الدر النظيم .. (الآية 32 من سورة البقرة)
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الدر النظيم .. (الآية 32 من سورة البقرة)
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ ا
لعليم الحكيم(32) .
و" سبحان " : اسم مصدر بمعنى التسبيح ؛ أي التنزيه ، وهو منصوب بفعل مضمر لا يكاد يستعمل معه . وقيل : بل هو مصدرٌ لأنه سُمِعَ له فعلٌ ثلاثي ، وهو من الأسماء اللازمةِ للإِضافة وقد يُفْرَدُ ، وإذا أُفْرِد مُنِعَ الصرفَ للتعريفِ وزيادةِ الألفِ والنونِ ، وقد جاء منوَّناً كقول الشاعر :
سبحانَه ثم سُبْحاناً نعوذُ به ................... وقبلَنَا سبَّح الجُودِيُّ والجُمُدُ
قيل: صُرِف ضرورةً ، وقيل : هو بمنزلة قبلُ وبعدُ ، إن نُوي تعريفُه بقي على حالِه ، وإن نُكِّر أُعْرِبَ منصرفاً ، وهذا البيتُ يساعِدُ على كونِهِ مصدراً لا اسمَ مصدرٍ لورودِه منصرفاً . ولقائلِ القولِ الأولِ أن يُجيبَ عنه بأنّ هذا نكرةٌ لا معرفةٌ ، وهو من الأسماءِ اللازمةِ النصبَ على المصدريةِ فلا يتصرَّفُ ، والناصبُ له فعلٌ مقدرٌ لا يجوزُ إظهارُه ، وقد رُوي عن الكسائي أنه جَعَلَه منادى تقديرُه : يا سبحانَك ، وأباه الجمهورُ من النحاةِ ، وإضافتُه هنا إلى المفعولِ لأنَّ المعنى : نُسَبِّحُك نحنُ . وقيل : بل إضافتُه للفاعل ، والمعنى : تنزَّهْتَ وتباعَدْتَ من السوء وسبحانَك ، والعاملُ فيه في محلِّ نصبٍ بالقول .
وهذه الآية الكريمة واقعة موقع الجواب عن سؤال يخطر في ذهن السامع للجملة السابقة ، إذ الشأن أن يقال عند سماعهم قوله ـ تعالى ـ : { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هؤلاء } ماذا كان من الملائكة؟ هل أنبأوا بأسماء المسميات المعروضة عليهم؟ فقال ـ تعالى ـ : { قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا } إلخ الآية .
ولو قال الملائكة : لا علم لنا بأسماء هذه المسميات لكان جوابهم على قدر السؤال ، ولكنهم قصدوا الاعتراف بالعجز معرفة أسماء تلك المسميات المعروضة على أبلف وجه فنفوا عن أنفسهم أن يعلموا شيئاً غير ما يعلمهم الله، ودخل في ضمن هذا النفي العام الاعتراف بالقصور عن معرفة الأسماء المسئول عنها .
ومعنى { إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم } أي : أنت يا ربنا العليم بكل شيء
الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء ، لك الحكمة في ذلك ، والعدل التام .
وقدم الوصف بالعلم على الوصف بالحكمة ، ليكون وصفه بالعلم متصلا بنفيهم عن أنفسهم في قولهم : { لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا } .
قوله : { لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا } كقوله تعالى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } و " إلاَّ " حرفُ استثناء ، و " ما " موصولةٌ ، و " علَّمتنا " صلتُها ، وعائدُها محذوفٌ ، على أن يكونَ " عِلْم " بمعنى مَعْلُوم ، ويجوزُ أنْ تكونَ مصدريةً وهي في محلِّ نصب على الاستثناءِ ، ولا يجوزُ أن تكونَ منصوبةً بالعِلْم الذي هو اسمُ لا لأنه إذا عَمِل كان مُعْرباً ، وقيل : في محلِّ رفعٍ على البدلِ من اسم "لا" على الموضع .
قولُه : { إِنَّكَ أَنْتَ العليم الحكيم } أنتَ يَحتمِلُ ثلاثةَ أوجهٍ ، أن يكونَ تأكيداً لاسم إنَّ فيكونَ منصوبَ المحلِّ ، وأن يكونَ مبتدأ خبرُه ما بعده والجملةُ خبرُ إنَّ ، وأن يكونَ فَصْلاً ، وهل له محلُّ إعرابٍ أم لا؟ إذا قيل : إنَّ له محلاًّ ، فهل بإعرابِ ما قبلَه فيكونُ في محلِّ نصبٍ ، أو بإعراب ما بعده ، فيكونُ في محلِّ رَفعٍ ؟ و " الحكيمُ " خبَرٌ ثانٍ أو صفةٌ للعليم ، وهما فَعِيل بمعنى فاعِل ، وفيهما من المبالغةِ ما ليس فيه . والحُكْم لغةً : الإِتقانُ والمَنْع من
الخروجِ عن الإِرادة .
وقَدَّم " العليم " على " الحكيم " لأنه هو المتصلُ به في قولِه : " عَلَّم " وقولِه : " لا عِلْمَ لنا " ، فناسَبَ اتَّصالَه به ، ولأنَّ الحِكْمَةَ ناشئةٌ عن العِلْمِ وأثرٌ له ، وكثيراً ما تُقَدَّمُ صفةُ العِلْم عليها ، والحكيمُ صفةُ ذاتٍ إنْ فُسِّر بذي الحكمةِ ، وصفةُ فِعْلٍ إنْ فُسِّر بأنه المُحْكِمُ لصَنْعَتِه .
مواضيع مماثلة
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية : 46
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :101 ـ 105
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 180
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 201
» الدر النظيم … سورة البقرة ، الآية : 47
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية :101 ـ 105
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 180
» الدر النظيم ... سورة البقرة ، الآية: 201
» الدر النظيم … سورة البقرة ، الآية : 47
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود