منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة ، الآية: 205

اذهب الى الأسفل

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة ، الآية: 205 Empty فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة ، الآية: 205

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الجمعة يوليو 20, 2012 9:57 am

وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها} قِيلَ: "تَوَلَّى وسَعى" مِنْ فِعْلِ الْقَلْبِ، فَيَجِيءُ "تَوَلَّى" بِمَعْنَى ضَلَّ وَغَضِبَ وَأَنِفَ فِي نَفْسِهِ. و"سَعى" أَيْ سَعَى بِحِيلَتِهِ وإرادته. وَقِيلَ: هُمَا فِعْلُ الشَّخْصِ، فَيَجِيءُ "تَوَلَّى" بِمَعْنَى أَدْبَرَ وَذَهَبَ عَنْكَ يَا مُحَمَّدُ. وَ"سَعى" أَيْ بِقَدَمَيْهِ فَقَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَفْسَدَهَا. وَكِلَا السَّعْيَيْنِ فَسَادٌ. يُقَالُ: سَعَى الرَّجُلُ يَسْعَى سَعْيًا، أَيْ عَدَا، وَكَذَلِكَ إِذَا عَمِلَ وَكَسَبَ. وَفُلَانٌ يَسْعَى عَلَى عِيَالِهِ أَيْ يَعْمَلُ فِي نَفْعِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُهْلِكَ} عُطِفَ عَلَى لِيُفْسِدَ. وَالْمَعْنِيُّ فِي الْآيَةِ الْأَخْنَسُ فِي إِحْرَاقِهِ الزَّرْعَ وَقَتْلِهِ الْحُمُرَ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ. وقَالَ غَيْرُهُ: وَلَكِنَّهَا صَارَتْ عَامَّةً لِجَمِيعِ النَّاسِ، فَمَنْ عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِهِ اسْتَوْجَبَ تِلْكَ اللَّعْنَةَ وَالْعُقُوبَةَ. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ مَنْ يَقْتُلُ حِمَارًا أَوْ يُحْرِقُ كُدْسًا اسْتَوْجَبَ الْمَلَامَةَ، وَلَحِقَهُ الشَّيْنُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. والكَدْسُ العرمة من الطعام والتمر والدراهم. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُرَادُ أَنَّ الظَّالِمَ يُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ فَيُمْسِكُ اللَّهُ الْمَطَرَ فَيُهْلِكُ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ. وَقِيلَ: الْحَرْثُ النِّسَاءُ، وَالنَّسْلُ الْأَوْلَادُ، وَهَذَا لِأَنَّ النِّفَاقَ يُؤَدِّي إِلَى تَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ وَوُقُوعِ الْقِتَالِ، وَفِيهِ هَلَاكُ الْخَلْق. وَالسَّعْيُ فِي الْأَرْضِ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ إِيقَاعِ الْفِتْنَةِ وَالتَّضْرِيبِ بَيْنَ النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ: ((إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ وَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْ عِنْدِهِ)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } الْحَرْثُ: فِي اللُّغَةِ: الشَّقُّ، وَمِنْهُ
الْمِحْرَاثُ لِمَا يُشَقُّ بِهِ الْأَرْضُ. وَالْحَرْثُ: كَسْبُ الْمَالِ وَجَمْعُهُ، وَفَي الْحَدِيثِ: ((احْرُثْ لدنياك كأنك تَعِيشُ أَبَدًا)).
وَالْحَرْثُ الزَّرْعُ. وَالْحَرَّاثُ الزَّرَّاعُ. وَقَدْ حَرَثَ وَاحْتَرَثَ، مِثْلَ زَرَعَ وَازْدَرَعَ وَيُقَالُ: احْرُثِ الْقُرْآنَ، أَيِ ادْرُسْهُ. وَحَرَثْتُ النَّاقَةَ وَأَحْرَثْتُهَا، أَيْ سِرْتُ عَلَيْهَا حَتَّى هَزَلَتْ وَحَرَثْتُ النَّارَ حَرَّكْتُهَا. وَالْمِحْرَاثُ: مَا يُحَرَّكُ بِهِ نَارُ التَّنُّورِ. وَالنَّسْلُ: مَا خَرَجَ مِنْ كُلِّ أُنْثَى مِنْ وَلَدٍ. وَأَصْلُهُ الْخُرُوجُ وَالسُّقُوطُ، وَمِنْهُ نَسْلُ الشَّعْرِ، وَرِيشُ الطَّائِرِ، وَالْمُسْتَقْبَلُ يَنْسِلُ، وَمِنْهُ "إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ"، "مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ". وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وإنْ تَكُ قَدْ سَاءَتْكِ مني خليقَةٌ ..........فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ
وَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى الْحَرْثِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَغَرْسِهَا بِالْأَشْجَارِ حَمْلًا عَلَى الزَّرْعِ، وَطَلَبِ النَّسْلِ، وَهُوَ. نَمَاءُ الْحَيَوَانِ، وَبِذَلِكَ يَتِمُّ قِوَامُ الْإِنْسَانِ. وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بِتَرْكِ الْأَسْبَابِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ} قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ: الْفَسَادُ هُوَ الْخَرَابُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَطْعُ الدَّرَاهِمِ مِنَ الْفَسَادِ في الأرض. وقال عطاء: إن رجلًا كان يُقَالُ لَهُ عَطَاءُ بْنُ مُنَبِّهٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْزِعَهَا. قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: إِنَّا كُنَّا نَسْمَعُ أَنْ يَشُقَّهَا، فَقَالَ عَطَاءٌ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ.
وَالْآيَةُ بِعُمُومِهَا تَعُمُّ كُلَّ فَسَادٍ كَانَ فِي أَرْضٍ أَوْ مَالٍ أَوْ دِينٍ. قِيلَ: مَعْنَى لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ أَيْ لَا يُحِبُّهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ، أَوْ لَا يُحِبُّهُ دِينًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لا يأمر به، والله أعلم.
قوله تعالى: {وَإِذَا تولى سعى} سَعَى: جوابُ إذا الشرطية وهذه الجملةُ الشرطيةُ تحتملُ وَجْهَيْنِ، أحدُهما: أن تكونَ عطفاً على ما قبلَها وهو "يُعْجِبُكَ" فتكون: إمَّا صلةً أو صفةً حسب ما تقدَّم في "مَنْ"، والثاني أن تكونَ مستأنفةً لمجردِ الاخبارِ بحالِهِ، وقد تَمَّ الكلامُ عند قولِهِ: "ألدُّ الخصام".
والتولِّي والسَّعْيُ يحتملان الحقيقةَ أي: تولَّى ببدنِهِ عنكَ وسعى بِقَدَمَيْهِ، والمجازَ بأن يريدَ بالتولِّي الرجوعَ عن القولِ الأولِ، وبالسعي العملَ والكَسْبَ من السَّعاية، وهو مجازٌ شائعٌ، ومنه: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى} النجم: 39 وقال امرؤُ القيس:
فلو أنَّ ما أسْعى لأدنى معيشةٍ ....... كفاني ولم أَطْلُبْ قليلٌ من المالِ
ولكنَّمَـــــــــــــــا أسعى لمجدٍ مُؤثَّلٍ ....... وقــــد يُدْرِكُ المجدَ المؤثَّلَ أَمْثَالي
وقال آخر :
أسعى على حَيِّ بني مــــــــــــالِكِ ........ كلُّ امرىءٍ في شَأْنِهِ ســــــــــــــــــــاعي
والسَّعايَةُ بالقولِ ما يقتضي التفريقَ بين الأخِلاَّءِ، قال :
ما قلتُ ما قال وشاةٌ سَعَوْا ................... سَعْيَ عَدُوٍ بَيْنَنَا يَرْجُفُ
قوله: {فِي الأرض} متعلِّقٌ بـ "سَعَىَ"، فإنْ قيل: معلومٌ أنَّ السَّعْيَ لا يكونُ إلاَّ في الأرضِ قيل: لأنه يُفيدُ العمومَ، كأنّه قيل: أيَّ مكانٍ حَلَّ فيه من الأرضِ أفسدَ فيه، فَيَدُلُّ لفظُ الأرضِ على كثرة فسادِهِ، إذ يلزَمُ مِنْ عمومِ الظَّرفِ عمومُ المظروفِ، و"ليفسِدَ" متعلقٌ بـ "سعى" علةً له.
قوله: {وَيُهْلِكَ الحرث} الجمهورُ على: "يُهْلِكَ" بضم الياء
وكسر اللامِ ونصبِ الكافِ. "الحَرْثَ" مفعولٌ به، وهي قراءةٌ واضحةٌ من: أَهْلَكَ يُهْلك، والنصبُ عطفٌ على الفعِل قبلَهُ، وهذا شبيهٌ بقولِهِ تعالى: {وملائكته وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} البقرة: 98 فإنَّ قولَه: "ليفسدَ" يشتملُ على أنّه يُهْلكُ الحرثَ والنسلَ، فخصَّهُما بالذكر لذلك.
وقرأ أُبيّ: "وليُهْلِكَ" بإظهارِ لامِ العلة وهي معنى قراءةِ الجمهور، وقرأ أبو حيوة وابنُ كثير وأبو عمرو "وَيَهْلِكَ الحرثُ والنَّسْلُ" بفتح الياء وكسرِ اللام من هَلَك الثلاثي، و"الحرثُ" فاعل، و"النسلُ" عطفٌ عليه. وقرأ قوم: "ويُهْلِكُ الحرثَ" من أَهْلَكَ، و"الحرث" مفعولٌ به إلّا أنهم رفعوا الكافَ. وخُرِّجتْ على أربعةِ أوجهٍ: أن تكونَ عطفاً على "يُعْجِبُك" أو على "سَعَى" لأنّه في معنى المستقبل، أو على خبرِ مبتدأٍ محذوفٍ أي: وهو يُهْلِكُ، أو على الاستئنافِ.
وقرأ الحسن: "ويُهْلَكَ" مبنياً للمفعول، "الحَرْثُ" رفعاً، وقرأ أيضاً: "ويَهَلَكُ" بفتح الياء واللامِ ورفعِ الكافِ، "الحرثُ" رفعاً على الفاعلية، وفتحُ عينِ المضارعِ هنا شاذٌّ لفَتْحِ عينِ ماضِيهِ، وليس عينُهُ ولا لامُهُ حرفَ حلقٍ فهو مثلُ رَكَنَ يَ‍رْكَنُ بالفتحِ فيهما.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى