منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 211

اذهب الى الأسفل

فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 211 Empty فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة البقرة ، الآية: 211

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الخميس أغسطس 02, 2012 5:17 pm

سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (211)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} سَلْ: مِنَ السُّؤَالِ: بِتَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ، فَلَمَّا تَحَرَّكَتِ السِّينُ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَلِفِ الْوَصْلِ. وَقِيلَ: إِنَّ لِلْعَرَبِ فِي سُقُوطِ أَلِفِ الوصل في "سَلْ" وثبوتها في "واسئل" وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- حَذْفُهَا فِي إِحْدَاهُمَا وَثُبُوتُهَا فِي الْأُخْرَى، وَجَاءَ الْقُرْآنُ بِهِمَا، فَاتَّبِعْ خَطَّ الْمُصْحَفِ فِي إِثْبَاتِهِ لِلْهَمْزَةِ وَإِسْقَاطِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي- أَنَّهُ يَخْتَلِفُ إِثْبَاتُهَا وَإِسْقَاطُهَا بِاخْتِلَافِ الْكَلَامِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، فَتُحْذَفُ الْهَمْزَةُ فِي الْكَلَامِ الْمُبْتَدَإِ، مِثْلَ قَوْلِهِ: "سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ"، وَقَوْلِهِ: "سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ". وثبت في العطف، مثل قول: "وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ"، "وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ".
و{سل} أمر للرسول عليه الصلاة والسلام بالسؤال أو لكلّ أحدٍ يصلح أنْ يُخاطَبَ {بني إسرائيل} يعني هؤلاء الموجودين فى عصرك من رؤساء بنى إسرائيل {كم آتيناهم} أي آتينا آبائهم وأسلافهم {من آية بيّنة} أي معجزة ظاهرةٍ على أيدي أنبيائهم لا يخفى على المتفكر أنها من عند الله كالعصا واليد البيضاء وإنزال المَنِّ والسلوى وغيرها، أو المراد آيات كتبهم الشاهدة على صحة دين الاسلام
قوله تعالى: {مِنْ آيَةٍ} الْمُرَادُ بِالْآيَةِ كَمْ جَاءَهُمْ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ مِنْ آيَةٍ مُعَرِّفَةٍ بِهِ دَالَّةٍ عَلَيْهِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا: يَعْنِي الْآيَاتِ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فَلْقِ الْبَحْرِ وَالظُّلَلِ مِنَ الْغَمَامِ وَالْعَصَا وَالْيَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِسُؤَالِهِمْ عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيعِ لَهُمْ وَالتَّوْبِيخِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَتْهُ}لَفْظٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْعَامَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِكَوْنِهِمْ بَدَّلُوا مَا فِي كُتُبِهِمْ وَجَحَدُوا أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاللفظ مُنْسَحِبٌ عَلَى كُلِّ مُبَدِّلٍ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: النِّعْمَةُ هُنَا الْإِسْلَامُ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ. وَيَدْخُلُ فِي اللَّفْظِ أَيْضًا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ بَعْثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ نِعْمَةٌ عَلَيْهِمْ، فَبَدَّلُوا قَبُولَهَا وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا كُفْرًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ} خَبَرٌ يَتَضَمَّنُ الْوَعِيدَ. وَالْعِقَابُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَقِبِ، كَأَنَّ الْمُعَاقِبَ يَمْشِي بِالْمُجَازَاةِ لَهُ فِي آثَارِ عَقِبِهِ، وَمِنْهُ عُقْبَةُ الرَّاكِبِ وَعُقْبَةُ الْقِدْرِ. فَالْعِقَابُ وَالْعُقُوبَةُ يَكُونَانِ بِعَقِبِ الذَّنْبِ، وَقَدْ عَاقَبَهُ بذنبه.
قوله تعالى: {سَلْ} قرأ الجمهور: "سَلْ" وهي تحتمل وجهين، أحدُهما: أَن تكونَ مِنْ لغة : سال يَسال مثل: خاف يخاف، وهل هذه الألفُ مُبْدَلَةٌ من همزة أو واو أو ياء؟ خلافٌ تقدَّم في قوله: {فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ} فحينذٍ يكونُ الأمر منها: "سَلْ" مثل "خَفْ"، لَمَّا سكنت اللام حَمْلاً للأمر على المجزوم التقى ساكنان فَحُذِفت العين لذلك، فوزنُه على هذا فَلْ. والثاني: أن تكون من سأل بالهمز، والأصل: اسْأَلْ ثم أُلقيت حركة الهمزة على السين تخفيفاً، واعتدَدْنا بحركةِ النقلِ فاستَغْنينا عَنْ همزة الوصلِ فَحَذَفْنَاها ووزنُه أيضاً: فُلْ بحذفِ العين، وإن كان المأخَذُ مختلفاً. وروى عباس عن أبي عمرو: "اسأَلْ" على الأصْلِ من غير نَقْلٍ. وقرأ قومُ: "اسَلْ" بالنقلِ وهمزةِ الوصلِ، كأنهم لم يَعْتَدُّوا بالحركةِ المنقولةِ كقولِهم: "الحْمَر" بالهمز. وسيأتي لهذه المسائل مزيدُ بيانٍ في مواضِعها كما ستقفُ عليه إنْ شاء الله. و"بني" مفعولٌ أولُ عند الجمهور.
وقوله: {كَمْ آتَيْنَاهُم} في "كَمْ" وجهانِ، أحدُهما أنَّها في محلّ نصبٍ. واختُلف في ذلك فقيل: نصبُها على أنها مفعولٌ ثانٍ لآتيناهم على مذهبِ الجمهور، وأولُ على مذهبِ السهيلي، كما تقدَّم تقريرُه. وقيل: يجوزُ أَن يَنْتَصِبَ بفعل مقدَّر يفسِّرهُ الفعلُ بعدَها تقديرُه: كم آتينا آتيناهم، وإنّما قدَّرْنَا ناصبَها بعدَها لأنَّ الاستفهامَ له صدُر الكلامِ ولا يَعْمَلُ فيه ما قبلَه، يعني أنه من بابِ الاشتغالِ . وقولُه "مِن آية" هو على التقديرِ الأولِ مفعولٌ ثانٍ لآتيناهم، وعلى الثاني في موضعِ التمييز.
والثاني من وَجْهَي "كم": أنْ تَكون في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ والجملةُ بعدَها في محلِّ رفعٍ خبراً لها والعائدُ محذوفٌ تقديرُه: كم آتيناهموها أو أتيناهم إياها، أجاز ذلك ابنُ عطية وأبو البقاء، واستَضْعَفَه البعض من حيث إنَّ حَذْفَ عائدِ المنصوبِ لا يجوزُ إلاَّ في ضرورةٍ كقوله:
وخالدٌ يَحْمَدُ ساداتُنا ........................ بالحقِّ لا يُحْمَدُ بالباطِل
أي: وخالدٌ يحمَدُه. وأمَّا ابنُ مالك فَنَقَل أنَّ المبتدأ إذا كانَ لفظَ "كُل" أو ما أشبهها جازَ حَذْفُ عائده المنصوب اتفاقاً من البصريين والكوفيين، ومنه: {وَكُلاًّ وَعَدَ الله الحسنى} النساء: 95في قراءة نافعٍ، وإذا كان المبتدأُ غيرَ ذلك فالكوفيون يَمْنَعُون ذلك إلاَّ في السَّعَةِ، والبصريُّون يُجيزونه بضعفٍ، ومنه: {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} المائدة: 50 برفع "حكم". فقد حَصَل أنَّ الذي أجازَه ابن عطية ممنوعٌ عند الكوفيين ضعيفٌ عند البصريين.
وهل "كَمْ" هذه استفهاميةٌ أو خبريةٌ؟ الظاهرُ الأولُ، وجَوَّزَ الزمخشري فيها الوجهين، ومَنَعَه البعض من حيث إنَّ "كَمْ" الخبرية مستقلةٌ بنفسها غيرُ متعلقةٍ بالسؤال.
و"من آيةٍ" فيه وجهان، أحدُهما: أنها مفعولٌ ثانٍ على القولِ بأن "كم" منصوبةٌ على الاشتغال كما تقدَّم تحقيقُه، ويكون مميِّز "كم" محذوفاً، و"مِن" زائدةٌ في المفعول؛ لأنَّ الكلام غيرُ موجب إذ هو استفهامٌ. وهذا إذا قلنا إنَّ "كم" استفهاميةٌ لا خبريةٌ، إذ الكلام مع الخبرية إيجابٌ، و"مِنْ" لا تُزادُ في الواجب إلّا على رأي الأخفش والكوفيين، بخلاف ما إذا كانت استفهاميةً.
والثاني: أنها تمييزٌ، ويجوزُ دخولُ "مِنْ" على ممِّيِز "كم" استفهاميةٌ كانت أو خبريةً مطلقاً، أي: سواءً وليها مميِّزها أم فُصِل بينهما بجملةٍ أو ظرفٍ أو جارٍ ومجرورٍ، على ما قَرَّره النحاةُ. و"كم" وما في حَيِّزها في محلِّ نصب أو خفضٍ، لأنها في محلِّ المفعول الثاني للسؤال فإنه يتعدَّى لاثنين: إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بحرفِ جَر: إمّا عن وإمَّا الباء نحو: سألته عن كذا وبكذا، قال تعالى: {الرحمن فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} الفرقان: 59، وقد جُمِع بينهما في قوله:
فَأَصْبَحْنَ لا يَسْأَلْنني عن بما بِه ... . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقد يُحْذَفُ حرفُ الجرِّ، فمِنْ ثَمَّ جاز في محلِّ "كم" النصبُ والخفضُ بحسَبِ التقديرين و"كم" هنا معلِّقةٌ للسؤال، والسؤالُ لا يُعَلَّقُ إلا بالاستفهامِ كهذه الآية، وقوله تعالى: {سَلْهُمْ: أَيُّهُم بِذَلِكَ
زَعِيمٌ} القلم: 40 وقوله:
يا أيُّها الراكبُ المُزْجِي مَطِيَّتَه ... سائلْ بني أسدٍ ما هذه الصَّوْتُ
وقال آخر:
.... . . . . . . . . . . . . . . . ... واسألْ بمَصْقَلَةَ البَكْرِيِّ ما فَعَلا
وإنما علَّق السؤالَ وإن لم يكن من أفعال القلوب، قالوا: لأنه سببٌ للعلمِ والعلمُ يُعَلَّق فكذلك سَبَبُه، وإذا كانوا قد أَجْرَوا نقيضه في التعليق مُجْراه في قوله:
وَمَنْ أنتُمُ إنَّا نسِينا مَنَ أَنْتُمُ ............ وريحُكمُ من أيِّ ريحِ الأَعاصِرِ
فإجراؤهم سبَبَه مُجْراه أَوْلى.
واختلفَ النحويون في "كم" هل بسيطةٌ أو مركبةٌ من كافِ التشبيه وما الاستفهاميةُ حُذِفَتْ ألفُها لانجرارِها، ثم سُكِّنَتْ ميمُها، كما سُكِّنَّتْ ميمُ "لِمْ" من "لِمْ فَعَلْتَ كذا" في بعض اللغاتِ، فَرُكِّبتا تركيباً لازماً؟ والصحيحُ الأول. وأكثرُ ما تجيء في القرآنِ خبريةً مراداً بها التكثيرُ ولم يأتِ مميِّزُها في القرآنِ إلا مجروراً بِمِنْ.
قوله: {وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله} مَنْ: شرطيةٌ في محلِّ رفعٍ بالابتداء. وقد تقَدَّمَ الخلافُ في خبرِ اسمِ الشرطِ ما هو؟ ولا بُدَّ للتبديل من مفعولين: مُبَدَّل وبَدَل، ولم يَذْكر هنا إلا أحدَهما وهو المُبَدَّل، وحَذَفَ البَدَلَ، وهو المفعول الثاني لفهمِ المعنى. وقد صَرَّح به في قوله: {بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً} إبراهيم: 28 فكفراً هو المحذوفُ هنا. وكان قد تقدَّم عند قولِهِ تعالى: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ} البقرة: 59 أن "بَدَّل" يتعدَّى لاثنين أحدُهما بنفسه وهو البدلُ وهو الذي يكون موجوداً وإلى الآخر بحرفِ الجر وهو المُبَدَّلُ وهو الذي يكون متروكاً، وقد يُحْذَفُ حرفُ الجَرِّ لفهمٍ المعنى فالتقدير هنا: "وَمَنْ يُبَدِّل بنعمتِهِ كفراً"، فَحَذَفَ حرفَ الجر والبدل لفهمِ المعنى. ولا جائِزٌ أَنْ تُقَدِّر حرفَ الجر داخِلاً على "كفراً" فيكونَ التقديرُ: "وَمَنْ يُبَدِّل بالكفرِ نعمةَ الله" لأنه لا يترتَّبُ عليه الوعيد في قوله: "فَإِنَّ الله شَدِيدُ العقاب". وكذلك قولُه: {فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} الفرقان: 70 تقديرُهُ: بسيئاتهم حسناتٍ، ولا يجوز تقديرُه: "سيئاتِهِم بحسناتٍ" لأنه لا يترتَّبُ على قوله: {إِلاَّ مَن تَابَ}.
وقُرِىء: "يُبْدِل" مخففاً، و"مِنْ" لابتداءِ الغايةِ. و"ما" مصدريةٌ، والعائدُ من جملةِ الجزاءِ على اسمِ الشرطِ محذوفٌ لفهمِ المعنى أي: العقاب له، أو لأنَّ "أَلْ" نابَتْ منابَه عند الكوفيين
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى