ملامح المجتمع المسلم
صفحة 1 من اصل 1
ملامح المجتمع المسلم
لقد علم الإسلام المسلم أن يقول إذا ناجى ربه في صلاته ( إياك نعبد وإياك نستعين) فهو يتكلم بلسان الجماعة, وإن كان وحده, وكذلك إذا دعا ربه دعا بصيغة الجمع: (اهدنا الصراط المستقيم) فالجماعة حيّة في وجدانه، حاضرة على لسانه.
والمجتمع المسلم مجتمع متميز عن سائر المجتمعات بمكوناته وخصائصه, فهو مجتمع رباني، إنساني, أخلاقي, متوازن. والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع, حتى يمكنوا فيه لدينهم, ويجسدوا فيه شخصيتهم, ويحيوا في ظله حياة إسلامية متكاملة: حياة توجهها العقيدة الإسلامية , وتزكيها العبادات الإسلامية , وتقودها المفاهيم الإسلامية, وتحركها الشاعر الإسلامية, وتضبطها الأخلاق الإسلامية وتجملها الآداب الإسلامية, وتهيمن عليها القيم الإسلامية, ومحكمها التشريعات الإسلامية, وتوجه اقتصادها وفنونها وسياستها: التعاليم الإسلامية.
فليس المجتمع المسلم, كما يتصوره أو يصوره الكثيرون - هو - فقط - الذي يطبق الشريعة الإسلامية في جانبها القانوني, وخصوصا جانب الحدود والعقوبات, فهذا تصور وتصوير قاصر, بل ظالم لهذا المجتمع, واختصار لكل مقوماته المتعددة في مقوم واحد هو التشريع, وفى جانب واحد من التشريع هو التشريع الجزائي, أو الجنائي.
لهذا كان من المهم هنا: هو إلقاء الضوء على المكونات أو اللامح الأساسية لهذا المجتمع الذي ننشده, والذي قامت حركات وجماعات إسلامية في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي تدعو إليه , ليحل محل المجتمعات الحاضرة, التي اختلط فيها الإسلام بالجاهلية, سواء أكانت جاهلية وافدة,مما غزانا به الاستعمار الغربي بشقيه: الرأسمالي والاشتراكي, أم جاهلية موروثة, من رواسب عصور التخلف, التي ساء فيه ا فهم السلمين لدينهم, كما ساء تطبيقهم له, حكاما ومحكومين. وقد صدر لي كتاب منذ سنين, هو: (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ) وهو في الحقيقة جزء من هذا الكتاب.
كما تركت موضوعاً يتعلق بالدولة ونظام الحكم, خشيه من طول الكتاب على القارئ. وربما أهدره في رسالة مستقلة, أو ألحمه به في طبعه أخرى. وعسى أن يكون في هذه الفصول ما يساعد على كشف اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي مرنو إليه الأبصار, وتشرئب نحوه الأعناق, وتتعلق به القلوب.
وعسى أن يزيدنا ذلك إصراراً على السعي إليه, والعمل على تحقيقه في الواقع، كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا, في أي وطن - مهما صغرت رقعته من دار الإسلام. فيعلن ولاءه الكامل للإسلام, عقيدة وشريعة ومنهاج حياة, ويبنى حياته كلها: المادية والمعنوية, وسياسته كلها: الداخلية والخارجية على الإسلام.
ومن ناحية أخرى نقيس المجتمعات القائمة اليوم, والتي تنتسب إلى الإسلام, لأن سكانها مسلمون, أو لأن دستورها يعلن أن دينها الإسلام, أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي, أو المصدر الوحيد للقوانين : نقيسها إلى هذا المجتمع في صورته المثالية المنشودة , لنعرف مدى قربها أو بعدها منه.
فما أكثر الذين يتمسحون بالإسلام, وهم عنه صادون, أو يتمسكون بشكليات منه, وهم عن روحه معرضون, أو يؤمنون ببعض كتابه, وهم بالبعض الآخر كافرون, أو يحتفلون بأعياده, وهم لأعدائه موالون, ولدعاته معادون, ولشريعته معارضون ! ( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا، ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.)
الدوحة في ذي الحجة1413
يونيو (حزيران) 1993م
يوسف القرضاوي
والمجتمع المسلم مجتمع متميز عن سائر المجتمعات بمكوناته وخصائصه, فهو مجتمع رباني، إنساني, أخلاقي, متوازن. والمسلمون مطالبون بإقامة هذا المجتمع, حتى يمكنوا فيه لدينهم, ويجسدوا فيه شخصيتهم, ويحيوا في ظله حياة إسلامية متكاملة: حياة توجهها العقيدة الإسلامية , وتزكيها العبادات الإسلامية , وتقودها المفاهيم الإسلامية, وتحركها الشاعر الإسلامية, وتضبطها الأخلاق الإسلامية وتجملها الآداب الإسلامية, وتهيمن عليها القيم الإسلامية, ومحكمها التشريعات الإسلامية, وتوجه اقتصادها وفنونها وسياستها: التعاليم الإسلامية.
فليس المجتمع المسلم, كما يتصوره أو يصوره الكثيرون - هو - فقط - الذي يطبق الشريعة الإسلامية في جانبها القانوني, وخصوصا جانب الحدود والعقوبات, فهذا تصور وتصوير قاصر, بل ظالم لهذا المجتمع, واختصار لكل مقوماته المتعددة في مقوم واحد هو التشريع, وفى جانب واحد من التشريع هو التشريع الجزائي, أو الجنائي.
لهذا كان من المهم هنا: هو إلقاء الضوء على المكونات أو اللامح الأساسية لهذا المجتمع الذي ننشده, والذي قامت حركات وجماعات إسلامية في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي تدعو إليه , ليحل محل المجتمعات الحاضرة, التي اختلط فيها الإسلام بالجاهلية, سواء أكانت جاهلية وافدة,مما غزانا به الاستعمار الغربي بشقيه: الرأسمالي والاشتراكي, أم جاهلية موروثة, من رواسب عصور التخلف, التي ساء فيه ا فهم السلمين لدينهم, كما ساء تطبيقهم له, حكاما ومحكومين. وقد صدر لي كتاب منذ سنين, هو: (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ) وهو في الحقيقة جزء من هذا الكتاب.
كما تركت موضوعاً يتعلق بالدولة ونظام الحكم, خشيه من طول الكتاب على القارئ. وربما أهدره في رسالة مستقلة, أو ألحمه به في طبعه أخرى. وعسى أن يكون في هذه الفصول ما يساعد على كشف اللثام عن معالم هذا المجتمع الذي مرنو إليه الأبصار, وتشرئب نحوه الأعناق, وتتعلق به القلوب.
وعسى أن يزيدنا ذلك إصراراً على السعي إليه, والعمل على تحقيقه في الواقع، كلما استطعنا إلى ذلك سبيلا, في أي وطن - مهما صغرت رقعته من دار الإسلام. فيعلن ولاءه الكامل للإسلام, عقيدة وشريعة ومنهاج حياة, ويبنى حياته كلها: المادية والمعنوية, وسياسته كلها: الداخلية والخارجية على الإسلام.
ومن ناحية أخرى نقيس المجتمعات القائمة اليوم, والتي تنتسب إلى الإسلام, لأن سكانها مسلمون, أو لأن دستورها يعلن أن دينها الإسلام, أو أن الشريعة هي المصدر الرئيسي, أو المصدر الوحيد للقوانين : نقيسها إلى هذا المجتمع في صورته المثالية المنشودة , لنعرف مدى قربها أو بعدها منه.
فما أكثر الذين يتمسحون بالإسلام, وهم عنه صادون, أو يتمسكون بشكليات منه, وهم عن روحه معرضون, أو يؤمنون ببعض كتابه, وهم بالبعض الآخر كافرون, أو يحتفلون بأعياده, وهم لأعدائه موالون, ولدعاته معادون, ولشريعته معارضون ! ( ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ، ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا، ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.)
الدوحة في ذي الحجة1413
يونيو (حزيران) 1993م
يوسف القرضاوي
أبو محمد- صاحب القلم المميز
- عدد المساهمات : 4282
نقاط : 7201
السٌّمعَة : 77
تاريخ التسجيل : 09/05/2010
الموقع : رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء
مواضيع مماثلة
» "المال ملكك لكن الموارد ملك المجتمع"
» المرأة المسلمة في المجتمع
» أذكار المسلم اليومية
» تبسمك في وجه اخيك المسلم صدقة
» الأرملة !!! الحلقة الاضعف في المجتمع
» المرأة المسلمة في المجتمع
» أذكار المسلم اليومية
» تبسمك في وجه اخيك المسلم صدقة
» الأرملة !!! الحلقة الاضعف في المجتمع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود