الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 28
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 28
الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 28
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)
التفات إلى خطاب أولئك بعد أن عدد قبائحهم المستدعية لمزيد خطه تعالى عليهم والإنكار إذا وجه إلى المخاطب كان أبلغ من توجيهه إلى الغائب وأردع له لجواز أن لا يصله .
وتعجّب وتعظيم لما فيه العبد من حال لا يرضي الله ، ولا ينبغي مع ظهور الآيات أن يجنح قلبه إلى الكفر .
وقد تعرَّف ـ سبحانه ـ إلى الخلق بلوائح دلالاته ، ولوامع آياته . فقال: { وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً } يعني نُطفاً ، أجزاؤها متساوية {فَأَحْيَاكُمْ } بَشَراً اختصَّ بعض أجزاء النطفة بكونه عظماً ، وبعضها بكونه لحماً ، وبعضها بكونه شَعْراً ، وبعضها بكونه جِلداً . . إلى غير ذلك .
{ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } فيجعلكم رفاتاً ، { ثُمَّ يُحْييكُمْ } من جديد ويعيدكم كما كنتم { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي إلى ما سبق أن حكم به من السعادة والشقاوة .
و” كيف ” اسمُ استفهامٍ يُسْأَلُ بِهِ عن الأحوالِ ، وبُنِيَ لتضمُّنِهِ معنى الهمزة ، وبُنِيَ على أخفِّ الحركات ، وشَذَّ دخولُ حرفِ الجرِّ عليها ، قالوا ” على كيف تبيعُ الأَحْمَرَيْنِ ” ، وكونهُا شرطاً قليلٌ ، ولا يُجزْم بها ، وإذا أُبْدِل منها اسمٌ أو وَقَعَ جواباً لها فهو منصوبٌ إن كان بعدها فعلٌ متسلِّطٌ عليها نحو: كيف قمت؟ أصحيحاً أم سقيماً ، وتُسألُ كيف سِرْتَ؟ فتقول : راشداً، وإلاَّ فمرفوعان : نحو : كيف زيدٌ ، أصحيحٌ أم سقيمٌ ؟. وإنْ وقعَ بعدَها اسمٌ مسؤولٌ عنه بها فهو مبتدأٌ وهي خبرٌ مقدَّمٌ ، نحو : كيف زيدٌ ؟ وقد يُحْذَفُ الفعلُ بعدَها ، قال تعالى { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } أي كيف تُوالونهم . و” كيفَ” في هذه الآيةِ منصوبةٌ على التشبيهِ بالظرف ، أي:في أيِّ حالةٍ تكفُرون ، وهو مذهب سيبويه ، وعلى الحالِ عند الأخفشِ ، أي : على أي حالٍ تكفُرون والعاملُ فيها على القولين ” تكفرون ” وصاحبُ الحالِ الضميرُ في تكفرون .
وفي الكلام التفاتٌ ـ كما تقدم ـ من الغَيْبَةِ في قولِه ” وأمَّا الذين كفروا .. ” إلى الخطاب في قولِهِ ” تَكْفُرون ، وكُنْتُم ” . وجاء “تكفرونَ ” مضارعاً لا ماضياً لأنَّ المُنْكَرَ الدوامُ على الكفرِ ، والمضارعُ هو المُشْعِرُ بذلك، ولئلا يكونَ ذلك تَوْبيخاً لمَنْ آمَنَ بعد كُفْر .
و” كَفَرَ ” يتعدَّى بحرف الجر نحو{ تَكْفُرُونَ بالله } و{ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله } و{ كَفَرُواْ بالذكر} ، وقد تعدَّى بنفسه في قوله تعالى { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } وذلك لمَّا ضُمِّن معنى جَحَدوا .
قوله { وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ } الواوُ واوُ الحالِ ، وعلامتُها أن يَصْلُح موضِعَها ” إذ ” ، وجملَةُ { كُنْتُمْ أَمْوَاتاً } في محلِّ نصبٍ على الحال ، ولا بد من إضمار ” قد ” ليصِحَّ وقوعُ الماضي حالاً . فإن قلت كيف صَحَّ أن يكونَ حالاً وهو ماضٍ ؟ قُلْتُ: لَمْ تَدْخُل الواوُ على { كُنْتُمْ } وحدَه ، بل على جملة { كُنْتُمْ أَمْوَاتاً } وكأنه قيل : كيف تكفرون بالله وحالُكم أنكم كنتم أمواتاً نُطَفَاً في أصْلاَبِ آبائكم فَجَعَلَكم أحياءً ، ثم يُميتكم بعد هذه الحياة ، ثم يُحْييكم بعد الموتِ ثم يُحاسِبُكم ؟
والفاءُ في قولِه: ” فَأَحْيَاكُمْ ” على بابِها للتعقيبِ و” ثم ” للتراخي لأنَّ المرادَ بالموتِ الأول العدَمُ السابقُ ، وبالحياةِ الأولى الخَلْقُ ، وبالموتِ الثاني الموتُ المعهودُ ، وبالحياةِ الثانية الحياةُ للبعثِ ، فجاءت الفاءُ و “ثم” على بابِهما من التعقيبِ والتراخي .
والجمهورُ على قراءة ” تُرْجَعُون ” مبنياً للمفعولِ ، وقُرِئَ مبنيّاً للفاعل حيث جاء ، ووجهُ القراءتين أنَّ ” رَجَع ” يكونُ قاصراً ومتعدياً ، فقراءةُ الجمهورِ من المتعدِّي وهو أرجحُ ؛ لأنَّ أصلَها : ” ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجِعُكُمْ ” لأنَّ الإِسنادَ في الأفعالِ السابقة لله تعالى ، فيناسِبُ أن يكونَ هذا كذا ولكنه بُنِيَ للمفعول لأجل الفواصل والقواطع .
وأَمْوات جمعُ ” مَيِّت ” وقياسُه على فعائِلِ كسَيّد وسَيَائِدِ ، والأَوْلَى أن يكون أموات جمع مَيْت مخفَّفاً كأقوال في جمع قَيْل .
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28)
التفات إلى خطاب أولئك بعد أن عدد قبائحهم المستدعية لمزيد خطه تعالى عليهم والإنكار إذا وجه إلى المخاطب كان أبلغ من توجيهه إلى الغائب وأردع له لجواز أن لا يصله .
وتعجّب وتعظيم لما فيه العبد من حال لا يرضي الله ، ولا ينبغي مع ظهور الآيات أن يجنح قلبه إلى الكفر .
وقد تعرَّف ـ سبحانه ـ إلى الخلق بلوائح دلالاته ، ولوامع آياته . فقال: { وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً } يعني نُطفاً ، أجزاؤها متساوية {فَأَحْيَاكُمْ } بَشَراً اختصَّ بعض أجزاء النطفة بكونه عظماً ، وبعضها بكونه لحماً ، وبعضها بكونه شَعْراً ، وبعضها بكونه جِلداً . . إلى غير ذلك .
{ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } فيجعلكم رفاتاً ، { ثُمَّ يُحْييكُمْ } من جديد ويعيدكم كما كنتم { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي إلى ما سبق أن حكم به من السعادة والشقاوة .
و” كيف ” اسمُ استفهامٍ يُسْأَلُ بِهِ عن الأحوالِ ، وبُنِيَ لتضمُّنِهِ معنى الهمزة ، وبُنِيَ على أخفِّ الحركات ، وشَذَّ دخولُ حرفِ الجرِّ عليها ، قالوا ” على كيف تبيعُ الأَحْمَرَيْنِ ” ، وكونهُا شرطاً قليلٌ ، ولا يُجزْم بها ، وإذا أُبْدِل منها اسمٌ أو وَقَعَ جواباً لها فهو منصوبٌ إن كان بعدها فعلٌ متسلِّطٌ عليها نحو: كيف قمت؟ أصحيحاً أم سقيماً ، وتُسألُ كيف سِرْتَ؟ فتقول : راشداً، وإلاَّ فمرفوعان : نحو : كيف زيدٌ ، أصحيحٌ أم سقيمٌ ؟. وإنْ وقعَ بعدَها اسمٌ مسؤولٌ عنه بها فهو مبتدأٌ وهي خبرٌ مقدَّمٌ ، نحو : كيف زيدٌ ؟ وقد يُحْذَفُ الفعلُ بعدَها ، قال تعالى { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ } أي كيف تُوالونهم . و” كيفَ” في هذه الآيةِ منصوبةٌ على التشبيهِ بالظرف ، أي:في أيِّ حالةٍ تكفُرون ، وهو مذهب سيبويه ، وعلى الحالِ عند الأخفشِ ، أي : على أي حالٍ تكفُرون والعاملُ فيها على القولين ” تكفرون ” وصاحبُ الحالِ الضميرُ في تكفرون .
وفي الكلام التفاتٌ ـ كما تقدم ـ من الغَيْبَةِ في قولِه ” وأمَّا الذين كفروا .. ” إلى الخطاب في قولِهِ ” تَكْفُرون ، وكُنْتُم ” . وجاء “تكفرونَ ” مضارعاً لا ماضياً لأنَّ المُنْكَرَ الدوامُ على الكفرِ ، والمضارعُ هو المُشْعِرُ بذلك، ولئلا يكونَ ذلك تَوْبيخاً لمَنْ آمَنَ بعد كُفْر .
و” كَفَرَ ” يتعدَّى بحرف الجر نحو{ تَكْفُرُونَ بالله } و{ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله } و{ كَفَرُواْ بالذكر} ، وقد تعدَّى بنفسه في قوله تعالى { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } وذلك لمَّا ضُمِّن معنى جَحَدوا .
قوله { وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ } الواوُ واوُ الحالِ ، وعلامتُها أن يَصْلُح موضِعَها ” إذ ” ، وجملَةُ { كُنْتُمْ أَمْوَاتاً } في محلِّ نصبٍ على الحال ، ولا بد من إضمار ” قد ” ليصِحَّ وقوعُ الماضي حالاً . فإن قلت كيف صَحَّ أن يكونَ حالاً وهو ماضٍ ؟ قُلْتُ: لَمْ تَدْخُل الواوُ على { كُنْتُمْ } وحدَه ، بل على جملة { كُنْتُمْ أَمْوَاتاً } وكأنه قيل : كيف تكفرون بالله وحالُكم أنكم كنتم أمواتاً نُطَفَاً في أصْلاَبِ آبائكم فَجَعَلَكم أحياءً ، ثم يُميتكم بعد هذه الحياة ، ثم يُحْييكم بعد الموتِ ثم يُحاسِبُكم ؟
والفاءُ في قولِه: ” فَأَحْيَاكُمْ ” على بابِها للتعقيبِ و” ثم ” للتراخي لأنَّ المرادَ بالموتِ الأول العدَمُ السابقُ ، وبالحياةِ الأولى الخَلْقُ ، وبالموتِ الثاني الموتُ المعهودُ ، وبالحياةِ الثانية الحياةُ للبعثِ ، فجاءت الفاءُ و “ثم” على بابِهما من التعقيبِ والتراخي .
والجمهورُ على قراءة ” تُرْجَعُون ” مبنياً للمفعولِ ، وقُرِئَ مبنيّاً للفاعل حيث جاء ، ووجهُ القراءتين أنَّ ” رَجَع ” يكونُ قاصراً ومتعدياً ، فقراءةُ الجمهورِ من المتعدِّي وهو أرجحُ ؛ لأنَّ أصلَها : ” ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجِعُكُمْ ” لأنَّ الإِسنادَ في الأفعالِ السابقة لله تعالى ، فيناسِبُ أن يكونَ هذا كذا ولكنه بُنِيَ للمفعول لأجل الفواصل والقواطع .
وأَمْوات جمعُ ” مَيِّت ” وقياسُه على فعائِلِ كسَيّد وسَيَائِدِ ، والأَوْلَى أن يكون أموات جمع مَيْت مخفَّفاً كأقوال في جمع قَيْل .
مواضيع مماثلة
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 27
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 25
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 26
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 24
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (23)
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 25
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 26
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 24
» الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم ، تفسير سورة البقرة الآية (23)
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود