منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 29

اذهب الى الأسفل

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  29 Empty الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 29

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الأربعاء فبراير 13, 2019 9:38 pm

وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29)

قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ} يَنْهَى اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ عَنِ الشُّحِ والإمْسَاكِ في الإِنْفَاقِ، أَوِ السَّرَفِ فِيهِ، وَيَأْمُرُ بِالاقْتِصَادِ فِي العَيْشِ، فَلاَ تَكُنْ أَيًّهَا الإِنْسَانُ بَخِيلًا مَنُوعًا لاَ تُعْطِي أَحَدًا شَيْئًا، وَلاَ تُسْرِفْ فِي الإِنْفَاقِ فَتُعْطِي كلَّ مَا في يَدِكِ وفَوْقَ ما تُطيقُ.
وَقَوْلُهُ: "لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ" مَجَازٌ عَبَّرَ بِهِ ـ سُبْحانَهُ، عَنِ الْبَخِيلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مِنْ قَلْبِهِ عَلَى إِخْراجِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَضَرَبَ لَهُ مَثَلَ الْغُلِّ الَّذِي يَمْنَعُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِالْيَدِ. وقَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ المائدةِ: {وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ} ثُمَّ قَالَ: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} الْآية: 64، وَهُوَ تَخَيُّلٌ مَعْرُوفٌ لَدَى الْبُلَغَاءِ وَالشُّعَرَاءِ، وَمنْ ذِلَكَ قَولُ أَعْشَى بني تَمِيمٍ:
يَدَاكَ يَدَا صِدْقٍ فَكَفٌّ مُفِيدَةٌ ........... وَكَفٌّ إِذَا مَا ضُنَّ بِالْمَالِ تُنْفِقُ
وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا: لَهُ يَدٌ عَلَى فُلَانٍ، أَيْ نِعْمَةٌ وَفَضْلٌ، فَجَاءَ التَّمْثِيلُ فِي الْآيَةِ مَبْنِيًّا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، بِتَمْثِيلِ الَّذِي يَشِحُّ بِالْمَالِ بِالَّذِي غُلَّتْ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ، أَيْ شُدَّتْ بِالْغُلِّ، وَهُوَ الْقَيْدُ مِنَ السَّيْرِ يَشُدُّ بِهِ يَدَ الْأَسِيرِ، فَإِذَا غُلَّتِ الْيَدُ إِلَى الْعُنُقِ تَعَذَّرَ التَّصَرُّفُ بِهَا فَتَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَصَارَ مَصْدَرُ الْبَذْلِ مُعَطَّلًا فِيهِ، وَبِضِدِّهِ مَثَلُ الْمُسْرِفِ بِبَاسِطِ يَدِهِ غَايَةَ الْبَسْطِ وَنِهَايَتَهُ وَهُوَ المُفادُ بِقَوْلِهِ: "كُلَّ الْبَسْطِ" أَيِ: الْبَسْطَ كُلَّهُ الَّذِي لَا بَسْطَ بَعْدَهُ، وَهُوَ مَعْنَى النِّهَايَةِ. وهَذَا هوَ قَالَبُ الْبَلَاغَةِ الْمَصُوغَةِ فِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ البالِغِةِ. وإنَّما الْبَلَاغَةُ فَي تَمْثِيلِ الشُّحِّ وَالْإِمْسَاكِ بِغَلِّ الْيَدِ إِلَى الْعُنُقِ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى تَخَيُّلِ الْيَدِ مَصْدَرًا لِلْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ، وتخيّل بسطها كَذَلِك وَغَلِّهَا شُحًّا.
جاءَ فِي الصَحِيحَيْنِ والنَصُّ للبُخاريِّ، قَالَ: ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا، فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ، وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ، وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فِي جَيْبِهِ، فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ. صحيح البخاريِّ: (5461)، وصحيح مُسْلِمٍ: (1021). والغُلُّ: الإدخالُ، وهُوَ ضَمُّ الْيَدِ إِلَى الْعُنُقِ، ومِنْ ذلكَ قولُ امْرُئِ القَيْسِ:
لَهَا مُقْلَةٌ حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ ....................... إِلى حَاجِبٍ غُلَّ فِيهِ الشُّفُرْ
أَيْ عِوَرٌ وأُدْخِلَ فِيهِ الشُّفُرُ، ومِنْهُ قوْلُهُمْ: غَلَّ في الغَنِيمَةِ إِذا خَانَ؛ لأَنَّ مَنْ خَانَ شَيْئًا، أَوْ سَرَقَهُ، أَدْخَلَهُ في كُمِّهِ، ومَعْنَى غُلَّتْ يَدُ فُلانٍ: أَيْ أُدْخِلَتْ في الحَديدِ. قالَ ابْنُ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وغيرُهُ مِنَ المُفَسِّرينَ في قولِهِ: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ" يُريدُ البُخْلَ، ومَنْعَ حَقِّ اللهِ في الزَّكاةِ والصِلَةِ. والمَعْنَى: لا تُمْسِكْ يَدَكَ عَنِ البَذْلِ كُلَّ الإمْسَاكِ، حَتَّى كَأَنَّها مَقْبُوضَةٌ إِلَى عُنُقِكِ بالغِلِّ، لا تُبْسَطُ لِخَيْرٍ.
ولا تَكادُ العَرَبُ تَقُولُ: جَعَلْتُ يَدِي مَغْلولَةً، ولا جَعَلْتُ رِجْلِي مُقَيَّدَةً، ولا جَعَلْتُ رَأْسي مُعَمَّمًا، إِنَّما يَقولونَ: غَلَلْتُ يَدِي، وَقَيَّدتُ رِجْلِي، وعَمَّمْتُ رَأْسِي. والعِلَّةُ في هَذَا النَّظْمِ، أَنَّ الفِعْلَ أَقَلُ مِنَ النَّعْتِ، والنَّعْتُ أَلْزَمُ وأَكثَرُ مِنَ الفِعْلِ؛ كَمَا هوَ الأَمْرُ في قَوْلِهِ تَعَالى مِنْ سُورةِ طَهَ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} الآيةَ: 121، لأَنَّ ذَلِكَ قَدْ كانَ مِنْهُ ـ عليْهِ السَّلامُ، ولَا يَجُوزُ أَنْ يُقالَ: آدَمُ عاصٍ غاوٍ؛ لأَنَّ هَذَا نَعْتٌ لازِمٌ، ويَقولونَ: فُلانٌ يَدُهُ مَغْلولَةٌ، أَيْ أَنَّ المَنْعَ عادةٌ لَهُ، ولا يَكادونَ يَقولونَ: غُلَّتْ يَدُهُ؛ لأَنَّ هَذا فِعلٌ غَيْرُ لازِمٍ، والأَوَّلُ لازِمٌ، وَقدْ يَمْنَعُ الإِنْسَانُ فِي مَوَاضِعِ المَنْعِ، ولا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِلَوْمٍ، فلِذلكَ قالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ"، أَيْ: لَا تَكُنْ مُمْسِكًا عَنِ البَذْلِ عادَةً، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ لَا يُمْسِكَ عِنْدَ وَقْتِ الإِمْساكِ، يَدُلُّ عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ بعدَ ذلكَ: "وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ"؛ ومِمَّا يُشْبِهُ هَذَا النَّظْمِ، قوُلُهُ تَعَالى مِنْ سُورةِ إِبْراهيمَ ـ عليْهِ السَّلامُ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} الآيةَ: 40، وقدْ تقدَّمَ في مكانِهِ، وكذلكَ قوْلُهُ ـ جَلَّ وعَلا، في الآية: 30، منْ سُورَةِ الفُرْقانِ: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}.
قولُهُ: {وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ} لأنَّكَ إِذَا بَسَطْتَ يَدَكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ افْتَقَرْتَ، وَقَعَدْتَ بِلاَ شَيءٍ تُنْفِقُهُ، فَتَكُون كَالحَسِيرِ الكَلِيلِ الذي لا حيلةَ لَهُ.
وَجاءَ فِي الحَدِيثِ الشَّريفِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالظُّلْمِ فَظَلَمُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ)). أَخْرَجَهُ الأئمَّةُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (11/398) والنَصُّ لَهُ، وأَبُو دَاوُدَ: (2/133، رقم: 1698)، وَالحَاكِمُ في مستدركِهِ: (6792) والبَيْهَقِيُّ: (4/187، رقم: 7607). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا: ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ: (5/331، رقم: 26607)، وهَنَّادُ في الزُهْدِ: (2/496، رقم: 1020). كما أَخْرَجَهُ البغويُّ: في شرحِ السُنَّةِ. وقال ابْنُ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُما: "وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ" يُريدُ في النَفَقَةِ وَالعَطِيَّةِ. وقالَ مُجاهِدٌ، وقَتَادَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما: يَعْنِي التَبذِيرَ والإِنْفَاقِ في مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى، وفيما لا يَصْلُحُ، فتَحَصَّلَ فِي قَولِه: "وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ" وجْهانِ مِنَ التَفْسِيرِ:
ـ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَهيٌ عَنْ بَذْلِ جَميعِ مَا يَمْلكُ، حَتَّى لا يَبْقَى للمُنْفِقِ شَيْءٌ، حتى ولوْ كانَتِ النَّفَقَةُ فِي طاعَةِ اللهِ تعالى، بحَسَبِ مَا ورَدَ في أَسبابِ النُّزولِ ـ كما سَنُوضِّحُ ذَلِكِ في مكانِهِ ـ إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالى. وكما هو واضِحٌ في مَعْنَى قولِ حَبْرِ الأُمَّةِ، عبدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهٌ عَنْهُما. وَالخِطَابُ في هَذَا كُلُّهُ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَشْريفًا، وَالْمَقصودُ بالخِطابِ أُمَّتُهُ، وَكَثِيرًا مَا جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ الكريمِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا كَانَ سَيِّدَهُمْ، وَوَاسِطَتَهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ، عَبَّرَ بِهِ عَنْهُمْ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَمْ يَكُنْ يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ، وَكَانَ يَجُوعُ حَتَّى يَشُدَّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ مِنَ الْجُوعِ. وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ، فَلَمْ يُعَنِّفْهُمُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ لِصِحَّةِ يَقِينِهِمْ وَحِدَّةِ بَصَائِرِهِمْ. وَإِنَّمَا نَهَى اللهُ ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، عَنِ الْإِفْرَاطِ فِي الْإِنْفَاقِ، وَإِخْرَاجِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ مِنَ الْمَالِ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْحَسْرَةُ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، فَأَمَّا مَنْ وَثِقَ بِمَوْعُودِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَجَزِيلِ ثَوَابِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِالْآيَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، عَلَّمَهُ فِيهِ كَيْفِيَّةَ الْإِنْفَاقِ، وَأَمَرَهُ بِالِاقْتِصَادِ. وَثَانِيهُما: أَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ التَبْذِيرِ وحَسْبُ؛ وذلك بِحَسَبِ مَا جاءَ عنْ مُجَاهِدٍ، وقَتَادَةَ ـ رضِيَ اللهُ تعالى عنهُما. وَقَدْ ضَرَبَ ـ سُبحانَهُ وتَعَالَى، بَسْطَ الْيَدِ مَثَلًا لِذَهَابِ الْمَالِ، فَإِنَّ قَبْضَ الْكَفِّ يَحْبِسُ مَا فِيهَا، وَبَسْطَهَا يُذْهِبُ مَا فِيهَا.
قولُهُ: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} أَيْ: إِذا فَعَلْتَ ما نُهِيتَ عَنْ فِعْلِهِ، بِتَّ نَادِمًا عَلَى فِعْلِكَ، مَذْمُومًا مِمَّنْ حَوْلِكَ، غَيْرَ قَادِرٍ عَلى إِقَامَةِ شُؤونِكَ. فَإِنَّ الشَّحِيحَ مَلُومٌ مَذْمُومٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أَبي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ للسيدَةِ عَائِشَةَ ـ أُمِّ المُؤْمنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها: وَضَرَبَ بِيَدِهِ أَنْفِقي مَا ظَهَرَ كَفَى. قَالَتْ: إِذًا لَا يَبْقَى شَيْءٌ. قَالَ ذَلِكَ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً" الْآيَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً" قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ الْبُخْلَ.
وَأَخرَجَ ابْنُ جريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً" قَالَ: هَذَا فِي النَّفَقَةِ. يَقُولُ: لَا تَجْعَلْها مغلولةً لَا تَبْسُطُها بِخَيرٍ، وَ "لَا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ" يَعْنِي التبذيرَ، "فَتَقْعد مَلومًا} يَلومُ نَفْسَهُ عَلى مَا فَاتَهُ مِنْ مَالِهِ، "مَحْسورًا} ذَهَبَ مَالُهُ كُلّهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً وَلَا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ" قَالَ نَهَاهُ عَنِ السَّرَفِ وَالْبُخْلِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "فتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا" قَالَ: مَلُومًا عِنْدَ النَّاسِ، مَحْسُورًا مِنَ المَالِ.
وَأَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ قَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: "مَلومًا مَحْسورًا" قَالَ مُسْتَحيًا خَجِلًا. قَالَ: وَهَلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَم. أَمَا سَمِعْتَ قولَ الشاعرِ:
مَا قادَ مَنْ مِنِّي يَمُوتُ جَوَادُهم ............ إِلَّا تَرَكْتُ جوادَهم مَحْسُورًا
البَيْتُ مرويٌّ لِجَريرِ بْنِ عَطِيَّةَ بلفظ:
مَا قادَ مِنَ عَرَبٍ إِلَيَّ جَوادَهم ............... إلاَّ تَرَكْتُ جوادَهُمْ مَحْسُورَا
وَأَخْرجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمانِ، عَنْ جَابرِ بْنِ عبدِ اللهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الرِّفْقُ فِي الْمَعيشَةِ خيْرٌ مِنْ بَعضِ التِّجَارَةِ)). أَخْرَجَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ: (32/185). وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا: الطَبَرانيُّ في الأوْسَطِ: (8/317، رقم: 8746)، والإسْماعيليُّ في مُعْجَمِهِ: (1/363، رقم: 39)، والقُضاعِيُّ (1/169، رقم: 242)، والبيهقيُّ في شُعَبِ الإيمان: (5/252، رقم: 6556)، والرافعي: (2/468)، وابْنُ عَدِيٍّ: (2/234). وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ عبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يُصْلِحَ مَعيشَتَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ حُبِّكَ الدُّنْيَا طَلَبُ مَا يُصْلِحُكَ)). شُعَب الإيمانِ للبيهقيِّ: (6563).
وَأخرجَ ابْنُ عَدِيٍّ: (2/39)، وَالْبَيْهَقِيُّ في (شُعَبِ الإيمانِ) لَهُ: (5/254، رقم: 6565). عَن أَبي الدَّرْدَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِنْ فِقْهِكَ رِفْقُكَ فِي مَعيشَتِكَ)).
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الاقْتِصَادُ فِي النَّفَقَةِ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ، وَالتَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَحُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ)). أَخْرَجَهُ القُضَاعيُّ: (1/55، برقم: 33)، والطَبَرانيُّ في الأَوْسَطِ: (7/25، برقم: 6744). وابْنُ عَسَاكِرَ: (57/179). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا: البَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمانِ: (5/254، رقم: 6568). وابْنُ أَبي حاتِمٍ فِي العِلَلِ: (2/284، رقم: 2354).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ)). أَخْرَجَهُ الإمامُ أَحْمَدُ في مُسندِهِ: (1/447، رقم: 4269). والطَبَرانِيُّ في المُعْجَمِ الكَبيرِ لَهُ: (10/108، رقم: 10118). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا في المعجَمِ الأَوْسَطِ: (5/206، بِرقم: 5094). وَقالَ الشاعِرُ زُهَيْرُ بنُ أَبي سُلْمى:
إِنَّ الْبَخِيلَ مَلُومٌ حَيْثُمَا كَانَا .............. وَلَكِنَّ الْجَوَادَ عَلَى عِلَّاتِهِ هَرَمُ
وَقَالَ أَيضًا في مُعَلَّقَتِهِ:
وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ ......... على قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيُذْمَمِ
وَالمَلُومُ: المَذْمُومُ الذي تَعَرَّضَ لِلَّوْمِ والتَعْنيفِ والانْتِقادِ والتَبْكِيتِ. وَالْحَسْرانُ: الْمَنْهُوكُ الْقُوَى، الذي لا يَقدِرُ عَلى فِعْلِ شَيْءٍ. يُقَالُ: بَعِيرٌ حَسِيرٌ، إِذَا أَتْعَبَهُ السَّيْرُ فَلَمْ تَبْقَ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الحَرَكَةِ، قَالَ تَعَالَى في سُورَةِ المُلْكِ: {ثمَّ ارجِعِ البَصَرَ كرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} الْآيةَ: 4. وقالَ السُّدِّيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، في قولِهِ تَعَالى: "فَتَقْعُدَ مَلُومًا" تَلومُ نَفْسَكَ، وتُلامُ. أَيْ: مِنْ قِبلِ غَيْرِكِ مِنَ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "مَحْسُورًا": لَيْسَ عِنْدَكَ شَيْءٌ، وقالَ مُجاهِدٌ: مَقْطُوعًا بِكَ. قالَ الفَرَّاءُ: والعَرَبُ تَقُولُ للبَعِيرِ: هوَ مَحْسورٌ، إِذا انْقَطَعَ سَيْرُهُ، وحَسَرْتُ الدَّابَةَ إِذا سَيَّرتَها حَتَّى يَنْقَطِعَ سَيْرُها. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَيْ: تَحْسِرُكَ العَطِيَّةُ وتَقْطَعُكَ؛ كَمَا يَحْسِرُ السَفَرُ البَعيرَ، فَيَبْقَى مُنْقَطِعًا، هَذا هوَ الأَصْلُ، ثُمَّ يُقالُ: حَسَرْتُ الرَّجُلَ بِالْمَسْأَلَةِ حَسْرَةً: إِذا أَفْنَيْتَ جَميعَ مَا عِنْدَهُ. وحُسِرَ فَهُوَ يُحْسَرُ: إِذا لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ شَيْءٌ، وهو مِنْ قَوْلِهِمْ: حَسَرَتِ الدابَّةُ والعَيْنُ. وقالَ قَتَادَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، في قولِهِ: "مَحْسُورًا"، أَيْ: نادمًا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكَ، فجَعَلَهُ مِنَ الحَسْرَةِ، والفاعِلُ مِنَ الحَسْرَةِ يَكونُ: حَسْرانٌ، والجَمْعُ: حُسْرَانٌ، ولا يُقالُ في الفاعِلِ مِنْهُ: مَحْسُورٌ. والجُمْلَةُ هَذِهِ هِيَ جَوَابٌ لِكِلَا النَّهْيَيْنِ الوَارِدَيْنِ فِي الجُمْلَةِ الأُولَى عَلَى التَّوْزِيعِ بِطَرِيقَةِ النَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، فَإنَّ الْمَلُومُ يَرْجِعُ إِلَى النَّهْيِ عَنِ الشُّحِّ، وَأَمَّا الْمَحْسُورُ فإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى النَّهْيِ عَنِ التَّبْذِيرِ.
وفِي أَسْبابِ نُزولِ هَذِهِ الآيةِ الكريمةِ، قِيلَ: نَزَلَتْ فِي إِعْطَائِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَمِيصَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ وَبَقِيَ عُرْيَانًا. وَقِيلَ: أَعْطَى ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِئَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَعُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ خَمْسِينَ، ثُمَّ كَمَّلَهَا مِئَةً، فَنَزَلَتْ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ غُلَامٌ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي تَسْأَلُكَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ ـ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((مَا عِنْدَنَا الْيَوْمَ شَيْءٌ)) قَالَ: فَتَقُولُ لَكَ اكْسُنِي قَمِيصَكَ. فَخَلَعَ ـ عليهِ صَلَواتُ اللهِ وسلامُهُ، قَمِيصَهُ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ، فَجَلَسَ فِي الْبَيْتِ حاسِرًا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلولَةً" الْآيَة.
قولُهُ تَعَالَى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ} الواوُ: استئنافيَّةٌ، و "لا" ناهيةٌ جازمةٌ، و "تَجْعَلْ" فعْلٌ مضارِعٌ مَجْزُومٌ بِـ "لا" الناهِيَةِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعودُ عَلى المُخَاطَبِ، و "يَدَكَ" مفعولٌ بِهِ أوَّلٌ، مَنْصوبٌ، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. وَ "مغلولةً" مفعولٌ بِهِ ثانٍ منصوبٌ. و "إِلى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "مَغْلُولَةً"، وَ "عُنُقِكَ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافَةِ إِلَيْهِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها منَ الإعرابِ.
قوْلُهُ: {وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ} الوَاوُ: حرفُ عطفٍ، و "لا" ناهِيَةٌ جازِمةٌ. و "تَبْسُطْها" فِعْلٌ مضارعٌ مَجْزُومٌ بِـ :لا" النَاهِيَةِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعودُ عَلى المُخَاطَبِ، والهاء: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ على المفعوليَّةِ. و "كُلَّ" مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نائِبٌ عَنْ مَصْدَرِهِ لأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى المَصْدَرِ. وَ "الْبَسْطِ" مَجْرُورٌ بالإضافةِ إليهِ. والجُمْلَةُ معطوفةٌ عَلى جُمْلَةِ قولِهِ: "وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ" على كونِها مُسْتأْنَفَةً لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} الفاءُ: عَاطِفَةٌ سَبَبِيَّةٌ، و "تقعدَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَنْصوبٌ بـ "أَنْ" مُضْمَرَةٍ بَعْدَ الفاءِ السَّبَبِيَّةِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُستترٌ فيه وُجوبًا تقديرُهُ (أنت) يَعُودُ عَلَى المُخَاطَبِ. و "مَلُومًا" منصوبٌ على الحالِ مِنْ الفاعِلِ. و "مَحْسُورًا" حالٌ ثانِيَةٌ مَنْصُوبَةٌ. وجُمْلَةُ "تقعدَ" في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَعطوفٍ عَلى مَصْدَرٍ مُتَصَيَّدٍ مِنَ الجُمْلَةِ التي قبلَها مِنْ غَيْرِ سَابِكٍ لإِصْلاحِ المَعْنَى، والتقديرُ: لا يَكُنْ بَسْطُ يَدِكِ فَقُعُودُكَ مَلومًا مَحْسُورًا.

عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى