هي الصحراء

هي الصحراء
لم يكن الاستعداد لتلك الرّحلة استعداداً عادياً...
ولم تكن تلك الرّحلة كغيرها من الرّحلات التي قمتُ بها في حياتي ..
إنّها الرحلة إلى "البلد الأمين " .. البلد الذي طالما حلمت برؤيته منذ الصّغر ..
انطلقت بسيّارتي يُحرّكني نداءٌ داخلي لم أعرفه بهذه الحدّة من قبل ...
نداء حرّك كوامن نفسي وداعب وناجى خواطر وخفقات قلبي..
إنّه نداء الشوق إلى مكّة ..إلى البيت العتيق ..
دخلت المملكة وكانت ساعات الفجر الأولى قد أعلنت وصولها...ولأنّ الرّحلة لم تكن رحلة عاديّةً كغيرها ، فإنّ كلّ شيء لم يبدُ لي عاديّاً كما سمعتُ عنه من قبل ...
إنّها صحراء مترامية الأطراف تمتد امتداد النظر ...تحكي من خلال صمتها حكاية القامات التي بًنًتْ دولةً من أعظم الدول ..القامات التي مازال ظلُّها شاهداً على شموخها حتى يومنا هذا ..
صحيحٌ إنّها صحراء ..وصحراء فقط ..لا شجر فيها أو نبات ، ولكنّها صحراء ليست كغيرها من الصحراوات .. صحراء تشعر وأنت تسير فيها بأنّك انتقلت عبر آلةٍ افتراضيّة تعيد الزمن إلى الوراء .. حيث جذور التاريخ قد تأصلّت ....
تشعر بأنّك انسلخت من حضارة مُزيّفة مُتقهقرةٍ ..مُتناقضةٍ..إلى حضارةٍ عظيمة أعطت كلّ ذي حقّ حقّه ....حضارة تُعلي من شأن الفكر وتُحطّ من أمر الوثن ، وتُقدّم من القيم كلَّ ماهو نافع ويخدم الإنسان ويُعمّر الأرض ويُثري الحياة ...
صحيح إنّها صحراء صامتة ! ولكنّك تقرأ بصمتها أبجديّة ليست كباقي الأبجديات ...
إنّها أبجدية التاريخ والحاضر والمستقبل ...
فما إنْ تدخل المملكة حتى تشعر بأنّك عربيّ ...عربيّ حقّاً في بلد عربي ، اسماً...وفعلاً...تُحيّا بتحية الإسلام ، لا تحيّة الـ (Hay ) والـ( Bay ) .


الطريق إلى أمّ القرى كان أشبه بخلوة يناجي بها الإنسان خالق الكون ، ومُنزِل الرّسالات ...
لم يكن طريقاً صحراوياً موحشاً كما وصفه لي البعض من قبل ...بل طريقاً يسترجع فيه الإنسان شريط حياته ليعلمَ يقيناً بأنّه ما خُلق من عبث .. ماخُلق إلاّ ليعبد ، ويبني للأجيال القادمة ..
طريقاً أشعرني بأني أسير في حضارة الحضارات ...

وما إن تنحدر في الجبال المُفضية إلى مكّة حتى تشعر بأنّك انحدرت من عتوِّ النفس البشريّة وكبريائها ، إلى روافد العدل والتقوى و اللّاتمييز بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى ..
سمعت الكثير ..الكثير عن " أمّ القرى " ..وعن تفاني القائمين على خدمة حرمها الجليل ..ولكن ماسمعته لم يكن ليفيَ جزءاً يسيراً من حقّها وحقّ من تشرّف بخدمة حرمها ..
إنّه الشرف الذي خصّ به الله سكان المملكة ، وولاة أمرها ..
هاهو الحرم !! إنّه شامخ شموخ هذه الأرض ..باقٍ بقاء الحياة ..خالدٍ خلود التاريخ ...إنّه الوعد بوحدة المسلمين ..وانكفاء الظالمين ..
إنّها دعوة لكلّ شبابنا ، وشيبنا الّذين يقضون أوقات إجازاتهم في دولٍ تُسمّي الانفلات الخلقي "حضارة " ..ويتركون في بلدانهم حضارة لم يُجشّموا أنفسهم اكتشاف رقيّها ، وسرّ خلودها ..
إنّها دعوة لزيارة " البلد الأمين "..
بل هي دعوة للوقوف مع " الأنا " التي باتت تُسيطر على معظم سلوكياتنا ، وتهوي بنا في غياهب جبّ الضياع والانحدار ..
دعوة لنتعلّم من رجال صنعوا أمّة ، وكرّسوا أخلاقاً...

محمد عبد العزيز حوسو

بداية أقول لك : عوداً ميموناً إلى منتدانا المتواضع ...
ونأمل أن لاتنقطع كتاباتك عنَّا ...
أبحرتُ معك في موضوعك الرائع ...
وأزيدُ بالقول : إنه من واجبنا أن ُننشئ في قلوب شبابنا وقبلهم أطفالنا شغف لارتياد هذه الأماكن....
فأكثرهم يظنها " رحلة تعب وعناء جسدي " ....
رحلةٌ يمكن لأي منَّا أن يقوم بها وبأي وقت ...
عقول أطفالنا قبل شبابنا تربَّوا على فكرة " أن العمرة " للشيخ العجوز الكبير بالسن...
يجب أن تُصور لهم بأنها رحلة جميلة "رحلة العمرة إلى بيت الله الحرام "....
رحلة روحانية جميلة لابد للإنسان أن يخرج بها من زحمة الحياة الروتنية ويقوم برحلة إيمانية إلى بيت الله الحرام ...

موضوع جميل ، سلمت يداك ...
تقبل مروري

لا أزيد على أبي مُعاذ إن قلت: نعم عوداً حميداً يا أبا عبد العزيز

وإنها والله لدعوة جميلة أرجو الله أن ينفعك وينفعنا بامتثال الناس لها

رحلة العمرة إلى البيت الحرام وهنا لي وقفة مع بلدنا العظيم سورية الحبيبة:

لقد نُظمت هذه الرحلات قبل أن تخرج بها قناة طيور الجنة وقبل أن تُصبح الدعوة إليها تجارة لدى بعض مكاتب - نظمها فريق الدكتور أحمد الحسون؛ مفتي الجمهورية قبل أن يكون مفتياً للجمهورية وعلى نهجه كانت هناك حملات وحملات للأطفال وكان يُرافقهم فيها أحد المُحبين للحبيب مُحمد وآله ودياره ليشرح لهم من قلبه حول إنجاز عمالقة الإسلام والراشدين فيه والصحب الكرام ليترسخ في قلوب الصغار حب أولئك العمالقة ويغدو لهم قدوة يتمثلون كريم فعالها ومكارم أخلاقها

دُمتم بخير