تفسير الذكر الحكيم: (بسم الله الرحمن الرحيم)
2 مشترك
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
تفسير الذكر الحكيم: (بسم الله الرحمن الرحيم)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال بعضُ العلماءِ: هو قَسَمٌ من ربِّنا ـ تبارك وتعالى ـ أَنزلَه أَوَّلَ كلِِّ سورةٍ ، ليُقسم لعبادِه بأنَّ هذا الذي وضعتُ لكم في هذه السورةِ حقٌّ ، وإنّي أَفي لكم بجميعِ ما ضَمِنتُ في هذه السُورةِ من وعْدي ولُطفي وبِرّي .
وقال آخرون : إنها تَضَمَّنتْ جميعَ الشرع ، لأنها تَدُلُّ على الذات العليَّةِ وعلى الصفات السنيّة .
وهي عند الشافعيِّ الآيةُ الأُولى من سورة الفاتحة ، بينما لم يعدّها الإمام مالك كذلك رحمهما الله . واتّفقَ العلماءُ على أنّها بعضُ آيةٍ من سورَةِ النملِ ، ثمّ اختلفوا : فمنهم مَنْ عدّها آيةً مُستقلَّةً في أوَّلِ كلِّ سورةٍ ، ما عَدا سورةِ التوبة ((براءة)) ذلك لأنّ بدايتها تَبرُّؤُ الله ـ تباركت أسماؤه ـ من المشركين والمنافقين وتقريعٌ لهم ووعيدٌ،وهو أمرٌ فيه من اسمِه الجبار والمنتقم والشديد، و ليس فيه من اسمِه الرحمن الرحيم .
ومنهم مَنْ قال : إنّ بسم الله الرحمن الرحيم بعضُ آيةٍ من أوّلِ كلِّ سورةٍ ، ومنهم مَن قال إنّها في الفاتحة دون غيرِها ، ومنهم مَنْ قال إنّها كُتِبتْ للفصلِ ، بين سورِ القرآن الكريم ليس إلاّ .
والباءُ فيها زائدةٌ ، وهي تُسمّى باءَ التَضمين أو باءَ الإلصاق، كقولك : كتبتُ بالقلم ، فالكتابةُ لاصقةٌ بالقلم . وهي مكسورةٌ أبداً ، وخافضةٌ لما بَعدَها فلذلك كَسَرتْ ميمَ "اسمِ " وفي إعرابها نقول : الباءُ حرفُ جرٍّ زائد .
وكان عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يقول فيها لكُتّابِهِ: ((طَوِّلوا الباء ، وأظهِروا السين ، وفرِّجوا بينهما ، ودَوِّروا الميم تعظيماً لكلامِ اللهِ تعالى )) .
وقد أسقطوا الألف بعدها للتخفيف ، إذ الأصلُ أن تقول باسم الله ... وفي الكلام إضمارٌ واختصارٌ تقديرُه : قل ، أو ابدأ بسم الله.والمعنى: بالله تكوّنت الموجوداتُ،وبه قامت المخلوقات.
فأمّا معنى الاسم، فهو عينُ المسمّى وحقيقةُ الموجود، وذاتُ الشيءِ وعينُه ونفسُه واسمُه ، وكلُّها تُفيد معنىً واحداً . والدليلُ على أنّ الاسمَ عينُ المسمّى قولُه تعالى:{إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسمُه يحيى} فأخبر أنّ اسمَه يحيى، ثمّ نادى الاسمَ وخاطبَه فقال:{يا يحيى} فيحيى هو الاسم ، والاسم هو يحيى .
وقوله تعالى:{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا..}
وأراد الأشخاص المعبودة ؛ لأنّهم كانوا يعبدون المسمّيات .
وقوله تعالى:{سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعلى}و{تَبَارَكَ اسمُ رَبِّكَ}.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((لَتَضْرِبَنَّ مُضَرُ عِبادَ اللهِ حتّى لا يُعبَدَ له اسمٌ)) أي حتى لا يعبد هو.
وأصله سِمْو " من السُمُوِّ " وجمعُه : أسماء ، مثلُ قِنْوٍ وأَقْناء، وحِنْوٌ وأحْناء ، فحُذفت الواو للاستثقال ، ونقلت حركة الواو إلى الميم فأُعربت الميم بحسب محلها في الإعراب ، ونقل سكونُ الميمِ إلى السين فسكنت ، ثم أُدخلتْ ألفٌ مهموزةٌ لسكون السين " اسم " ؛ لأجل الابتداء يدلّك عليه التصغير والتصريف يقال: سُمَيّ " في التذكير " وسُمَيَّة " في التأنيث " لأنّ كلَّ ما سَقط في التصغير والتصريف فهو غيرُ أصلي .
وكلمةُ بِسْمِ: جارٌّ ومجرورٌ ، والباء ـ هنا ـ للاستعانة لأنَّ المعنى: أَقرأُ مستعيناً بالله،أو باسم الله، ولها معانٍٍ أُخَرُ وهي:
ـ الإِلصاقُ حقيقةً أو مجازاً، نحو: مَسَحْتُ برأسي (( على الحقيقة )) ومررْتُ بزيدٍ (( على سبيل المجاز )) .
ـ والسببيّةُ: نحو {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ..} أي بسببِ ظلمهم.
ـ والمُصاحَبَةُ نحو : خَرَجَ المجاهدُ في سبيل الله بماله ، أي
مُصاحِبَاً له ، ويقال كذلك خرج المهزوم بثيابه .
ـ والبَدَلُ (( أو العِوض )) كقوله عليه الصلاة والسلام : (( ما يَسُرُّنِي بها حُمْرُ النَّعَم)) أيْ بَدَلها . كما لو قلتَ هذا بذاك.
ـ والقَسَمُ: أي أحلفُ باللهِ لأفعلنَّ كذا ، أو بالله عليك إلاّ فعلتَ كذا وكذا .
ـ والظَرْفيَّةُ نحو: نحو قوله تعالى (( إنّ أوّلَ بيتٍ وضعَ للناسِ للذي ببكّةَ)) أي فيها ، وكذلك قولك : نهرُ بردى بالشام .
ـ والتَعْدِيَةُ نحو:{ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ }. لأنّ هذا الفعل ((ذهب)) فعلٌ لازمٌ في مثل قولك: ذهب فلان ، فالجملة هنا فعل وفاعل فقط دون مفعول به ، فإذا أردنا أن نعديه ليتخذ مفعولاً به وجب أن نقول: ذهب فلانٌ بفلانٍ
ـ والتَبعيضُ كقول عنترة:
شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُ ضَيْنِ فأصْبَحَتْ
زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
أي من مائه.ولذلك قال بعضُ الفقهاء في((فامسحوا برؤوسكم)) أي ببعضها .
ـ والمقابلة: "اشتريتهُ بألف" أي: قابلتُه بهذا الثمنِ .
ـ والمجاوزة مثلُ قولِه تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام} أي عن الغمام ، ونحو قوله سبحانه : { الرحمنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } أي عنه .
ـ والاستعلاء كقوله تعالى: { ومنهم إن مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} أي على قنطار .
وقد تُزادُ مُطَّرِدةً وغيرَ مطَّرِدةٍ ، فالمطَّردةُ في فاعل «كفى » نحو:{وكفى بالله} وفي خبرِ ليس و"ما"أختِها، كقوله تعالى:{أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ}و{وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عما يعمل الظالمون } وفي : بحَسْبِك زيدٌ .
وغيرَ مطَّردةٍ في مفعولِ " كفَى " كقول أحدهم :
فكفى بنا فَضْلاً على مَنْ غيرُنا .......... حُبُّ النبيِّ محمدٍ إيانا
أي: كَفانا فضلاً .
وفي المبتدأ غيرَ " حَسْب " ومنه في أحدِ القولين : {بِأَيِّكُمُ المفتون}وفي خبر " لا " أختِ ليس ، كقول أحدهم :
فكُنْ لي شفيعاً يومَ لا ذو شفاعةٍ .. بمُغْنٍ فتيلاً عن سَوادِ بنِ قاربِ
أي : مُغْنياً، وفى خبرِ كان مَنْفِيَّةً نحو:
وإنْ مُدَّتِ الأيدي إلى الزادِ لم أكنْ
بِأعجلِهم، إذْ أَجْشَعُ القومِ أَعْجَلُ
أي: لم أكنْ أعجلَهم.
وفي الحال وثاني مفعولَيْ ظنَّ منفيَّيْنِ أيضاً كقوله :
دعاني أخي والخيلُ بيني وبينه ....... فلمَّا دعاني لم يَجِدْني بقُعْدَدِ
أي: ما رَجَعَت رِكابُ خائبةً ، ولم يَجِدْني قُعْدَداً.
وفي خبر" إنَّ " كقول امرئ القيس :
فإنْ تَنْأَ عنها حِقْبَةً لا تُلاقِها .......... فإنك ممَّا أَحْدَثَتْ بالمُجَرِّبِ
أي: فإنك المجرِّب .
والاسمُ لغةً: ما أبانَ عن مُسَمَّى، واصطلاحاً: ما دلَّ على معنىً في نفسه فقط غيرَ متعرِّضٍ بِبُنْيَتِهِ لزمانٍ ولا دالٍّ جزءٌ من أجزائه على جزءٍ من أجزاء معناه ، وبهذا القيدِ الأخيرِ خَرَجت الجملةُ الاسميةُ، والتسميةُ:جَعْلُ ذلك اللفظِ دالاًّ على ذلك المعنى.
واختُلِف: هل الاسمُ عينُ المُسَمَّى أو غيرُه ؟ وقد بسطنا في ذلك آنفاً ، وما يَعنينا من ذلك: أنَّ الاسمَ ـ هنا ـ بمعنى التسمية ، والتسميةُ غيرُ الاسم ، لأنَّ التَسْمِيةَ هي اللفظُ بالاسم، والاسمَ هو اللازمُ للمُسَمَّى فتغايرا .
ثم إنَّ في الكلامِ حَذْفُ مضافٍ تقديرُه : باسم مُسَمَّى اللهِ .
و الاسم مشتقٌ من السُّمُوِّ وهو الارتِفاعُ ، لأنه يَدُلُّ على مُسَمَّاه فيرفعُه ويُظْهِرهُ ، وذهب بعضهم إلى أنّه مشتقٌّ من الوَسْمِ
وهو العلامةُ لأنّ الاسمَ علامةٌ على مُسَمَّاه .
وقيل في " بسم " : أنّ الباءَ بَهاءُ اللهِ عزَّ وجلَّ ، والسينَ سناءُ اللهُ عزَّ وجلَّ . والميمَ مجدُ الله عزَّ وجلَّ .
وعن أبي سعيدٍ الخِدريِّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن عيسى بنَ مريمَ أسلمَتْهُ أمُّه إلى الكُتّابِ ليتعلّم ، فقال له المعلّم : قل باسمِ الله . قال عيسى : وما باسم الله ؟ فقال له المعلّم : ما أدري . قال " أي عيسى عليه السلام " الباءُ : بهاءُ الله ، والسينُ : سناءُ اللهِ ، والميمُ : مملكةُ اللهِ)) . فاعجَبْ لمتعلِّمٍ يُعلِّمُ أستاذَه
ولفظُ الجلالةِ " الله " عَلَمٌ على ذاتِ الخالقِ ـ عزَّ وجلَّ ـ تفرَّدَ به ـ سبحانه ـ ولا يُطلَق على غيرِه ، ولا يُشارِكُه فيه أحد .
وأصلُ هذه الكَلِمَةِ " إله " فأُدخلت الألفُ واللام فيها تفخيماً وتعظيماً لمّا كانَ اسمَ اللهِ عزَّ وجَلَّ ، فصار " الإله " فحُذفت الهمزةُ استثقالاً لِكَثرَةِ جَرَيانها على الألسُنِ ، وحُوِّلتْ هُوِيّتُها إلى لامِ التعظيم فالتقى لامان ، فأُدغِمتْ اللامُ الأولى في الثانية ، فقالوا " الله " .
وهو اسمٌ عَلَمٌ غيرُ مشتقٍّ من صفةٍ.قال الله تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } .
و" اللهُ " أكبرُ أسمائه ـ سبحانَه ـ وأجمعُها ، وهو اسمُ اللهِ الأعظمُ ـ عندَ أهلِ التحقيق ـ الذي حوى الأسماءَ كلَّها، وبين الألفِ واللامِ منه حرفٌ مُكنّى غيبٌ من غيبٍ إلى غيبٍ، وسِرٌّ من سِرٍّ إلى سِرٍّ، وحقيقةٌ من حقيقةٍ إلى حقيقةٍ. لا ينال فهمه إلاَّ الطاهرُ من الأدناس، كما قالوا .
ومن العلماء مَن عَدّه مشتقاً؛ واختلفوا في اشتقاقه ، فقال بعضُهم هو من التألُّهِ ، وهو التنسُّكُ والتَعَبُّدُ ، يُقالُ : أَلَهَ إلاهَةً ، أي عَبَدَ عِبادة . فقد قرأَ سيّدُنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " ويَذَرَكَ وإلهَتَكَ " أي عبادتك .
وقيل هو من " الإلْهِ " وهو الاعتمادُ ، يُقالُ : أَلَهْتُ إلى فلانٍ ، آلَهُ إلْهاً، أي فَزِعتُ إليه واعتمدتُ عليه .
وقيل هو من قولهم " أَلِهْتُ في الشيء " إذا تحيّرتَ فيه فلم تَهْتَدِ إليه .
وقيل هو من " أَلُهْتُ إلى فلان " أي سكنتُ إليه .
وقيل أصلُه مِن " الوَلَهِ " وهو ذهاب العقل لفقدان من يعزّ عليك . وأصلُه " أَلُهَ " ـ بالهمزة ـ فأُبدل من الألف واوٌ فقيل الوَلَهُ ، مثل ذلك (( إشاحٌ ، ووشاحٌ )) و (( وكاف ، وإكاف)) و (( أرّختُ الكتابَ ، وورّخته )) و (( وُقِّتَتْ ، وأُقِّتَتْ )) .
فكأنه سمّيَ بذلك ؛ لأنّ القلوبَ تَوَلَّهُ لمحبَّتِهِ وتَضْطَرِبُ وتَشتاقُ عند ذكره .
وقيل : معناه : محتجبٌ ؛ لأن العرب إذا عَرَفَتْ شيئاً ، ثم حُجِبَ عن أبصارِها سمّتْه إلهاً ، قال : لاهتْ العروس تَلُوهُ لَوهاً ، إذ حُجِبت .
والله تعالى هو الظاهر بالربوبيّة ـ بالدلائل والأعلام ـ
المحتجبُ من جهةِ الكيْفيَّةِ عن الأوهام .
وقيل: معناه المتعالي ، يقال : " لاه " أي ارتفع .
وقيل: هو مأخوذٌ من قولِ العربِ: أَلِهْتُ بالمكان، إذا أقمتُ فيه .
وقيل من "أَلههم" أي أحوجهم، فالعباد مَوْلوهون إلى بارئهم أي محتاجون إليه في المنافع والمضارِّ ، كالواله المضطرّ المغلوب .
وغلَّظَ بعضٌ بقراءة اللام من قوله: "الله" حتى طبقوا اللسان به الحنك لفخامة ذكره .
ولم يتسمّ به غيرُه ـ سبحانه ـ ولذلك لم يُثنَّ ولم يجمع:
فاللهُ اسمٌ للموجودِ الحقِّ الجامعِ لصفات الإِلهيّة ، المنعوت بنعوت
الربوبيّة، المنفرد بالوجود الحقيقيّ،لا إله إلا هو،سبحانه وتعالى.
والرحمن : اسم فيه خاصيّةٌ من الحرف المكنّى بين الألف واللام الذي سلف ذكره آنفاً .
والرحيم:هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع والابتداء في الأصل رحمة لسابق علمه القديم وفضله .
أي بنسيم روح الله اخترعَ من مُلكِه ما شاء ، رحمةً لأنه رحيم . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه {الرحمن الرحيم} اسمان رقيقان أحدهما أرقُّ من الآخر، فنفى الله تعالى بهما القنوط عن المؤمنين من عباده .
{ الرحمن الرَّحِيمِ } قال قوم : هما بمعنىً واحد مثل {نَدْمان، ونَديم}و{سَلمان،وسَليم}و{هَوان وهوين} ومعناهما:ذو الرحمة ، والرحمة: إرادة الله الخير بأهله، وهي على هذا القول تكون صفةَ ذات . وقيل: هي ترك عقوبة من يستحق العقوبة " وفعل " الخير إلى من لم يستحق ، وعلى هذا القول تكون صفةَ فعل ، يُجمَع بينهما للاتّساع .
وفرّق الآخرون بينهما فقال : بعضهم الرَّحْمن على زنة فعلان ، وهو لا يقع إلاّ على مبالغة القول . وقولك : رجل غضبان للممتلئ غضباً ، وسكران لمن غلب عليه الشراب .
فمعنى " الرَّحْمن " : الذي وسعت رحمته كل شيء .
وقال بعضهم: "الرَّحْمن" العاطف على جميع خلقه؛ كافرهم ومؤمنهم ، برّهم وفاجرهم بأن خلقهم ورزقهم ، قال الله تعالى : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} .
و"الرحيم" بالمؤمنين خاصّةً بالهداية والتوفيق في الدنيا ، والجنة والرؤية في الآخرة ، قال تعالى:{وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً}. فـ " الرَّحْمن " خاصّ اللفظ عامّ المعنى و " الرحيم " عامّ اللفظ خاصّ المعنى . و " الرَّحْمن " خاص من حيث إنه لا يجوز أن يسمى به أحد إلاّ الله تعالى ، عامّ من حيث إنه يشمل الموجودات من طريق الخلق والرزق والنفع والدفع . و " الرحيم " عامّ من حيث اشتراك المخلوقين في المسمّى به ، خاص من طريق المعنى ؛ لأنه يرجع إلى اللطف والتوفيق .
والرَّحْمن اسم خاص بصفة عامة ، والرحيم اسم عام بصفة خاصة .
وعن مجاهد قال : الرَّحْمن بأهل الدنيا ، والرحيم بأهل الآخرة . وجاء في الدعاء : يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة .
قال بعضُ العلماءِ: هو قَسَمٌ من ربِّنا ـ تبارك وتعالى ـ أَنزلَه أَوَّلَ كلِِّ سورةٍ ، ليُقسم لعبادِه بأنَّ هذا الذي وضعتُ لكم في هذه السورةِ حقٌّ ، وإنّي أَفي لكم بجميعِ ما ضَمِنتُ في هذه السُورةِ من وعْدي ولُطفي وبِرّي .
وقال آخرون : إنها تَضَمَّنتْ جميعَ الشرع ، لأنها تَدُلُّ على الذات العليَّةِ وعلى الصفات السنيّة .
وهي عند الشافعيِّ الآيةُ الأُولى من سورة الفاتحة ، بينما لم يعدّها الإمام مالك كذلك رحمهما الله . واتّفقَ العلماءُ على أنّها بعضُ آيةٍ من سورَةِ النملِ ، ثمّ اختلفوا : فمنهم مَنْ عدّها آيةً مُستقلَّةً في أوَّلِ كلِّ سورةٍ ، ما عَدا سورةِ التوبة ((براءة)) ذلك لأنّ بدايتها تَبرُّؤُ الله ـ تباركت أسماؤه ـ من المشركين والمنافقين وتقريعٌ لهم ووعيدٌ،وهو أمرٌ فيه من اسمِه الجبار والمنتقم والشديد، و ليس فيه من اسمِه الرحمن الرحيم .
ومنهم مَنْ قال : إنّ بسم الله الرحمن الرحيم بعضُ آيةٍ من أوّلِ كلِّ سورةٍ ، ومنهم مَن قال إنّها في الفاتحة دون غيرِها ، ومنهم مَنْ قال إنّها كُتِبتْ للفصلِ ، بين سورِ القرآن الكريم ليس إلاّ .
والباءُ فيها زائدةٌ ، وهي تُسمّى باءَ التَضمين أو باءَ الإلصاق، كقولك : كتبتُ بالقلم ، فالكتابةُ لاصقةٌ بالقلم . وهي مكسورةٌ أبداً ، وخافضةٌ لما بَعدَها فلذلك كَسَرتْ ميمَ "اسمِ " وفي إعرابها نقول : الباءُ حرفُ جرٍّ زائد .
وكان عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يقول فيها لكُتّابِهِ: ((طَوِّلوا الباء ، وأظهِروا السين ، وفرِّجوا بينهما ، ودَوِّروا الميم تعظيماً لكلامِ اللهِ تعالى )) .
وقد أسقطوا الألف بعدها للتخفيف ، إذ الأصلُ أن تقول باسم الله ... وفي الكلام إضمارٌ واختصارٌ تقديرُه : قل ، أو ابدأ بسم الله.والمعنى: بالله تكوّنت الموجوداتُ،وبه قامت المخلوقات.
فأمّا معنى الاسم، فهو عينُ المسمّى وحقيقةُ الموجود، وذاتُ الشيءِ وعينُه ونفسُه واسمُه ، وكلُّها تُفيد معنىً واحداً . والدليلُ على أنّ الاسمَ عينُ المسمّى قولُه تعالى:{إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسمُه يحيى} فأخبر أنّ اسمَه يحيى، ثمّ نادى الاسمَ وخاطبَه فقال:{يا يحيى} فيحيى هو الاسم ، والاسم هو يحيى .
وقوله تعالى:{مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا..}
وأراد الأشخاص المعبودة ؛ لأنّهم كانوا يعبدون المسمّيات .
وقوله تعالى:{سَبِّحِ اسمَ رَبِّكَ الأعلى}و{تَبَارَكَ اسمُ رَبِّكَ}.
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((لَتَضْرِبَنَّ مُضَرُ عِبادَ اللهِ حتّى لا يُعبَدَ له اسمٌ)) أي حتى لا يعبد هو.
وأصله سِمْو " من السُمُوِّ " وجمعُه : أسماء ، مثلُ قِنْوٍ وأَقْناء، وحِنْوٌ وأحْناء ، فحُذفت الواو للاستثقال ، ونقلت حركة الواو إلى الميم فأُعربت الميم بحسب محلها في الإعراب ، ونقل سكونُ الميمِ إلى السين فسكنت ، ثم أُدخلتْ ألفٌ مهموزةٌ لسكون السين " اسم " ؛ لأجل الابتداء يدلّك عليه التصغير والتصريف يقال: سُمَيّ " في التذكير " وسُمَيَّة " في التأنيث " لأنّ كلَّ ما سَقط في التصغير والتصريف فهو غيرُ أصلي .
وكلمةُ بِسْمِ: جارٌّ ومجرورٌ ، والباء ـ هنا ـ للاستعانة لأنَّ المعنى: أَقرأُ مستعيناً بالله،أو باسم الله، ولها معانٍٍ أُخَرُ وهي:
ـ الإِلصاقُ حقيقةً أو مجازاً، نحو: مَسَحْتُ برأسي (( على الحقيقة )) ومررْتُ بزيدٍ (( على سبيل المجاز )) .
ـ والسببيّةُ: نحو {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ..} أي بسببِ ظلمهم.
ـ والمُصاحَبَةُ نحو : خَرَجَ المجاهدُ في سبيل الله بماله ، أي
مُصاحِبَاً له ، ويقال كذلك خرج المهزوم بثيابه .
ـ والبَدَلُ (( أو العِوض )) كقوله عليه الصلاة والسلام : (( ما يَسُرُّنِي بها حُمْرُ النَّعَم)) أيْ بَدَلها . كما لو قلتَ هذا بذاك.
ـ والقَسَمُ: أي أحلفُ باللهِ لأفعلنَّ كذا ، أو بالله عليك إلاّ فعلتَ كذا وكذا .
ـ والظَرْفيَّةُ نحو: نحو قوله تعالى (( إنّ أوّلَ بيتٍ وضعَ للناسِ للذي ببكّةَ)) أي فيها ، وكذلك قولك : نهرُ بردى بالشام .
ـ والتَعْدِيَةُ نحو:{ذَهَبَ الله بِنُورِهِمْ }. لأنّ هذا الفعل ((ذهب)) فعلٌ لازمٌ في مثل قولك: ذهب فلان ، فالجملة هنا فعل وفاعل فقط دون مفعول به ، فإذا أردنا أن نعديه ليتخذ مفعولاً به وجب أن نقول: ذهب فلانٌ بفلانٍ
ـ والتَبعيضُ كقول عنترة:
شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُ ضَيْنِ فأصْبَحَتْ
زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ
أي من مائه.ولذلك قال بعضُ الفقهاء في((فامسحوا برؤوسكم)) أي ببعضها .
ـ والمقابلة: "اشتريتهُ بألف" أي: قابلتُه بهذا الثمنِ .
ـ والمجاوزة مثلُ قولِه تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام} أي عن الغمام ، ونحو قوله سبحانه : { الرحمنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً } أي عنه .
ـ والاستعلاء كقوله تعالى: { ومنهم إن مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ} أي على قنطار .
وقد تُزادُ مُطَّرِدةً وغيرَ مطَّرِدةٍ ، فالمطَّردةُ في فاعل «كفى » نحو:{وكفى بالله} وفي خبرِ ليس و"ما"أختِها، كقوله تعالى:{أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ}و{وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عما يعمل الظالمون } وفي : بحَسْبِك زيدٌ .
وغيرَ مطَّردةٍ في مفعولِ " كفَى " كقول أحدهم :
فكفى بنا فَضْلاً على مَنْ غيرُنا .......... حُبُّ النبيِّ محمدٍ إيانا
أي: كَفانا فضلاً .
وفي المبتدأ غيرَ " حَسْب " ومنه في أحدِ القولين : {بِأَيِّكُمُ المفتون}وفي خبر " لا " أختِ ليس ، كقول أحدهم :
فكُنْ لي شفيعاً يومَ لا ذو شفاعةٍ .. بمُغْنٍ فتيلاً عن سَوادِ بنِ قاربِ
أي : مُغْنياً، وفى خبرِ كان مَنْفِيَّةً نحو:
وإنْ مُدَّتِ الأيدي إلى الزادِ لم أكنْ
بِأعجلِهم، إذْ أَجْشَعُ القومِ أَعْجَلُ
أي: لم أكنْ أعجلَهم.
وفي الحال وثاني مفعولَيْ ظنَّ منفيَّيْنِ أيضاً كقوله :
دعاني أخي والخيلُ بيني وبينه ....... فلمَّا دعاني لم يَجِدْني بقُعْدَدِ
أي: ما رَجَعَت رِكابُ خائبةً ، ولم يَجِدْني قُعْدَداً.
وفي خبر" إنَّ " كقول امرئ القيس :
فإنْ تَنْأَ عنها حِقْبَةً لا تُلاقِها .......... فإنك ممَّا أَحْدَثَتْ بالمُجَرِّبِ
أي: فإنك المجرِّب .
والاسمُ لغةً: ما أبانَ عن مُسَمَّى، واصطلاحاً: ما دلَّ على معنىً في نفسه فقط غيرَ متعرِّضٍ بِبُنْيَتِهِ لزمانٍ ولا دالٍّ جزءٌ من أجزائه على جزءٍ من أجزاء معناه ، وبهذا القيدِ الأخيرِ خَرَجت الجملةُ الاسميةُ، والتسميةُ:جَعْلُ ذلك اللفظِ دالاًّ على ذلك المعنى.
واختُلِف: هل الاسمُ عينُ المُسَمَّى أو غيرُه ؟ وقد بسطنا في ذلك آنفاً ، وما يَعنينا من ذلك: أنَّ الاسمَ ـ هنا ـ بمعنى التسمية ، والتسميةُ غيرُ الاسم ، لأنَّ التَسْمِيةَ هي اللفظُ بالاسم، والاسمَ هو اللازمُ للمُسَمَّى فتغايرا .
ثم إنَّ في الكلامِ حَذْفُ مضافٍ تقديرُه : باسم مُسَمَّى اللهِ .
و الاسم مشتقٌ من السُّمُوِّ وهو الارتِفاعُ ، لأنه يَدُلُّ على مُسَمَّاه فيرفعُه ويُظْهِرهُ ، وذهب بعضهم إلى أنّه مشتقٌّ من الوَسْمِ
وهو العلامةُ لأنّ الاسمَ علامةٌ على مُسَمَّاه .
وقيل في " بسم " : أنّ الباءَ بَهاءُ اللهِ عزَّ وجلَّ ، والسينَ سناءُ اللهُ عزَّ وجلَّ . والميمَ مجدُ الله عزَّ وجلَّ .
وعن أبي سعيدٍ الخِدريِّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن عيسى بنَ مريمَ أسلمَتْهُ أمُّه إلى الكُتّابِ ليتعلّم ، فقال له المعلّم : قل باسمِ الله . قال عيسى : وما باسم الله ؟ فقال له المعلّم : ما أدري . قال " أي عيسى عليه السلام " الباءُ : بهاءُ الله ، والسينُ : سناءُ اللهِ ، والميمُ : مملكةُ اللهِ)) . فاعجَبْ لمتعلِّمٍ يُعلِّمُ أستاذَه
ولفظُ الجلالةِ " الله " عَلَمٌ على ذاتِ الخالقِ ـ عزَّ وجلَّ ـ تفرَّدَ به ـ سبحانه ـ ولا يُطلَق على غيرِه ، ولا يُشارِكُه فيه أحد .
وأصلُ هذه الكَلِمَةِ " إله " فأُدخلت الألفُ واللام فيها تفخيماً وتعظيماً لمّا كانَ اسمَ اللهِ عزَّ وجَلَّ ، فصار " الإله " فحُذفت الهمزةُ استثقالاً لِكَثرَةِ جَرَيانها على الألسُنِ ، وحُوِّلتْ هُوِيّتُها إلى لامِ التعظيم فالتقى لامان ، فأُدغِمتْ اللامُ الأولى في الثانية ، فقالوا " الله " .
وهو اسمٌ عَلَمٌ غيرُ مشتقٍّ من صفةٍ.قال الله تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } .
و" اللهُ " أكبرُ أسمائه ـ سبحانَه ـ وأجمعُها ، وهو اسمُ اللهِ الأعظمُ ـ عندَ أهلِ التحقيق ـ الذي حوى الأسماءَ كلَّها، وبين الألفِ واللامِ منه حرفٌ مُكنّى غيبٌ من غيبٍ إلى غيبٍ، وسِرٌّ من سِرٍّ إلى سِرٍّ، وحقيقةٌ من حقيقةٍ إلى حقيقةٍ. لا ينال فهمه إلاَّ الطاهرُ من الأدناس، كما قالوا .
ومن العلماء مَن عَدّه مشتقاً؛ واختلفوا في اشتقاقه ، فقال بعضُهم هو من التألُّهِ ، وهو التنسُّكُ والتَعَبُّدُ ، يُقالُ : أَلَهَ إلاهَةً ، أي عَبَدَ عِبادة . فقد قرأَ سيّدُنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " ويَذَرَكَ وإلهَتَكَ " أي عبادتك .
وقيل هو من " الإلْهِ " وهو الاعتمادُ ، يُقالُ : أَلَهْتُ إلى فلانٍ ، آلَهُ إلْهاً، أي فَزِعتُ إليه واعتمدتُ عليه .
وقيل هو من قولهم " أَلِهْتُ في الشيء " إذا تحيّرتَ فيه فلم تَهْتَدِ إليه .
وقيل هو من " أَلُهْتُ إلى فلان " أي سكنتُ إليه .
وقيل أصلُه مِن " الوَلَهِ " وهو ذهاب العقل لفقدان من يعزّ عليك . وأصلُه " أَلُهَ " ـ بالهمزة ـ فأُبدل من الألف واوٌ فقيل الوَلَهُ ، مثل ذلك (( إشاحٌ ، ووشاحٌ )) و (( وكاف ، وإكاف)) و (( أرّختُ الكتابَ ، وورّخته )) و (( وُقِّتَتْ ، وأُقِّتَتْ )) .
فكأنه سمّيَ بذلك ؛ لأنّ القلوبَ تَوَلَّهُ لمحبَّتِهِ وتَضْطَرِبُ وتَشتاقُ عند ذكره .
وقيل : معناه : محتجبٌ ؛ لأن العرب إذا عَرَفَتْ شيئاً ، ثم حُجِبَ عن أبصارِها سمّتْه إلهاً ، قال : لاهتْ العروس تَلُوهُ لَوهاً ، إذ حُجِبت .
والله تعالى هو الظاهر بالربوبيّة ـ بالدلائل والأعلام ـ
المحتجبُ من جهةِ الكيْفيَّةِ عن الأوهام .
وقيل: معناه المتعالي ، يقال : " لاه " أي ارتفع .
وقيل: هو مأخوذٌ من قولِ العربِ: أَلِهْتُ بالمكان، إذا أقمتُ فيه .
وقيل من "أَلههم" أي أحوجهم، فالعباد مَوْلوهون إلى بارئهم أي محتاجون إليه في المنافع والمضارِّ ، كالواله المضطرّ المغلوب .
وغلَّظَ بعضٌ بقراءة اللام من قوله: "الله" حتى طبقوا اللسان به الحنك لفخامة ذكره .
ولم يتسمّ به غيرُه ـ سبحانه ـ ولذلك لم يُثنَّ ولم يجمع:
فاللهُ اسمٌ للموجودِ الحقِّ الجامعِ لصفات الإِلهيّة ، المنعوت بنعوت
الربوبيّة، المنفرد بالوجود الحقيقيّ،لا إله إلا هو،سبحانه وتعالى.
والرحمن : اسم فيه خاصيّةٌ من الحرف المكنّى بين الألف واللام الذي سلف ذكره آنفاً .
والرحيم:هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع والابتداء في الأصل رحمة لسابق علمه القديم وفضله .
أي بنسيم روح الله اخترعَ من مُلكِه ما شاء ، رحمةً لأنه رحيم . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه {الرحمن الرحيم} اسمان رقيقان أحدهما أرقُّ من الآخر، فنفى الله تعالى بهما القنوط عن المؤمنين من عباده .
{ الرحمن الرَّحِيمِ } قال قوم : هما بمعنىً واحد مثل {نَدْمان، ونَديم}و{سَلمان،وسَليم}و{هَوان وهوين} ومعناهما:ذو الرحمة ، والرحمة: إرادة الله الخير بأهله، وهي على هذا القول تكون صفةَ ذات . وقيل: هي ترك عقوبة من يستحق العقوبة " وفعل " الخير إلى من لم يستحق ، وعلى هذا القول تكون صفةَ فعل ، يُجمَع بينهما للاتّساع .
وفرّق الآخرون بينهما فقال : بعضهم الرَّحْمن على زنة فعلان ، وهو لا يقع إلاّ على مبالغة القول . وقولك : رجل غضبان للممتلئ غضباً ، وسكران لمن غلب عليه الشراب .
فمعنى " الرَّحْمن " : الذي وسعت رحمته كل شيء .
وقال بعضهم: "الرَّحْمن" العاطف على جميع خلقه؛ كافرهم ومؤمنهم ، برّهم وفاجرهم بأن خلقهم ورزقهم ، قال الله تعالى : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} .
و"الرحيم" بالمؤمنين خاصّةً بالهداية والتوفيق في الدنيا ، والجنة والرؤية في الآخرة ، قال تعالى:{وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيماً}. فـ " الرَّحْمن " خاصّ اللفظ عامّ المعنى و " الرحيم " عامّ اللفظ خاصّ المعنى . و " الرَّحْمن " خاص من حيث إنه لا يجوز أن يسمى به أحد إلاّ الله تعالى ، عامّ من حيث إنه يشمل الموجودات من طريق الخلق والرزق والنفع والدفع . و " الرحيم " عامّ من حيث اشتراك المخلوقين في المسمّى به ، خاص من طريق المعنى ؛ لأنه يرجع إلى اللطف والتوفيق .
والرَّحْمن اسم خاص بصفة عامة ، والرحيم اسم عام بصفة خاصة .
وعن مجاهد قال : الرَّحْمن بأهل الدنيا ، والرحيم بأهل الآخرة . وجاء في الدعاء : يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة .
رد: تفسير الذكر الحكيم: (بسم الله الرحمن الرحيم)
بسم الله أبدأ
وبالرحمن الرحيم أستعين
بوركت وبورك ما كتبت
جعله الله في ميزان حسناتك
نحن تواقون لتفسير قرآننا العظيم
منهجنا وديدننا إلى يوم الدين
ولن نرضى بديلا عنه رغم انف الكائدين
جعلنا الله به هادين ومهتدين
وبالاسحار له قارئين..وبحياتنا به مقتدين
وبالرحمن الرحيم أستعين
بوركت وبورك ما كتبت
جعله الله في ميزان حسناتك
نحن تواقون لتفسير قرآننا العظيم
منهجنا وديدننا إلى يوم الدين
ولن نرضى بديلا عنه رغم انف الكائدين
جعلنا الله به هادين ومهتدين
وبالاسحار له قارئين..وبحياتنا به مقتدين
ارمناز معشوقة القمر- أرمنازي مميز
- عدد المساهمات : 1370
نقاط : 1824
السٌّمعَة : 47
تاريخ التسجيل : 25/06/2011
العمر : 45
الموقع : الإمارات العربية * دبي *
مواضيع مماثلة
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (23)
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم المقدمات
» تفسير الذكر الحكيم: (سورة الفاتحة)
» تفسير الذكر الحكيم: ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (22)
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم المقدمات
» تفسير الذكر الحكيم: (سورة الفاتحة)
» تفسير الذكر الحكيم: ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (22)
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود