منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 95

اذهب الى الأسفل

الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية:  95 Empty الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 95

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الأحد يونيو 09, 2019 9:21 am

قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا
(95)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ} أَمْرٌ مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى، لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَرَدَّ عَلَى تَسَاؤُلِهِم، وَتَعَجُّبِهِمْ، واسْتِنْكارِهِمُ الذي حَكَاهُ اللهُ ـ تَعَالى، عَنْهُمْ فِي الآيَةِ التي قَبْلَها، وهوَ قولُهُمْ: {أَبَعَثَ اللهُ بَشَرًا رَسُولًا}. أَيْ: لوْ أَنَّ سُكانَ الأَرْضِ مِنَ الملائكةِ الكِرامِ، لأَرسَلَ اللهُ لَهُمْ مَلَكًا مِنْهُمْ رَسُولًا إِلَيْهِم، لِأَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ مَلَكًا إِلَى الْآدَمِيِّينَ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَرَوْهُ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا أَقْدَرَ الْأَنْبِيَاءَ عَلَى ذَلِكَ وَخَلَقَ فِيهِمْ مَا يَقْدِرُونَ بِهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ آيَةً لَهُمْ وَمُعْجِزَةً. فَأَنَّ الحِكْمَةَ تَقْتَضي أَنْ يَكونَ الرَّسُولُ مِنْ جِنْسِ المُرْسَلِ إِليْهِم، لِيَسْتَطِيعُوا فَهْمَهُ والأَخْذَ عَنْهُ، والاقْتِداءَ بِهِ.
وَلِذَلكَ فإِنَّ جبريلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، فِي كَثيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ كانَ يَتَشَكَّلُ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ حينَ يَنْزِلُ بالوحيِ عَلى رسولِ اللهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، مِنْ ذَلِكَ نزولُهُ بِصُورَةِ بدويٍّ مِنْ أَهْلِ الباديةِ يَوْمَ جاءَ يُعلِّمُ الناسَ دِينَهم، جاءَ ذلكَ في الحَديثِ المَشْهُورِ الذي رواهُ سيِّدُنا عُمرُ بنُ الخَطّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شديدُ بَيَاضِ الثيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لا يُرى عليْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، ولا يعرِفُهُ منَّا أَحَدٌ ...، إِلى أَنْ يَقُولَ رسولُ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: ((هَذَا جِبْريلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)). والحَديثُ أخرجَهُ الشَّيْخانِ وَغَيْرُهُما.
قَوْلُهُ: {يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} أَيْ: لَوْ كانَتِ الأَرْضُ مُهَيَّأَةً للأَرْواحِ الطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَةِ، خاليةً مِنَ الشرورِ والمفاسِدِ، لِيَمَشِي فيها الملائكةُ مُطْمَئِنينَ، أَيْ: سَاكِنِينَ سُكُونًا يَتَّفِقُ مَعَ طَبَائِعِهِمُ الرُّوحِيِّةِ، فإِنَّ الطَبِيعَةَ المَلائِكِيَّةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَعِيشَ مُسْتَقِرَّةً سَاكِنَةً مَعَ طَبِيعَةِ الأَرْضِ، فِأَنَّهُ لِكُلَّ جِنْسٍ في هَذَا الكَوْنِ مَا يُشَاكِلُهُ، وَالأَرْضُ تُشَاكِلُ الإِنْسَانَ، وللمَلائِكَةِ مَكانُهُمْ الذي يُنَاسِبُهُمْ، ويُشَاكِلُهُمْ، لِيَعِيشُوا فِيهِ مُطْمَئنِّينَ.
قولُهُ: {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} إِذًا لَوْ كانتِ الأَرضُ مناسِبةً لاستقرارِ الملائكةِ فيها، وكانَ سُكَّانُها مِنَ الملائكةِ الكرامِ، "لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا"، فالرَّسُولُ إِنَّما يَكُونُ مِنْ بَيْنِ المُرْسَلِ إِلَيْهِمْ، ومِنْ جِنْسِهِمْ، بَلْ مِنْ قَوْمِهِمْ، يَتَكَلَّمُ لُغتَهُم ويَعْرِفُونَ نَسَبَهُ فيهِمْ وَخُلُقَهُ، لِأَنَّهُ سيُبَلِّغُهُمْ رِسالةَ رَبِّهم، ويُعَلِّمُهم مَا يَنْفَعُهُم، وَسَيَكُونُ لهُمُ القُدْوَةَ الصَّالِحَةَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى مِنْ سُورةِ إِبْراهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} الآيةَ: 4. فالجِنْسُ إِلَى الجِنْسِ أَمْيَلُ، والشَّكْلُ بِالشَّكْلِ آنَسُ.
قولُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ} قُلْ: فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ الظاهِرِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجُوبًا تَقْديرُهُ: (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. وَ "لَوْ" حَرْفُ امْتِنَاعٍ لامْتِنَاعٍ شَرْطِيٌّ. وَ "كَانَ" فِعْلٌ مَاضٍ نَاقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفتْحِ الظاهِرِ، وَيَجُوزُ فِي "كانَ" هَذِهِ أَنْ تَكونَ التَّامَّةَ، أَيْ: لَوْ وُجِدَ، وَحَصَلَ. وَ "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِهَا المَحْذُوفِ مُقَدَّمًا عَلَى اسْمِها. وَ "الأَرْضِ" مَجْرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "مَلائِكَةٌ" هي اسْمُ "كانَ" المُؤَخَّرُ، مَرْفوعٌ بِها، وَجُمْلَةُ "كانَ" فِعْلُ شَرْطٍ لِـ "لَوْ" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قوْلُهُ: {يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ} وَ "يَمْشُونَ" فِعْلٌ مُضارِعٌ َمَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ فِي آخِرِهِ لِأَنَّهُ مِنَ الأَفْعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضميرٌ مُتَّصِل بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ، فاعِلُهُ، والجُمْلَةُ صِفَةٌ لِـ "مَلائِكَةٌ" في مَحَلِّ الرَّفعِ. وَ "مُطْمَئِنِّينَ" مَنْصوبٌ عَلَى الحَالِ مِنْ فَاعِلِ "يَمْشُونَ"، وعَلامَةُ نَصْبِهِ الياءُ لأَنَّهُ جَمْعُ المُذكَّرِ السَّالِمُ.
قولُهُ: {لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} اللَّامُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ "لَوْ" الشَرْطِيَّةِ، وَ "نَزَّلْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفعٍ متحرِّكٍ هوَ "نا" المُعظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، و "نا" التَعْظِيمِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، وَالجُمْلَةُ جَوَابُ "لَوْ" الشَّرْطِيَّةِ، وَجُمْلَةُ "لَوْ" الشَّرْطِيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ، على أنَّها مَقُولُ القولِ لِـ "قُلْ". و "عَلَيْهِمْ" على: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "نَزَّلْنَا"، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرْفِ الجَرِّ، والميمُ لتَذْكيرِ الجمعِ. وَ "مِنَ" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ أَيْضًا بِـ "نَزَّلْنَا"، و "السَّماءِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "مَلَكًا" منصوبٌ على الحَالِ مِنْ "رَسُولًا"، و "رَسُولًا" مَفْعُولُ "نَزَّلْنا" منصوبٌ بِهِ.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى