّ. فنفى الضلالَ عنْ نفسِهِ الكَريمةِ على أَبْلَغِ وَجْهٍ، وَالنِّدَاءُ فِي جَوَابِهِ إِيَّاهُمْ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ، وَلَمْ يَخُصَّ خُطَّابَهُ بِالَّذِينَ جَاوَبُوهُ، بَلْ أَعَادَ الْخِطَابَ إِلَى الْقَوْمِ كُلِّهِمْ، لِأَنَّ جَوَابَهُ مَعَ كَوْنِهِ مُجَادَلَةً لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ هُوَ أَيْضًا يَتَضَمَّنُ دَعْوَةً عَامَّةً، كَمَا هُوَ بَيِّنٌ، والتاءُ للمَرَةِ الواحدةِ إنَّما تكونُ للمُبالغةِ في الجَوابِ على قولِهِمُ الأَحْمَقِ، فالمَقامُ يَقتَضي ذلك، والمَعْنى ليْس بي أَقَلُّ قليلٍ مِنَ الضَلالِ فَضْلاً عَنِ الضَلالِ المَبينِ. وإنَّما بالَغَ ـ عليه السلامُ ـ في النَفيِ لِمُبالَغَتِهم في الإثباتِ، فالأسماءُ المُفرَدَةُ الواقِعَةُ على الجِنسِ التي تَكونُ بينَها وبَيْنَ واحدِها تاءُ التَأْنيثِ مَتى أُريدَ النَفيُ كان استعمالُ واحدِها أَبْلَغُ، ومتَى أُريدَ الإثْباتُ كان اسْتِعمالُها أَبْلَغُ، كما في هذه الآيةِ الكريمة. فَتَأْنِيثُهُ لَفْظِيٌّ مَحْضٌ، وَالْعَرَبُ يَسْتَشْعِرُونَ التَّأْنِيثَ غَالِبًا فِي أَسْمَاءِ أَجْنَاسِ الْمَعَانِي، مِثْلِ الْغَوَايَةِ وَالسَّفَاهَةِ، فَالتَّاءُ لِمُجَرَّدِ تَأْنِيثِ اللَّفْظِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ التَّاءِ مَعْنَى الْوَحْدَةِ لِأَنَّ أَسْمَاءَ أَجْنَاسِ الْمَعَانِي لَا تُرَاعَى فِيهَا الْمُشَخِّصَاتُ، فَلَيْسَ الضَّلَالُ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْجَمْعِ لِلضَّلَالَةِ. والتَّخَالُفَ بَيْنَ كَلِمَتِي ضَلَالٍ وَضَلَالَةٍ اقْتَضَاهُ التَّفَنُّنُ في البيانِ حَيْثُ سَبَقَ لَفْظُ ضَلَالٍ، وَمُوجِبُ سَبْقِهِ إِرَادَةُ وَصْفِهِ بـ "مُبِينٍ" في الآيةِ السابقة، فَلَوْ عَبَّرَ هُنَالِكَ بِلَفْظِ ضَلَالَةٍ لَكَانَ وَصْفُهَا بِمُبِينَةٍ غَيْرَ مَأْلُوفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلَمَّا تَقَدَّمَ لَفْظُ ضَلالٍ هناك اسْتُحْسِنَ أَنْ يُعَادَ بِلَفْظٍ يُغَايِرُهُ فِي السُّورَةِ دَفْعًا لِثِقَلِ الْإِعَادَةِ فَقَوْلُهُ: "لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ" رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ: {إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الْأَعْرَاف: 60. بِمُسَاوِيهِ بلْ بِأَبْلَغَ مِنْهُ.
وثمَّةَ نكتةٌ لطيفةٌ هنا يحسُنُ الإشارةُ إليها، وهي: أنَّه لَمّا نَسَبوا نوحاً ـ عليه السلامُ ـ إلى الضَلالةِ، تَولَّى إجابَتَهم بِنَفْسِهِ، فقالَ: "يَا قَوْمِ لَيْسَ بِى ضَلاَلَةٌ"، ولمَّا نُسِبَ الضلالُ إلى نَبِيُّنا محمّدٍ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ تَوَلَّى الحقُّ ـ سُبْحانَهُ وتعالى ـ الرَدَّ عَنْهُ فقالَ في سورةِ النَجْمِ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} الآيةُ: 2. فشتانَ بين من يدافعُ عن نفسِهِ ومن يتولّى الدّفاعَ عنهُ ملاه ـ تباركتْ أسماؤه.
قولُهُ: {وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} هو استدراك على ما قَبْلهُ رافعٌ لِما يُتَوَهَّمُ منهُ، وذلك أنَّ القومَ لمَّا أَثبَتوا لَهُ الضَلالَ، أرادوا بِهِ تَرْكَ دِينِ الآباءِ ودَعوى الرِّسالةِ، فحينَ نَفى الضَلالَةَ تُوُهِّمَ مِنْه أَنَّه على دينِ آبائهِ، وتَرَكَ دَعْوَى الرِّسالةِ، فأخبَرَ بأنَّهُ رَسولٌ وثابتٌ على الصِراطِ المُستقيمِ اسْتِدراكاً لِذلك، فإنَّ لكنَّ حقُّها أنْ تتوسَّطَ بين كلاميْنِ مُتغايِرَيْن نَفْياً وإثْباتاً، وسَلَكَ طريقَ الإطْنابِ لأنَّ هذا الاسْتِدْراكَ زيادةٌ على الجَوابِ إذْ قولُه: "لَيْسَ بِى ضلالة" كان كافياً لكنَّه ـ عليهِ السلامُ ـ انتهَزَ الفُرصة وأَدْمَجَ مَقصودَهُ في الجَوابِ عَلى أَحْسَنِ وَجْهٍ.
قولُهُ تعالى: {قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ} قال: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتح الظاهر على آخره. "يا قوم" الياءُ للنداءِ و"قومِ" مُنادى مضافٌ، منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ فَتْحةٌ مقدَّرةٌ على ما قبلِ ياءِ المتكلم أو النَسَبِ المحذوفة تخفيفاً، والياءُ المحذوفةُ ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه. والفاعلُ ضميرٌ مستترٌ جوازاً تقديرُهُ "هو" يعودُ على نبيِّ اللهِ نوحٍ ـ عليه السلامُ. "ليس" فعلٌ ماضٍ ناقِصٌ من النواسخ، جامدٌ، وقالَ: "ليسَ" ولم يَقلْ ليستْ، لأن معنى الضلالة: الضلالُ أو على تقديمِ الفِعْلِ، وَتَجْرِيدُ لَيْسَ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ مَعَ كَوْنِ اسْمِهَا مُؤَنَّثَ اللَّفْظِ جَرَى عَلَى الْجَوَازِ فِي تَجْرِيدِ الْفِعْلِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ، إِذَا كَانَ مَرْفُوعُهُ غَيْرَ حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ. و"بي" الباءُ: حرفُ جَرٍّ، لِلْمُصَاحَبَةِ أَوِ الْمُلَابَسَةِ، وَهِيَ تُنَاقِضُ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ الْمَجَازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِمْ "فِي ضَلالٍ" الْأَعْرَاف: 60. فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الضَّلَالَ مُتَمَكِّنًا مِنْهُ، فَنَفَى هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلضَّلَالِ مُتَلَبَّسٌ بِهِ. وياءُ المتكلِّمِ: ضَميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ بحرف الجرِّ، مُتَعلِّقٌ بمَحذوفِ خَبَرٍ مقدَّمٍ لـ "لَيْسَ" والتقدير: ليس موجوداً بي ضلالة. "ضلالة" اسْمُ ليسَ مُؤَخَّرٌ مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعهِ الضمَّةُ الظاهرةُ على آخرِه. وجُملَةُ "قال" استئنافٌ بيانيٌّ لا مَحَلَّ لَها من الإعرابِ. وجُمْلَةُ "يا قوم" في محلّ نَصْبِ مَقولِ القَوْلِ. وجُمْلَةُ "ليس بي ضلالة" جوابُ النّداءِ لا مَحَلَّ لها من الإعرابِ. وقيل: هي في محلِّ نصبِ مفعولٍ به.
قولُه: {وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} و: حرف عطفٍ، "لكنَّ" حرْفٌ مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ ـ من النواسخِ ـ للاسْتِدْراكِ، وَشَأْنُ "لَكِنَّ" أَنْ تَكُونَ جُمْلَتُهَا مُفِيدَةً مَعْنَى يُغَايِرُ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهَا، وَأَكْثَرُ وُقُوعِهَا بَعْدَ جُمْلَةٍ مَنْفِيَّةٍ، لِأَنَّ النَّفْيَ مَعْنًى وَاسِعٌ، فَيَكْثُرُ أَنْ يَحْتَاجَ الْمُتَكَلِّمُ بَعْدَهُ إِلَى زِيَادَةِ بَيَانٍ، فَيَأْتِي بِالِاسْتِدْرَاكِ، والياءُ: ضَمِير المتكلِّمِ في محلِّ نَصْبِ اسْمِ "لكنَّ". "رسولُ" خَبَرها مَرْفوعٌ، وعلامةُ رفعِه الضمُّ الظاهرُ على آخرِهِ. "من رب" جارٌّ ومَجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ "رسولٌ" أو بنَعْتٍ لِه، و"ربِّ" مضافٌ. "العالمين" مُضافٌ إليْهِ مَجرورٌ وعلامةُ جرِّه الياءُ لأنَه ملحقٌ بجمعِ المذكَّرِ السالمِ، والنونُ عوضاً عنِ التنوينِ في الاسمِ المفرد. وجملة "لكني رسول" معطوفة على جملةِ "ليس بي ضلالةٌ" ولها مثلُ إعرابِها.
مواضيع مماثلة
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 1
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 97
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 57
» الدر النظيم ...(الآيات 1ـ 5 من سورة البقرة
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 79
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 97
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 57
» الدر النظيم ...(الآيات 1ـ 5 من سورة البقرة
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 79
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود