الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 44
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 44
تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)
قولُهُ ـ جَلَّ شَأْنُهُ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} تُسَبِّحُ لَهُ: تَشْهَدُ لهُ بالقُوَّةِ والقُدْرَةِ والعِلْمِ والوَحدانِيَّةِ والعَظَمَةِ، وَتُنَزِّهِهُ عَنِ الشَبِيهِ والمثيلِ، والنِدِّ والشَّريكِ، والزَّوْجَةِ والوَلَدِ، تَسْبِيحَ دَلالَةٍ بِالحَالِ، لأَنَّ عَظَمَةَ الصَنْعَةُ دَلِيلٌ جَلِيٌّ عَلَى عَظَمَةِ صَانِعِها العَلِيِّ. وَأَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، كَانَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ يَمِينِهِ، ومِيكائيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ يَسَارِهِ، فَطَارَا بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَوَاتِ العُلَى، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعتُ تَسْبيحًا فِي السَّمَوَاتِ العُلَى مَعَ تَسْبِيحٍ كَثيرٍ، سَبَّحَتِ السَّمَوَاتُ العُلَى مِنْ ذِي المَهَابَةِ مُشْفِقاتٍ لِذِي الْعُلُوِّ بِمَا عَلَا: سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ لُوطِ بْنِ أَبي لُوطٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ تَسْبِيحَ سَمَاءِ الدُّنْيَا: سُبْحَانَ رَبَّنَا الْأَعْلَى، وَالثَّانيِةِ: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالثَّالِثَةِ: سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، وَالرَّابِعَةِ: سُبْحَانَهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَالْخَامِسَةِ: سُبْحَانَ مُحْيِي الْمَوْتَى، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، وَالسَّادِسَةِ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ القُدُّوسِ، وَالسَّابِعَةِ: سُبْحَانَ الَّذِي مَلَأَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرضِينَ السَّبْعَ عِزَّةً وَوَقَارًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤمِنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} بِالتَّاءِ.
قولُهُ: {وَمَنْ فِيهِنَّ} مِنْ أَمْلاكٍ وإِنْسٍ وجَانٍ، ونَبَاتٍ وَحَيَوانٍ، فَالأَحْيَاءُ مِنْ أَهْلِ السَمَواتِ والأَرْضِ يُسَبِّحُونَ لَهُ تَسْبِيحَ قَالَةٍ، وَغَيْرُ الأَحْيَاءِ يُسَبِّحُ مِنْ حَيْثُ البُرْهَانِ والدَّلالَةِ. فالمُشْرِكُونَ باللهِ، والكَفَرَةُ بِهِ ـ سُبْحَانَهُ، الذينَ لا يَذْكُرُونَ اللهَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، داخِلونَ فِي عِدَادِ الحَيَواناتِ والجماداتِ، الَّتِي تُسْبِّحُهُ ـ تَعَالَى، بِحَالِها ولا تُسَبِّحُهُ بِمَقَالِها.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، إِذْ سَمِعَ هِدَّةً فَقَالَ: أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا فِيهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ سَاجِدٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ: (6/269).
قولُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} وَمَا مِنْ جُزْءٍ مِنَ الأَعْيَانِ والآثارِ إِلَّا وَهُوَ دَليلٌ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ، ولكِنَّهُمْ إِذَا اسْتَمَعُوا تَوْحِيدًا للإلَهِ تَعَجَّبُوا وأَنْكَرُوا لِجَهْلِهِمْ وتَعَسُّرِ إِدْرَاكِهِمْ. لأَنَّهُ لَمَّا أُسْنِدَ التَّسْبِيحُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَنْطِقُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الخِطابُ فِي "لَا تَفْقَهُونَ" مُوَجَّهًا لِجَمِيعِ النَّاسِ بِاعْتِبَارِ انْتِفَاءِ تَمَامِ عِلْمِهم بِذَلِكَ التَّسْبِيحِ، لأَنَّهم أَعْرَضُوا عَنِ النَّظَرِ فِيهَا نَظَرَ تدبُّرٍ واعْتِبارٍ، فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى مَا فيهَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَنْزِيهِهِ ـ سُبحانُهُ وتَعالى، عَنْ كُلِّ مَا نَسَبَهُ المشركونَ إِلى الْإِلَهِيَّةِ مِنَ أَحْوَالٍ مُنَافِيَةٍ لَهَا، غير لائقةٍ بِها. ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ موجَّهًا لِلْمُشْرِكِينَ جَرْيًا عَلَى أُسْلُوبِ الْخِطَابِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ في الآيةِ: 40، السابقةِ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا}، ثمَّ قَوْلِهِ في الآيةِ: 42، بعدَها: {لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا تَقولُونَ} لِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَفْقَهُوا دَلَالَةَ الْمَوْجُودَاتِ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ ـ تَعَالَى، هُمُ الَّذِينَ لَمْ يُثْبِتُوا لَهُ التَّنْزِيهَ عَنِ النَّقَائِصِ الَّتِي شَهِدَتِ الْمَوْجُودَاتُ ـ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ النَّظَرُ إِلَيْهَا، بِتَنْزِيهِهِ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى، عَنْهَا، فَلَمْ يُحْرَمْ مِنَ الِاهْتِدَاءِ إِلَى شَهَادَتِهَا، إِلَّا الَّذِينَ لَمْ يُقْلِعُوا عَنِ اعْتِقَادِ أَضْدَادِهَا. فَأَمَّا الْمُؤْمنونَ فَقَدِ اهْتَدَوْا إِلَى ذَلِكَ التَّسْبِيحِ بِمَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ الكريمُ إِلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْمَوْجُودَاتِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَقَادِيرُ الِاهْتِدَاءِ ومُسْتَوَاهُ، بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْقَرَائِحِ وَالْأَفْهامِ.
قوْلُهِ: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} اسْتِئْنافٌ للتَعْرِيضٌ بِأَنَّ مَا يَنْسِبُونَهُ إِلى الذَّاتِ الإلهيَّةِ المُقدَّسَةِ العَليَّةِ، مِنْ شَريكٍ لَهُ في مُلْكِهِ أَوَ نِدٍّ، وَصَاحِبَةٍ وَوَالَدٍ، يَقْتَضِي تَعْجِيلَ العُقَوبِةِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، لَوْلَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَامَلَهُمْ بِالْإِمْهَالِ والْحِلْمِ.
وَقَدْ أَفادَتْ "كَانَ" أَنَّ الْحِلْمَ وَالْغُفْرَانَ صِفَتَانِ سَامِيَتَانِ مُحَقَّقَتَانِ لَهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى.
وَفِيهِ حَثٌّ لَهم عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْ مَقَالَتِهِمْ الشَنِيعَةِ تِلْكَ، لِيَتجاوَزَ اللهُ عَنْ سفهِهم وإِسَاءَتِهمْ، ويَغْفِرَ لَهُمْ خطيئتَهم.
قولُهُ تَعَالَى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} تُسَبِّحُ: فِعْلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ. وَ "لَهُ" اللامِ حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُسَبِّحُ"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ. و "السَّماواتُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ. و "السَّبْعُ" صِفَةُ "السَّماواتُ" مرفوعةٌ مثلُها. و "الْأَرْضُ" مَعْطُوفَةٌ عَلَى "السَّماواتُ" مرفوعةٌ مثلُها. فعلية
قولُهُ: {وَمَنْ فِيهِنَّ} الواوُ: حرفٌ للعطْفِ، وَ "مَنْ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى "السَّماواتُ". و "فِيهِنَّ" في: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَةِ الصِّلَةِ المحذوفةِ، وَ "هِنَّ" ضَميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الواوُ: للعَطْفِ، أَوْ للاسْتِئْنافِ. و "إِنْ" نَافِيَةٌ لا عَمَلَ لها. و "مَنْ" حرفُ جرٍّ زائدٌ، وَ "شَيْءٍ" مجرورٌ لفظًا بحرفِ الجرِّ الزائدِ، مرفوعٌ محَلًا بالابْتِداءِ، وسَوَّغَ الابْتِداءَ بِنَكِرَةٍ، تَقَدُّمُ النَّفْيِ عَلَيْهِ، و "إِلَّا" أَداةُ اسْتِثْناءٍ مُفَرَّغٍ، (أداةٌ للحصْرِ). "يُسَبِّحُ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجَازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "شَيْءٍ". و "بِحَمْدِهِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِحالٍ مِنْ فَاعِلِ "يُسَبِّحُ"، أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ" عَطْفَ جملةٍ اسْمِيَّةٍ عَلى فِعْلِيَّةٍ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الواوُ: حَالِيَّةٌ، و "لكِنْ" حَرْفُ اسْتِدْراكٍ مُهْمَلٍ. و "لا" نَافِيَةٌ لا عملَ لها. وَ "تَفْقَهُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجَازمِ، وعلامةُ رَفعِهِ ثَباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فاعِلُهُ، و "تَسْبِيحَهُمْ" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ لتذْكيرِ الجَمْعِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الحالِ مِنْ فاعِلِ "يُسَبِّحُ".
قولُه: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} إِنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفعلِ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصِبِ اسمُهُ، و "كانَ" فعلٌ ماضٍ ناقِصٌ مبنيٌّ على الفتحِ، واسْمُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يعودُ على اللهِ تعالى. و "حَلِيمًا" خَبَرُ "كانَ" الأَوَّلُ مَنْصُوبٌ بِهِ، وَ "غفورًا" خَبَرُهُ الثاني منصوبٌ بِهِ، والجمْلةُ خبرُ "إِنَّ" في مَحَلِّ الرَّفْعِ، وجُمْلَةُ "إِنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {يُسَبِّحُ} بالياءِ مِنْ تَحْتِ، وقرَأ أَبُو عَمْرٍو بْنُ العلاءِ، وَالأَخَوانِ: (حَمْزَةُ والكِسائيُّ)، وَحَفْصٌ: "تُسَبِّحُ" بالتَّاءِ، وَهُمَا وَاضِحَتَانِ؛ لأَنَّ التَأْنِيثَ مَجَازِيٌّ وَلِوُجُودِ الفَصْلِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ثُمَّ أَعَادَ عَلى السَمَاواتِ والأَرْضِ ضَميرَ مَنْ يَعْقِلُ لَمَّا أَسْنَدَ إِلَيْها فِعْلَ العاقلِ، وَهُوَ التَسْبيحُ. وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلى أَنَّ "هُنَّ" مُخْتَصٌّ بالعَاقِلاتِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ، وَهَذَا نَظِيرُ اعْتِذارِهِ عَنِ الإِشارَةِ بـ "أُولئكَ" فِي قَوْلِهِ "كُلُّ أولئك" وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ وَالأَعْمَشُ "سَبَّحَتْ" مَاضِيًا بِتَاءِ التَأْنيثِ.
قولُهُ ـ جَلَّ شَأْنُهُ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} تُسَبِّحُ لَهُ: تَشْهَدُ لهُ بالقُوَّةِ والقُدْرَةِ والعِلْمِ والوَحدانِيَّةِ والعَظَمَةِ، وَتُنَزِّهِهُ عَنِ الشَبِيهِ والمثيلِ، والنِدِّ والشَّريكِ، والزَّوْجَةِ والوَلَدِ، تَسْبِيحَ دَلالَةٍ بِالحَالِ، لأَنَّ عَظَمَةَ الصَنْعَةُ دَلِيلٌ جَلِيٌّ عَلَى عَظَمَةِ صَانِعِها العَلِيِّ. وَأَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، كَانَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ يَمِينِهِ، ومِيكائيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَنْ يَسَارِهِ، فَطَارَا بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَوَاتِ العُلَى، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعتُ تَسْبيحًا فِي السَّمَوَاتِ العُلَى مَعَ تَسْبِيحٍ كَثيرٍ، سَبَّحَتِ السَّمَوَاتُ العُلَى مِنْ ذِي المَهَابَةِ مُشْفِقاتٍ لِذِي الْعُلُوِّ بِمَا عَلَا: سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ـ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ لُوطِ بْنِ أَبي لُوطٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ تَسْبِيحَ سَمَاءِ الدُّنْيَا: سُبْحَانَ رَبَّنَا الْأَعْلَى، وَالثَّانيِةِ: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالثَّالِثَةِ: سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، وَالرَّابِعَةِ: سُبْحَانَهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَالْخَامِسَةِ: سُبْحَانَ مُحْيِي الْمَوْتَى، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، وَالسَّادِسَةِ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ القُدُّوسِ، وَالسَّابِعَةِ: سُبْحَانَ الَّذِي مَلَأَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرضِينَ السَّبْعَ عِزَّةً وَوَقَارًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ أَمِيرِ المُؤمِنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} بِالتَّاءِ.
قولُهُ: {وَمَنْ فِيهِنَّ} مِنْ أَمْلاكٍ وإِنْسٍ وجَانٍ، ونَبَاتٍ وَحَيَوانٍ، فَالأَحْيَاءُ مِنْ أَهْلِ السَمَواتِ والأَرْضِ يُسَبِّحُونَ لَهُ تَسْبِيحَ قَالَةٍ، وَغَيْرُ الأَحْيَاءِ يُسَبِّحُ مِنْ حَيْثُ البُرْهَانِ والدَّلالَةِ. فالمُشْرِكُونَ باللهِ، والكَفَرَةُ بِهِ ـ سُبْحَانَهُ، الذينَ لا يَذْكُرُونَ اللهَ بِأَلْسِنَتِهِمْ، داخِلونَ فِي عِدَادِ الحَيَواناتِ والجماداتِ، الَّتِي تُسْبِّحُهُ ـ تَعَالَى، بِحَالِها ولا تُسَبِّحُهُ بِمَقَالِها.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، إِذْ سَمِعَ هِدَّةً فَقَالَ: أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا فِيهِ جَبْهَةُ مَلَكٍ سَاجِدٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ: (6/269).
قولُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} وَمَا مِنْ جُزْءٍ مِنَ الأَعْيَانِ والآثارِ إِلَّا وَهُوَ دَليلٌ عَلَى الرُّبُوبِيَّةِ، ولكِنَّهُمْ إِذَا اسْتَمَعُوا تَوْحِيدًا للإلَهِ تَعَجَّبُوا وأَنْكَرُوا لِجَهْلِهِمْ وتَعَسُّرِ إِدْرَاكِهِمْ. لأَنَّهُ لَمَّا أُسْنِدَ التَّسْبِيحُ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَنْطِقُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الخِطابُ فِي "لَا تَفْقَهُونَ" مُوَجَّهًا لِجَمِيعِ النَّاسِ بِاعْتِبَارِ انْتِفَاءِ تَمَامِ عِلْمِهم بِذَلِكَ التَّسْبِيحِ، لأَنَّهم أَعْرَضُوا عَنِ النَّظَرِ فِيهَا نَظَرَ تدبُّرٍ واعْتِبارٍ، فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى مَا فيهَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَنْزِيهِهِ ـ سُبحانُهُ وتَعالى، عَنْ كُلِّ مَا نَسَبَهُ المشركونَ إِلى الْإِلَهِيَّةِ مِنَ أَحْوَالٍ مُنَافِيَةٍ لَهَا، غير لائقةٍ بِها. ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ موجَّهًا لِلْمُشْرِكِينَ جَرْيًا عَلَى أُسْلُوبِ الْخِطَابِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ في الآيةِ: 40، السابقةِ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا}، ثمَّ قَوْلِهِ في الآيةِ: 42، بعدَها: {لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا تَقولُونَ} لِأَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَفْقَهُوا دَلَالَةَ الْمَوْجُودَاتِ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ ـ تَعَالَى، هُمُ الَّذِينَ لَمْ يُثْبِتُوا لَهُ التَّنْزِيهَ عَنِ النَّقَائِصِ الَّتِي شَهِدَتِ الْمَوْجُودَاتُ ـ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ النَّظَرُ إِلَيْهَا، بِتَنْزِيهِهِ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى، عَنْهَا، فَلَمْ يُحْرَمْ مِنَ الِاهْتِدَاءِ إِلَى شَهَادَتِهَا، إِلَّا الَّذِينَ لَمْ يُقْلِعُوا عَنِ اعْتِقَادِ أَضْدَادِهَا. فَأَمَّا الْمُؤْمنونَ فَقَدِ اهْتَدَوْا إِلَى ذَلِكَ التَّسْبِيحِ بِمَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ الكريمُ إِلَيْهِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْمَوْجُودَاتِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ مَقَادِيرُ الِاهْتِدَاءِ ومُسْتَوَاهُ، بِحَسَبِ تَفَاوُتِ الْقَرَائِحِ وَالْأَفْهامِ.
قوْلُهِ: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} اسْتِئْنافٌ للتَعْرِيضٌ بِأَنَّ مَا يَنْسِبُونَهُ إِلى الذَّاتِ الإلهيَّةِ المُقدَّسَةِ العَليَّةِ، مِنْ شَريكٍ لَهُ في مُلْكِهِ أَوَ نِدٍّ، وَصَاحِبَةٍ وَوَالَدٍ، يَقْتَضِي تَعْجِيلَ العُقَوبِةِ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، لَوْلَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَامَلَهُمْ بِالْإِمْهَالِ والْحِلْمِ.
وَقَدْ أَفادَتْ "كَانَ" أَنَّ الْحِلْمَ وَالْغُفْرَانَ صِفَتَانِ سَامِيَتَانِ مُحَقَّقَتَانِ لَهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى.
وَفِيهِ حَثٌّ لَهم عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْ مَقَالَتِهِمْ الشَنِيعَةِ تِلْكَ، لِيَتجاوَزَ اللهُ عَنْ سفهِهم وإِسَاءَتِهمْ، ويَغْفِرَ لَهُمْ خطيئتَهم.
قولُهُ تَعَالَى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ} تُسَبِّحُ: فِعْلٌ مُضارِعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ. وَ "لَهُ" اللامِ حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُسَبِّحُ"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجرِّ. و "السَّماواتُ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ. و "السَّبْعُ" صِفَةُ "السَّماواتُ" مرفوعةٌ مثلُها. و "الْأَرْضُ" مَعْطُوفَةٌ عَلَى "السَّماواتُ" مرفوعةٌ مثلُها. فعلية
قولُهُ: {وَمَنْ فِيهِنَّ} الواوُ: حرفٌ للعطْفِ، وَ "مَنْ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى "السَّماواتُ". و "فِيهِنَّ" في: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِجُمْلَةِ الصِّلَةِ المحذوفةِ، وَ "هِنَّ" ضَميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الواوُ: للعَطْفِ، أَوْ للاسْتِئْنافِ. و "إِنْ" نَافِيَةٌ لا عَمَلَ لها. و "مَنْ" حرفُ جرٍّ زائدٌ، وَ "شَيْءٍ" مجرورٌ لفظًا بحرفِ الجرِّ الزائدِ، مرفوعٌ محَلًا بالابْتِداءِ، وسَوَّغَ الابْتِداءَ بِنَكِرَةٍ، تَقَدُّمُ النَّفْيِ عَلَيْهِ، و "إِلَّا" أَداةُ اسْتِثْناءٍ مُفَرَّغٍ، (أداةٌ للحصْرِ). "يُسَبِّحُ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجَازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "شَيْءٍ". و "بِحَمْدِهِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِحالٍ مِنْ فَاعِلِ "يُسَبِّحُ"، أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ، والجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ" عَطْفَ جملةٍ اسْمِيَّةٍ عَلى فِعْلِيَّةٍ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الواوُ: حَالِيَّةٌ، و "لكِنْ" حَرْفُ اسْتِدْراكٍ مُهْمَلٍ. و "لا" نَافِيَةٌ لا عملَ لها. وَ "تَفْقَهُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجَازمِ، وعلامةُ رَفعِهِ ثَباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فاعِلُهُ، و "تَسْبِيحَهُمْ" مَفْعُولٌ بِهِ منصوبٌ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ لتذْكيرِ الجَمْعِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الحالِ مِنْ فاعِلِ "يُسَبِّحُ".
قولُه: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} إِنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفعلِ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصِبِ اسمُهُ، و "كانَ" فعلٌ ماضٍ ناقِصٌ مبنيٌّ على الفتحِ، واسْمُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يعودُ على اللهِ تعالى. و "حَلِيمًا" خَبَرُ "كانَ" الأَوَّلُ مَنْصُوبٌ بِهِ، وَ "غفورًا" خَبَرُهُ الثاني منصوبٌ بِهِ، والجمْلةُ خبرُ "إِنَّ" في مَحَلِّ الرَّفْعِ، وجُمْلَةُ "إِنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {يُسَبِّحُ} بالياءِ مِنْ تَحْتِ، وقرَأ أَبُو عَمْرٍو بْنُ العلاءِ، وَالأَخَوانِ: (حَمْزَةُ والكِسائيُّ)، وَحَفْصٌ: "تُسَبِّحُ" بالتَّاءِ، وَهُمَا وَاضِحَتَانِ؛ لأَنَّ التَأْنِيثَ مَجَازِيٌّ وَلِوُجُودِ الفَصْلِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ثُمَّ أَعَادَ عَلى السَمَاواتِ والأَرْضِ ضَميرَ مَنْ يَعْقِلُ لَمَّا أَسْنَدَ إِلَيْها فِعْلَ العاقلِ، وَهُوَ التَسْبيحُ. وَهَذَا بِنَاءً مِنْهُ عَلى أَنَّ "هُنَّ" مُخْتَصٌّ بالعَاقِلاتِ، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ، وَهَذَا نَظِيرُ اعْتِذارِهِ عَنِ الإِشارَةِ بـ "أُولئكَ" فِي قَوْلِهِ "كُلُّ أولئك" وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ وَالأَعْمَشُ "سَبَّحَتْ" مَاضِيًا بِتَاءِ التَأْنيثِ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 20
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 3
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 47
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 63
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 80
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 3
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 47
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 63
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 80
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود