منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 203

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 203 Empty الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 203

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الخميس يوليو 19, 2012 9:00 am

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ} لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هِيَ أَيَّامُ مِنًى، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَسْمَاءَ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَيَّامُ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي يَتَعَجَّلُ الْحَاجُّ مِنْهَا فِي يَوْمَيْنِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَقيلَ: هي أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ أَيَّامُ النَّحْرِ.
وأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِبَادَهُ بِذِكْرِهِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَيْسَ يَوْمُ النَّحْرِ مِنْهَا، لِإِجْمَاعِ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَنْفِرُ أَحَدٌ يَوْمَ النَّفْرِ وَهُوَ ثَانِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَوْ كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فِي الْمَعْدُودَاتِ لَسَاغَ أَنْ يَنْفِرَ مَنْ شَاءَ مُتَعَجِّلًا يَوْمَ النَّفْرِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ يَوْمَيْنِ مِنَ الْمَعْدُودَاتِ.
خَرَّجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن يَعْمَرَ الدِّيلِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بعرفة فسألوه، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: ((الْحَجُّ عَرَفَةُ، فَمَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ، أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ))، أَيْ مَنْ تَعَجَّلَ مِنَ الْحَاجِّ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى صَارَ مُقَامُهُ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَيَصِيرُ جَمِيعُ رَمْيِهِ بِتِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ حَصَاةً، وَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ يَوْمِ الثَّالِثِ. وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ مِنْهَا إِلَّا فِي آخِرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَصَلَ لَهُ بِمِنًى مُقَامُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَجْلِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَاسْتَوْفَى الْعَدَدَ فِي الرَّمْيِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. وَمِنَ الدَّلِيلِ ـ أيضاً ـ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ مِنًى ثَلَاثَةٌ قَوْلُ الْعَرْجِيِّ:
مَا نَلْتَقِي إِلَّا ثَلَاثَ مِنًى ...................... حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَنَا النَّفْرُ
فَأَيَّامُ الرَّمْيِ مَعْدُودَاتٌ، وَأَيَّامُ النَّحْرِ مَعْلُومَاتٌ. وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْدُودَاتِ وَالْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ يَجْمَعُهَا أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ: يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، فَيَوْمُ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ، وَالْيَوْمَانِ بَعْدَهُ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ، وَالْيَوْمُ الرَّابِعُ مَعْدُودٌ لَا مَعْلُومٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِمِنًى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ" وَلَا مِنَ الَّتِي عَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: ((أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ)) فَكَانَ مَعْلُومًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ"، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّحْرُ، وَكَانَ النَّحْرُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الرَّابِعِ نَحْرٌ، فَكَانَ الرَّابِعُ غَيْرَ مُرَادٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "مَعْلُوماتٍ" لِأَنَّهُ لَا يُنْحَرُ فِيهِ وَكَانَ مِمَّا يُرْمَى فِيهِ، فَصَارَ مَعْدُودًا لِأَجْلِ الرَّمْيِ، غَيْرَ مَعْلُومٍ لِعَدَمِ النَّحْرِ فِيهِ. وَالْحَقِيقَةُ فِيهِ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ مَعْدُودٌ بِالرَّمْيِ مَعْلُومٌ بِالذَّبْحِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا فِي قَوْلِهِ تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ". وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الْعَشْرُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَآخِرُهَا يَوْمُ النَّحْرِ، لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَرَوَيَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ أَيَّامُ النَّحْرِ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عمر وعلي رضي الله عنهما، وإليه أذهب، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ". وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَاتِ أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ: يَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ. فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ، لِأَنَّ الْمَعْدُودَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْمَعْدُودَاتِ لَا تَتَنَاوَلُ أَيَّامَ الْعَشْرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: "فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ"، وَلَيْسَ فِي الْعَشْرِ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِيَوْمَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَعْلُومَاتِ الْعَشْرُ، وَالْمَعْدُودَاتِ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهَذَا الذِّكْرِ هُوَ الْحَاجُّ، خُوطِبَ بِالتَّكْبِيرِ عِنْدَ رمي الجمار، وَعَلَى مَا رُزِقَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَعِنْدَ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ دُونَ تَلْبِيَةٍ، وَهَلْ يَدْخُلُ غَيْرُ الْحَاجِّ فِي هَذَا أَمْ لَا؟ فَالَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَالْمَشَاهِيرُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ كُلُّ أَحَدٍ ـ وَخُصُوصًا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ ـ فَيُكَبَّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ صَلَاةٍ ـ كَانَ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ ـ تَكْبِيرًا ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَمَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ بِإِثْرِ صَلَاةٍ كَبَّرَ إِنْ كَانَ قَرِيبًا، وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شي عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُخْتَصَرِ: يُكَبِّرُ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ، فَإِذَا قام من مجلسه فلا شيء عليه. وإنسى الْإِمَامُ التَّكْبِيرَ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا قَعَدَ فَكَبَّرَ، وإن تباعد فلا شيء عَلَيْهِ، وَإِنْ ذَهَبَ وَلَمْ يُكَبِّرْ وَالْقَوْمُ جُلُوسٌ فليكبروا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي طَرَفَيْ مُدَّةِ التَّكْبِيرِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يوم النحر. وخالفاه صَاحِبَاهُ فَقَالَا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، قَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَاتَّفَقُوا فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: يُكَبِّرُ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي لَفْظِ التَّكْبِيرِ، فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إِثْرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، وَيُقَالُ بَعْدَ التَّكْبِيرَاتِ الثَّلَاثِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ} التَّعْجِيلُ أَبَدًا لَا يَكُونُ هُنَا إِلَّا فِي آخِرِ النَّهَارِ، وَكَذَلِكَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، لِأَنَّ الرَّمْيَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ إِنَّمَا وَقْتُهُ بَعْدَ الزَّوَالِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا يُرْمَى فِيهِ غَيْرُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرْمِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنَ الْجَمَرَاتِ غَيْرَهَا، وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ وَقْتَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ فِي أيام التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ إِلَى الْغُرُوبِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: جَائِزٌ رَمْيُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِأَحَدٍ بِرَمْيٍ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَلَا يَجُوزُ رَمْيُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ رَمَاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجُوزُ رَمْيُهَا. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الرَّمْيِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، لما رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْمِي بِاللَّيْلِ وَتَقُولُ: إِنَّا كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ الرَّمْيُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.
أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ فِي رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِنْ رَمَاهَا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْهُ ولا شي عَلَيْهِ، إِلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: أَسْتَحِبُّ لَهُ إِنْ تَرَكَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَتَّى أَمْسَى أَنْ يهريق دما يجئ بِهِ مِنَ الْحِلِّ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَرْمِهَا حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَرَمَاهَا مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مِنَ الْغَدِ، فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِرَمْيِ الْجَمْرَةِ وَقْتًا، وَهُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، فَمَنْ رَمَى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ رَمَاهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا فِي الْحَجِّ بَعْدَ وَقْتِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ السَّائِلُ: يا رسول الله، رميتُ بعد ما أَمْسَيْتُ فَقَالَ: ((لَا حَرَجَ))، قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَسِيَ رَمْيَ الْجِمَارِ حَتَّى يُمْسِيَ فَلْيَرْمِ أَيَّةَ سَاعَةٍ ذَكَرَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، كَمَا يُصَلِّي أَيَّةَ سَاعَةٍ ذَكَرَ، وَلَا يَرْمِي إِلَّا مَا فَاتَهُ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَتْ جَمْرَةً وَاحِدَةً رَمَاهَا، ثُمَّ يَرْمِي مَا رَمَى بَعْدَهَا مِنَ الْجِمَارِ، فَإِنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْجِمَارِ وَاجِبٌ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَعَ فِي رَمْيِ جَمْرَةٍ حَتَّى يُكْمِلَ رَمْيَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ. فَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الرَّمْيِ فَلَا رَمْيَ، فَإِنْ ذكر بعد ما يصدر وهو بمكة أو بعد ما يَخْرُجُ مِنْهَا فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَسَوَاءٌ تَرَكَ الْجِمَارَ كُلَّهَا، أَوْ جَمْرَةً مِنْهَا، أَوْ حَصَاةً مِنْ جَمْرَةٍ حَتَّى خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ تَرَكَ الْجِمَارَ كُلَّهَا فعليه دم، وإن ترك جمرة واحدةكَانَ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَصَاةٍ مِنَ الْجَمْرَةِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ، إِلَى أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيُطْعِمُ مَا شَاءَ، إِلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَتَصَدَّقُ إِنْ تَرَكَ حَصَاةً. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُطْعِمُ فِي الْحَصَاةِ وَالْحَصَاتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، فإن ترك أربعة فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ دَمٌ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ: إِنَّ فِي الْحَصَاةِ الْوَاحِدَةِ مُدًّا مِنْ طَعَامٍ، وَفِي حَصَاتَيْنِ مُدَّيْنِ، وَفِي ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ دَمٌ.
وَلَا سَبِيلَ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَى رَمْيِ مَا فَاتَهُ مِنَ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِهَا، وَذَلِكَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَكِنْ يُجْزِئُهُ الدَّمُ أَوِ الْإِطْعَامُ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا.
وَلَا تَجُوزُ الْبَيْتُوتَةُ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا عَنْ مِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا لِلرِّعَاءِ وَلِمَنْ وَلِيَ السِّقَايَةَ مِنْ آلِ الْعَبَّاسِ. قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي مِنًى مِنْ غَيْرِ الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ الْعَبَّاسُ يَنْظُرُ فِي السِّقَايَةِ وَيَقُومُ بِأَمْرِهَا، وَيَسْقِي الْحَاجَّ شَرَابَهَا أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهُ فِي الْمَبِيتِ عَنْ مِنًى، كَمَا أَرْخَصَ لِرِعَاءِ الْإِبِلِ مِنْ أَجْلِ حَاجَتِهِمْ لِرَعْيِ الْإِبِلِ وَضَرُورَتِهِمْ إِلَى الْخُرُوجِ بِهَا نَحْوَ الْمَرَاعِي الَّتِي تَبْعُدُ عَنْ مِنًى. وَسُمِّيَتْ مِنًى "مِنًى" لِمَا يُمْنَى فِيهَا مِنَ الدِّمَاءِ، أَيْ يُرَاقُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَتْ مِنًى لأنّ جبريل قل لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَمَنَّ. قَالَ: أَتَمَنَّى الْجَنَّةَ، فَسُمِّيَتْ مِنًى. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ جَمْعًا لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهَا حَوَّاءُ وَآدَمُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَالْجَمْعُ أَيْضًا هُوَ الْمُزْدَلِفَةُ، وَهُوَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَبِيتَ لِلْحَاجِّ غَيْرَ الَّذِينَ رُخِّصَ لَهُمْ لَيَالِيَ مِنًى بِمِنًى مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَنُسُكِهِ، وَالنَّظَرُ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْقِطٍ لِنُسُكِهِ دَمًا، قِيَاسًا عَلَى سائر الحج ونسكه.
وَفِي الْمُوَطَّأِ: مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ عُمَرُ: لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ. وَالْعَقَبَةُ الَّتِي مَنَعَ عُمَرُ أَنْ يَبِيتَ أَحَدٌ وَرَاءَهَا هِيَ الْعَقَبَةُ الَّتِي عِنْدَ الْجَمْرَةِ الَّتِي يَرْمِيهَا النَّاسُ يَوْمَ النَّحْرِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ. رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ، قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاتَ وَرَاءَهَا لَيَالِيَ مِنًى فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَاتَ بِغَيْرِ مِنًى لَيَالِيَ مِنًى، وَهُوَ مَبِيتٌ مَشْرُوعٌ فِي الْحَجِّ، فَلَزِمَ الدَّمُ بِتَرْكِهِ كَالْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَمَعْنَى الْفِدْيَةِ هُنَا عِنْدَ مَالِكٍ الْهَدْيُ. وهُوَ هَدْيٌ يُسَاقُ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ.
ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَرْمِيهَا رَاكِبًا. وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَسَالِمٌ يَرْمُونَهَا وَهُمْ مُشَاةٌ، وَيَرْمِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَكُونُ وَجْهُهُ فِي حَالِ رَمْيِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَيُرَتِّبُ الْجَمَرَاتِ وَيَجْمَعُهُنَّ وَلَا يُفَرِّقُهُنَّ وَلَا يُنَكِّسُهُنَّ، يَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ رَمْيًا وَلَا يَضَعُهَا وَضْعًا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَسُنَّةُ الذِّكْرِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ التَّكْبِيرُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الذِّكْرِ، وَيَرْمِيهَا مَاشِيًا بِخِلَافِ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهَذَا كُلُّهُ تَوْقِيفٌ رَفَعَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي الْمَسْجِدَ ـ مَسْجِدَ مِنًى ـ يَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ تَقَدَّمَ أَمَامَهَا فَوَقَفَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو، وَكَانَ يُطِيلُ الْوُقُوفَ. ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَدِرُ ذَاتَ الْيَسَارِ مِمَّا يَلِي الْوَادِيَ فَيَقِفُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ ثُمَّ يَدْعُو. ثُمَّ يَأْتِي الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الْعَقَبَةِ فَيَرْمِيهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَمَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا.
وَحُكْمُ الْجِمَارِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً غَيْرَ نَجِسَةٍ، وَلَا مِمَّا رُمِيَ بِهِ، فَإِنْ رَمَى بِمَا قَدْ رُمِيَ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
وَاسْتَحَبَّ أَهْلُ الْعِلْمِ أَخْذَهَا مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ لَا مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ،
فَإِنْ أَخَذَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَحْتَاجُ وَبَقِيَ ذَلِكَ بِيَدِهِ بعد الرمي دفنَه ولم يطرحْه. وَلَا تُغْسَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِطَاوُوسٍ.
وَلَا يُجْزِئُ فِي الجمار شيءٌ غَيْرُ الْحَجَرِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وقيل يُجزئُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ وَبِالْحَصَى)). الخَذْفُ: رميُك بحصاةٍ أو نواةٍ تأخذُها بين سبابتيك وترمى بها، أو تجعلُ مِخْذَفَةً من خشب ترمى بها بين الإبهام والسبابة. والمراد بحصى الخذف، الحصى المائل إلى الصغر. قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَكُونُ أَصْغَرَ مِنَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ بِمِثْلِ بَعْرِ الْغَنَمِ. رَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وهو على راحلته: ((هاتِ الْقِطْ لي)) ـ فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: ((بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ)). فَدَلَّ قَوْلُهُ: ((وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ)) عَلَى كَرَاهَةِ الرَّمْيِ بِالْجِمَارِ الْكِبَارِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْغُلُوِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ ووغيرهما فِيمَنْ قَدَّمَ جَمْرَةً عَلَى جَمْرَةٍ: لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا أَنْ يَرْمِيَ عَلَى الْوَلَاءِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَبَعْضُ النَّاسِ: يُجْزِئُهُ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا بَيْنَ يَدَيْ نُسُكٍ فَلَا حَرَجَ)) وَقَالَ: ((لَا يَكُونُ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ أَوْ صِيَامٌ فَقَضَى بَعْضًا قَبْلَ بَعْضٍ)).
وَاخْتَلَفُوا فِي رَمْيِ الْمَرِيضِ وَالرَّمْيِ عَنْهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يُرْمَى عَنِ الْمَرِيضِ وَالصَّبِيِّ اللَّذَيْنِ لَا يُطِيقَانِ الرَّمْيَ، وَيَتَحَرَّى الْمَرِيضُ حِينَ رَمْيِهِمْ فَيُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ لِكُلِّ جَمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَإِذَا صَحَّ الْمَرِيضُ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ دَمٌ عِنْدَ مَالِكٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُرْمَى عَنِ الْمَرِيضِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا هَدْيًا. وَلَا خِلَافَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الرَّمْيِ أَنَّهُ يُرْمَى عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذِهِ الْجِمَارُ الَّتِي يُرْمَى بِهَا كُلَّ عَامٍ فَنَحْسِبُ أَنَّهَا تَنْقُصُ، فَقَالَ: ((إِنَّهُ مَا تُقُبِّلَ مِنْهَا رُفِعَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَرَأَيْتَهَا أَمْثَالَ الْجِبَالِ)).
وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ مِنًى شَاخِصًا إِلَى بَلَدِهِ خَارِجًا عَنِ الْحَرَمِ غَيْرَ مُقِيمٍ بِمَكَّةَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ قَالَ: "فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ"، فَلْيَنْفِرْ مَنْ أَرَادَ النَّفْرَ ما دام في شيء من النهار. وقد روي عن النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ أَدْرَكَهُ الْعَصْرُ وَهُوَ بِمِنًى مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى الْغَدِ. ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا قَالَا ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا،
وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ مَكَّةَ هَلْ يَنْفِرُونَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ، فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ شَاءَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَنْ يَنْفِرُوا فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ، إِلَّا آلَ خُزَيْمَةَ فَلَا يَنْفِرُونَ إِلَّا فِي النَّفْرِ الْآخِرِ. لأَنَّهُمْ أَهْلُ حَرَمٍ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي أَهْلِ مَكَّةَ: مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ نَفْسِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ فَلَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْآيَةُ عَلَى الْعُمُومِ، وَالرُّخْصَةُ لِجَمِيعِ النَّاسِ، أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، أَرَادَ الْخَارِجُ عَنْ مِنًى الْمُقَامَ بِمَكَّةَ أَوِ الشُّخُوصَ إِلَى بَلَدِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالنَّخَعِيُّ: مَنْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ فَلَا حَرَجَ، وَمَنْ تَأَخَّرَ إِلَى الثَّالِثِ فَلَا حَرَجَ، فَمَعْنَى الْآيَةِ كُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِهَذَا التَّقْسِيمِ اهْتِمَامًا وَتَأْكِيدًا، إِذْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَذُمُّ الْمُتَعَجِّلَ وَبِالْعَكْسِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ رَافِعَةً لِلْجُنَاحِ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ أَيْضًا: مَعْنَى مَنْ تَعَجَّلَ فَقَدْ غُفِرَ لَهُ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَقَدْ غُفِرَ لَهُ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ خَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)). فَقَوْلُهُ: "فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ" نَفْيٌ عَامٌّ وَتَبْرِئَةٌ مُطْلَقَةٌ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ فِي الْآيَةِ: لَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى بَقِيَّةَ عُمُرِهِ، وَالْحَاجُّ مَغْفُورٌ لَهُ الْبَتَّةَ، أَيْ ذَهَبَ إِثْمُهُ كُلُّهُ إِنِ اتَّقَى اللَّهَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ. وَقيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ لَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنَ اتَّقَى قَتْلَ الصَّيْدِ، وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجَنُّبُهُ فِي الْحَجِّ. وَقيلَ أَيْضًا: لِمَنِ اتَّقَى فِي حَجِّهِ فَأَتَى بِهِ تَامًّا حَتَّى كان مبروراً.
قوله تعالى: {مَّعْدُودَاتٍ} صفةٌ لأيام، وقد تقدَّم أن صفةَ ما لا
يعقل يَطَّرِد جَمْعُها بالألفِ والتاءِ. فإنْ قيل "الأيام" واحدُها "يوم"
و"المعدودات" واحدتُها "معدودةٌ"، واليومُ لا يُوَصَفُ بمعدودة لأنَّ الصفةَ هنا مؤنثة والموصوفُ مذكَّر، وإنّما الوجهُ أنْ يُقالَ:"أيامٌ معدودةٌ" فَتَصِفُ الجمع بالمؤنثِ، فالجوابُ أنّه أَجْرى "معدودات" على لفظ أيام، وقابَلَ الجمعَ بالجمع مجازاً، والأصلُ معدودة، كما قال: {لَن تَمَسَّنَا النار إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً} البقرة: 80 ، ثم إن الأيام تَشْتمل على الساعات، والساعةُ مؤنثة فجاء الجمعُ على معنى ساعات الأيام، وفيه تنبيهٌ على الأمر بالذكر في كلِّ ساعاتِ هذه الأيامِ أو في معظمِها. ونظيرُ ذلكَ الشهر والصيف والشتاء فإنَها يُجاب بها عن كم، وكم إنّما يجابُ عنها بالعدد، وألفاظُ هذه الأشياءِ ليسَتْ عدداً وإنّما هي أسماءُ المعدودات فكانت جواباً من هذا الوجهِ، ومفرد معدودات معدودة بالتأنيث ممنوعٌ بل مفردُهَا معدود بالتذكير، ولاَ يضُرُّ جمعُه بالألفِ والتاء، إذ الجمع بالألفِ والتاءِ لاَ يسْتْدعي تأنيثَ المفرد، ألا ترى إلى قولِهم: حَمَّامات وسِجِلاَّت وسُرادِقات؟ فإنّ مفردها: حمام وسجل وسُرادق.
قوله: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} مَنْ: إما أن تكونَ شرطيةً ، فـيكون "تَعَجَّل" في محلِّ جزمٍ، والفاءُ في قولِه: "فلا" جوابُ الشرط، والفاءُ وما في حَيِّزها في محلِّ جزمٍ أيضاً على الجواب. أو تكون موصولةً فلا محلَّ لتَعَجَّل لوقوعِه صلةً، ولفظه ماضٍ ومعناه يحتمل المضيَّ والاستقبالَ؛ لأنَّ كلَّ ما وقع صلةً فهذا حكمُه. والفاءُ في "فلا" زائدةُ في الخبرِ، وهي وما بعدها في محلِّ رفعٍ خبراً للمبتدأ. و"في يومين" متعلّق بتَعجَّل، ولا بد من ارتكابِ مجاز لأن الفعلَ الواقعَ في الظرفِ المعدودِ يستلزم أن يكونَ واقعاً في كلٍّ مِنْ معدوداتِه، تقولُ: "سِرْت يومين" لا بد وأَنْ يكونَ السيرُ وقع في الأول والثاني أو بعضِ الثاني، وهنا لا يقع التعجيل في اليوم الأول من هذين اليومين بوجهٍ ، ووجهُ المجاز: إمَّا من حيث إنه نَسَب الواقعَ في أحدهما واقعاً فيها كقوله: {نَسِيَا حُوتَهُمَا}الكهف: 61و{يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} الرحمن: 22، والناسي أحدُهما، وكذلك المُخْرَجُ من أحدِهما، وإمَّا من حيث حَذْفُ مضافٍ أي: في تمامِ يومين أو كمالِهما.
و"تعجَّل" يجوزُ أن يكونَ بمعنى استعجَلَ، كتكبَّر واستكبر، أو مطاوعاً لعجَّل نحو كَسَّرْتُه فَتَكَسَّر، أو بمعنى المجرد، وهو عَجِل، والمطاوعة أوفق، لقوله: "ومَنْ تأخَّر"، كما هي كذلك في قول الشاعر:
قد يُدْرِك المتأنِّي بعضَ حاجتِه ....... وقد يكونُ مع المُسْتعجِلِ الزَّلَلُ
لأجلِ قولِه "المتأني". وتعجَّل واستعجل يكونان لازمين ومتعديين، ومتعلَّقُ التعجيلِ محذوفٌ، فيجوزُ أن تقدِّرَه مفعولاً صريحاً أي: من تعجَّل النَّفْر، وأن تقدِّرَه مجروراً أي: بالنفر، حَسَبَ استعمالِه لازماً ومتعدياً.
وفي هذه الآيات من علمِ البديعِ: الطباقُ، وهو ذكرُ الشيء وضدِّه في "تعجَّل وتأخر" فهو كقوله: {هُوَ أَضْحَكَ وأبكى} النجم: 43 و{أَمَاتَ وَأَحْيَا} النجم: 43 وهذا طباقٌ غريب ، من حيث جَعَل ضدَّ "تَعَجَّل" : "تأخَّر"، وإنما ضدُّ "تعجَّل" : "تأنَّى" وضدُّ "تأخَّر": "تقدَّم"، ولكنه في "تعجَّل" عَبَّر بالملزوم عن اللازم، وفي "تأخَّر" باللازم عن الملزومِ. وفيها من علم البيان : المقابلةُ اللفظية، وذلك أن المتأخِّرَ بالنَّفْر آتٍ بزيادةٍ في العبادة فله زيادةٌ في الأجر على المتعجِّل فقال في حقه أيضاً: {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} ليقابلَ قولَه أولاً: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ}، فهو كقولِهِ: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} الشورى: 40 و{فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ} البقرة: 194.
وقرأ الجمهور {فلا إِثْمَ} بقطعِ الهمزةِ على الأصلِ، وقرأ سالم ابنَ عبد الله: "فلا اثمَ" بوصلِها وحَذْفِ ألفِ "لا"، ووجهُه أنّه خَفَّف الهمزةَ بينَ بينَ فَقَرُبَتْ من الساكنِ فَحذَفَها تشبيهاً بالألف، فالتقى ساكنان: ألفُ "لا" وثاء "إثم"، فَحُذِفت ألفُ "لا" لالتقاءِ الساكنين. ووجهُها أنَّه لمَّا خَلَطَ الاسمَ بـ "لا" حَذَفَ الهمزةَ تشبيهاً لها بالألف يعني أنه لمَّا رُكِّبت "لا" مع اسمها صارا كالشيء الواحد، والهمزةُ شبيهةُ الألف، فكأنه اجتمعَ ألِفان فَحُذِفَت الثانيةُ لذلك، ثم حُذِفَت الألفُ لِما ذكرْتُ لك.
قوله: {لِمَنِ اتقى} هذا الجارُّ خبرُ مبتدأ محذوفٍ، واختلفوا في ذلك المبتدأ حَسَبَ اختلافِهم في تعلُّقِ هذا الجارِّ من جهةِ المعنى لا الصناعة فقيل: يتعلَّقُ من جهةِ المعنى بقولِه: {فلا إِثْمَ عَلَيْهِ} فتُقَدِّر له ما يَليقُ به أي: انتفاءُ الإِثمِ لِمَن اتَّقى. وقيل: متعلِّقٌ بقولِه: "واذكروا" أي: الذكرُ لمَنِ اتقى. وقيل: متعلِّق بقولِه: "غفورٌ رحيم" أي: المغفرة لمن اتقى. وقيل: التقديرُ: السلامة لمن اتقى. وقيل: التقديرُ: ذلك التخييرُ وَنفْيُ الإِثم عن المستعجلِ والمتأخرِ لأجلِ الحاجِّ المتَّقي، لئلا يتخالجَ في قلبِه شيءٌ منهما فيحسَبَ أنَّ أحدَهما يُرهِقُ صاحبَه إثماً في الإِقدامِ عليه، لأنَّ ذا التقوى حَذِرٌ متحرزٌ من كلِّ ما يُريبه. وقيل: التقديرُ: ذلكَ الذي مَرَّ ذكرهُ من أحكام الحج وغيرهِ لِمَنِ اتقى، لأنه هو المنتفعُ به دون مَنْ سِواه، كقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ الله} الروم: 38. وقيل تقديرُه: جوازُ التعجيل والتأخير لمن اتقى. وكلُّها أقوالٌ متقاربة. ويجوز أن يكونَ "لمَن اتّقى" في محلِّ نصب على أنّ اللامَ لامُ التعليل، ويتعلَّقُ بقولِه: {فلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أي: انتفى الإِثمُ لأجلٍ المتَّقي، ومفعولُ: "اتَّقى" محذوفٌ، أي: اتَّقى اللهَ، وقد جاءَ مصرَّحاً به في مصحفِ عبدِ الله وقيل: اتقى الصيدَ.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى