منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 188

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 188 Empty الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 188

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الإثنين يوليو 09, 2012 7:02 am

وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا
مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)

يقول الحقُّ تبارك وتعالى فيها: إذا تحاكمتم إلى المخلوقين فاعلموا أنَّ اللهَ مطّلِعٌ عليكم، وعِلْمُه محيطٌ بكم، فكونوا عَلى استحياء من الله، ولئن كان المخلوقون عالمين بالظواهر فالحق ـ سبحانه ـ عالم بالسرائر.
قيل إنّ عبدان ابن أشوع الحضرمي ادّعى على امْرِئِ الْقَيْسِ الْكِنْدِيِّ وَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، فَأَنْكَرَ امْرُؤُ الْقَيْسِ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فنزلت الْآيَةُ، فَكَفَّ عَنِ الْيَمِينِ وَحَكَّمَ عَبْدَانَ فِي أَرْضِهِ وَلَمْ يُخَاصِمْهُ. ويتضمّنُ الْخِطَابُ بِهَذِهِ الْآيَةِ جَمِيعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَعْنَى: لَا يَأْكُلُ بَعْضكُمْ مَالَ بَعْضٍ بِغَيْرِ حَقٍّ. فَيَدْخُلُ فِي هَذَا: الْقِمَارُ وَالْخِدَاعُ وَالْغُصُوبُ وَجَحْدُ الْحُقُوقِ، وَمَا لَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ مَالِكِهِ، أَوْ حَرَّمَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَإِنْ طَابَتْ به نفس مالِكِه، كمهرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَأَثْمَانِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فمَنْ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لم يأذْنِ الشَّرْعِ فيه فَقَدْ أكله بالباطل، ومن الأكل بالباطل أن يقتضي الْقَاضِي لَكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ مُبْطِلٌ، فَالْحَرَامُ لَا يَصِيرُ حَلَالًا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْضِي بِالظَّاهِرِ. فعن أُمِّ سَلَمَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذُهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ ـ فِي رِوَايَةٍ ـ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا)). وَعَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ. وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ عَلَى الظَّاهِرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمُ الْبَاطِنِ.

قولُه تعالى: {بَيْنَكُمْ} في هذا الظرفِ وجهان، أحدُهما: أن يتعلَّقَ بتأكلوا بمعنى: لا تَتَنَاقَلوها فيما بينكم بالأكلِ. والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ لأنه حالٌ من "أموالكم"، أي: لا تأكلوها كائنةً بينكم، أو دائرة بينكم، وهو في المعنى كقولِهِ: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} البقرة: 282.
قولُه: {بالباطل} فيه وجهان أيضاً، أحدُهما: تعلُّقه بالفعل ، أي: لا تَأْخُذوها بالسببِ الباطلِ. الثاني: أَنْ يكونَ حالاً، فيتعلَّقَ بمحذوفٍ، ولكنْ في صاحِبها احتمالان، أحدهما: أنه المالُ، كأن المعنى، لا تأكلوها ملتبسةً بالباطلِ، والثاني: أَنْ يكونَ الضميرَ في "تأكلوا" كأنَّ المعنى: لا تأكلوها مُبْطِلين، أي: مُلْتَبِسينَ بالباطِل. والْبَاطِلُ فِي اللُّغَةِ: الذَّاهِبُ الزَّائِلُ، يُقَالُ: بَطَلَ يَبْطُلُ بطولًا وبُطْلانًا، وجمعُ الباطل بَواطِل. والأباطل جَمْعُ الْبُطُولَةِ. وَتَبَطَّلَ أَيِ اتَّبَعَ اللَّهْوَ. وَأَبْطَلَ فُلَانٌ إِذَا جَاءَ بِالْبَاطِلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ" قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ إِبْلِيسُ، لَا يزيد في القرآن ولا ينقض. وَقَوْلُهُ: "وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ" يَعْنِي الشِّرْكَ. وَالْبَطَلَةُ: السَّحَرَةُ.
قوله: {وَتُدْلُواْ بها} "تَدْلُوا" مجزومٌ عطفاً على ما قبلَه، ويؤيِّدهُ قراءة أُبيّ: "ولا تُدْلُوا" بإعادةِ لا الناهيةِ. و"بها" متعلقٌ بـ "تُدْلُوا"، وفي الباء قولان، أحدُهما: أنها للتعديةِ، أي لترسِلوا بها إلى الحكام، والثاني: أنَّها للسببِ بمعنى أن المراد بالإِدْلاَءِ الإِسراعُ بالخصومةِ في الأموالِ إمَّا لعدمِ بَيِّنةٍ عليها، أو بكونِهَا أمانةً كمالِ الأيتام. والضميرُ في "بها" للأموالِ.
يُقَالُ: أَدْلَى الرَّجُلُ بِحُجَّتِهِ أَوْ بِالْأَمْرِ الَّذِي يَرْجُو النَّجَاحَ بِهِ، تَشْبِيهًا بِالَّذِي يُرْسِلُ الدَّلْوَ فِي الْبِئْرِ، يُقَالُ: أَدْلَى دَلْوَهُ: أَرْسَلَهَا. وَدَلَّاهَا: أَخْرَجَهَا. وَجَمْعُ دلْوٍ: دلاءٌ وأَدْلٌ وَدُلِيٌّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتَأْكُلُوا} نُصِبَ بِلَامِ كي. {فَرِيقاً} أي قطعةً، فَعَبَّرَ عَنِ الْفَرِيقِ بِالْقِطْعَةِ وَالْبَعْضِ. وَالْفَرِيقُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَشِذُّ عَنْ مُعْظَمِهَا.
و{من أموال} في محلِّ نصبٍ صفةً لـ "فريقاً"، أي: فَريقاً كائناً من أموالِ الناس.
قوله: {بالإثم} تَحْتَمِلُ هذه الباء أَنْ تكونَ للسببِ فتتعلَّقَ بقوله "لتأكلوا" وأّنْ تكونَ للمصاحبةِ، فتكونَ حالاً من الفاعلِ في "لتأكلوا"، وتتعلَّقَ بمحذوفٍ أي: لتأكلوا ملتبسين بالإِثْم. "وأنتم تعلمون" جملةٌ في محلِّ نصبٍ على الحال من فاعلِ "لتأكلوا"، وذلك على رَأْيِ مَنْ يُجيز تَعَدُّدَ الحالِ، وأَمَّا مَنْ لا يُجِيزُ ذلك فيَجْعَلُ "بالإِثم" غيرَ حالٍ.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى