منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 46

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 46 Empty الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 46

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الثلاثاء فبراير 07, 2012 7:33 am


الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)
لم يقل : الذين تيقنوا أنهم ملاقوا ربهم لأن مجرد الظن أنك ملاق الله سبحانه وتعالى . . كاف أن يجعلك تلتزم بالمنهج . فما بالك إذا كنت متيقنا .
فكل مكذب بالآخرة خاسر . والنفس البشرية لابد أن تحتاط للقاء الله وأن تعترف أن هناك حشراً وتعمل لذلك . يقول المعرّي في آخر حياته :
زعم المنجّم والطبيب كلاهما ................ لا تحشر الأجساد قلتُ إليكما
إن صحّ قولكما فلسْت بخاسرٍ ............... أو صح قولي فالخسارُ عليكما
والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى أمر يقيني . فمادمت قد جئت إلى الدنيا مخلوقاً من الله فأنت لا مَحالةَ سترجع إليه .
والظن في الأصل الحُسبان واللقاء وصول أحد الجسمين إلى الآخر بحيث يماسه ، والمراد من ملاقاة الرب سبحانه ، إما ملاقاة ثوابه أو رؤيته ـ سبحانه ـ وكل منهما مظنون متوقع لأنه وإن علم الخاشع أنه لا بد من ثواب للعمل الصالح ، وتحقق أن المؤمن يرى ربَّه يوم المآب لكن من أين يعلم ما يختم به عمله ، ففي وصف أولئك بالظن إشارة إلى خوفهم ، وعدم أمنهم مَكرَ ربهم { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون } الأعراف: 99
والمفاعلةُ هنا بمعنى الثلاثي نحو : عافاك الله ، و" لَقِيَ " يتضمَّن معنى "لاقى" كأنه يَعْني أن المادةَ لذاتها تقتضي المشاركةَ . وفي الكلام حَذْفٌ تقديرُه: ملاقو ثوابِ ربِّهم وعقابِه . ويَصِحُّ أن تكونَ الملاقاةُ هنا الرؤيةَ التي عليها أهلُ السُّنَّةِ وورد بها متواترُ الحديث ، فعلى هذا لا يُحْتاج إلى حَذْفِ مضاف . وفي تعقيب الخاشعين به حينئذ لطف لا يخفى . وقرأ ابن مسعود رضي الله تعالى عنه " يعلمون " .
وأصلُ الظنِّ: رُجْحانُ أحدِ الطرفينِ وأمَّا هذه الآيةُ ففيها قولانِ ، أحدُهما وعليه الأكثرُ أنَّ الظنَّ ههنا بمعنى اليقين ومثلُه: { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } الحاقة:20، يقول الشاعر :
فقلت لهم ظُنُّوا بألفَيْ مُدَجَّجٍ ................... سَرَاتُهُمُ في الفارسيِّ المُسَرَّدِ
وقال أبو دُؤاد :
رُبَّ همٍّ فَرَّجْتُه بعَزيمٍ ............................ وغُيوبٍ كَشَّفْتُها بظُنونِ
فاستُعْمِلَ الظنُّ استعمالَ اليقينِ مجازاً ، كما استُعْمِل العِلْمُ استعمالَ الظنِّ كقولِه: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ } الممتحنة:10 ، ولكنَّ العربَ لا تَسْتَعْمِلُ الظنَّ استعمالَ اليقين إلا فيما لم يَخْرُجْ إلى الحِسِّ والمشاهدةِ كالآيتين والبيت ، ولا تَجِدُهم يقولون في رجل مَرْئيٍّ حاضراً: أظنُّ هذا إنساناً .
والقولُ الثاني : أنَّ الظنَّ على بابِه وفيه حينئذٍ تأويلان ، أحدُهما : أن يُضْمَر في الكلام " بذنوبهم " فكأنهم يتوقَّعون لقاءَه مُذْنِبين . وهذا تعسُّفٌ ، والثاني: أنهم يظنُّون ملاقاةَ ثوابِ ربهم لأنهم ليسوا قاطِعين بالثوابِ دونَ العقاب ، والتقديرُ: يَظُنُّون أنهم ملاقُو ثوابِ ربِّهم ، ولكن يُشْكِلُ على هذا عَطْفُ { وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فإنه لا يَكْفي فيه الظنُّ ، هذا إذا أَعَدْنا الضميرَ في " إليه " على الربِّ سبحانه وتعالى ، أمَّا إذا أَعَدْناه على الثوابِ المقدَّر فيزولُ الإِشكالُ أو يُقالُ: إنه بالنسبةِ إلى الأول بمعنى الظنِّ على بابه ، وبالنسبةِ إلى الثاني بمعنى اليقينِ ، ويكونُ قد جَمَعَ في الكلمةِ الواحدةِ بين الحقيقةِ والمجازِ .
{الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} "الذين" يَحتملُ موضعُه الحركاتِ الثلاثَ ، فالجرُّ على أنه تابعٌ لِما قَبْلَه نعتاً ، وهو الظاهرُ ، والرفعُ والنصبُ على القَطْع .
و{مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} من باب إضافةِ اسم الفاعل لمعموله إضافةً تخفيفٍ لأنه مستقبلٌ ، وحُذِفَتِ النونُ للإِضافة ، والأصلُ: مُلاقونَ ربِّهم .
{وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} عَطْفٌ على " أَنَّهم " وما في حَيِّزها ، و" إليه " متعلق بـ " راجعون " ، والضميرُ : إمَّا للربِّ سبحانَه أو الثَّوابِ كما تقدَّم ، أو اللقاءِ المفهوم من " مُلاقُو " .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى