الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 111
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 111
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111)
قوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} أَيْ: يومَ يَأْتِي كُلُّ أَحَدٍ يُدَافِعُ عَنْ ذَاتِهِ، بِأَقْوَالِهِ لِيَدْفَعَ تَبَعَاتِ أَعْمَالِهِ. أَوْ إِنَّ اللهَ غَفورٌ رَحِيمٌ "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا". أَوْ ذَكِّرْهمْ "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا". أَيْ تُخَاصِمُ وَتُحَاجُّ عَنْ نَفْسِهَا، جَاءَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: نَفْسي نَفْسي! مِنْ شِدَّةِ هَوْلِ يَوْمِ القِيامَةِ سِوَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ رَبَّهُ فِي أُمَّتِهِ. وَفِي حَدِيثِ سيِّدِنا عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، الذي أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ في الزُهْدِ والرقائق، والزُهْدِ لابْنِ حمادٍ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضَرِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِكَعْبٍ: خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، فَقَالَ: وَاللهِ إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً قِيَامًا مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللهُ، مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ رُكُوعًا، مَا رَفَعُوا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سُجُودًا، مَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ، فَيَقُولُونَ جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ كَكُنْهِ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ يَوْمَئِذٍ كَعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا، لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا يُرَى يَوْمَئِذٍ، وَاللهِ لَوْ دُلِّيَ مِنْ غِسْلِينَ دَلْوٌ وَاحِدٌ فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ، لَفُلَّتْ مِنْهُ جَمَاجِمُ قَوْمٍ فِي مَغْرِبِهَا، وَاللهِ لَتَزْفُرَنَّ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا خَرَّ جَاذِيًا ـ أَوْ جَاثِيًا، عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي، وَحَتَّى نَبِيِّنَا وَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، يَقُولُ: رَبِّ أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَأَبْكَى الْقَوْمَ حَتَّى نَشَجُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ، قَالَ: يَا كَعْبُ، بَشِّرْنَا، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ للهِ تَعَالَى ثَلَاثَمِئَةٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي أَحَدٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُلَّ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ مِنْ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ، لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ أَفْضَلَ مِمَّا يُضِيءُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَلَوَجَدَ رِيحَ نَشْرِهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا، لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ. والنَّفْسُ الْأَوَّلُ: بِمَعْنَى الذَّاتِ وَالشَّخْصِ كَقَوْلِهِ مِنْ سُورَة الْمَائِدَة: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآيَةَ: 45. والْمُجَادَلَةُ: دِفَاعٌ بِالْقَوْلِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ تَبِعَةِ فِعْلٍ مَّا، فَفَاعِلُ الْمُجَادَلَةِ وَمَا هُوَ فِي قُوَّةٍ مَفْعُولِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ وُقُوعِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ شَيْئًا وَاحِدًا فِي أَفْعَالِ الظَّنِّ وَالدُّعَاءِ، بِكَثْرَةٍ مِثْلُ: أَرَانِي فَاعِلًا كَذَا، وَقَوْلُهُمْ عَدِمْتَنِي وَفَقَدْتَنِي، وَبِقِلَّةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعَ الْأَفْعَالِ نَحْوَ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حِجْرٍ الكِنْدِيِّ:
قَدْ بَتُّ أَحْرُسُنِي وَحْدِي وَيَمْنَعُنِي ...... صَوْتُ السِّبَاعِ بِهِ يَضْبَحْنَ وَالْهَامِ
والنَّفْسُ الثَّانِيَةُ مَا بِهِ الشَّخْصُ شَخْصٌ فَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ كَقَوْلِ أَعْرَابِيٍّ قَتَلَ أَخُوهُ ابْنًا لَهُ:
أَقُولُ لِلنَّفْسِ تَأْسَاءً وَتَسْلِيَةً .............. إِحْدَى يَدَيَّ أَصَابَتْنِي وَلَمْ تُرِدْ
وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ يَسْتَشْعِرُونَ لِلْإِنْسَانِ جُمْلَةً مُرَكَّبَةً مِنْ جَسَدٍ وَرُوحٍ فَيُسَمُّونَهَا النَّفْسَ، أَيِ الذَّاتَ وَهِيَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْمُتَكَلِّمُ بِضَمِيرِ (أَنَا)، وَيَسْتَشْعِرُونَ لِلْإِنْسَانِ قُوَّةً بَاطِنِيَّةً بِهَا إِدْرَاكُهُ وَيُسَمُّونَهَا نَفْسًا أَيْضًا. وَمِنْهُ أَخَذَ عُلَمَاءُ الْمَنْطِقِ اسْمَ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ.
قولُهُ: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} تُوَفَّى تُعْطَى شَيْئًا وَافِيًا، أَيْ كَامِلًا غَيْرَ مَنْقُوصٍ، جَزَاءَ مَا عَمِلَتْ، مِنْ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ، فَـ "مَا عَمِلَتْ" مَفْعُولٌ ثَانٍ لِـ "تُوَفَّى"، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: وَإِظْهَارُ كُلِّ نَفْسٍ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً فَتَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ.
قولُهُ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الظُّلْمُ: الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْحَقِّ. وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الْمُعَيَّنِ لِلْجَزَاءِ فِي الشَّرِّ وَالْإِجْحَافِ عَنْهُ فِي الْخَيْرِ، لِأَنَّ اللهَ لَمَّا عَيَّنَ الْجَزَاءَ عَلَى الشَّرِّ وَوَعَدَ بِالْجَزَاءِ عَلَى الْخَيْرِ صَارَ ذَلِكَ كَالْحَقِّ لِكُلِّ فَرِيقٍ. وَالْعِلْمُ بِمَرَاتِبِ هَذَا التَّحْدِيدِ مُفَوَّضٌ للهِ تَعَالَى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} سُورَة الْكَهْف: 49. وَضَمِيرَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ عَائِدَانِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ كُلُّ نَفْسٍ يَدُلُّ عَلَى جَمْعٍ مِنَ النُّفُوسِ. وَزِيَادَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلتَّصْرِيحِ بِمَفْهُومِ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ، لِأَنَّ تَوْفِيَةَ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَ تِلْكَ التَّوْفِيَةِ عَدْلًا، فَصَرَّحَ بِهَذَا اللَّازِمِ بِطَرِيقَةِ نَفْيِ ضِدِّهِ وَهُوَ نَفْيُ الظُّلْمِ عَنْهُمْ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى. وَحَصَلَ مَعَ ذَلِكَ تَأْكِيدُ الْمَعْنى الأَوْلِ.
قولُهُ تَعَالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ} يَوْمَ: مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذوفٍ، تَقْديرُهِ: اذْكُرْ يَوْمَ تَأْتي، وجُمْلَةُ: "اذْكُرْ يَوْمَ" جملةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ. وَرَاعَى مَعْنَى "كُلُّ" فَأَنَّثَ الضَمَائِرَ فِي قَوْلِهِ "تجادلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ"، وِمِثْلُ هذا قولُ عَنْتَرَةَ:
جَادَتْ عَلَيْه كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ .................. فَتَرَكْنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كَالدِّرْهَمِ
إِلَّا أَنَّه في البَيْتِ زَادَ الجَمْعَ عَلَى المَعْنَى. ويَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ "يَوْمَ" على الظَرْفيَّةِ الزمانيَّةِ فيَتَعَلَّقُ بِـ {رَحِيمٌ} مِنْ قوْلِهِ في الآيةِ التي قبلَها: {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، وَلا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ رَحْمَتِهِ بالظَرْفِ؛ لأَنَّهُ إِذا رَحِمَ في هَذَا اليَوْمِ فَرَحْمَتُهُ في غَيْرِهِ أَوْلَى وأَحْرَى، وَهُوَ مُضافٌ. و "تَأْتِي" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المقدَّرةُ على آخرِه لثقلِ ظهورِها عَلى الياءِ. و "كُلُّ" فَاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، وهو مُضافُ. و "نَفْسٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إِليْهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلَّ الجَرِّ بإضَافَةِ "يَوْمَ" إليها.
قولُهُ: {تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} تُجَادِلُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هي) يَعودُ عَلَى "نَفْسٍ". و "عَنْ خرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِهِ، و "نَفْسِهَا" مَجْرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فَي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ "كُلُّ نَفْسٍ".
قولُهُ: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} الواوُ: حرفٌ للعطفِ، و "توفَّى" فِعْلٌ مُضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ، مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظُهورِها عَلَى الأَلِفِ. و "كلُّ" نَائِبٌ عَنْ فَاعِلِهِ مرفوعٌ مُضافٌ. و "نَفْسٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ. والجملةُ الفعليةُ هَذِهِ مَعْطوفَةٌ عَلَى جملةِ "تَأْتِي" عَلَى كَوْنِها في محلِّ الجَرِّ بإضافةِ "يَوْمَ" إِلَيْها؛ أَيْ: وَيَوْمَ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ، و "مَا" مَوْصُولَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ مبنيَّةٌ على السكونِ في محلِّ النَّصْبِ على أنَّها مَفعولٌ ثانٍ لِـ "تُوَفَّى". و "عَمِلَتْ" فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُه "هي" يَعُودُ عَلى "نَفْسٍ"، والتاءُ السَّاكِنَةُ لِتَأْنيثِ الفَاعِلِ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَوْصولةِ فلا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في محلِّ النَّصْبِ إِذا أُعرِبتْ نَكِرةً موْصوفةً، والعائدُ، أَوِ الرَّابِطُ مَحْذوفٌ تَقْديرُهُ: مَا عَمِلَتْهُ.
قولُهُ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وَهُمْ: الواو: حاليَّةٌ. و "هم" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ، وَ "لَا" نافيةٌ. و "يُظْلَمُونَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مبنيٌّ للمجهولِ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ وَالجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعةِ ضَميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ، نائبٌ عنْ فاعِلُهُ. وهذهِ الجُمْلَةُ الفعليَّةُ خَبَر المبتَدَأِ، والجُملْةُ الاسْمِيَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ "كُلُّ نَفْسٍ". وقَدْ حُمِلَ قَوْلُهُ "وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ" عَلَى المَعْنَى فَلِذلِكَ جُمِعَ.
قوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} أَيْ: يومَ يَأْتِي كُلُّ أَحَدٍ يُدَافِعُ عَنْ ذَاتِهِ، بِأَقْوَالِهِ لِيَدْفَعَ تَبَعَاتِ أَعْمَالِهِ. أَوْ إِنَّ اللهَ غَفورٌ رَحِيمٌ "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا". أَوْ ذَكِّرْهمْ "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا". أَيْ تُخَاصِمُ وَتُحَاجُّ عَنْ نَفْسِهَا، جَاءَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: نَفْسي نَفْسي! مِنْ شِدَّةِ هَوْلِ يَوْمِ القِيامَةِ سِوَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ رَبَّهُ فِي أُمَّتِهِ. وَفِي حَدِيثِ سيِّدِنا عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، الذي أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ في الزُهْدِ والرقائق، والزُهْدِ لابْنِ حمادٍ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضَرِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِكَعْبٍ: خَوِّفْنَا يَا كَعْبُ، فَقَالَ: وَاللهِ إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً قِيَامًا مُنْذُ خَلَقَهُمُ اللهُ، مَا ثَنَوْا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ رُكُوعًا، مَا رَفَعُوا أَصْلَابَهُمْ، وَآخَرِينَ سُجُودًا، مَا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ حَتَّى يُنْفَخَ فِي الصُّوَرِ النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ، فَيَقُولُونَ جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، مَا عَبَدْنَاكَ كَكُنْهِ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْبَدَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِرَجُلٍ يَوْمَئِذٍ كَعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا، لَاسْتَقَلَّ عَمَلَهُ مِنْ شِدَّةِ مَا يُرَى يَوْمَئِذٍ، وَاللهِ لَوْ دُلِّيَ مِنْ غِسْلِينَ دَلْوٌ وَاحِدٌ فِي مَطْلَعِ الشَّمْسِ، لَفُلَّتْ مِنْهُ جَمَاجِمُ قَوْمٍ فِي مَغْرِبِهَا، وَاللهِ لَتَزْفُرَنَّ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا غَيْرُهُ إِلَّا خَرَّ جَاذِيًا ـ أَوْ جَاثِيًا، عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَقُولُ: نَفْسِي نَفْسِي، وَحَتَّى نَبِيِّنَا وَإِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، يَقُولُ: رَبِّ أَنَا خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَأَبْكَى الْقَوْمَ حَتَّى نَشَجُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عُمَرُ، قَالَ: يَا كَعْبُ، بَشِّرْنَا، فَقَالَ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ للهِ تَعَالَى ثَلَاثَمِئَةٍ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً، لَا يَأْتِي أَحَدٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُلَّ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ مِنْ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ مُغْدِرَةٍ، لَأَضَاءَتْ لَهَا الْأَرْضُ أَفْضَلَ مِمَّا يُضِيءُ الْقَمَرُ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَلَوَجَدَ رِيحَ نَشْرِهَا جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ ثَوْبًا مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ نُشِرَ الْيَوْمَ فِي الدُّنْيَا، لَصَعِقَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَمَا حَمَلَتْهُ أَبْصَارُهُمْ. والنَّفْسُ الْأَوَّلُ: بِمَعْنَى الذَّاتِ وَالشَّخْصِ كَقَوْلِهِ مِنْ سُورَة الْمَائِدَة: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآيَةَ: 45. والْمُجَادَلَةُ: دِفَاعٌ بِالْقَوْلِ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ تَبِعَةِ فِعْلٍ مَّا، فَفَاعِلُ الْمُجَادَلَةِ وَمَا هُوَ فِي قُوَّةٍ مَفْعُولِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ وُقُوعِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ شَيْئًا وَاحِدًا فِي أَفْعَالِ الظَّنِّ وَالدُّعَاءِ، بِكَثْرَةٍ مِثْلُ: أَرَانِي فَاعِلًا كَذَا، وَقَوْلُهُمْ عَدِمْتَنِي وَفَقَدْتَنِي، وَبِقِلَّةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعَ الْأَفْعَالِ نَحْوَ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حِجْرٍ الكِنْدِيِّ:
قَدْ بَتُّ أَحْرُسُنِي وَحْدِي وَيَمْنَعُنِي ...... صَوْتُ السِّبَاعِ بِهِ يَضْبَحْنَ وَالْهَامِ
والنَّفْسُ الثَّانِيَةُ مَا بِهِ الشَّخْصُ شَخْصٌ فَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ كَقَوْلِ أَعْرَابِيٍّ قَتَلَ أَخُوهُ ابْنًا لَهُ:
أَقُولُ لِلنَّفْسِ تَأْسَاءً وَتَسْلِيَةً .............. إِحْدَى يَدَيَّ أَصَابَتْنِي وَلَمْ تُرِدْ
وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ يَسْتَشْعِرُونَ لِلْإِنْسَانِ جُمْلَةً مُرَكَّبَةً مِنْ جَسَدٍ وَرُوحٍ فَيُسَمُّونَهَا النَّفْسَ، أَيِ الذَّاتَ وَهِيَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْمُتَكَلِّمُ بِضَمِيرِ (أَنَا)، وَيَسْتَشْعِرُونَ لِلْإِنْسَانِ قُوَّةً بَاطِنِيَّةً بِهَا إِدْرَاكُهُ وَيُسَمُّونَهَا نَفْسًا أَيْضًا. وَمِنْهُ أَخَذَ عُلَمَاءُ الْمَنْطِقِ اسْمَ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ.
قولُهُ: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} تُوَفَّى تُعْطَى شَيْئًا وَافِيًا، أَيْ كَامِلًا غَيْرَ مَنْقُوصٍ، جَزَاءَ مَا عَمِلَتْ، مِنْ ثَوَابٍ أَوْ عِقَابٍ، فَـ "مَا عَمِلَتْ" مَفْعُولٌ ثَانٍ لِـ "تُوَفَّى"، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: وَإِظْهَارُ كُلِّ نَفْسٍ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً فَتَجْرِي مَجْرَى الْمَثَلِ.
قولُهُ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} الظُّلْمُ: الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْحَقِّ. وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الْمُعَيَّنِ لِلْجَزَاءِ فِي الشَّرِّ وَالْإِجْحَافِ عَنْهُ فِي الْخَيْرِ، لِأَنَّ اللهَ لَمَّا عَيَّنَ الْجَزَاءَ عَلَى الشَّرِّ وَوَعَدَ بِالْجَزَاءِ عَلَى الْخَيْرِ صَارَ ذَلِكَ كَالْحَقِّ لِكُلِّ فَرِيقٍ. وَالْعِلْمُ بِمَرَاتِبِ هَذَا التَّحْدِيدِ مُفَوَّضٌ للهِ تَعَالَى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} سُورَة الْكَهْف: 49. وَضَمِيرَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ عَائِدَانِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، لِأَنَّ كُلُّ نَفْسٍ يَدُلُّ عَلَى جَمْعٍ مِنَ النُّفُوسِ. وَزِيَادَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلتَّصْرِيحِ بِمَفْهُومِ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ، لِأَنَّ تَوْفِيَةَ الْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ تَسْتَلْزِمُ كَوْنَ تِلْكَ التَّوْفِيَةِ عَدْلًا، فَصَرَّحَ بِهَذَا اللَّازِمِ بِطَرِيقَةِ نَفْيِ ضِدِّهِ وَهُوَ نَفْيُ الظُّلْمِ عَنْهُمْ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى. وَحَصَلَ مَعَ ذَلِكَ تَأْكِيدُ الْمَعْنى الأَوْلِ.
قولُهُ تَعَالى: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ} يَوْمَ: مَفْعُولٌ بِهِ لِفِعْلٍ مَحْذوفٍ، تَقْديرُهِ: اذْكُرْ يَوْمَ تَأْتي، وجُمْلَةُ: "اذْكُرْ يَوْمَ" جملةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ. وَرَاعَى مَعْنَى "كُلُّ" فَأَنَّثَ الضَمَائِرَ فِي قَوْلِهِ "تجادلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ"، وِمِثْلُ هذا قولُ عَنْتَرَةَ:
جَادَتْ عَلَيْه كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ .................. فَتَرَكْنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كَالدِّرْهَمِ
إِلَّا أَنَّه في البَيْتِ زَادَ الجَمْعَ عَلَى المَعْنَى. ويَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ "يَوْمَ" على الظَرْفيَّةِ الزمانيَّةِ فيَتَعَلَّقُ بِـ {رَحِيمٌ} مِنْ قوْلِهِ في الآيةِ التي قبلَها: {لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، وَلا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَقْيِيدُ رَحْمَتِهِ بالظَرْفِ؛ لأَنَّهُ إِذا رَحِمَ في هَذَا اليَوْمِ فَرَحْمَتُهُ في غَيْرِهِ أَوْلَى وأَحْرَى، وَهُوَ مُضافٌ. و "تَأْتِي" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المقدَّرةُ على آخرِه لثقلِ ظهورِها عَلى الياءِ. و "كُلُّ" فَاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، وهو مُضافُ. و "نَفْسٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إِليْهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلَّ الجَرِّ بإضَافَةِ "يَوْمَ" إليها.
قولُهُ: {تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} تُجَادِلُ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُستترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هي) يَعودُ عَلَى "نَفْسٍ". و "عَنْ خرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِهِ، و "نَفْسِهَا" مَجْرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فَي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ "كُلُّ نَفْسٍ".
قولُهُ: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} الواوُ: حرفٌ للعطفِ، و "توفَّى" فِعْلٌ مُضارعٌ مبنيٌّ للمجهولِ، مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ضَمَّةٌ مُقَدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظُهورِها عَلَى الأَلِفِ. و "كلُّ" نَائِبٌ عَنْ فَاعِلِهِ مرفوعٌ مُضافٌ. و "نَفْسٍ" مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ. والجملةُ الفعليةُ هَذِهِ مَعْطوفَةٌ عَلَى جملةِ "تَأْتِي" عَلَى كَوْنِها في محلِّ الجَرِّ بإضافةِ "يَوْمَ" إِلَيْها؛ أَيْ: وَيَوْمَ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ، و "مَا" مَوْصُولَةٌ أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ مبنيَّةٌ على السكونِ في محلِّ النَّصْبِ على أنَّها مَفعولٌ ثانٍ لِـ "تُوَفَّى". و "عَمِلَتْ" فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُه "هي" يَعُودُ عَلى "نَفْسٍ"، والتاءُ السَّاكِنَةُ لِتَأْنيثِ الفَاعِلِ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَوْصولةِ فلا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في محلِّ النَّصْبِ إِذا أُعرِبتْ نَكِرةً موْصوفةً، والعائدُ، أَوِ الرَّابِطُ مَحْذوفٌ تَقْديرُهُ: مَا عَمِلَتْهُ.
قولُهُ: {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وَهُمْ: الواو: حاليَّةٌ. و "هم" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ، وَ "لَا" نافيةٌ. و "يُظْلَمُونَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مبنيٌّ للمجهولِ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ وَالجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعةِ ضَميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ، نائبٌ عنْ فاعِلُهُ. وهذهِ الجُمْلَةُ الفعليَّةُ خَبَر المبتَدَأِ، والجُملْةُ الاسْمِيَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ "كُلُّ نَفْسٍ". وقَدْ حُمِلَ قَوْلُهُ "وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ" عَلَى المَعْنَى فَلِذلِكَ جُمِعَ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 104
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 109
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 126
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 110
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 125
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 109
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 126
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 110
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة النحل، الآية: 125
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود