السعادة الزوجية

بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم




حق الزوجة على زوجها:


لقد أقر الإسلام الحنيف حق الزوجة على زوجها بنص الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة كما جاء في الحديث الأول قوله صلى الله عليه وسلم :

" أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن "
وفي الحديث الثاني وهو إجابة على سؤال السائل " أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبحْ ولا تهجرْ إلا في البيت ".
فمعنى أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن: أي فيما يلزمهن من كسوة وطعام بالمعروف.
فمعنى أن تطعمها إذا طعمت: أي من طعامك الذي تأكل منه فليس المراد أنه لا يجوز أن يأكل حتى تأكل معه، بل المراد الحث على المبادرة إلى إطعامهن وهو واجب عليه كزوج مسؤول مسؤولية كاملة عن زوجته وعن كل ما تحتاج إليه من متطلبات معيشتها وفي حدود طاقته، قال تعالى : ﴿لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها﴾ الطلاق : 7 .
وليس من المروءة والرجولة أن ينفق الزوج على نفسه بسعة وعلى زوجته وبنيه ببخل وتقتير.
وقد روي عن وهب بن جابر قال: إن مولى لعبد الله بن عمر قال له: إني أريد أن أقيم هذا الشهر هنا ببيت المقدس. فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كفى بالمرء إثماً أن يضيع مَنْ يقوت " ، رواه الإمام أحمد في مسنده .
وفي رواية للإمام مسلم بلفظ " أن يضيع من يعول " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك. أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك". رواه الإمام مسلم.
فمعنى أنفقته في سبيل الله: أي فيما يلزم للجهاد لإعلاء كلمة الله عز وجل.
وفي رقبة: أي في تحرير رقبة مؤمنة وتخليصها من الرق.
وعلى مسكين: أي الذي لا يجد ما يكفيه من القوت.
وعلى أهلك: أي على من تعولهم من زوجات وأولاد.
وأعظم أجراً: أي أعظم هذه الدنانير أجراً وأكثرها ثواباً هو الذي تنفقه على عيالك . . .
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أول ما يوضع من الحسنات في ميزان العبد يوم القيامة هو ما أنفقه على أهله وعياله، أي من تلزمه نفقته ومؤونته من نحو زوجة وأصول قرابة وفروع " .
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن للرجل إذا سقى امرأته من الماء أجراً. قال: فأتيتها فسقيتها وحدثتها بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم " . رواه الإمام أحمد والطبراني في الكبير.
وأجر: أي أثيب على حمله الماء إليها.
والنفقة واجبة على الزوج ولو كانت زوجته موسرة لأن النفقة على الزوجة والأبناء أولى دعامات القوامة التي فضل الله تعالى بها الرجال على النساء في قوله عز ثناؤه: ﴿الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم﴾ وبها يتحقق القيام بواجبه الديني والاجتماعي ابتغاء مرضاة الله عز وجل طعماً في رحمته وثوابه، وخشية مساءلته وعقابه جل شأنه " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " .
فعن ابن مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أنفق المسلم على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة " . رواه الإمام البخاري ومسلم.
وقد وضع الإسلام مسؤولية الرجل في الإنفاق على بيته في المقام الأول واعتبر ذلك الإنفاق عند الموازنة وهو الأمثل والأفضل . فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله تعالى، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله عز وجل " . قال أبو قلابة: وبدأ بالعيال . ثم قال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله تعالى به ويغنيهم ؟ " . رواه الإمام مسلم وأبو داود والترمذي والبيهقي.
وقد قرر الإسلام فضل هذا البذل المشكور، فجعله من أسباب قوامة الرجل على المرأة.
قال تعالى: ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم﴾ النساء: 34.
قال صاحب كتاب (الأسرة في الإسلام):
وفي هذا حفز للهمم وترويح عن المشقات. ولا يعني الاعتراف بمبدأ السيطرة الاقتصادية، أو تحكم من ينتج ويعمل في العاجز عن الكسب والإنتاج.
بل: هو شكر للبذل وتقدير، ودفع للتحمل والثبات، والنفقة واجبة للزوجة ما دامت تؤدي تكاليفها وتلتزم حدها فإن تمردت على الفطرة وحادت عن النهج وتنكبت عن الطريق، ففوتت على الزوج مقصود الحياة الزوجية فليس لها هذا الحق.
ويتمثل نشوز الزوجة الذي يحرمها من حق النفقة في التصرفات التي تحول بين الزوج وبين الانتفاع بالزوجة بالوجه المعقول كأن تضار بالامتناع عن المباشرة بغير ما تعذر به، أو تهجر بيته متجنية أو تنفق أوقاتها خارج البيت بغير إذنه.
لأن النفقة إنما وجبت للزوجة ببذلها نفسها ووقفها وقتها وجهدها على راحة الزوج وإسعاده ومنحه ثمار الحياة الزوجية. فإذا فاته هذا عمداً لم يُلْزَمْ بالإنفاق فإنما يحمل عبء الصراع والكدح خارج البيت مقابل أن تهيئ له زوجه السعادة والأمن داخل البيت. أما إذا قصر الرجل في كفاية زوجته المستقيمة وإعالتها، وهو واجد قادر فإنه يطالب بأداء حقها وكفالتها.


منقول للفائدة
وللحديث بقية بل بقايا
وفقنا الله واياكم لما فيه الخير للجميع

نقل مفيد

عسى الله يعين عالتنفيذ