الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 193
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 193
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)
{وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} عطف على "وَقَاتِلُواْ الذين يقاتلونكم" البقرة: 190 والأول مسوق لوجوب أصل القتال وهذا لبيان غايته، والمراد من الفتنة الشرك على ما هو المأثور عن قتادة والسدي وغيرهما، ويؤيده أن مشركي العرب ليس في حقهم إلّا الإسلام أو السيف لقوله سبحانه: "تقاتلونهم أَوْ يُسْلِمُونَ" الفتح: 6 1
وهو أَمْرٌ بِالْقِتَالِ لِكُلِّ مُشْرِكٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، عَلَى مَنْ رَآهَا نَاسِخَةً. وَمَنْ رَآهَا غَيْرَ نَاسِخَةٍ قَالَ: الْمَعْنَى قَاتِلُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: "فَإِنْ قاتَلُوكُمْ" وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ أَمْرٌ بِقِتَالٍ مُطْلَقٍ لَا بِشَرْطٍ أَنْ يَبْدَأَ الْكُفَّارَ. دَلِيلٌ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ"، وَقَالَ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إله إِلَّا اللَّهُ)). فَدَلَّتِ الْآيَةُ وَالْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْقِتَالِ هُوَ الْكُفْرُ، لِأَنَّهُ قَالَ: "حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ" أَيْ كُفْرٌ، فَجَعَلَ الْغَايَةَ عَدَمَ الْكُفْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمُ: الْفِتْنَةُ هُنَاكَ الشِّرْكُ وَمَا تَابَعَهُ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ. وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ، مَأْخُوذٌ مِنْ فَتَنْتُ الْفِضَّةَ إِذَا أَدْخَلْتُهَا فِي النَّارِ لِتَمَيُّزِ رَدِيئِهَا مِنْ جَيِّدِهَا.
{وَيَكُونَ الدين للَّهِ} أي خالصاً له كما يشعر به اللام، ولم يجىء هنا كلمة كله كما في آية الأنفال لأن ما هنا في مشركي العرب، وما هناك في الكفار عموماً فناسب العموم هناك وتركه هنا {فَإِنِ انْتَهَوْاْ} تصريح بمفهوم الغاية فالمتعلق الشرك والفاء للتعقيب {فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين} علة للجزاء المحذوف أقيمت مقامه والتقدير: فإن انتهوا وأسلموا فلا تعتدوا عليهم لأن العدوان على الظالمين، والمنتهون ليسوا بظالمين، والمراد نفي الحسن والجواز لا نفي الوقوع لأن العدوان واقع على غير الظالمين، والمراد من العدوان العقوبة بالقتل، وسمي القتل عدواناً من حيث كان عقوبة للعدوان وهو الظلم كما في قوله تعالى: "فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ" البقرة : 194 "وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا" الشورى: 0 4 وحسن ذلك لازدواج الكلام والمزاوجة هنا معنوية ويمكن أن يقال سمي جزاء الظلم ظلماً لأنه وإن كان عدلاً من المجازي لكنّه ظلم في حق الظالم من عند نفسه لأنه ظلم بالسبب لإلحاق هذا الجزاء به وقيل: لا حذف والمذكور هو الجزاء على معنى فلا تعتدوا على المنتهين إما بجعل "فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين" بمعنى فلا عدوان على غير الظالمين المكنى به عن المنتهين، أو جعل اختصاص العدوان بالظالمين كناية عن عدم جواز العدوان على غيرهم وهم المنتهون.
وفي الاية إشارة إلى مجاهدات النفوس؛ أي استوفِ أحكام الرياضات حتى لا يبقى للآثار البشريّةِ شيءٌ ، وتُسلِمُ النَّفْسَ والقلبَ لله، تجري عليك صروفه كما يريد. فإنَّ أعدى عدوِّك نَفْسُك التي بين جنبيك.
قوله تعالى: {حتى لاَ تَكُونَ} يجوزُ في "حتى" أن تكونَ بمعنى كي، وهو الظاهرُ، وأن تكونَ بمعنى إلى، وأَن مضمرةٌ بعدَها في الحالين. و"تكونُ" هنا تامةٌ وليست فعلاً ناقصاً، و"فتنةٌ" فاعلٌ بها، وأمَّا {وَيَكُونَ الدين للَّهِ} فيجوزُ أن تكونَ تامةً أيضاً، وهو الظاهرُ، ويتعلَّقُ حرفُ الجرِّ مع لفظِ الجلالةِ "لله" بها، ويجوز أن تكونَ ناقصةً و"لله" الخبرَ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أي: كائناً لله.
وقوله: {إِلاَّ عَلَى الظالمين} في محلِّ رفعٍ خبرُ "لا" التبرئةِ، ويجوزُ أن يكونَ خبرُها محذوفاً تقديرُه: لا عدوانَ على أحد، فيكونُ "إلا على الظالمين" بدلاً على إعادةِ تكرارِ العامل. وهذه الجملةُ وإنْ كانَتْ بصورةِ النفي فهي في معنى النهي، لئلا يلزم الخُلْفُ في خبره تعالى، والعربُ إذا بالَغَتْ في النهي عن الشيء، أَبْرَزَتْه في صورةِ النفي المَحْضِ كأنه ينبغي ألاَّ يوجدَ البتةَ فَدَلُّوا على هذا المعنى بما ذكرْتُ لك، وعكسُه في الإِثباتِ إذا بَالَغُوا في الأمرِ بالشيءِ أبرزوه في صورة الخبرِ نحو: {والوالدات يُرْضِعْنَ} البقرة: 17.
{وقاتلوهم حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} عطف على "وَقَاتِلُواْ الذين يقاتلونكم" البقرة: 190 والأول مسوق لوجوب أصل القتال وهذا لبيان غايته، والمراد من الفتنة الشرك على ما هو المأثور عن قتادة والسدي وغيرهما، ويؤيده أن مشركي العرب ليس في حقهم إلّا الإسلام أو السيف لقوله سبحانه: "تقاتلونهم أَوْ يُسْلِمُونَ" الفتح: 6 1
وهو أَمْرٌ بِالْقِتَالِ لِكُلِّ مُشْرِكٍ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، عَلَى مَنْ رَآهَا نَاسِخَةً. وَمَنْ رَآهَا غَيْرَ نَاسِخَةٍ قَالَ: الْمَعْنَى قَاتِلُوا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: "فَإِنْ قاتَلُوكُمْ" وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ أَمْرٌ بِقِتَالٍ مُطْلَقٍ لَا بِشَرْطٍ أَنْ يَبْدَأَ الْكُفَّارَ. دَلِيلٌ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ"، وَقَالَ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إله إِلَّا اللَّهُ)). فَدَلَّتِ الْآيَةُ وَالْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ سَبَبَ الْقِتَالِ هُوَ الْكُفْرُ، لِأَنَّهُ قَالَ: "حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ" أَيْ كُفْرٌ، فَجَعَلَ الْغَايَةَ عَدَمَ الْكُفْرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمُ: الْفِتْنَةُ هُنَاكَ الشِّرْكُ وَمَا تَابَعَهُ مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ. وَأَصْلُ الْفِتْنَةِ: الِاخْتِبَارُ وَالِامْتِحَانُ، مَأْخُوذٌ مِنْ فَتَنْتُ الْفِضَّةَ إِذَا أَدْخَلْتُهَا فِي النَّارِ لِتَمَيُّزِ رَدِيئِهَا مِنْ جَيِّدِهَا.
{وَيَكُونَ الدين للَّهِ} أي خالصاً له كما يشعر به اللام، ولم يجىء هنا كلمة كله كما في آية الأنفال لأن ما هنا في مشركي العرب، وما هناك في الكفار عموماً فناسب العموم هناك وتركه هنا {فَإِنِ انْتَهَوْاْ} تصريح بمفهوم الغاية فالمتعلق الشرك والفاء للتعقيب {فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين} علة للجزاء المحذوف أقيمت مقامه والتقدير: فإن انتهوا وأسلموا فلا تعتدوا عليهم لأن العدوان على الظالمين، والمنتهون ليسوا بظالمين، والمراد نفي الحسن والجواز لا نفي الوقوع لأن العدوان واقع على غير الظالمين، والمراد من العدوان العقوبة بالقتل، وسمي القتل عدواناً من حيث كان عقوبة للعدوان وهو الظلم كما في قوله تعالى: "فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ" البقرة : 194 "وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا" الشورى: 0 4 وحسن ذلك لازدواج الكلام والمزاوجة هنا معنوية ويمكن أن يقال سمي جزاء الظلم ظلماً لأنه وإن كان عدلاً من المجازي لكنّه ظلم في حق الظالم من عند نفسه لأنه ظلم بالسبب لإلحاق هذا الجزاء به وقيل: لا حذف والمذكور هو الجزاء على معنى فلا تعتدوا على المنتهين إما بجعل "فَلاَ عدوان إِلاَّ عَلَى الظالمين" بمعنى فلا عدوان على غير الظالمين المكنى به عن المنتهين، أو جعل اختصاص العدوان بالظالمين كناية عن عدم جواز العدوان على غيرهم وهم المنتهون.
وفي الاية إشارة إلى مجاهدات النفوس؛ أي استوفِ أحكام الرياضات حتى لا يبقى للآثار البشريّةِ شيءٌ ، وتُسلِمُ النَّفْسَ والقلبَ لله، تجري عليك صروفه كما يريد. فإنَّ أعدى عدوِّك نَفْسُك التي بين جنبيك.
قوله تعالى: {حتى لاَ تَكُونَ} يجوزُ في "حتى" أن تكونَ بمعنى كي، وهو الظاهرُ، وأن تكونَ بمعنى إلى، وأَن مضمرةٌ بعدَها في الحالين. و"تكونُ" هنا تامةٌ وليست فعلاً ناقصاً، و"فتنةٌ" فاعلٌ بها، وأمَّا {وَيَكُونَ الدين للَّهِ} فيجوزُ أن تكونَ تامةً أيضاً، وهو الظاهرُ، ويتعلَّقُ حرفُ الجرِّ مع لفظِ الجلالةِ "لله" بها، ويجوز أن تكونَ ناقصةً و"لله" الخبرَ، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أي: كائناً لله.
وقوله: {إِلاَّ عَلَى الظالمين} في محلِّ رفعٍ خبرُ "لا" التبرئةِ، ويجوزُ أن يكونَ خبرُها محذوفاً تقديرُه: لا عدوانَ على أحد، فيكونُ "إلا على الظالمين" بدلاً على إعادةِ تكرارِ العامل. وهذه الجملةُ وإنْ كانَتْ بصورةِ النفي فهي في معنى النهي، لئلا يلزم الخُلْفُ في خبره تعالى، والعربُ إذا بالَغَتْ في النهي عن الشيء، أَبْرَزَتْه في صورةِ النفي المَحْضِ كأنه ينبغي ألاَّ يوجدَ البتةَ فَدَلُّوا على هذا المعنى بما ذكرْتُ لك، وعكسُه في الإِثباتِ إذا بَالَغُوا في الأمرِ بالشيءِ أبرزوه في صورة الخبرِ نحو: {والوالدات يُرْضِعْنَ} البقرة: 17.
مواضيع مماثلة
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :143
» الدر النظيم .. ( الآية : 37 من سورة البقرة )
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 52
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :133
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 187
» الدر النظيم .. ( الآية : 37 من سورة البقرة )
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 52
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :133
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 187
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود