منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وصمة عار

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

وصمة عار Empty وصمة عار

مُساهمة من طرف رشدي مصطفى الصاري الأربعاء فبراير 15, 2012 11:27 pm

--------------------------------------------------------------------------------


وصمة عار
كان شهيقهُ القوي... من فوهةِ نربيج النارجيلة ... يجعلُ قطعة الفحم الموضوعة على التنباك العجمي وسطَ رأس النارجيلة المصنوع من الفخار؛ تتوهج وتنثر من حولها شرارات نارية تعبر بانتشارها عن ثورة وغضب هذا الرجل...! الذي كان يجلس في مقهى الزعماء يدخن..
أما سحبُ الدخان فكانت تتسلل وتتأرجح داخل مياه حوجلة النارجيلة
ليصدر هذا التزاحم فقاعات فارغة تعبر عن مضمونه..؟
أحمد الحداد اسمهُ اقترن بطبيعة عملهِ، فقد كان يعمل حداداً في محل يملكه في الطابق الأرضي من منزله, الذي يقع على طريق مدرستنا ..
تقاطرت الأيام فأردته في الخمسين من عمره , طويل القامة بدين الجثة مفتول العضلات نظرا" لطبيعة عمله , أسمر ذو بشرة قاتمة وشوارب عريضة تغطي القسم الأعظم من فمه وله عينان بيضاويتان بنيتان وجبهة عريضة عندما تنعقد طياتها تبدو كأنها أخاديد ضمن كثبان رملية.
كان يجلس وسط القهوة ,وهو متجهم الوجه بادي السخط والغضب ..
ومن حولهِ يقبع مجموعة من الرجال بنفس السوية وبقدر التفكير.
يتكلم ورذاذ اللعاب يتطاير من فمه ناقلاً كلُّ ما يحمل هذا الشخص من أمراض وأفكار إلى كل من يصغي إليه ..!
كان يردد بحنق ولؤم ...والدماء تغلي في عروقه ذبحتها...؟؟
لقد غسلت العار...
كان يتكلم بنوع من الهذيان لا يعي ما يقول, لقد تعلم في صغره قيماً
ومبادئ رسخت في ذاكرته فجعلها جزء من أولوياته دون أن يكلف نفسه جزء من التفكير أو التدقيق في هذه القيم أو المبادئ..؟!
كنت أستمع إليه وأنا أجلس على طاولة محاذية لهذه المجموعة البغيضة عندما غابت نظراتي عبر أفق تلك السحب الدخانية الداكنة التي كانت من مخلفات احتراق التنباك.
لأتذكر فاتن...كانت اسماً على مسمى تشدك إلى سماعها صوت ساحر تتدفق فيه أنوثة رائعة...طويلة القامة, رشيقة القد, يتناسق جسدها في تناغم رائع.
زاملتها في الصف الثالث المتوسط؛ فكانت توأم روحي...؟؟؟؟؟؟؟؟؟ كل من حولها يكنُّ لها الاحترام لما تملك من شخصية رائعة وأخلاق وهبها الله إياها, رزانة وعقلانية, تفوق دراسي, كانت شعلة من الذكاء سباقة في كل شيء, المدرسون كانوا يكنون لها احتراما ًخاصاً ومعاملة مميزة .
والملفت للنظر في هذه الطالبة أنها تملك ثقة كبيرة بنفسها.
فطالما تعرضت لبعض المواقف المحرجة من بعض الطلبة
فكانت تستقبل حماقاتهم بصبر وابتسامة وتصرف حسن مما جعل الجميع ينظر إليها نظرة تقدير واحترام فائقين.
انتهى الفصل الدراسي الأول ونالت فاتن المرتبة الأولى على جميع الفصول وكان تفوقها متوقعاً وطبيعياً.
... وحلت إجازة منتصف العام لتكلل جهد طلابها المجدين بفترة راحة قصيرة بعد تعب دام أربعة أشهر.
ومضت العطلة بسرعة وبدأ اليوم الأول من الفصل الثاني إلا مقعد فاتن في الفصل كان فارغاً بغياب صاحبته !
وشعر الطلاب بنقص داخل هذا الفصل وبشوق لهذه الفتاة لأنها كانت تضفي عليه شاعرية ونقاء .
تساءل الجميع أين فاتن...؟تتالت الأيام ومقعد فاتن ما زال خالياً...!
بعدها علمنا الخبر بأن فاتن قد خطبت وستتزوج لمن...؟
لذلك المجنون..؟
استنكر الجميع وسط تلك المفارقات ...لكن من كان يطلع على واقع هذه الأسرة لن يستغرب هذا التصرف الأحمق...!
فأحمد الحداد بقناعاته التي لا يحيد عنها بأن المرأة لا شيء بدون كيان ...! إنها مجرد رمز لاستمرارية الحياة فهي خلقت لتنظف وتطبخ وتربي الأطفال ...
خلقت للمنزل فقط ,ولا بأس إن تعلمت القراءة والكتابة وعند أول خاطب يأتيها يجب أن تقبر في منزل زوجها .
هذا بالنسبة لأهل بيته ,علماً أنه قد سوغ لنفسه الكثير من التجاوزات
فقد كان يعبد الجنس اللطيف ,ففي إحدى نزواته سافر إلى أحد البلدان العربية وتزوج من امرأة عاشت معه أربعة أعوام هجرته بعدها تاركة وراءها فاتن, كارهة عجرفته ومفاهيمه البالية.
ثم ما لبث أن تزوج من مطلقة بليدة استطاعت أن تعيش في كنفه
والأسوأ من ذلك أنها لا تنجب الأطفال ,فرمت بجام حقدها وعجزها على فاتن, لكن هدوء فاتن مكّنها من اكتساب قلب هذه المطلقة .
فعاشا معاً بسلام .
أما الأب فكان قليلاً ما يجالس الاثنتين ونوادر هي المرات التي يضحك فيها داخل المنزل بل كان دائماً يزمجر وينهر بسبب وبلا سبب فالرجولة تقتضي هكذا.
وإضافة إلى ذلك تناول الخمر في كل مناسبة أو فرصة تحين...؟!
نشأت فاتن ضمن هذا الوسط بعيدة عن توجيه الأب وحنان الأم لكن الإرادة الإلهية أكبر من أي توجيه...
كان عند أحمد الحداد صانع اسمه ناصر كنت أراه في كل يوم فاغر الفم, منكوش الشعر, أبله النظرات غير متزن الخطوات
جاحظ العينين يتلعثم في الكلام ضخم الجثة قصير اليدين غليظ الأكف
بشرته بيضاء تقرنت من طبيعة مهنة الحدادة القاسية .
وكثيرة هي المرات التي شعرت فيها بأن ناصر يريد أن يأكل الطالبات بنظراته النهمة...!حتى أن عدداً من الطلبة قد تشاكسوا معه لأسباب مختلفة فكانوا يرمونه ويرميهم بالحجارة حتى أصبح اسمه معروفاً بين الطلاب بالمجنون...
ناصر في الرابعة والعشرين من عمره نشأ يتيماً, آواه أحمد ليس حباً فيه إنما طمعاً في استغلال هذا الشاب لمصلحته بأجر بخس
ومع مرور الأيام استأنسه وألفه لأنه أراحه في العمل .
أما ناصر فكان بلا هوية لا يعرف ماذا يريد ..؟ يملأ حياته
بالنظر إلى الفتيات والتهام الطعام,و يعتبر الطرفين غذاء لا يشبع منه.
ونظراً لطفولته المشردة كان دنيئاً, فظ الألفاظ, غريب الأطوار, جشع الطباع,ودائماً كانت تسطَعُ ضمن أفكاره ومضات تجعله يختلس النظر إلى فاتن ولطالما سهر الليالي وهو يتذكر ذلك الموقف ويطوره إلى مغامرات حب عنيفة يخوضها مع فاتن حين شاهدها نصف عارية
وهي تخرج من الحمام...؟ يومها صفعته على وجه وأنّبته لدخوله إلى المنزل دون استئذان لكن تلك الصفعة لم ترد دناءته بل زادتها خسة ووقاحة..!
وفي تلك العطلة المدرسية وفي العاشر من أيامها عاد معلمه أحمد مخموراً إلى الدكان بعد أن تناول الخمر مع شلته في أحد البساتين
حينها لمعت لناصر فكرة خطيرة ...؟ فجاء إلى معلمه يلتمس الظرافة
قائلاً: معلمي تعلم أنني أخدمكم بكل إخلاص وأنا أحبكم كثيرا
وليس لي أهل غيركم ؛أرجو الموافقة على طلبي بالزواج من فاتن وأخذ يزين لمعلمه كيف أنه بذلك الزواج يستطيع أن يؤمن على دكان الحدادة وعلى ابنته...و يصور له الأمور بطريقة تنعش آمال معلمه المخمور...فأعطى أحمد الموافقة لناصر بتزويجه ابنته وهو في غمرة سكره وضياعه, وعندما صحا من غيبوبته وجد نفسه محرجاً أمام
مبادئه المتهرئة أنه أعطى كلمة وهو لا يتراجع عن وعد قطعه أمام رجل.
صحيح أنه لا يملك القناعة الكاملة لكنه يعتبر هذا الزواج صفقة رابحة فهو يضمن بقاء ناصر عنده طوال الحياة وابنته تعيش في كنفه متناسياً
التكافؤ والمشاعر .
كل ما تعلمه فاتن أن زوجة والدها أبلغتها بأن والدها قد خطّبها لناصر
وأنها ستتزوج بعد أسابيع قليلة
كان لوقع المفاجأة صدمة رهيبة في أعماق فاتن ...
فما تصورت يوماً أنها يمكن أن تكون زوجة لناصر ...وأن تنام معه في سرير واحد وتعيش في كنفه طوال الحياة....
كادت أن تنفجر...حاولت أن تصرخ لتسمع العالم, لكن الخوف من بطش أبيها كبت أنفاسها.
لقد كانت فاتن تبني لنفسها مستقبلاً مليئاً بالحب والتفاني ورسمت في مخيلتها شريك حياتها وأودعت فيه كل خصالها الطيبة.
لقد حلمت بأن تصبح مدرسة تربي أجيالاً...احتارت في أمرها لمن تلجأ ...؟لمن تشكو أمرها ...؟!سدت أمامها جميع الطرق واسودت الدنيا من حولها,عقدت الخطبة وحدد يوم الزواج ومنعت فاتن من الذهاب إلى المدرسة...
لم تجد نفسها إلا وهي تضع حاجاتها الخاصة في حقيبة وتعقد في نفسها أمراً كتمته في قرارها ..
وفي الصباح كان زئير أحمد الحداد يسمع من الشارع المحاذي لمنزله
أثناء مرورنا ونحن ذاهبون إلى المدرسة لقد هربت فاتن إلى عند أمها في لبنان, كان يهدد ويقسم بأنه سيقتلها...سيذبحها ..سيغسل العار..
خمس سنين استطاعت فاتن أن تتوارى عن الأنظار وأن تفلت من ملاحقة أبيها لتصبح في السنة الثانية من كلية الآداب قسم اللغة العربية حتى ذلك اليوم...؟
عندما كان أحمد الحداد يهيم على وجهه في شوارع بيروت... لمحها رأى فاتن كانت قد كبرت ونضجت ... شعرها الأشقر يكاد يصل إلى منتصف ظهرها ... كانت تطأ الأرض برشاقة، وبسمتها تكاد لا تفارق ثغرها تحث الخطا إلى الجامعة التي طالما حلمت بها باغتها وأمسكها من شعرها واستل مديته وحزَّ رقبتها وسط ذهول المارة وخوفهم ...!
حاول بعض الشبان أن يخلصها لكنه زمجر قائلاً:سأقتل كل من سيقترب وذبحها من الوريد إلى الوريد....
وتركها تخرُّ صريعةً وسط دمائها الحارة التي رفضت أن تكون ضحيةً لجهل الأب وطيشه ونهامة ذلك المشرد...
أغمضت فاتن عينيها على حلم باتت أن تحققه لولا
مدية هذا اااااااا الجزار.

رشدي مصطفى الصاري
رشدي مصطفى الصاري
أرمنازي للعظم
أرمنازي للعظم

عدد المساهمات : 192
نقاط : 889
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
العمر : 57
الموقع : الرياض

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وصمة عار Empty رد: وصمة عار

مُساهمة من طرف بياع الورد الخميس فبراير 16, 2012 6:16 pm

ياللقسوة...
كم من بناتنا يعانون من العادات البالية
والتقاليد المتعفنة
لست أنكر عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها والتي تحدد لنا خط سيرنا وتمنعنا من الخطأ في أكثر الأحيان ولكني أنكر تلك العادات التي تحد من علمنا وتطورنا والتقدم بين الحضارات مع أنها لا تتعارض مع شريعتنا وديننا الحنيف
بياع الورد
بياع الورد
أرمنازي مميز
أرمنازي مميز

عدد المساهمات : 335
نقاط : 908
السٌّمعَة : 18
تاريخ التسجيل : 13/11/2008
العمر : 46

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وصمة عار Empty رد: وصمة عار

مُساهمة من طرف أبو محمد الخميس فبراير 16, 2012 6:35 pm

اخي رشدي

هذه هي ثمرة الفهم الخاطئ لمبدأ الستر على البنات

لعل قصة فاتن كانت مؤثرة بل مؤثرة جدا

لكن

كم من فواتن قُتلن ولم نسمع بقصصهن

كم من فواتن قُتلن ليس بمدية جزار كاحمد انما قُتلن بخطأ قرار

رحم الله القائل

العلم يرفع بيوتا لاعماد لها

والجهل يهدم بيوت العز والكرم

لو كان صاحبنا قد فهم الحياة بشكلها الصحيح لما فكَّر ان يُجبر ابنته على مثل تلك الزيجة

حسبنا الله ونعم الوكيل

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا

وزدنا علما وعملا في الدين يا الله

وفرّج عن اهلنا في سوريا ماهم فيه

انك على ماتشاء قدير

وبالاجابة جدير
أبو محمد
أبو محمد
صاحب القلم المميز
صاحب القلم المميز

عدد المساهمات : 4282
نقاط : 7201
السٌّمعَة : 77
تاريخ التسجيل : 09/05/2010
الموقع : رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

وصمة عار Empty رد: وصمة عار

مُساهمة من طرف رشدي مصطفى الصاري الجمعة فبراير 24, 2012 10:26 am

بياع الورد كتب:ياللقسوة...
كم من بناتنا يعانون من العادات البالية
والتقاليد المتعفنة
لست أنكر عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها والتي تحدد لنا خط سيرنا وتمنعنا من الخطأ في أكثر الأحيان ولكني أنكر تلك العادات التي تحد من علمنا وتطورنا والتقدم بين الحضارات مع أنها لا تتعارض مع شريعتنا وديننا الحنيف


قمة القسوة والجهل...
قلوب حولتها الأنانية إلى وحوش وفرغتها من انسانيتها حتى احساس الأبوة غاب عنها
أشكر قراءتكم وتفاعلكم
رشدي مصطفى الصاري
رشدي مصطفى الصاري
أرمنازي للعظم
أرمنازي للعظم

عدد المساهمات : 192
نقاط : 889
السٌّمعَة : 25
تاريخ التسجيل : 01/12/2010
العمر : 57
الموقع : الرياض

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى