الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 40
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 40
أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)
قولُهُ ـ جَلَّ وَعَزَّ: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} يُبيِّنُ اللهُ تَعَالَى في هَذِهِ الآيةِ الكَريمَةِ سُخْفَ عُقُولِ المُشْرِكِينَ في ادِّعائهم أَنَّ المَلائكَةَ إِنَاثٌ، وأَنَّهُنَّ بَنَاتُ اللهِ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى، فَيَهْزَأُ بِهمْ ويُنْكِرُ عَلَيْهِمُ اعْتِقادَهُم هَذا. أَيْ: كَيْفَ تعتقدونَ أَنَّ اللهَ خَلقَ الذكورَ والإناثَ ثمَّ تَقولونَ بأَنَّهُ خَصَّكمْ بالذُكورِ دونَ نَفْسِهِ، وهم الأَقْوَى والأَعْظَمُ شأْنًا، وجَعَلَ الإناثَ شِرْكَةً بَيْنَهُ وبَيْنَكم؟ فَلِمَ فَضَّلَكمْ بِهَذَا.
وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ الكريمِ فقَالَ فِي الآيَةِ: 57، مِنْ سُورَةِ النَّحْل: {وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}، وَقَال مِنْ سُورَةِ الزُمَر: {لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} الآيَةَ: 4، وقالَ مِنْ سُورَةِ الطُور: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} الآيَةَ: 39، وَقَالَ مِنْ سُورةِ النَّجْمِ: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} الآيتان: (21 و 22)، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
والآيَةُ تَفْريعٌ عَلَى جُمْلَةِ {وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرَ} مِنَ الآيةِ التي قبلَها، وذلك تَفْرِيعٌ عَلَى النَّهْيِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مُشْتَمِلٌ عُمُومُهُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الْخَاصِّ الْجَدِيرِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْإِنْكَارِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِبَدَلِ الْبَعْضِ. فَالْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ وَحَقُّهَا أَنْ تَقَعَ فِي أَوَّلِ جُمْلَتِهَا وَلَكِنْ أَخَّرَهَا لأَنَّ لِلِاسْتِفْهَامِ الصَّدْرَ فِي الْعَرَبِيَّةِ.
وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ نِسْبَةَ الْبَنَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالى هو ادِّعَاءُ آلِهَةٍ تَنْتَسِبُ إِلَى اللهِ بِالنُّبُوَّةِ، إِذْ عَبَدَ فَرِيقٌ مِنَ الْعَرَبِ الْمَلَائِكَةَ كَمَا عَبَدُوا الْأَصْنَامَ، وَعَلَّلوا عِبَادَتَهُمْ لها بِأَنَّها بَنَاتُ اللهِ، قَالَ تَعَالى مِنْ سُورَةِ الزُخْرُف: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا} إِلَى أَنْ قالَ: {وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ} الآيتانِ: (19 و 20). فَلَمَّا نُهُوا عَنْ أَنْ يَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، خَصَّصَ بِالتَّحْذِيرِ عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمُوا أَنَّ عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ الكرامِ، لَيْسَتْ كَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ، لِيَتَوَهَّمُوا أَنَّ اللهَ يَرْضَى بِأَنْ تُعْبَدَ بَنَاتُهُ.
وَقَدْ جَاءَ إِبْطَالُ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ بِإِبْطَالِ أَصْلِهَا فِي مُعْتَقَدِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ بَنَاتُ اللهِ، فَإِذَا تَبَيَّنَّ بُطْلَانُ ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّ جَعْلَهُمُ الْمَلَائِكَةَ آلِهَةً يُسَاوِي جَعْلَهُمُ الْأَصْنَامَ آلِهَةً.
ومَعْنَى "أَفَأَصْفَاكُمْ" أَفَخَصَّكم، وأَصْفَاهُ لِنَفْسِهِ: أَيْ: اسْتَخْلَصَهُ لِنَفْسِهِ فجعلَهُ منْ خاصَّتِه، أَوْ مِمَّا يَخُصُّهُ. يُقَالُ: أَصْفَا الأَمِيرُ فُلانًا بِكَذا، إِذا آثَرَهُ بِهِ، وَمِنْهُ يُقالُ للضِّيَاعِ التي يَسْتَخْلِصُها السُّلْطانُ لِخَاصَّتِهِ: الصَّوافي. وَالْإِصْفَاءُ أَيضًا: يعني جَعْلَ الشَّيْءِ صَفْوًا، أَيْ خَالِصًا، وَتَعْدِيَةُ أَصْفَى إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، فَإنَّ أَصْلَهُ: أَفَأَصْفَى لَكُمْ.
وَالْبَاءُ فِي "بِالْبَنِينَ" مَزِيدَةٌ لِتَوْكِيدِ لُصُوقِ فِعْلِ "أَصْفَى" بِمَفْعُولِهِ، وَالأَصْلُ أَنْ يُقالَ: أَفَأَصْفَى لَكُمْ رَبُّكُمُ الْبَنِينَ، فهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ المَائدَةِ: {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ} الْآيةَ: 6. أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ "أَصْفَى" مَعْنَى "آثَرَ" فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ دَالَّةً عَلَى مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِمَجْرُورِهَا، فَيكونُ "أَصْفَى" مَعَ مُتَعَلِّقِهِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلَيْنِ، أَيْ: قَصَرَ عَلَيْكُمُ الْبَنِينَ دُونَهُ، أَيْ: جَعَلَ لَكُمُ الْبَنِينَ خَالِصَةً لَا يُسَاوِيكُمْ هُوَ بِأَمْثَالِهِمْ، وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ الْإِنَاثَ الَّتِي تَكْرَهُونَهَا.
قولُهُ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} تَقْرِيرٌ لِمَعْنَى الْإِنْكَارِ وَبَيَانٌ لَهُ، أَيْ تَقُولُونَ: اتَّخَذَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتٍ. وَأَكَّدَ فِعْلَ "تَقُولُونَ" بِمَصْدَرِهِ وهو "قولًا" تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، وَجَعَلَهُ مُجَرَّدَ قَوْلٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ كَلَامًا صَادٍرًا دونَ رَوِيَّةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ تَأَمَّلَهُ قَائِلُهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ لَوَجَدَهُ غَيْرَ مَقْبُولٍ عَقْلًا، وَالْعَظِيمُ: الْقَوِيُّ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ عَظِيمٌ فِي الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْإِنْكَارِ. ولِذَلِكَ كانَ قولُهُمْ بأَنَّ المَلائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ قَوْلًا فَظِيعًا، وَفِريَةً كُبْرَى، وَفَسَادُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى نَظَرٍ. فَإِذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ انْتِفَاءُ وُقُوعِهِ، إِذْ هُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِجَلَالِ اللهِ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كبيرًا.
وَلَا أَبْلَغُ فِي تَقْبِيحِ قَوْلِهِمْ مِنْ وَصْفِهِ بِالْعَظِيمِ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَدْخُولٌ مِنْ جَوَانِبِهِ لِاقْتِضَائِهِ إِيثَارَ اللهِ بِأَدْنى صِنْفَيِ الْبُنُوَّةِ، مَعَ تَخْوِيلِهِمُ الصِّنْفَ الْأَشْرَفَ. ثُمَّ مَا يَقْتَضِيهِ ذَلِكَ مِنْ نِسْبَتِهِ خَصَائِصَ الْأَجْسَامِ للهِ تَعَالَى، مِنْ تَرْكِيبٍ، وَتَوَلُّدٍ، وَاحْتِيَاجٍ إِلَى الْأَبْنَاءِ لِيسْتعَينَ بهمِ، وَلِيُخَلِّفُوا الْأَصْلَ بَعْدَ زَوَالِهِ، فَأَيُّ فَسَادٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟.
قولُهُ تَعَالَى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} أَفَأَصْفَاكُمْ: هَذِهِ الهَمْزَةُ: للاسْتِفْهامِ الاسْتِنْكاريِّ التَوْبِيخِيِّ، دَاخِلَةٌ عَلى مَحْذُوفٍ، والفاءُ: حرفُ عَطْفٍ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، و "أَصْفاكم" فعلٌ ماضٍ مبنيٍّ على الفتحِ المقدَّرِ على آخِرِهِ لتعذُّرِ ظهورِهِ على الأَلِفِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مفعولٌ بِهِ، والميمُ لتذكيرِ الجمعِ. وَ "رَبُّكُمْ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، وهو مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ. و "بِالْبَنِينَ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "أَصْفاكم"، و "الْبَنِينَ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأنَّهُ منَ الأسماءِ الخَمْسَةِ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، والتَقديرُ: أَخَصَّكم رَبُّكم ـ سُبْحانَهُ وتعالى، بالبَنينَ فَأَصْفَاكُمْ بِهْمْ، واتَّخَذَ مِنَ المَلائكةِ إِنَاثًا، والجُمْلَةُ المَحْذوفَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، و "اتَّخَذَ" فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يعودُ عَلى "رَبُّكم". و "مِنَ" حرفُ جَرٍّ متَعَلِّقٌ بالمَفْعولِ الثاني المُقدَّرِ لـ "اتَّخَذَ" لأَنَّهُ فعلٌ مَتَعَدٍّ لِمَفْعُولَيْنِ، ولولا ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يُبْتَدَأَ بالنَكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ، لأَنَّ ما صَلُحَ أَنْ يَكونَ مُبْتَدَأً صَلُحَ أَنْ يَكونَ مَفْعولًا أَوَّلَ فِي هَذا البابِ، ومَا لا فَلَا. ويَجُوزُ أَنْ تَكونَ مُتَعَدِّيَةً لِوَاحِدٍ، كما هي في قولِهِ تعالى مِنْ سورةِ البقرةِ: {وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا} الآية: 116. وَ "المَلائِكَةِ" مَجْرُورٌ بحرْفِ الجرِّ. وَ "إِناثًا" مَفْعُولٌ بِهِ أَوَّل لـ "اتَّخَذَ". والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "أَصْفاكم"، فَتَكونُ داخلةً فِي حَيِّزِ الإِنكار، وَيَجوزُ أَنْ تَكونَ حالًا مِنْ "رَبِّكم" عَلَى تَقْديرِ "قد" قبلَها عِنْدَ بعضِ النَحْويينَ، وَالوَاوُ حِينَئِذٍ حاليَّةٌ ولَيْسَتْ عاطفةً.
قولُهُ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} إنَّ: حرفٌ نَاصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ. وَ "لَتَقُولُونَ" اللامُ هي المُزحلقةُ للتوكيدِ (حرفُ ابْتِداءٍ) و "تَقُولُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرفعِ فاعلٌ، و "قَوْلًا" مفعولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ، أَو مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ منصوبٌ على المصْدَرِيَّةِ. و "عَظِيمًا" صِفَةٌ لَهُ منصوبةٌ مثلُهُ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إِنَّ"، وجُمْلَةُ "إِنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ ـ جَلَّ وَعَزَّ: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} يُبيِّنُ اللهُ تَعَالَى في هَذِهِ الآيةِ الكَريمَةِ سُخْفَ عُقُولِ المُشْرِكِينَ في ادِّعائهم أَنَّ المَلائكَةَ إِنَاثٌ، وأَنَّهُنَّ بَنَاتُ اللهِ ـ تَبَارَكَ وتَعَالى، فَيَهْزَأُ بِهمْ ويُنْكِرُ عَلَيْهِمُ اعْتِقادَهُم هَذا. أَيْ: كَيْفَ تعتقدونَ أَنَّ اللهَ خَلقَ الذكورَ والإناثَ ثمَّ تَقولونَ بأَنَّهُ خَصَّكمْ بالذُكورِ دونَ نَفْسِهِ، وهم الأَقْوَى والأَعْظَمُ شأْنًا، وجَعَلَ الإناثَ شِرْكَةً بَيْنَهُ وبَيْنَكم؟ فَلِمَ فَضَّلَكمْ بِهَذَا.
وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ الكريمِ فقَالَ فِي الآيَةِ: 57، مِنْ سُورَةِ النَّحْل: {وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ}، وَقَال مِنْ سُورَةِ الزُمَر: {لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} الآيَةَ: 4، وقالَ مِنْ سُورَةِ الطُور: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ} الآيَةَ: 39، وَقَالَ مِنْ سُورةِ النَّجْمِ: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى} الآيتان: (21 و 22)، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
والآيَةُ تَفْريعٌ عَلَى جُمْلَةِ {وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهًا آخَرَ} مِنَ الآيةِ التي قبلَها، وذلك تَفْرِيعٌ عَلَى النَّهْيِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مُشْتَمِلٌ عُمُومُهُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الْخَاصِّ الْجَدِيرِ بِتَخْصِيصِهِ بِالْإِنْكَارِ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِبَدَلِ الْبَعْضِ. فَالْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ وَحَقُّهَا أَنْ تَقَعَ فِي أَوَّلِ جُمْلَتِهَا وَلَكِنْ أَخَّرَهَا لأَنَّ لِلِاسْتِفْهَامِ الصَّدْرَ فِي الْعَرَبِيَّةِ.
وَمُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ أَنَّ نِسْبَةَ الْبَنَاتِ إِلَى اللهِ تَعَالى هو ادِّعَاءُ آلِهَةٍ تَنْتَسِبُ إِلَى اللهِ بِالنُّبُوَّةِ، إِذْ عَبَدَ فَرِيقٌ مِنَ الْعَرَبِ الْمَلَائِكَةَ كَمَا عَبَدُوا الْأَصْنَامَ، وَعَلَّلوا عِبَادَتَهُمْ لها بِأَنَّها بَنَاتُ اللهِ، قَالَ تَعَالى مِنْ سُورَةِ الزُخْرُف: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثًا} إِلَى أَنْ قالَ: {وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ} الآيتانِ: (19 و 20). فَلَمَّا نُهُوا عَنْ أَنْ يَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، خَصَّصَ بِالتَّحْذِيرِ عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمُوا أَنَّ عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ الكرامِ، لَيْسَتْ كَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ، لِيَتَوَهَّمُوا أَنَّ اللهَ يَرْضَى بِأَنْ تُعْبَدَ بَنَاتُهُ.
وَقَدْ جَاءَ إِبْطَالُ عِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ بِإِبْطَالِ أَصْلِهَا فِي مُعْتَقَدِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ بَنَاتُ اللهِ، فَإِذَا تَبَيَّنَّ بُطْلَانُ ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّ جَعْلَهُمُ الْمَلَائِكَةَ آلِهَةً يُسَاوِي جَعْلَهُمُ الْأَصْنَامَ آلِهَةً.
ومَعْنَى "أَفَأَصْفَاكُمْ" أَفَخَصَّكم، وأَصْفَاهُ لِنَفْسِهِ: أَيْ: اسْتَخْلَصَهُ لِنَفْسِهِ فجعلَهُ منْ خاصَّتِه، أَوْ مِمَّا يَخُصُّهُ. يُقَالُ: أَصْفَا الأَمِيرُ فُلانًا بِكَذا، إِذا آثَرَهُ بِهِ، وَمِنْهُ يُقالُ للضِّيَاعِ التي يَسْتَخْلِصُها السُّلْطانُ لِخَاصَّتِهِ: الصَّوافي. وَالْإِصْفَاءُ أَيضًا: يعني جَعْلَ الشَّيْءِ صَفْوًا، أَيْ خَالِصًا، وَتَعْدِيَةُ أَصْفَى إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ عَلَى طَرِيقَةِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، فَإنَّ أَصْلَهُ: أَفَأَصْفَى لَكُمْ.
وَالْبَاءُ فِي "بِالْبَنِينَ" مَزِيدَةٌ لِتَوْكِيدِ لُصُوقِ فِعْلِ "أَصْفَى" بِمَفْعُولِهِ، وَالأَصْلُ أَنْ يُقالَ: أَفَأَصْفَى لَكُمْ رَبُّكُمُ الْبَنِينَ، فهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ المَائدَةِ: {وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ} الْآيةَ: 6. أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ "أَصْفَى" مَعْنَى "آثَرَ" فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ دَالَّةً عَلَى مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ بِمَجْرُورِهَا، فَيكونُ "أَصْفَى" مَعَ مُتَعَلِّقِهِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلَيْنِ، أَيْ: قَصَرَ عَلَيْكُمُ الْبَنِينَ دُونَهُ، أَيْ: جَعَلَ لَكُمُ الْبَنِينَ خَالِصَةً لَا يُسَاوِيكُمْ هُوَ بِأَمْثَالِهِمْ، وَجَعَلَ لِنَفْسِهِ الْإِنَاثَ الَّتِي تَكْرَهُونَهَا.
قولُهُ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} تَقْرِيرٌ لِمَعْنَى الْإِنْكَارِ وَبَيَانٌ لَهُ، أَيْ تَقُولُونَ: اتَّخَذَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتٍ. وَأَكَّدَ فِعْلَ "تَقُولُونَ" بِمَصْدَرِهِ وهو "قولًا" تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، وَجَعَلَهُ مُجَرَّدَ قَوْلٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْدُو أَنْ يَكُونَ كَلَامًا صَادٍرًا دونَ رَوِيَّةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ تَأَمَّلَهُ قَائِلُهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ لَوَجَدَهُ غَيْرَ مَقْبُولٍ عَقْلًا، وَالْعَظِيمُ: الْقَوِيُّ. وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ عَظِيمٌ فِي الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْإِنْكَارِ. ولِذَلِكَ كانَ قولُهُمْ بأَنَّ المَلائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ قَوْلًا فَظِيعًا، وَفِريَةً كُبْرَى، وَفَسَادُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ بِأَدْنَى نَظَرٍ. فَإِذَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ انْتِفَاءُ وُقُوعِهِ، إِذْ هُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِجَلَالِ اللهِ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كبيرًا.
وَلَا أَبْلَغُ فِي تَقْبِيحِ قَوْلِهِمْ مِنْ وَصْفِهِ بِالْعَظِيمِ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَدْخُولٌ مِنْ جَوَانِبِهِ لِاقْتِضَائِهِ إِيثَارَ اللهِ بِأَدْنى صِنْفَيِ الْبُنُوَّةِ، مَعَ تَخْوِيلِهِمُ الصِّنْفَ الْأَشْرَفَ. ثُمَّ مَا يَقْتَضِيهِ ذَلِكَ مِنْ نِسْبَتِهِ خَصَائِصَ الْأَجْسَامِ للهِ تَعَالَى، مِنْ تَرْكِيبٍ، وَتَوَلُّدٍ، وَاحْتِيَاجٍ إِلَى الْأَبْنَاءِ لِيسْتعَينَ بهمِ، وَلِيُخَلِّفُوا الْأَصْلَ بَعْدَ زَوَالِهِ، فَأَيُّ فَسَادٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟.
قولُهُ تَعَالَى: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ} أَفَأَصْفَاكُمْ: هَذِهِ الهَمْزَةُ: للاسْتِفْهامِ الاسْتِنْكاريِّ التَوْبِيخِيِّ، دَاخِلَةٌ عَلى مَحْذُوفٍ، والفاءُ: حرفُ عَطْفٍ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، و "أَصْفاكم" فعلٌ ماضٍ مبنيٍّ على الفتحِ المقدَّرِ على آخِرِهِ لتعذُّرِ ظهورِهِ على الأَلِفِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مفعولٌ بِهِ، والميمُ لتذكيرِ الجمعِ. وَ "رَبُّكُمْ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، وهو مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ. و "بِالْبَنِينَ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "أَصْفاكم"، و "الْبَنِينَ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأنَّهُ منَ الأسماءِ الخَمْسَةِ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، والتَقديرُ: أَخَصَّكم رَبُّكم ـ سُبْحانَهُ وتعالى، بالبَنينَ فَأَصْفَاكُمْ بِهْمْ، واتَّخَذَ مِنَ المَلائكةِ إِنَاثًا، والجُمْلَةُ المَحْذوفَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا} الواوُ: حرفُ عَطْفٍ، و "اتَّخَذَ" فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ مُسْتترٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يعودُ عَلى "رَبُّكم". و "مِنَ" حرفُ جَرٍّ متَعَلِّقٌ بالمَفْعولِ الثاني المُقدَّرِ لـ "اتَّخَذَ" لأَنَّهُ فعلٌ مَتَعَدٍّ لِمَفْعُولَيْنِ، ولولا ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يُبْتَدَأَ بالنَكِرَةِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ، لأَنَّ ما صَلُحَ أَنْ يَكونَ مُبْتَدَأً صَلُحَ أَنْ يَكونَ مَفْعولًا أَوَّلَ فِي هَذا البابِ، ومَا لا فَلَا. ويَجُوزُ أَنْ تَكونَ مُتَعَدِّيَةً لِوَاحِدٍ، كما هي في قولِهِ تعالى مِنْ سورةِ البقرةِ: {وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا} الآية: 116. وَ "المَلائِكَةِ" مَجْرُورٌ بحرْفِ الجرِّ. وَ "إِناثًا" مَفْعُولٌ بِهِ أَوَّل لـ "اتَّخَذَ". والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "أَصْفاكم"، فَتَكونُ داخلةً فِي حَيِّزِ الإِنكار، وَيَجوزُ أَنْ تَكونَ حالًا مِنْ "رَبِّكم" عَلَى تَقْديرِ "قد" قبلَها عِنْدَ بعضِ النَحْويينَ، وَالوَاوُ حِينَئِذٍ حاليَّةٌ ولَيْسَتْ عاطفةً.
قولُهُ: {إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا} إنَّ: حرفٌ نَاصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ. وَ "لَتَقُولُونَ" اللامُ هي المُزحلقةُ للتوكيدِ (حرفُ ابْتِداءٍ) و "تَقُولُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الرفعِ فاعلٌ، و "قَوْلًا" مفعولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ، أَو مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ منصوبٌ على المصْدَرِيَّةِ. و "عَظِيمًا" صِفَةٌ لَهُ منصوبةٌ مثلُهُ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إِنَّ"، وجُمْلَةُ "إِنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 14
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 27
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 39
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 55
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 72
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 27
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 39
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 55
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 72
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود