منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 25

اذهب الى الأسفل

الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 25   Empty الدر النظيم من معاني الذكر الحكيم (سورة البقرة الآية 25

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الخميس يناير 05, 2012 5:43 pm

{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(25)
قولُه تعالى : { وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ } : هذه الجملةُ معطوفةٌ على ما قبلها، عَطَفَ جملةَ ثوابِ المؤمنين على جملةِ عقابِ الكافرين ، وجاز ذلك لأنَّه لا يُشْتَرَطُ في عطفِ الجملِ التوافُقُ معنىً ، بل تُعْطَفُ الطلبيةُ على الخبريةِ وبالعكس ، بدليلِ قولِهِ :
تُناغي غَزالاً عند بابِ ابنِ عامرٍ …………. وَكَحِّلْ أماقِيكَ الحسانَ بإِثْمِدِ
وقول امرئ القيس :
وإنَّ شفائي عَبْرَةٌ مُهْرَاقَةٌ ……………… وهل عند رَسْمٍ دارسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
وقرئ : ” وبُشِّرَ ” ماضياً مبنياً للمفعولِ . وهو عطف على ” أُعِدَّت “. قيل : ” وهذا لا يتأتَّى على إعرابِ ” أُعِدَّتْ ” حالاً لأنها لا تَصْلُحُ للحاليَّةِ .
والبِشارةُ : أولُ خبرٍ من خيرٍ أو شرٍّ ، قالوا : لأنَّ أثرَها يَظْهَرُ في البَشَرة وهي ظاهِرُ جلدِ الإِنسان ، وأنشدوا :
يُبَشِّرُني الغُرابُ بِبَيْنِ أهلي ……………….. فقُلْتُ له : ثَكِلْتُكَ مِنْ بشيرِ
وقال آخر :
بَشَّرْتَنِي يا سَعْدُ أَنَّ أَحِبَّتِي …………….. جَفَوْنِي وأنَّ الوُدَّ موعدُهُ الحَشْرُ
وهذا رأي سيبويه ، إلا أن الأكثرَ استعمالُها في الخير ، وإن اسْتُعْمِلَتْ في الشرِّ فبقَيْدٍ ، كقولِهِ تعالى : { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ } وإن أُطْلِقَتْ كانت للخير، وظاهرُ كلامِ الزمخشري أنها تختصُّ بالخَيْرِ ، لأنه تَأَوَّلَ مثلَ : { فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ } على العكسِ في الكلامِ الذي يُقْصَدُ به الزيادةُ في غَيْظِ المُسْتَهْزَأ به وتألُّمِهِ . والفعلُ منها : بَشَرَ وبَشَّر مخففاً ومثقلاً ، كقولَه : ” بَشَرْتُ عيالي ” البيت ، والتثقيلُ للتكثيرِ بالنسبة إلى المُبَشِّرِ به . وقد قرئ المضارعُ مخففاً ومشدداً ، وأمَّا الماضي فَلَمْ يُقْرَأْ به إلا مثقَّلاً نحو : { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ } وفيه لغةٌ أخرى : أَبْشَرَ مثل أَكْرَمَ ، وأنكر أبو حاتم التخفيفَ ، وليس بصوابٍ لمجيء مضارعِهِ . وبمعنى البِشارة : البُشور والتَبْشير والإِبْشَار ، وإن اختَلَفَتْ أفعالُها ، والبِشارَةُ أيضاً الجَمالُ ، والبَشير : الجميلُ ، وتباشير الفجرِ أوائلُهُ .
وقرأ زيدٌ بنُ علي رضي الله عنهما ” وبُشِّرَ ” : ماضياً مبنياً للمفعول .
وفاعلُ ” بَشِّرْ ” : إِمَّا ضميرُ الرسولِ عليه السلام ، وهو الواضحُ ، وإمَّا كلُّ مَنْ تَصِحُّ منه البشارةُ . وكونُ صلةِ ” الذين ” فعلاً ماضياً دونَ كونِهِ اسمَ فاعلٍ دليلٌ على أَنْ يستحقَّ التبشيرَ بفضلِ الله مَنْ وَقَعَ منه الإِيمانُ وتَحَقَّقَ به وبالأعمالِ الصالحةِ .
و” الصالحاتُ ” جمعُ صالحة وهي من الصفاتِ التي جَرَتْ مَجْرى الأسماءِ في إيلائِها العواملَ ، قال :
كيفَ الهجاءُ وما تَنْفَكُّ صالِحَةٌ …………… مِنْ آلِ لأَْمٍ بظهرِ الغَيْبِ تَأْتِينِي
وعلامةُ نصبِه الكسرةُ لأنه من بابِ جَمْعِ المؤنث السالم نيابةً عن الفتحةِ التي هي أصلُ النصبِ .
قولُه تعالى : { أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ } جناتٍ اسمُ أنَّ ، و” لهم ” خبرٌ مقدمٌ ،
ولا يجوز تقديمُ خبرِ ” أنَّ ” وأخواتِها إلا ظرفاً أو حرفَ جَرٍّ ، وأنَّ وما في حَيِّزها في محلِّ جَرّ عند الخليل والكسائي ونصبٍ عند سيبويهِ والفراء ، لأن الأصلَ ” وبَشِّرِ الذين آمنوا بأنَّ لهم ، فحُذِفَ حرفُ الجر مع أَنَّ ، وهو حَذْفٌ مُطَّردٌ معها ومع ” أَنْ ” الناصبة للمضارعِ ، بشرط أَمْنِ اللَّبْسِ ، بسبب طولهما بالصلة ، فلما حُذِفَ حرفُ الجرّ جرى الخلافُ المذكورُ ، فالخليل والكسائي يقولان : كأنَّ الحرفَ موجودٌ فالجرُّ باقٍ ، واستدلَّ الأخفشُ لهما بقولِ الشاعر :
وما زُرْتُ ليلى أنْ تَكُونَ حبيبةً ………………. إليَّ لا دَيْنٍ بها أنا طالِبُهْ
فَعَطْفُ ” دَيْنٍ ” بالجرِّ على محلِّ ” أن تكون ” يبيِّنُ كونَها مجرورةً ، قيل : ويَحْتملُ أن يكونَ من بابِ عَطْفِ التوهُّم فلا دليلَ فيه . والفراء وسيبويه يقولان : وَجَدْناهم إذا حذفوا حرفَ الجر نَصَبُوا ، كقولِهِ :
تَمُرُّونَ الديارَ وَلَمْ تَعُوجوا …………………… كلامُكُمُ عليَّ إذاً حَرَامُ
أي بالديار ، ولا يجوزُ الجرُّ إلا في نادرِ شعرٍ ، كقولِهِ :
إذا قيلَ : أيُّ الناسِ شرُّ قبيلةٍ …………. أَشَارتْ كليبٍ بالأَكفِّ الأصابعُ
أي : إلى كُلَيْبٍ ، وقولِ الآخر : … حتى تَبَذَّخَ فارتقى الأَعْلامِ أي : إلى الأعلام .
و” الجَنَّةُ ” : البُسْتَانُ ، وقيل : الأرضُ ذاتُ الشجرِ ، سُمِّيَتْ بذلك لسَتْرِها مَنْ فيها ، ومنه : الجنين لاستتارِه ، والمِجَنُّ : التُرْس ، وكذلك “الجُنَّة” لأنه يَسْتُر صاحبَه ، والجِنَّة لاستتارِهم عن أعينِ الناسِ .
قوله : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } هذه الجملةُ في مَحَلِّ نصبٍ لأنها صفةٌ لجنَّات ، و” تَجْرِي ” مرفوعٌ لتجرُّدِهِ من الناصبِ والجازمِ ، وعلامةُ رفعِه ضمةٌ مقدرةٌ في الياءِ استثقالاً ، وكذلك تُقَدَّرُ في كلِّ فعلٍ معتلٍ نحو : يَدْعو
ويَخْشَى إلاَّ أَنَّها في الألِفِ تُقَدَّرُ تعذُّراً .
و” الأنهارُ ” جمع نَهْر بالفتح ، وهي اللغة العالية ، وفيه تسكينُ الهاءِ ، ولكن ” أَفْعال ” لا ينقاسُ في فَعْل الساكنِ العينِ بل يُحْفظ نحو : أَفْراخ وأَزْنَاد وأَفراد .
والنهرُ دونَ البحرِ وفوقَ الجدولِ ، وهل هو مجرى الماءِ أو الماءُ الجاري نفسُه؟ والأولُ أظهرُ ، لأنه مشتقٌّ من نَهَرْت أي : وسَّعْتُ ، قال قيس بن الخطيم يصفُ طعنةِ : مَلَكْتُ بها كَفِّي فَأنْهَرْتُ فَتْقَها …
أي وَسَّعْتُ ، ومنه : النهارُ لاتساعِ ضوئِهِ ، وإنَّما أُطْلِقَ على الماءِ مجازاً إطلاقاً للمحلِّ على الحالِّ .
و{ مِن تَحْتِهَا } متعلقٌ بتجري ، و” تحت ” مكانٌ لا يَتَصَرَّفُ ، وهو نقيضُ ” فوق ” إذا أُضيفا أُعْرِبَا ، وإذا قُطِعَا بُنِيَا على الضم . و” مِنْ ” لابتداءِ الغايةِ وقيل : زائدةٌ .
والألف واللامُ في ” الأنهار ” للجنس . قوله تعالى : { كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ } تقدَّم الكلامُ في ” كُلَّما ” والعاملُ فيها هنا : ” قالوا ” و” منها ” متعلِّق بـ ” رُزِقوا ” و” مِنْ ” لابتداء الغاية وكذلك ” مِنْ ثمرةٍ ” لأنها بَدَلٌ من قولِه “منها ” بدَلُ اشتمالٍ بإعادةِ العاملِ ، وإنما قُلْنَا بدلُ اشتمالٍ ، لأنه لا يتعلَّقُ حرفان بمعنىً واحدٍ بعاملٍ واحدٍ إلا على سبيلِ البدليّةِ أو العطفِ . والثمرة يجوز حملها على النوع وعلى الجنأة الواحدة ، و” رِزْقاً ” مفعولٌ ثانٍ لـ ” رُزِقوا ” وهو بمعنى ” مَرْزوقٍ ” .
” قالوا ” هو العاملُ في ” كلما ” كما تقدَّم و{ هذا الذي رُزِقْنَا } مبتدأ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ بالقول ، وعائدُ الموصولِ محذوفٌ لاستكمالِهِ الشروطَ ، أي : رُزِقْناه . و” مِنْ قَبلُ ” متعلِّقٌ به . و” مِنْ ” لابتداءِ الغايةِ ، ولَمَّا قُطِعَتْ “قبلُ ” عن الإضافة بُنِيَتْ ، وإنما بُنِيَتْ على الضَّمةِ لأنها حركةٌ لم تكنْ لها حالَ
إعرابها .
واختُلِفَ في هذه الجملةِ ، فقيل : لا محلَّ لها مِنَ الإِعرابِ لأنَّها استئنافيةٌ كأن قيل لَمَّا وُصِفَت الجناتُ : ما حالُها؟ فقيل : كلما رُزِقوا قالوا . وقيل : لَهَا محلٌّ ، ثم اختُلِفَ فيه فقيل : رفعٌ على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ ، واختُلِفَ في ذلك المبتدأ ، فقيل : ضميرُ الجنات أي هي كلما . وقيل : ضميرُ الذين آمنوا أي : هم كلما رُزقوا قالوا ذلك . وقيل : محلًّها نصبٌ على الحالِ وصاحبُها : إمَّا الذينَ آمنوا وإمَّا جنات ، وجازَ ذلك وإنْ كان نكرةً لأنها تَخَصَّصَتْ بالصفةِ ، وعلى هذين تكونُ حالاً مقدَّرةً لأن وقتَ البشارةِ بالجناتِ لم يكونوا مرزوقينَ ذلك . وقيل : مَحَلُّهَا َنَصْبٌ على أنها صفةٌ لجنات أيضاً .
قوله: { وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً } الظاهرُ أنها جملةٌ مستأنفةٌ . وقيل : هي عطفٌ على ” قالوا ” ، وقيل : محلُّها النصبُ على الحالِ ، وصاحبُها فاعلُ ” قالوا ” أي : قالوا هذا الكلامَ في هذه الحالِ ، ولا بُدَّ من تقديرِ ” قد ” قبل الفعلِ أي : وقد أُتوا ، وأصلُ أُتُوا : أُتِيُوا مثل : ضُرِبوا ، فَأُعِلَّ كنظائرِه . وقرئ : وأتَوا ، مبنياً للفاعل ، والضميرُ للوِلْدان والخَدَمْ ، للتصريحِ بهم في غير موضع . والضميرُ في ” به ” يعودُ على المرزوق الذي هو الثمرات ، كما أنَّ ” هذا ” إشارةٌ إليه .
{ وَلَهُمْ فِيهَا أزواج مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خالدون } صفة ثالثة ورابعة للجنات وأوردت الأوليتان بالجملة الفعلية لإفادة التجدد ، وهاتان بالإسمية لإفادة الدوام ، وترك العاطف في البعض مع إيراده في البعض قيل : للتنبيه على جواز الأمرين في الصفات . ويقال : الزوج للذكر والأنثى ، ويكون لأحد المزدوجين ولهما معاً ، ويقال : للأنثى زوجة في لغة تميم وكثير من قيس، والمراد هنا بالأزواج النساء اللاتي تختص بالرجل لا يشركه فيها غيره ، وليس في المفهوم اعتبار التوالد الذي هو مدار بقاء النوع حتى لا يصح إطلاقه على أزواج الجنة لخلودهم فيها واستغنائهم عن الأولاد ، على أن بعضهم صحح التوالد فيها وروى آثاراً في ذلك لكن على وجه يليق بذلك المقام ، وذكر بعضهم أن الأولاد روحانيون والله قادر على ما يشاء . ومعنى كونها مطهرة أن الله سبحانه نزههنّ عن كل ما يشينهنّ، فإن كنّ من الحور ـ كما روي ـ فمعنى التطهر خلقُهنّ على الطهارة لم يعلقْ بهنّ دنس ذاتي ولا خارجي ، وإن كن من بني آدم ـ كما روي أيضاً ـ فالمراد إذهاب كل شين عنهن من العيوب الذاتية وغيرها .
والتطهير يقال في الأجسام والأخلاق والأفعال جميعاً ، فيكون عاماً هنا بقرينة مقام المدح لا مطلقاً منصرفاً إلى الكامل ، وكمال التطهير إنما يحصل بالقسمين . وقرأ زيد بن علي ( مطهّرات ) ، وقرأ عبيد بن عمير : { مُطََّهَّرَةٍ} وأصله متطهرة فأدغم . ولما ذكر سبحانه وتعالى مسكن المؤمنين ومطعمهم ومنكحهم ؛ وكانت هذه الملاذ لا تبلغ درجة الكمال مع خوف الزوال ولذلك قيل :
أشد الغم عندي في سرور …………….. تيقن عنه صاحبه انتقالاً
أعقب ذلك بما يزيل ما ينغص إنعامه من ذكر الخلود في دار الكرامة ، والخلود البقاء لأنها دار سلام وقدس لا خوف ولا حزن . والمرء لا يهنأ بعيش يخاف زواله بل قيل : البؤس خير من نعيم زائل .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى