فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 118
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 118
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُه: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} يَرُدُّ المسيحُ ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، الأمْرَ وَالمَشِيئَةَ إلَى اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ الفَعَّالُ لِمَا يُريدُ، لاَ يُسْألُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وَيَقُولُ: إنَّ أَمْرَ العِبَادِ مَوْكُولٌ إلَى اللهِ تَعَالَى على معنى إنْ تُعَذِّبْهم لمْ يَلْحَقْكَ بِتَعْذيبِهمُ اعْتِراضٌ لأنَّكَ المالِكُ المُطْلَقُ لَهم ولا اعْتِراضَ على المالِكَ المُطْلَقِ فيما يَفعَلُهُ بِمُلْكِهِ، وقيل: على معنى: إنْ تُعَذِّبْهم لمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ منهم دَفعْ ذلك عنْ نفْسِهِ لأنَّهم عِبادُك الأَرِقَّاءُ في أَسْرِ مُلْكِكَ وما تَبلُغُ قدرةُ العبدِ في جَنْبِ قُدرَةِ مَالِكِه، وقِيلَ: قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْطَافِ لَهُمْ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ كَمَا يَسْتَعْطِفُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ: فَإِنَّهُمْ عَصَوْكَ. وَقِيلَ: قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لِكَافِرٍ. وَقِيلَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ". لِمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي "إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" لِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَغْفِرُ لَهُ فَقَوْلٌ مُجْتَرِئٌ عَلَى كِتَابِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا تُنْسَخُ. وَقِيلَ: كَانَ عِنْدَ عِيسَى أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا مَعَاصِيَ وَعَمِلُوا بَعْدَهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ عَلَى عَمُودِ دِينِهِ فَقَالَ: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَا أَحْدَثُوا بَعْدِي مِنَ الْمَعَاصِي.
وَقَالَ: "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقِصَّةُ مِنَ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالتَّفْوِيضِ لِحُكْمِهِ. وَلَوْ قَالَ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لَأَوْهَمَ الدُّعَاءَ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ فَالتَّقْدِيرُ إِنْ تُبْقِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ حَتَّى يَمُوتُوا وَتُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَهْدِهِمْ إِلَى تَوْحِيدِكَ وَطَاعَتِكَ فَتَغْفِرُ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْكَ مَا تُرِيدُهُ، الْحَكِيمُ فِيمَا تَفْعَلُهُ تُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ. وَقَدْ قَرَأَ جَمَاعَةٌ:" فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" وَلَيْسَتْ مِنَ الْمُصْحَفِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ" الشِّفَا" وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَقَدْ طَعَنَ عَلَى الْقُرْآنِ مَنْ قال إنَّ قولَه: "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" لَيْسَ بِمُشَاكِلٍ لِقَوْلِهِ: "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" لِأَنَّ الَّذِي يُشَاكِلُ الْمَغْفِرَةَ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَا أَنْزَلَهُ اللهُ وَمَتَى نُقِلَ إِلَى الَّذِي نَقَلَهُ إِلَيْهِ ضَعُفَ مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي فَلَا يَكُونُ لَهُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ تَعَلُّقٌ وَهُوَ عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاجْتَمَعَ عَلَى قِرَاءَتِهِ الْمُسْلِمُونَ مَقْرُونٌ بِالشَّرْطَيْنِ كِلَيْهِمَا أَوَّلِهِمَا وَآخِرِهِمَا إِذْ تَلْخِيصُهُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فِي الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا مِنَ التَّعْذِيبِ وَالْغُفْرَانِ فَكَانَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَلْيَقَ بِهَذَا الْمَكَانِ لِعُمُومِهِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ الشَّرْطَيْنِ وَلَمْ يَصْلُحِ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ إِذْ لَمْ يَحْتَمِلْ مِنَ الْعُمُومِ مَا احْتَمَلَهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَمَا شَهِدَ بِتَعْظِيمِ اللهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ كُلِّهَا وَالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْلَى وَأَثْبَتُ مَعْنًى فِي الْآيَةِ مِمَّا يَصْلُحُ لِبَعْضِ الْكَلَامِ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَمَعْنَاهُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى نَسَقِهِ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّاهُ. فَإِنْ عَذَّبَهُمْ فَبِذُنُوبِهِمْ، فَهُوَ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ، وَإِنْ غَفَر لَهُمْ فَإنَّهُ تَعَالَى الغَفَّارُ الحَكِيمُ فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَحُكْمِهِ.، أيْ فلا عَجْزَ ولا اسْتِقْباحَ، فإنَّكَ القادرُ والقويُّ على الثَوابِ والعِقابِ الذي لا يُثيبُ ولا يُعاقِبُ إلَّا عَنْ حِكْمَةٍ وصَوابٍ فإنَّ المَغْفِرَةَ مُسْتَحْسَنَةٌ لِكُلِّ مُجْرِمٍ فإنْ عَذَّبْتَ فَعَدْلٌ وإنْ غَفَرْتَ فَفضْلٌ.
وكونُ غُفرانِ الهَِ للمُشْرِكِ قَطْعِيُّ الانْتِفاءِ بحسَبِ النصوصِ الثابتة عن الهَِ ـ تبارك وتعالى ـ لا يَنفي كونَه جائزًا بِحَسَبِ العَقلِ، لذلك صَحَّ اسْتِعْمالُ "إن" فيهِما لأنَّه يَكفي في صِحَّةِ اسْتِعْمالِها مُجَرَّدُ الامْكان الذاتيِّ الجَوازِ، وقيلَ التَرديدُ بالنسبة إلى فِرقتيْن والمعنى إنْ تُعذِّبْهم أي مَنْ كَفَرَ مِنْهم، وإنْ تَغْفِرْ لهم أي لمنْ آمَنَ مِنْهم. رُويَ أنَّه لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيةُ أحيى رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ بها لَيْلَتَه وكان بها يَقومُ وبِها يَقْعُدُ وبِها يَسْجُدُ ثمَّ قال: ((أُمَّتي أمَّتي يا رَبُّ)) فبَكى فَنَزَلَ جِبْرائيلُ ـ عليه السلامُ ـ فقالَ: اللهُ يُقْرِئُكَ السلامَ ويَقولُ لكَ إنَّا سَنُرْضيكَ في أُمَّتِكَ ولا نَسوءُكَ، وهذا مصداقُ قولِهِ تعالى في سورة الضحى: {ولسوف يعطيك ربُّكَ فترضى}.
رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِآيَةٍ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ ـ أي يَقرأُ بآيةٍ يُردِّدُها في صلاتِه حتّى أَصبَحَ ـ وَالْآيَةُ هي: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
وخَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَلَا قَوْلَهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إبراهيم: 36. وَقَولَ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ أُمَّتِي)) وَبَكَى. فَقَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ـ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ ـ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ).
قولُه تعالى: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} شَرْطٌ وَجَوَابُهُ "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" مِثْلُهُ. وهي في قراءةِ الناس ومصاحفِهم "العزيزُ الحكيم" وفي مصحف ابْنِ مَسعودٍ ـ وقرأ بها جماعة: "الغفورُ الرحيم"، وقد عبِث بعض مَنْ لا يفهم كلامَ العرب بهذه الآيةِ، وقال: "إنَّما كان المُناسِبُ ما في مصحف ابْنِ مسعودٍ" وخَفِي عليه أنَّ المعنى متعلِّقٌ بالشَرْطيْن جميعًا، ويوضِّح هذا ما قاله أبو بكرٍ بْنُ الأنْباريّ، فإنَّه نَقَلَ هذه القراءةَ عن بعضِ الطاعِنين ثمَّ قال: "ومتى نُقِل ما قالَه هذا الطاعن ضَعُفَ معناه، فإنَّه يَنفردُ "الغفور الرحيم" بالشرطِ الثاني ولا يكون لَه بالشرطِ الأوَّلِ تعلُّقٌ، وهو على ما أَنزَلَ اللهُ وعلى ما أَجمَعَ على قراءتِه المُسلمون معروفٌ بالشَرطيْن كِليْهِما: أوَّلِهما وآخرِهما، إذ تلخيصه: إنْ تعذبهم فأنت العزيزُ الحكيمُ، وإنْ تَغفرْ لهم فأنتَ العزيزُ الحَكيمُ في الأمريْن كِلَيْهِما مِنَ التَعذيبِ والغُفرانِ، فكأنَّ "العزيز الحكيم" أَلْيَقُ بهذا المَكانِ لِعُمومِهِ وأنَّه يَجمَع الشَرطيْن، ولم يصلُحْ "الغفور الرحيم" أَنْ يَحتمِلَ مِنَ العُمومِ ما احْتَمَلَهُ "العزيزُ الحكيم" وكلامُه فيه دقةٌ، وذلك أنَّه لا يُريدُ بقولِه: "إنَّه معروفٌ بالشرطيْن إلى آخرِهِ" أنَّه جَوابٌ لَهُما صِناعةً، لأنَّ ذلك فاسدٌ مِنْ حيثُ الصناعةُ العربيَّةُ؛ فإنَّ الأوَّلَ قدْ أَخَذَ جوابَه وهو "فإنَّهم عبادُك" وهو جوابٌ مُطابِقٌ فإنَّ العبدَ قابلٌ لِيُصَرِّفَه سَيِّدُهُ كيفَ شاء، وإنَّما يُريدُ بِذلك أنَّه متعلِّقٌ بِهِما مِنْ جِهَةِ المَعنى.
قَوْلُهُ تَعَالَى شأنُه: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} يَرُدُّ المسيحُ ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، الأمْرَ وَالمَشِيئَةَ إلَى اللهِ تَعَالَى، فَهُوَ الفَعَّالُ لِمَا يُريدُ، لاَ يُسْألُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وَيَقُولُ: إنَّ أَمْرَ العِبَادِ مَوْكُولٌ إلَى اللهِ تَعَالَى على معنى إنْ تُعَذِّبْهم لمْ يَلْحَقْكَ بِتَعْذيبِهمُ اعْتِراضٌ لأنَّكَ المالِكُ المُطْلَقُ لَهم ولا اعْتِراضَ على المالِكَ المُطْلَقِ فيما يَفعَلُهُ بِمُلْكِهِ، وقيل: على معنى: إنْ تُعَذِّبْهم لمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ منهم دَفعْ ذلك عنْ نفْسِهِ لأنَّهم عِبادُك الأَرِقَّاءُ في أَسْرِ مُلْكِكَ وما تَبلُغُ قدرةُ العبدِ في جَنْبِ قُدرَةِ مَالِكِه، وقِيلَ: قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْطَافِ لَهُمْ وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ كَمَا يَسْتَعْطِفُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ: فَإِنَّهُمْ عَصَوْكَ. وَقِيلَ: قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالِاسْتِجَارَةِ مِنْ عَذَابِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُغْفَرُ لِكَافِرٍ. وَقِيلَ الْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ". لِمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ فِي "إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" لِمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَغْفِرُ لَهُ فَقَوْلٌ مُجْتَرِئٌ عَلَى كِتَابِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا تُنْسَخُ. وَقِيلَ: كَانَ عِنْدَ عِيسَى أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا مَعَاصِيَ وَعَمِلُوا بَعْدَهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ عَلَى عَمُودِ دِينِهِ فَقَالَ: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَا أَحْدَثُوا بَعْدِي مِنَ الْمَعَاصِي.
وَقَالَ: "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" وَلَمْ يَقُلْ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ الْقِصَّةُ مِنَ التَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ وَالتَّفْوِيضِ لِحُكْمِهِ. وَلَوْ قَالَ: فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لَأَوْهَمَ الدُّعَاءَ بِالْمَغْفِرَةِ لِمَنْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ فَالتَّقْدِيرُ إِنْ تُبْقِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ حَتَّى يَمُوتُوا وَتُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَإِنْ تَهْدِهِمْ إِلَى تَوْحِيدِكَ وَطَاعَتِكَ فَتَغْفِرُ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الَّذِي لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْكَ مَا تُرِيدُهُ، الْحَكِيمُ فِيمَا تَفْعَلُهُ تُضِلُّ مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ. وَقَدْ قَرَأَ جَمَاعَةٌ:" فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" وَلَيْسَتْ مِنَ الْمُصْحَفِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كِتَابِ" الشِّفَا" وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَقَدْ طَعَنَ عَلَى الْقُرْآنِ مَنْ قال إنَّ قولَه: "فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" لَيْسَ بِمُشَاكِلٍ لِقَوْلِهِ: "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ" لِأَنَّ الَّذِي يُشَاكِلُ الْمَغْفِرَةَ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَا أَنْزَلَهُ اللهُ وَمَتَى نُقِلَ إِلَى الَّذِي نَقَلَهُ إِلَيْهِ ضَعُفَ مَعْنَاهُ، فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي فَلَا يَكُونُ لَهُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ تَعَلُّقٌ وَهُوَ عَلَى مَا أَنْزَلَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَاجْتَمَعَ عَلَى قِرَاءَتِهِ الْمُسْلِمُونَ مَقْرُونٌ بِالشَّرْطَيْنِ كِلَيْهِمَا أَوَّلِهِمَا وَآخِرِهِمَا إِذْ تَلْخِيصُهُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فِي الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا مِنَ التَّعْذِيبِ وَالْغُفْرَانِ فَكَانَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ أَلْيَقَ بِهَذَا الْمَكَانِ لِعُمُومِهِ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ الشَّرْطَيْنِ وَلَمْ يَصْلُحِ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ إِذْ لَمْ يَحْتَمِلْ مِنَ الْعُمُومِ مَا احْتَمَلَهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَمَا شَهِدَ بِتَعْظِيمِ اللهِ تَعَالَى وَعَدْلِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ كُلِّهَا وَالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْلَى وَأَثْبَتُ مَعْنًى فِي الْآيَةِ مِمَّا يَصْلُحُ لِبَعْضِ الْكَلَامِ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَمَعْنَاهُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى نَسَقِهِ أَوْلَى لِمَا بَيَّنَّاهُ. فَإِنْ عَذَّبَهُمْ فَبِذُنُوبِهِمْ، فَهُوَ رَبُّهُمْ وَهُمْ عِبَادُهُ، وَإِنْ غَفَر لَهُمْ فَإنَّهُ تَعَالَى الغَفَّارُ الحَكِيمُ فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ وَحُكْمِهِ.، أيْ فلا عَجْزَ ولا اسْتِقْباحَ، فإنَّكَ القادرُ والقويُّ على الثَوابِ والعِقابِ الذي لا يُثيبُ ولا يُعاقِبُ إلَّا عَنْ حِكْمَةٍ وصَوابٍ فإنَّ المَغْفِرَةَ مُسْتَحْسَنَةٌ لِكُلِّ مُجْرِمٍ فإنْ عَذَّبْتَ فَعَدْلٌ وإنْ غَفَرْتَ فَفضْلٌ.
وكونُ غُفرانِ الهَِ للمُشْرِكِ قَطْعِيُّ الانْتِفاءِ بحسَبِ النصوصِ الثابتة عن الهَِ ـ تبارك وتعالى ـ لا يَنفي كونَه جائزًا بِحَسَبِ العَقلِ، لذلك صَحَّ اسْتِعْمالُ "إن" فيهِما لأنَّه يَكفي في صِحَّةِ اسْتِعْمالِها مُجَرَّدُ الامْكان الذاتيِّ الجَوازِ، وقيلَ التَرديدُ بالنسبة إلى فِرقتيْن والمعنى إنْ تُعذِّبْهم أي مَنْ كَفَرَ مِنْهم، وإنْ تَغْفِرْ لهم أي لمنْ آمَنَ مِنْهم. رُويَ أنَّه لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيةُ أحيى رسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ بها لَيْلَتَه وكان بها يَقومُ وبِها يَقْعُدُ وبِها يَسْجُدُ ثمَّ قال: ((أُمَّتي أمَّتي يا رَبُّ)) فبَكى فَنَزَلَ جِبْرائيلُ ـ عليه السلامُ ـ فقالَ: اللهُ يُقْرِئُكَ السلامَ ويَقولُ لكَ إنَّا سَنُرْضيكَ في أُمَّتِكَ ولا نَسوءُكَ، وهذا مصداقُ قولِهِ تعالى في سورة الضحى: {ولسوف يعطيك ربُّكَ فترضى}.
رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِآيَةٍ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ ـ أي يَقرأُ بآيةٍ يُردِّدُها في صلاتِه حتّى أَصبَحَ ـ وَالْآيَةُ هي: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
وخَرَّجَ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَلَا قَوْلَهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إبراهيم: 36. وَقَولَ عِيسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: ((اللَّهُمَّ أُمَّتِي)) وَبَكَى. فَقَالَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ ـ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ ـ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ).
قولُه تعالى: { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ} شَرْطٌ وَجَوَابُهُ "وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" مِثْلُهُ. وهي في قراءةِ الناس ومصاحفِهم "العزيزُ الحكيم" وفي مصحف ابْنِ مَسعودٍ ـ وقرأ بها جماعة: "الغفورُ الرحيم"، وقد عبِث بعض مَنْ لا يفهم كلامَ العرب بهذه الآيةِ، وقال: "إنَّما كان المُناسِبُ ما في مصحف ابْنِ مسعودٍ" وخَفِي عليه أنَّ المعنى متعلِّقٌ بالشَرْطيْن جميعًا، ويوضِّح هذا ما قاله أبو بكرٍ بْنُ الأنْباريّ، فإنَّه نَقَلَ هذه القراءةَ عن بعضِ الطاعِنين ثمَّ قال: "ومتى نُقِل ما قالَه هذا الطاعن ضَعُفَ معناه، فإنَّه يَنفردُ "الغفور الرحيم" بالشرطِ الثاني ولا يكون لَه بالشرطِ الأوَّلِ تعلُّقٌ، وهو على ما أَنزَلَ اللهُ وعلى ما أَجمَعَ على قراءتِه المُسلمون معروفٌ بالشَرطيْن كِليْهِما: أوَّلِهما وآخرِهما، إذ تلخيصه: إنْ تعذبهم فأنت العزيزُ الحكيمُ، وإنْ تَغفرْ لهم فأنتَ العزيزُ الحَكيمُ في الأمريْن كِلَيْهِما مِنَ التَعذيبِ والغُفرانِ، فكأنَّ "العزيز الحكيم" أَلْيَقُ بهذا المَكانِ لِعُمومِهِ وأنَّه يَجمَع الشَرطيْن، ولم يصلُحْ "الغفور الرحيم" أَنْ يَحتمِلَ مِنَ العُمومِ ما احْتَمَلَهُ "العزيزُ الحكيم" وكلامُه فيه دقةٌ، وذلك أنَّه لا يُريدُ بقولِه: "إنَّه معروفٌ بالشرطيْن إلى آخرِهِ" أنَّه جَوابٌ لَهُما صِناعةً، لأنَّ ذلك فاسدٌ مِنْ حيثُ الصناعةُ العربيَّةُ؛ فإنَّ الأوَّلَ قدْ أَخَذَ جوابَه وهو "فإنَّهم عبادُك" وهو جوابٌ مُطابِقٌ فإنَّ العبدَ قابلٌ لِيُصَرِّفَه سَيِّدُهُ كيفَ شاء، وإنَّما يُريدُ بِذلك أنَّه متعلِّقٌ بِهِما مِنْ جِهَةِ المَعنى.
مواضيع مماثلة
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 64
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 101
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 66
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 108
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 67
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 101
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 66
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 108
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 67
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود