منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :116 ـ 119

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :116 ـ 119 Empty الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :116 ـ 119

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الإثنين أبريل 30, 2012 7:00 am

وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116)

{وَقَالُواْ اتخذ الله وَلَدًا } نزلت في اليهود حيث قالوا عزيراً بن الله وفي نصارى نجران حين قالوا:المسيح ابنُ الله،وفي مشركي العرب حيث قالوا: الملائكة بنات الله ، فالضمير لما سبق ذكره من النصارى واليهود والمشركين،الذين لا يعلمون،وعطفُه على{قَالَتْ اليهود}البقرة: 3 11
{ بَل لَّهُ مَا فِي السماوات والارض } إبطال لما زعموه وإضراب عمّا تقتضيه مقالتهم الباطلة من التشبيه بالمحدثات في التناسل والتوالد ، والحاجة إلى الولد في القيام بما يحتاج الوالد إليه ، ولأنّ الحكمة في التوالد هي أنْ يبقى النوعُ محفوظاً بتوارد الأمثال فيما لا سبيل إلى بقاء الشخص بعينه مدة بقاء الدهر ، وكل ذلك يمتنع على الله تعالى فإنه الأبدي الدائم ، والغنيّ المطلق المنزّه عن مشابهة المخلوقات ، فضمير "قالوا " راجع الى الفرق الثلاث المذكورة سابقاً . أما اليهود والنصارى فقد ذُكروا صريحاً وأمّا المشركون فقد ذُكروا بقوله تعالى: {كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم } أي قول اليهود والنصارى ومن شاركهم فيما قالوا من الذين لا يعلمون .
{اتخذ الله ولدا} الاتخاذ بمعنى الصُنْع والعمل فلا يتعدّى إلاّ إلى واحد،أو بمعنى التصيير، والمفعول الأول محذوف أى صيّر بعض مخلوقاته ولداً وادّعى أنه ولدَه لا أنّه ولدَه حقيقة . وكما يستحيل عليه تعالى أنْ يَلِدَ حقيقةً كذا يستحيل عليه تعالى التبنّي واتخاذ الولد ، فنزّه الله تعالى نفسَه عمّا قالوا فى حقّه فقال:{سبحانه}تنزيهه ، والأصل سبّحه سبحاناً على أنّه مصدر بمعنى التسبيح وهو التنزيه،أي منزّهٌ عن السبب المقتضي للولد،وهو الاحتياج إلى مَن يُعينُه فى حياته ويقوم مقامَه بعد مماته، وعمّا يَقتضيه الولد وهو الشبيه فإن الولد لا يكون إلاّ من جنسِ والده ، فكيف يكون للحق سبحانه ولد وهو لا يشبهه شئ؟
وقرأ الجمهور قوله تعالى: " وقالوا " بالواوِ عطفاً لهذِه الجملةِ الخبريةِ ـ اتخذ الله ولداً ـ على ما قبلَها وهو أحسنُ في الربط . وقيل: هي معطوفةً على قوله: "وسعى" فيكونُ قد عَطَفَ على الصلة مع الفعلِ بهذه الجملِ الكثيرة ، وهذا ينبغي أن يُنَزَّه القرآنُ عن مِثْله . وقرأ ابنُ عامر ـ وكذلك هي في مصاحف الشام ـ "قالوا " من غير واوٍ ، وذلك يَحْتمل وجهين،أحدُهما: الاستئنافُ.والثاني:حَذْفُ حرفِ العطفِ وهو مرادٌ ، استغناءً عنه بربطِ الضميرِ بما قبلَ هذه الجملةِ .
و"اتَّخَذَ" يجوزُ أن يكونَ بمعنى عَمِل وَصنَع ، فيتعدَّى لمفعولٍ واحدٍ ، وأن يكونَ بمعنى صَيَّر ، فيتعدَّى لاثنين ، ويكونُ الأولُ هنا محذوفاً تقديرُه: "وقالوا اتَّخذَ اللهُ بعضَ الموجودات ولداً" إلا أنَّه مع كثرةِ دَوْرِ هذا التركيبِ لم يُذْكَرْ معها إلا مفعولٌ واحدٌ: { وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً} الأنبياء: 26 ، و{ مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ } المؤمنون: 91 و{وَمَا يَنبَغِي للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً} مريم: 92 . ووَلَدُ: فَعَل بمعنى مَفْعول كالقَبْض والنَّقْص ، وهو غيرُ مقيسٍ ، والمصدرُ: الوِلادة والوَليديَّة ، وهذا الثاني غريبٌ جداً .
قوله: {بَل لَّهُ مَا فِي السماوات والأرض} بَلْ: إضرابٌ وانتقالٌ ، و" له " خبرٌ مقدَّمٌ ، و" ما " مبتدأ مؤخرٌ . وأتى هنا بـ " ما " لأنه إذا اختلَطَ العاقلُ بغيره كان المتكلمُ مُخَيَّراً في " ما " و" مَنْ " ، ولذلك لَمَّا اعتَبَرَ العقلاءَ غلَّبهم في قوله: "قانتون" فجاء بصيغةِ جمع المذكر السالم المختصَّةِ بالعقلاء . و " ما " مصدريّة ظرفيّة .
قوله: {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} مبتدأٌ وخبرٌ ، و "كلٌّ" مضافَةٌ إلى محذوفٍ تقديراً ، أي: كلُّ مَنْ في السموات والأرض . وجَمَعَ " قانِتون " حَمْلاً على المعنى لِما تقدَّم من أَنَّ " كُلاًّ " إذا قُطِعَتْ عن الإِضافة جاز فيها مراعاةُ اللفظِ ومراعاةُ المعنى وهو الأكثر نحو: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} الأنبياء: 33 ، {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} النمل: 87 .
ومِنْ مراعاةِ اللفظِ: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ على شَاكِلَتِهِ} الإسراء: 84 و{فكُلاًّ أَخَذْنا بذَنْبِه} العنكبوت: 40 ، وحَسُنَ الجمعُ هنا لتواخي رؤوسِ الآي . والقُنُوت: الطاعةُ والانقيادُ أو طولُ القيام أو الصمتُ أو الدعاءُ .

بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)

بعد أن بين الله تبارك وتعالى أنّ قولهم " اتخذ الله ولداً " هو افتراء على الله ، أراد الحقُّ أن يَلْفِتَنا إلى بعضٍ من قُدُرُاتِه . فقال جلّ جلاله : {بَدِيعُ السماوات والأرض} أي خلق السموات والأرض وكلَّ ما فيها من خلق على غير مثال سابق .
{بَدِيعُ السماوات} المشهورُ رَفْعُ " بديع " على أنه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي: هو بديعُ . وقُرىء بالجرِّ على أنه بدلٌ من الضميرِ في "له".
وقُرئ بالنصبِ على المَدْحِ ، وبديعُ السماواتِ من بابِ الصفةِ المشبهة أضيفَتْ إلى منصوبِها الذي كانَ فاعلاً في الأصلِ ، والأصل : بديعٌ سماواتُه ، أي بَدُعَتْ لمجيئِها على شكلٍ فائقٍ حسنٍ غريبٍ ، ثم شُبِّهَتْ هذه الصفةُ باسمِ الفاعلِ فَنَصَبَتْ ما كانَ فاعلاً ثم أُضِيفَتْ إليه تخفيفاً ، وهكذا كلُّ ما جاء من نظائرِه ، فالإِضافةُ لا بدَّ وأن تكونَ من نصب لئلاَّ يلزم إضافة الصفةِ إلى فاعلِها وهو لا يجوزُ ، كما لا يجوزُ في اسمِ الفاعلِ الذي هو الأصلُ .
قوله: {وَإِذَا قضى أَمْراً} العاملُ في "إذا" محذوفٌ يَدُلُّ عليه الجوابُ من قولِه: "فإنما يقول" والتقديرُ: إذا قضى أمراً يكونُ ، فيكونُ هو الناصبُ له . و"قضى" له معانٍ كثيرةٌ ، فقضى: تعني انقطاعَ الشيء وتمامَه ، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مَسْرودتان قَضَاهُما ............. داوودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
وقال الشماخ :
قَضَيْتَ أموراً ثم غادَرْتَ بعدَها .............. بوائِقَ في أَكْمامِها لم تُفَتَّقِ
ويكونُ بمعنى خَلَق نحو: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت: 12، وبمعنى أَعْلَمَ: {وَقَضَيْنَآ إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ} الإسراء: 4 ، وبمعنى أَمَر: {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ} الإِسراء: 23 ، وبمعنى وفَّى: {فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل} القصص: 29، وبمعنى ألزم: قضى القاضي بكذا، وبمعنى أراد: {وَإِذَا قضى أَمْراً} البقرة: 117 ، وبمعنى أَنْهى ، ويجيءُ بمعنى قَدَّر وأَمْضَى ، تقول: قَضَى يقضي قَضاءً قال الشاعر:
سَأَغْسِلُ عني العارَ بالسيفِ جالِباً ........ عليَّ قضاءُ الله ما كانَ جالِبا
قوله: {فَيَكُونُ} الجمهورُ على رفعه ، وفيه ثلاثةُ أوجه ، أحدُها: أن يكونَ مستأنفاً أي خَبَراً لمبتدأ محذوفٍ أي: فهو يكونُ .
والثاني: أَنْ يكونَ معطوفاً على "يقولُ" والثالث: أن يكونَ معطوفاً على "كُنْ" من حيثُ المعنى . وقَرأَ ابن عامر "فيكونَ" بالنصب.

وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118)

{وَقَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} عطف على قوله تعالى: {وَقَالُواْ اتخذ الله} البقرة: 6 11 ووجه الارتباط أن الأول: كان قدحاً في التوحيد وهذا قدح في النبوة ، والمراد من الموصول جهلة المشركين ، وقد روي ذلك عن قتادة والسدي والحسن وجماعة ، وعليه أكثر المفسرين ويدل عليه قوله تعالى: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الارض يَنْبُوعًا} الإسرار: 0 9 وقالوا:{بَلْ قَالُواْ أضغاث أَحْلاَمٍ بَلِ} الأنبياء: 5 وقالوا: { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْنَا الملئكة أَوْ نرى رَبَّنَا} الفرقان: 1 2 وقيل: المراد به اليهود الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رافع بن خزيمة من اليهود قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت رسولاً من عند الله تعالى فقل لله يكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكتاب أَن تُنَزّلَ عَلَيْهِمْ كتابا مّنَ السماء فَقَدْ سَأَلُواْ موسى أَكْبَرَ مِن ذلك} النساء: 153 وقال مجاهد: المراد به النصارى ورجحه الطبري بأنهم المذكورون في الآية ، وهو كما ترى ، ونفي العلم على الأول عنهم على حقيقته لأنهم لم يكن لهم كتاب ولا هم أتباع نبوة ، وعلى الأخيرين لتجاهلهم أو لعدم علمهم بمقتضاه .
قوله تعالى: {لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا الله} لولا: و"لَوْما" يكونانِ حَرْفي ابتداءٍ وقد تقدم ذلك عند قوله: {فَلَوْلاَ فَضْلُ الله} البقرة: 64 ، ويكونان حَرْفَيْ تحضيضٍ بمنزلة: "هَلاَّ" فيختصَّان بالأفعالِ ظاهرةً أو مضمرةً كقوله:
تَعُدُّون عَقْرَ النِّيْبِ أفضلَ مَجْدِكُم .... بنى ضَوْطَرِى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا
أي: لولا تَعُدُّون الكميَّ ، فإنْ وَرَدَ ما يُوهم وقوعَ الاسمِ بعدَ حرفِ التحضيض يُؤَوَّل كقوله:
ونُبِّئْتُ ليلى أَرْسَلَتْ بشفاعةٍ .............. إليَّ فهلاَّ نفسُ لَيْلى شَفِيعُها
فـ "نفسُ ليلى" مرفوعٌ بفعلٍ محذوفٍ يفسِّره "شفيعُها" أي: فَهَلاَّ شَفَعَتْ نفسُ ليلى . وإذا وَقَعَ بعدَها المستقبلُ كانَتْ للتحضيضِ وإنْ وَقَعَ بعدها الماضي كانَتْ للتوبيخ ، وهذا شيءٌ يقولُه علماءُ البيانِ ، وهذه الجملةُ التحضيضيةُ في محلِّ نصبٍ بالقول .
قوله: {كَذَلِكَ قَالَ الذين} قد تقدَّم الكلامُ على نظيرِه فَلْيُطْلَب هناك . وقرأ أبو حَيْوة وابن أبي إسحاق: " تَشَّابَهَتْ " بتشديد الشين ، وذلك غيرُ جائز لأنه فعلٌ ماض ، يعني أن التاءَيْن المزيدتين إنما تجيئان في المضارع فَنُدْغِم ، أمَّا الماضي فلا .

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)

{ إِنَّا أرسلناك بالحق } أي مؤيداً به ، والحق القرآن أو الاسلام وبقاؤه على عمومه أولى { بَشِيراً وَنَذِيراً } حالان من الكاف ، وقيل : من الحق والآية اعتراض لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه كان يهتم ويضيق صدرُه لإصرارهم على الكفر والمراد: إنا أرسلناك لأنّ تبشِّرَ مَنْ أَطاعَ وتُنذرَ مَنْ عصى لا لتُجبرَ أحداً على الإيمان فما عليك إنْ أَصرّوا أو كابروا؟ والتأكيدُ لإقامة غير المنكر مقام المنكر بما لاح عليه من أمارة الإنكار والقصر إفرادي .
{وَلاَ تُسْئَلُ عَنْ أصحاب الجحيم} تذييل معطوف على ما قبله،أو اعتراض أو حال أي أرسلناك غيرَ مسؤولٍ عن أصحاب الجحيم ما لهم لم يؤمنوا بعد أن بلّغتَ ما أُرسِلتَ به وألزمت الحجة عليهم ؟ وقرأ أبيّ "وما" بدلَ {ولا} وقرأ ابنُ مسعودٍ "ولن" بدل {ولا} وقرأ نافع ، ويعقوب لا تَسْأَلْ على صيغة النهي إيذاناً بكمال شدة عقوبة الكفار وتهويلاً لها كما تقول كيف حال فلان وقد وقع في مكروه فيقال لك لا تسأل عنه أي أنه لغاية فظاعة ما حل به لا يقدر المخبر على إجرائه على لسانه أو لا يستطيع السامع أن يسمعه ، والجملة على هذا اعتراض أو عطف على مقدر أي فبلغ ، والنهي مجازي ، ومنهم مَن جعله حقيقة ، والذي يُقطع به أن الآية في كفار أهل الكتاب كالآيات السابقة عليها والتالية لها لا في أبويه صلى الله عليه وسلم ، كما قيل ، ولِتَعارُضِ الأحاديث في هذا الباب وضعفها ، قال السخاوي: الذي ندين الله تعالى به الكف عنهما وعن الخوض في أحوالهما . والذي أَدين لله تعالى به أنا أنهما ماتا موحِّديْن في زمن الكفر ، وعليه يحمل كلام الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه إن صح بل أكاد أقول : إنهما أفضل من عَلِيّ القاري وأضرابه .
قولُه تعالى: {بالحق} يجوزُ ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدُها: أن يكونَ مفعولاً به أي: بسببِ إقامةِ الحقِّ . الثاني : أَنْ يكونَ حالاً من المفعولِ في ، "أَرْسلناك" أي: أَرْسلناك ملتبساً بالحقِّ . الثالث: أن يكونَ حالاً من الفاعل أي: ملتبسين في الحقِّ ، قوله: "بَشيراً ونذيراً" يجوزُ فيه وجهان ، أحدُهما: أن يكونَ حالاً من المفعول ، وهو الظاهرُ . الثاني: أن يكونَ حالاً مِن "الحقِّ" لأنه يُوصف أيضاً بالبِشارة والنِّذارة ، وبشير ونذيرِ على صيغة فَعيل ، أمَّا بشير فتقولُ هو من بَشَر مخففاً لأنه مسموعٌ فيه، وفَعِيلُ مُطَّردٌ من الثلاثي ، وأمَّا "نذير" فمن الرباعي ولا يَنْقاس عَدْلُ مُفْعِل إلى فعيل ، إلا أنَّ له هنا مُحَسِّناً .
قوله: {وَلاَ تُسْأَلُ} قرأ الجمهور: "تُسْأَلُ" مبنياً للمفعول مع رفعِ الفعلِ على النفي . وقُرئ شاذاً: "تَسْأَلُ" مبنيّاً للفاعل مرفوعاً أيضاً ، وفي هذه الجملةِ وجهان أحدُهما: أنه حالٌ فيكونُ معطوفاً على الحال قبلها ، كأنه قيل: بشيراً أو نذيراً وغيرَ مسؤول . والثاني: أن تكونَ مستأنفةً . وقرأ نافع "تُسْأَلْ" على النهي وهذا مستأنفٌ فقط ، ولا يجوزُ أن تكونَ حالاً لأنَّ الطَلَبَ لا يَقعُ حالاً . والجحيمُ: شدَّةُ تَوَقُّدِ النار ، ومنه قيل لعين الأسد: "جَحْمة" لشدَّة توقُّدِها ، يُقال: جَحِمَتِ النارُ تَجْحَمُ ، ويقال لشدة الحر: "جاحم" ، قال:
والحربُ لا يَبْقى لِجَا .......................... حمِها التخيُّلُ والمِراحُ
والرِّضا: ضدُّ الغضَبِ ، وهو من ذَواتِ الواوِ لقولِهم: الرُّضْوانِ، والمصدر: رِضا ورِضاءً بالقصرِ والمَدّ ورِضْواناً ورُضْواناً بكسرِ الفاء وضمِّها ، وقد يَتَضَمَّن معنى "عَطَفَ" فيتعدَّى بـ "على" ، قال:
إذا رَضِيَتْ عليَّ بنو قُشَيْرٍ ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والمِلَّةُ في الأصلِ: الطريقةُ ، يقال: طريقٌ مُمِلٌّ: أي: أثَّر فيه المَشْيُ ويُعَبَّر بها عن الشريعة تَشْبيهاً بالطريقةِ ، وقيل: بل اشْتُقَّت من "أَمْلَلْتُ" لأنَّ الشريعةَ فيها مَنْ يُملي ويُمْلَى عليه .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى