الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 92
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 92
أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92)
قَوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الآيةِ: 9، مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ}. فقَدِ انْتَقَلَ المُشْرِكُونَ مِنْ تحدِّي نَبِيِّهمْ ـ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامُهُ، أَنْ يَأْتِيَهم بِخَوَارِقَ وَمُعْجزاتٍ فِيهَا مَنَافِعُ لَهُمْ، إِلَى تَحَدِّيهِ بِأَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ خَوَارِقَ ومعجزاتٍ فِيهَا أَذًى لَهُمْ وضُرٌّ وعَذَابٌ، وَذَلِكَ تَوْسِعَةً مِنْهُمْ عَلَيْهِ ـ كما يَزْعُمونَ. فقد ذَكَرَ المُفَسِّرونَ أَنَّ المَعْنَى: كَمَا زَعَمْتَ أَنَّ رَبَّكَ إِنْ شَاءَ فَعَلَ، فأَسْقَطِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا كِسَفًا حتَّى نُصدِّقُكَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: يَعْنُونُ العَذَابَ، وَهُوَ كَمَا زَعَمْتَ. وقَالَ عِكْرِمَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقولونَ: كَمَا زَعَمْتَ يا مُحَمَّدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، فَأَسْقِطِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا.
وَقَدْ عَزَّزُوا تَعْجِيبَهُمْ بِالْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ "كَمَا زَعَمْتَ" إِنْبَاءً بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُصَدِّقُ بِهِ أَحَدٌ. وَعَنَوْا بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} الآيةَ: 9، وَقَوْلَهُ مِنْ سُورَةِ الطُّورِ: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّماءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ} الآيةَ: 44، إِذْ هُوَ تَهْدِيدٌ لَهُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَبِاقْتِرابِ يَوْمِ حِسَابِهم وعِقابِهم.
وَمعنى: "كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ" أَيْ: قِطعًا مِنَ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ. والكِسَفُ ـ بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ، جَمْعُ كِسْفَةٍ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، ومِثْلُ: "قِطْعَةٍ" و "قِطَعٍ" لَفْظًا ومَعْنًى.
قولُهُ: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} أَيْ: أَنَّهمْ طلبوا مِنْ سيِّدِنا رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتي باللهِ تَعَالَى وملائكتِهِ الكِرَامِ مُصَدِّقينَ عَلَى رِسالتِهِ. و "قَبِيلًا" أَيْ: مُعَايَنَةً، وَهُوَ حَالٌ مِنِ اسْمِ الجَلالَةِ، وَ "الْمَلائِكَةِ"، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، والآخَرُ مَحْذُوفَةٌ حَالُهُ، أَيْ: بِاللهِ قَبِيلًا، والمَلائِكَةِ قَبِيلًا. كَما قَالَ الشَّاعِرُ عَمْرُو بْنُ أَحْمَرَ البَاهِلِيِّ:
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوالِدِي ............. بَريئًا ومِنْ أَجْلِ الطَّوِىِّ رَمَانِي
فقُوْلُهُ: "بَرِيئًا" حالٌ مِنْهُ، وْمِنْ وَالِدِهِ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا. وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ ضَابِىءٍ البُرْجُمِي:
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَدينَةِ رَحْلُهُ .................. فإِنِّي وقَيَّارٌ بِهَا لَغَريبُ
هَذَا إِذَا جَعَلْنا "قَبيلًا" بِمَعْنَى كَفِيلًا، أَيْ: ضِامِنًا، كَمَا قَالَ أَبو القَاسِمِ الزَّمَخْشَريُّ، أَوْ بِمَعْنَى "مُعَايَنَةً" كَمَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ. وَإِنْ جَعَلْنَاهً بِمَعْنَى جَمَاعَةً كانَ حالًا مِنَ "المَلائكَةِ".
وَنَظَيرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَريمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الفُرْقانِ: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا} الآية: 21. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: قَبِيلًا: أَيْ كَفِيلًا، وهو مِنْ تَقَبَّلَهُ بِكَذَا: إِذَا كَفَلَهُ بِهِ، وهوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما. وَقَالَ مُقَاتِلٌ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَبِيلًا: شَهِيدًا. وَقَالَ أَبُو القاسِمِ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَبِيلًا بِمَا تَقُولُ: أَيْ شَاهِدًا بِصِحَّتِهِ. وَالْقَبِيلُ، وَالْكَفِيلُ، وَالزَّعِيمُ، وكُلُّها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: هُوَ جَمْعُ قَبِيلَةٍ، أَيْ تَأْتِي بِأَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَقدْ ذكَرَ اللهُ تَعَالَى تَّعَنُّتَهم وَعِنَادَهُمُ العظيمَ هَذَا وبَيَّنَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ كتابِهِ العزيزِ، كَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ المائدةِ: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} الآية: 7، وَكقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ الأَنعامِ: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} الآية: 111. وَبَيَّنَ ـ تَعَالَى، أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ مَا اقْتَرَحُوا مَا آمَنُوا. لِأَنَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ لَا يُؤْمِنُ، فقالَ فِي الآيَةِ: 109، مِنْ سُورَةِ الأَنْعَامِ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ يونُس ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} الآيتانِ: (96 و 97)، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ الحِجْرِ: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} الآيَتَانِ: (14 وَ 15). وَالْآيَاتُ في هَذَا المعنى كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} أَوْ: حَرْفُ عَطْفٍ وَتَنْويعٍ. وَ "تُسْقِطَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَنْصوبٌ عَطْفًا عَلَى "تَفْجُرَ" وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تَقْديرُهُ "أَنْتَ" يَعُودُ عَلَى سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَ "السَّمَاءَ" مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ. وَ "كَمَا" الكَافُ: حَرْفُ جَرٍّ وتَشْبِيهِ، وَ "مَا" مَصْدَرِيَّةٌ. وَ "زَعَمْتَ" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ تَاءُ الفَاعِلِ، وهي ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ رفعِ فاعِلِهِ، ومَفْعُولُ الزَّعْمِ مَحْذوفٌ، والتَقْديرُ: كَمَا زَعَمْتَ إِسْقَاطَهَا. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَصْدَرِيَّةِ، وَ "ما" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِالكافِ، وهَذَا الجَارُّ متَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِمَصْدَرٍ مَحْذوفٍ، والتقديرُ: أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ إِسْقَاطًا كائنًا كَزَعْمِكَ؛ أَيْ: كالإسْقَاطِ الذي زَعَمْتَهُ. و "عَلَيْنا" عَلى: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُسْقِطَ"، وَ "نَا" ضَميرُ جَماعَةِ المُتَكَلِّمِينَ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بَحَرْفِ الجَرِّ، وَ "كِسَفًا" مَنْصُوبٌ عَلى الحَالِ مِنْ "السَّمَاءَ".
قولُهُ: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} أَوْ: حرفٌ للعَطْفِ للتنويعِ والتخييرِ. و "تَأْتِيَ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى "تُسْقِطَ" وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ. و "بِاللهِ" الباءُ: حَرْفُ جَرِّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَأْتِيَ"، ولَفْظُ الجلالةِ "اللهِ" اسْمٌ مَجرُورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "وَالْمَلائِكَةِ" الواوُ: للعَطْفِ، و "الْمَلائِكَةِ" مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ الجَلالَةِ. و "قَبِيلًا" مَنْصُوبٌ عَلَى الحَالِ مِنِ اسْمِ الجَلالَةِ، وَ "الْمَلائِكَةِ"، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، والآخَرُ مَحْذُوفَةٌ حَالُهُ، أَيْ: بِاللهِ قَبيلًا، والمَلائِكَةِ قَبِيلًا.
قرَأَ العامَّةُ: {كِسْفًا} بِسُكونِ السِّينِ هُنَا وفي سورتَيْ الشُعراءِ وسَبَأٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ هَنَا "كِسَفًا" بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَرَأَ حَفْصٌ كَذَلِكَ فِي سُورَتيِ الشُّعَراءِ وَسَبَأٍ. وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَان "كِسْفًا" بِسُكُونِها فِي الرُّومِ بِلَا خِلافٍ، وقَرَأَ هِشَامٌ عَنْهُ الوَجْهَانِ، وَأَمَّا بَاقِي مَنْ قَرَأَ عَنْهُ فقد قَرَأَ بِفَتْحِهَا. فمَنْ فَتَحَ السِّينَ جَعَلَهُ جَمْعَ كِسْفَةٍ، نَحْوَ: قِطْعَةٍ وقِطَعٍ، وَكِسْرَةٍ وكِسَرٍ، وَمَنْ سَكَّنَ جَعَلَهُ جَمْعَ كِسْفَةٍ أَيْضًا، كَقَمْحٍ وَقَمْحَةٍ. وَجَوَّزَ أَبُو البَقاءِ فِيهِ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَمَعٌ عَلَى وَزْنِ "فَعَلَ" بِفَتْحِ العَيْنِ، وَإِنَّمَا سُكِّنَ تَخْفيفًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الفَتْحَةَ خَفِيفَةٌ يِحْتَمِلُهَا حَرْفُ العِلَّةِ، حَيْثُ يُقَدَّرُ فِيهِ غَيْرُهَا فَكَيْفَ بِالحَرْفِ الصَّحِيحِ؟. قالَ: وَالثاني: أَنَّهُ "فَعْلٌ" بِمَعْنَى "مَفْعُولٍ"، كَ "الطَّحْنِ" بِمَعْنَى "مَطْحون"، فصارَ فِي السُّكونِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ. وأَصْلُ الكَسْفِ القَطْعُ. تَقولُ: كَسَفْتُ الثَّوْبَ: إِذا قَطَعْتَهُ. وَفِيما رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قِصَّةِ نبيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَعَ الصَّافِنَاتِ الجِيَادِ: أَنَّهُ ((كَسَفَ عَرَاقِيبَهَا)). أَيْ: قَطَعَهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كَسَفَ الشَّيْءَ، بِمَعْنَى غَطَّاهُ. وَقِيلَ: وَلَا يُعْرَفُ هَذَا لِغَيْرِهِ. وانْتِصابُهُ عَلى الحَالِ ـ كما تقدَّمَ في مبحثِ الإعرابِ، فإِنْ جَعَلْناهُ جَمْعًا كانَ عَلَى حَذْفِ مُضافٍ، أَيْ: ذَات كِسَفٍ، وإِنْ جَعَلْنَاهُ فِعْلًا بِمَعْنَى مَفْعولٍ أَيْ: مَكْسُوفٍ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْديرٍ، فَيُقالُ حِينَئِذٍ: لِمَ لَمْ يؤنَّثْ؟ فَيُجابُ: إِنَّ تَأْنيثَ السَّماءِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، أَوْ إِنَّها في مَعْنَى السَّقْفِ.
قَرَأَ العَامَّةُ: {أَوْ تُسْقِطَ} عَلى إِسْنَادِ الفِعْلِ للْمُخَاطَبِ، و "السَّمَاءَ" مَفْعُولٌ بِهِ. وقَرَأَ مُجاهِدٌ: "أَوْ تُسْقِطُ السَّمَاءُ" عَلَى إِسْنَادِ الفِعْلِ إِلَى السَّماءِ فَرَفْعُها بِهِ.
قرأَ العامَّةُ: {قبيلًا} بِمَعْنى الجَمَاعَةِ أَوْ الكَفِيلِ أَوْ الشَّاهِدِ ـ كَمَا تَقَدَّمَ في مَبْحْثِ التَفْسيرِ، وَقَرَأَ الأَعْرَجُ "قِبَلًا" مِنَ المُقَابَلَةِ.
قَوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الآيةِ: 9، مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ}. فقَدِ انْتَقَلَ المُشْرِكُونَ مِنْ تحدِّي نَبِيِّهمْ ـ عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامُهُ، أَنْ يَأْتِيَهم بِخَوَارِقَ وَمُعْجزاتٍ فِيهَا مَنَافِعُ لَهُمْ، إِلَى تَحَدِّيهِ بِأَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ خَوَارِقَ ومعجزاتٍ فِيهَا أَذًى لَهُمْ وضُرٌّ وعَذَابٌ، وَذَلِكَ تَوْسِعَةً مِنْهُمْ عَلَيْهِ ـ كما يَزْعُمونَ. فقد ذَكَرَ المُفَسِّرونَ أَنَّ المَعْنَى: كَمَا زَعَمْتَ أَنَّ رَبَّكَ إِنْ شَاءَ فَعَلَ، فأَسْقَطِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا كِسَفًا حتَّى نُصدِّقُكَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: يَعْنُونُ العَذَابَ، وَهُوَ كَمَا زَعَمْتَ. وقَالَ عِكْرِمَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقولونَ: كَمَا زَعَمْتَ يا مُحَمَّدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ، فَأَسْقِطِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا.
وَقَدْ عَزَّزُوا تَعْجِيبَهُمْ بِالْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ "كَمَا زَعَمْتَ" إِنْبَاءً بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُصَدِّقُ بِهِ أَحَدٌ. وَعَنَوْا بِهِ قَوْلَهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ سَبَأٍ: {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} الآيةَ: 9، وَقَوْلَهُ مِنْ سُورَةِ الطُّورِ: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّماءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ} الآيةَ: 44، إِذْ هُوَ تَهْدِيدٌ لَهُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَبِاقْتِرابِ يَوْمِ حِسَابِهم وعِقابِهم.
وَمعنى: "كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ" أَيْ: قِطعًا مِنَ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ. والكِسَفُ ـ بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ، جَمْعُ كِسْفَةٍ، وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ مِثْلُ: سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ، ومِثْلُ: "قِطْعَةٍ" و "قِطَعٍ" لَفْظًا ومَعْنًى.
قولُهُ: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} أَيْ: أَنَّهمْ طلبوا مِنْ سيِّدِنا رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتي باللهِ تَعَالَى وملائكتِهِ الكِرَامِ مُصَدِّقينَ عَلَى رِسالتِهِ. و "قَبِيلًا" أَيْ: مُعَايَنَةً، وَهُوَ حَالٌ مِنِ اسْمِ الجَلالَةِ، وَ "الْمَلائِكَةِ"، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، والآخَرُ مَحْذُوفَةٌ حَالُهُ، أَيْ: بِاللهِ قَبِيلًا، والمَلائِكَةِ قَبِيلًا. كَما قَالَ الشَّاعِرُ عَمْرُو بْنُ أَحْمَرَ البَاهِلِيِّ:
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوالِدِي ............. بَريئًا ومِنْ أَجْلِ الطَّوِىِّ رَمَانِي
فقُوْلُهُ: "بَرِيئًا" حالٌ مِنْهُ، وْمِنْ وَالِدِهِ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا. وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ ضَابِىءٍ البُرْجُمِي:
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالمَدينَةِ رَحْلُهُ .................. فإِنِّي وقَيَّارٌ بِهَا لَغَريبُ
هَذَا إِذَا جَعَلْنا "قَبيلًا" بِمَعْنَى كَفِيلًا، أَيْ: ضِامِنًا، كَمَا قَالَ أَبو القَاسِمِ الزَّمَخْشَريُّ، أَوْ بِمَعْنَى "مُعَايَنَةً" كَمَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ. وَإِنْ جَعَلْنَاهً بِمَعْنَى جَمَاعَةً كانَ حالًا مِنَ "المَلائكَةِ".
وَنَظَيرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَريمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الفُرْقانِ: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا} الآية: 21. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: قَبِيلًا: أَيْ كَفِيلًا، وهو مِنْ تَقَبَّلَهُ بِكَذَا: إِذَا كَفَلَهُ بِهِ، وهوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما. وَقَالَ مُقَاتِلٌ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَبِيلًا: شَهِيدًا. وَقَالَ أَبُو القاسِمِ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَبِيلًا بِمَا تَقُولُ: أَيْ شَاهِدًا بِصِحَّتِهِ. وَالْقَبِيلُ، وَالْكَفِيلُ، وَالزَّعِيمُ، وكُلُّها بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: هُوَ جَمْعُ قَبِيلَةٍ، أَيْ تَأْتِي بِأَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَقدْ ذكَرَ اللهُ تَعَالَى تَّعَنُّتَهم وَعِنَادَهُمُ العظيمَ هَذَا وبَيَّنَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مِنْ كتابِهِ العزيزِ، كَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ المائدةِ: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} الآية: 7، وَكقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ الأَنعامِ: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} الآية: 111. وَبَيَّنَ ـ تَعَالَى، أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ مَا اقْتَرَحُوا مَا آمَنُوا. لِأَنَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ لَا يُؤْمِنُ، فقالَ فِي الآيَةِ: 109، مِنْ سُورَةِ الأَنْعَامِ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ يونُس ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} الآيتانِ: (96 و 97)، وَقَالَ مِنْ سُورَةِ الحِجْرِ: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} الآيَتَانِ: (14 وَ 15). وَالْآيَاتُ في هَذَا المعنى كَثِيرَةٌ.
قَوْلُهُ تَعَالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} أَوْ: حَرْفُ عَطْفٍ وَتَنْويعٍ. وَ "تُسْقِطَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَنْصوبٌ عَطْفًا عَلَى "تَفْجُرَ" وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تَقْديرُهُ "أَنْتَ" يَعُودُ عَلَى سيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَ "السَّمَاءَ" مَفْعُولٌ بِهِ مَنْصُوبٌ. وَ "كَمَا" الكَافُ: حَرْفُ جَرٍّ وتَشْبِيهِ، وَ "مَا" مَصْدَرِيَّةٌ. وَ "زَعَمْتَ" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هُوَ تَاءُ الفَاعِلِ، وهي ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ رفعِ فاعِلِهِ، ومَفْعُولُ الزَّعْمِ مَحْذوفٌ، والتَقْديرُ: كَمَا زَعَمْتَ إِسْقَاطَهَا. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَصْدَرِيَّةِ، وَ "ما" مَعَ صِلَتِها في تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِالكافِ، وهَذَا الجَارُّ متَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِمَصْدَرٍ مَحْذوفٍ، والتقديرُ: أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ إِسْقَاطًا كائنًا كَزَعْمِكَ؛ أَيْ: كالإسْقَاطِ الذي زَعَمْتَهُ. و "عَلَيْنا" عَلى: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُسْقِطَ"، وَ "نَا" ضَميرُ جَماعَةِ المُتَكَلِّمِينَ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بَحَرْفِ الجَرِّ، وَ "كِسَفًا" مَنْصُوبٌ عَلى الحَالِ مِنْ "السَّمَاءَ".
قولُهُ: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} أَوْ: حرفٌ للعَطْفِ للتنويعِ والتخييرِ. و "تَأْتِيَ" فِعْلٌ مُضارِعٌ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى "تُسْقِطَ" وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ. و "بِاللهِ" الباءُ: حَرْفُ جَرِّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَأْتِيَ"، ولَفْظُ الجلالةِ "اللهِ" اسْمٌ مَجرُورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "وَالْمَلائِكَةِ" الواوُ: للعَطْفِ، و "الْمَلائِكَةِ" مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ الجَلالَةِ. و "قَبِيلًا" مَنْصُوبٌ عَلَى الحَالِ مِنِ اسْمِ الجَلالَةِ، وَ "الْمَلائِكَةِ"، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، والآخَرُ مَحْذُوفَةٌ حَالُهُ، أَيْ: بِاللهِ قَبيلًا، والمَلائِكَةِ قَبِيلًا.
قرَأَ العامَّةُ: {كِسْفًا} بِسُكونِ السِّينِ هُنَا وفي سورتَيْ الشُعراءِ وسَبَأٍ. وَقَرَأَ نَافِعٌ، وابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ هَنَا "كِسَفًا" بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَرَأَ حَفْصٌ كَذَلِكَ فِي سُورَتيِ الشُّعَراءِ وَسَبَأٍ. وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَان "كِسْفًا" بِسُكُونِها فِي الرُّومِ بِلَا خِلافٍ، وقَرَأَ هِشَامٌ عَنْهُ الوَجْهَانِ، وَأَمَّا بَاقِي مَنْ قَرَأَ عَنْهُ فقد قَرَأَ بِفَتْحِهَا. فمَنْ فَتَحَ السِّينَ جَعَلَهُ جَمْعَ كِسْفَةٍ، نَحْوَ: قِطْعَةٍ وقِطَعٍ، وَكِسْرَةٍ وكِسَرٍ، وَمَنْ سَكَّنَ جَعَلَهُ جَمْعَ كِسْفَةٍ أَيْضًا، كَقَمْحٍ وَقَمْحَةٍ. وَجَوَّزَ أَبُو البَقاءِ فِيهِ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَمَعٌ عَلَى وَزْنِ "فَعَلَ" بِفَتْحِ العَيْنِ، وَإِنَّمَا سُكِّنَ تَخْفيفًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الفَتْحَةَ خَفِيفَةٌ يِحْتَمِلُهَا حَرْفُ العِلَّةِ، حَيْثُ يُقَدَّرُ فِيهِ غَيْرُهَا فَكَيْفَ بِالحَرْفِ الصَّحِيحِ؟. قالَ: وَالثاني: أَنَّهُ "فَعْلٌ" بِمَعْنَى "مَفْعُولٍ"، كَ "الطَّحْنِ" بِمَعْنَى "مَطْحون"، فصارَ فِي السُّكونِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ. وأَصْلُ الكَسْفِ القَطْعُ. تَقولُ: كَسَفْتُ الثَّوْبَ: إِذا قَطَعْتَهُ. وَفِيما رَوَاهُ قَتَادَةُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قِصَّةِ نبيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، مَعَ الصَّافِنَاتِ الجِيَادِ: أَنَّهُ ((كَسَفَ عَرَاقِيبَهَا)). أَيْ: قَطَعَهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كَسَفَ الشَّيْءَ، بِمَعْنَى غَطَّاهُ. وَقِيلَ: وَلَا يُعْرَفُ هَذَا لِغَيْرِهِ. وانْتِصابُهُ عَلى الحَالِ ـ كما تقدَّمَ في مبحثِ الإعرابِ، فإِنْ جَعَلْناهُ جَمْعًا كانَ عَلَى حَذْفِ مُضافٍ، أَيْ: ذَات كِسَفٍ، وإِنْ جَعَلْنَاهُ فِعْلًا بِمَعْنَى مَفْعولٍ أَيْ: مَكْسُوفٍ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْديرٍ، فَيُقالُ حِينَئِذٍ: لِمَ لَمْ يؤنَّثْ؟ فَيُجابُ: إِنَّ تَأْنيثَ السَّماءِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، أَوْ إِنَّها في مَعْنَى السَّقْفِ.
قَرَأَ العَامَّةُ: {أَوْ تُسْقِطَ} عَلى إِسْنَادِ الفِعْلِ للْمُخَاطَبِ، و "السَّمَاءَ" مَفْعُولٌ بِهِ. وقَرَأَ مُجاهِدٌ: "أَوْ تُسْقِطُ السَّمَاءُ" عَلَى إِسْنَادِ الفِعْلِ إِلَى السَّماءِ فَرَفْعُها بِهِ.
قرأَ العامَّةُ: {قبيلًا} بِمَعْنى الجَمَاعَةِ أَوْ الكَفِيلِ أَوْ الشَّاهِدِ ـ كَمَا تَقَدَّمَ في مَبْحْثِ التَفْسيرِ، وَقَرَأَ الأَعْرَجُ "قِبَلًا" مِنَ المُقَابَلَةِ.
مواضيع مماثلة
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 20
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 3
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 47
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 63
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 80
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 33 / 3
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 47
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 63
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 80
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود