منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة، الآية: 207

اذهب الى الأسفل

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة، الآية: 207 Empty فيض العليم من معاني الذكر الحكيم، سورة البقرة، الآية: 207

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الأربعاء يوليو 25, 2012 1:27 pm

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)
{وَمِنَ الناس مَن يَشْرِى نَفْسَهُ} لَمَّا ذَكَرَ ـ سبحانه ـ صُنْعَ الْمُنَافِقِينَ في الآية السابقة ذَكَرَ في هذه الآيةِ صَنِيعَ الْمُؤْمِنِينَ، "يشري نفسَه" أي يبيعُها ببذلِها في الجهاد على ما روي عن ابن عباس والضحاك رضي الله تعالى عنهما أن الآية نزلت في سريّةِ الرجيع، أو في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على ما أخرج ابن جرير عن أبي الخليل قال: سمع عمر رضي الله تعالى عنه إنساناً يقرأ هذه الآية
فاسترجع وقال: قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل.
{ابتغاء مرضات الله} أي طلباً لرضاه، وأكثر الروايات أنّ الآيةَ نزَلت في صهيبٍ الروميِّ رضي الله تعالى عنه، فقد أخرج جماعة أنّ صهيباً أقبل مهاجراً نحو النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من المشركين فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال: يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً؛ وأيْمُ اللهِ لا تَصلون إليَّ حتى أرمي بما في كِنانتي ثمّ أضرِبُ بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم. فقالوا . دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك، وعاهدوه إنْ دلّهم أن يَدعوه ففعل، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أبا يحيى ربح البيع ربح البيع)) وتلا له الآية.
وقيل إنّها نزَلت في الزبير بنِ العوّام وصاحبِه المقدادِ بنِ الأسودَ لمّا قال عليه الصلاة والسلام: ((من ينزل خُبيباً عن خَشَبَتِه فلَه الجنّة)) فقال: أنا وصاحبي المقداد وكان خُبيبٌ قد صَلَبَه أهلُ مكّةَ.
قوله تعالى: {مَن يَشْرِي} في "مَنْ" الوجهانِ المتقدِّمان في "مَنْ"
الأولى، ومعنى يَشْري: يَبيع، قال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} يوسف: 20، إن أَعَدْنَا الضميرَ المرفوعَ على الآخرة، وقال الشاعر:
وَشَرَيْتُ بُرْداً ليتني ........................... من بعدِ بُرْدٍ كنتُ هامَهْ
فالمعنى: يَبْذُل نفسَه في اللَّهِ، وقيل: بل هو على أصلِهِ من الشِّراء وذلك أَنَّ صُهَيْباً اشترى نفسَه من قريشٍ لمَّا هاجَرَ كما سلف.
قوله: {ابتغآء} منصوبٌ على أنه مفعولٌ من أجله. والشروطُ
المقتضيةُ للنصبِ موجودةٌ. والصحيحُ أنَّ إضافةَ المفعولِ له مَحْضَةٌ. و"مرضاة" مصدرٌ مبنيٌّ على تاء التأنيث كَمَدْعَاة، والقياسُ تجريدُهُ عنها نحو: مَغْزَى ومَرْمَى.
ووقَفَ حمزة عليها بالتاء، وذلك لوجهين: أحدهما أَنَّ بعضَ العربِ يقِفُ على تاء التأنيثِ بالتاءِ كما هي: وأنشدوا:
دارٌ لسَلْمَى بعد حولٍ قد عَفَتْ ....... بل جَوْزِ تيهاءَ كظهْرِ الجَحَفَتْ
وقد حكى هذه اللغةَ سيبويه. والثاني: أن يكونَ وقف على نيةِ الإِضافة ، كأنّه نَوَى لفظَ المضافِ إليه لشدّةِ اتِّصال المتضايفَيْنِ فأَقَرَّ التاءَ على حالِها مَنْبَهَةً على ذلك، وهذا كما أَشَمُّوا الحرفَ المضمومَ ليُعْلِمُوا أنَّ الضَّمَّة كالمنطوق بها. وقد أمالَ الكسائي وورش "مَرْضات".
قولِهِ: {بالعباد} خروجٌ من ضميرِ الغَيْبَةِ إلى الاسمِ الظاهِرِ، إذ كان الأصلُ "رؤوف به" أو"بهم"، وفائدةُ هذا الخروجِ أنَّ لفظَ "العباد" يُؤْذِنُ بالتشريفِ.
قولُه تعالى: {السلم}: قرأَ نافعُ والكسائي وابن كثير "السَّلْم"، بالفتح وقرأ الباقون بالكَسْر، وأمَّا التي في الأنفال فلم يَقْرَأها بالكسر إلا أبو بكر وحدَه عن عاصم، والتي في القتال فلم يَقْرأْها بالكسر إلّا حمزةُ وأبو بكر عن عاصم، والتي في القتال فلم يَقْرَأْها بالكسر إلّا حمزةُ وأبو بكر أيضاً. فقيل: هما بمعنىً وهو الصلحُ، ويُذَكَّر ويُؤَنَّث، قال تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا}، وحَكَوْا: "بنو فلان سِلْمٌ وسَلْمٌ"، وأصلُه من الاستسلام وهو الانقيادُ، ويُطْلَقُ على الإِسلامِ، قاله
وأنشدوا :
دَعَوْتُ عشيرتي للسِّلْمِ لَمَّا ...................... رأيُتُهمُ تَوَلَّوا مُدْبِرِينا
يُنْشَد بالكسر، وقال آخر في المفتوح :
شرائِعُ السَّلْم قد بانَتْ معالِمُها ........ فما يَرى الكفرَ إلا مَنْ بِه خَبَلُ
فالسِّلْمُ والسَّلْمُ في هذين البيتين بمعنى الإِسلام، إلاَّ أنَّ الفَتْح فيما هو بمعنى الإِسلام قليلٌ. وقرئ "السَّلَم" بفتحِهِما، وقيل: بل هما مختلفا المعنى: فبالكسر الإِسلامُ وبالفتحِ الصلحُ .
قوله: {كَافَّةً} منصوبٌ على الحالِ، وفي صاحبِها ثلاثةُ أقوالٍ، أحدُها: وهو الأظهَرُ أنه الفاعلُ في "ادخُلوا" والمعنى: ادخُلُوا السِّلْم جميعاً. وهذه حالٌ تُؤَكِّدُ معنى العمومِ، فإنَّ قولَكَ: "قام القومُ كافةً" بمنزلةِ: قاموا كلُّهم. والثاني: أنه "السِّلْم"، وقال بعضهم يَجُوزُ أن تكونَ "كافةً" حالاً من "السِّلْمِ" لأنها تُؤَنَّثُ كما تُؤَنَّثُ كما تُؤَنَّث الحَرْبُ، قال الشاعر:
السِّلْمُ تأخذُ منها ما رَضِيتَ به ..... والحربُ يَكْفيكَ من أَنْفَاسِها جُرَعُ
وليس بشيء لأنَّ التاءَ في "كافة" ليست للتأنيثِ، وإن كان أصلُها أَنْ تَدُلُّ عليه، بل صار هذا نقلاً مَحْضاً إلى معنى جميعٍ وكلٍّ، كما صار قاطبةً وعامَّة إذا كانَ حالاً نَقْلاً مَحْضاً. فإذا قلت: قامَ الناسُ كافةً وقاطبةً لم يَدُلَّ شيءٌ من ذلك على التأنيث، كما لا يَدُلُّ عليه "كُلّ" و"جميع". والثالثُ: أن يكونَ صاحبُ الحالِ هما جميعاً، أعني فاعلَ "ادخُلُوا" و"السِّلْم" فتكونُ حالاً من شيئين وتَسْتَغْرِقُ "كافة" حينئذٍ المؤمنين وجميعَ أجزاءِ الشرع، فتكونُ الحالُ مِنْ شيئين، وذلك جائِزٌ نحو قولِهِ: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} مريم: 37. وكافةً معناه جميعاً، فالمرادُ بالكافّة الجماعةُ التي تَكُفُّ مخالِفيها.
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى