منتدى مدينة أرمناز العام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(1ــ 10){الشاعر عبد القادر الأسود}

اذهب الى الأسفل

الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(1ــ 10){الشاعر عبد القادر الأسود} Empty الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(1ــ 10){الشاعر عبد القادر الأسود}

مُساهمة من طرف عبد القادر الأسود الثلاثاء سبتمبر 07, 2010 3:09 pm

الشَواهد


نسبتها ، مناسبتها
فائدتها


تأليف الشاعر:


عبد القادر الأسود
المقدّمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الذي علّم بالقلمِ ، علّمَ الإنسانَ ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على سيدنا وملانا وشفيعنا وحبيب قلوبنا ، وقرة أعيننا سيدنا رسول الله ، خاتم النبيين وسيد الفصحاء والبلغاء ، القائل: {إنّ من الشعر لحكمةً وإنّ من البيان لسِحراً}.
وهكذا كان للشعر في حياة العرب الفضل الأول في تربيتهم وتنشئتهم على ، مكارم الأخلاق، فقد عاشوا في صحرائهم متنقلين ، يغالبون قسوتها وشظف العيش فيها ، وزادهم في ذلك إنّما هو الشعر، يحفظونه ويتناقلونه وترويه الأجيالُ للأجيال، فتتحلّى بما فيه من مكارم الأخلاق وحسن الصفات وفي ذلك يقول أبو تمام :

ولولا خلالٌ سنّها الشعرُ ما درى ............... بُناةُ العُلا من أين تُؤتى المكارمَ
وهذه مجموعة من الشعر الحكمة التي خلدها الزمان وسارت بها الركبان،حتى صارت أمثلة تضرب لكل جليل ، ونبراساً يُحتذا لكلّ نبيل ، وقد شرحتُ غامضَها ويَسّرتُ عسيرَها، وذكرتُ نسبتَها ومناسبتَها ، حتى يستفيد منها أبناؤنا ، ويتمثّلوا ما فيها من مكارمَ جُلّى وأخلاقٍ مثلى ، وسمّيتُها (( فوائد الشواهد)) ، واللهَ أسألُ أن يُثيبَني عليها رضاه ، وينفعَ بها عبادَه ، والحمد لله رب العالمين .


المرج ، بقاع لبنان : 20 شعبان 1431هـ ، الموافق 2/8/ 2010م




عبد القادر الأسود





ــ 1 ــ

وإنّي لَعَبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً...... وما شيمةٌ لي غيرَها تُشبه العبدا

هذا البيت للشاعر المقنّع الكندي،ونسب إلى حاتم الطائي بصيغة قريبة هي:
وإنّي لَعَبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً...............وما فيّ إلاّ تيكَ من شِيمةِ العَبْدِ
ونُسب هذا البيت ـ الأخيرُ ـ إلى قيسٍ بنِ عاصمٍ ، وقد أتى في مَعرِضِ خطابِه الموجّهِ لامرأته بأن تَلْتَمِسَ له مَن يُشاركُه طعامَه ، وقيل هو لعروةَ بنِ الوردِ يقول :

أيا بْنةَ عبدِ اللهِ وابنــــــــةَ مالكٍ .........ويا بْنــــةَ ذِي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ
إذا ما صنعتِ الزادَ فالتمِسي لـــهُ .........أَكيـــــــــــــــلاً، فإني لستُ آكُلُه وَحـدي
قَصِيّاً كريمــاً أو قريبــاً، فإنني ......... أخـــــــافُ مذَمّاتِ الأحاديثِ من بَعدي
ولَلْمَوْتُ خــيرٌ من زيارةِ باخِــــــــلٍ ..........يُــلاحظ أَطرافَ الأَكيــــــــلِ على عَمْدِ
وإنّي لَعبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً.......... ومــــا مِن خِلالي غيرَها شِيمـــةُ العَبْدِ
وقيلَ إنّ المقنّعَ الكِنديَّ إنَما أخذ هذا المعنى من عُروةَ بنِ الورد. واستَشهدَ المفسّرون بهذا البيت على أن الرجلَ قد يُسمِّي نفسَه عبدَ ضيفِه على جهةِ الخضوعِ له ، والقيام بخدمتِه ، لا على أن الضيف ربّه .
كما أن سيدنا يوسف عليه السلام قال عن عزيز مصر:{إنه ربّي أحسن مثواي} يقصد مربيه ، وهذا كلّه من باب المجاز .
واسمُ المقنع الكندي هو : محمد بن عُمير من قبيلة كندة العربية ، وكان جميل الوجه جدّاً، بحيث كان يضع على وجهه قناعاً خَشيةَ العين ، فلُقّبَ بالمقنّعِ ، وهو شاعرٌ إسلاميٌّ مُقِلٌّ ، معدودٌ في الأجواد والأشراف ، وكان كريماً جدّاً يُنفق بلا حدود ، ممّا اضطرّه للاستدانة من قومِه، فأخذوا يعاتبونه في ذلك فقال :

يعاتبني في الدَيْن قومي وأنّمـــــا.........ديـــــوني في أشياء تكسبهم حَمْـــــــدا
أَسُـــــــــدُّ به ما قد أخلوا وضيّعــوا......... ثغــــورَ حُقوقٍ ما أطاقوا لها سَــــدّا
وإن الذي بيني وبــــــــــــــــــين أبي ......... وبـــين بني عمي مختلف جِـــــــــــــــدّاً
فإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهـــــم .........وإن هــــدموا مجدي وهبت لهـم مجـدا
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم .... ....وإن هُـــمُ هووا غيي هويت لهــم رُشْـدا
وإن زجروا طـيراً بنحــس تمـرُّ بي ........ زجرت لهم طـيراً تمر بهم سَعْــــــــــــدا
ولا أحمل الحقد القــديم عليهــم ........ وليس رئيسَ القوم من يحمل الحقــدا
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن همُ .........دعوني إلى نصر أتيتهمُ شـــــــــــــــــدّا
لهم جُلُّ مالي إن تتــابع لي غنى .........وإن قلّ مالي لم أكلِّفَهم رِفْـــــــــــــــــدا
وإني لعبد الضيف ...
وقد دأب المربّون والمؤدّبون على العناية بها والحثّ على حفظِها وتمثّل معانيها السامية .
في المعنى:

قوله : وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ، ويروى: نازلاً. ويقال: ثوى بالمكان وأثوى بمعنى.، يريد أنّي أتكلّف من خدمة الضيف ما يتكلفه العبيد، لا أستنكف ولا آنف ، وليس لي من أخلاق العبيد وطبائعهم إلاّ تلك ، يريد إلاّ تلك الخدمة ، أو تلك الخليقة .



ــ 2 ــ

إنّ المعلــم والطبيب كلاهمــــــــــــا.......لا ينصحان إذا هما لم يكرمـــــــــا
فاصـبر لدائك إن جفوت طبيبَــه.......واصــــبر لجهلك إن جفوت معلّمــاً

هما بيتان عظيما الفائدة لما يشتملان عليه من حكمة ، ويرويهما أهل العلم والفضل ، ويتمثّلون بهما ، دون أن يُعرَف لهما قائل .
وقد رفع الدين الحنيفُ مكانة المعلمين ، فقال عَزّ مِن قائل: ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) وقال رسوله صلى الله عليه وسلم ((تواضعوا لمن تَعَلّمون منه)) العلمَ أو غيره كالحُرَفِ ، وعلى المتعلّم أن يتواضع لمعلّمه وأن يخضع له ويطيعه ويقوم على خدمته ، ليؤدّي بعض ما له عليه من حقوق، وكذلك الطبيب ، فإذا قصّر في ذلك ، أو فعل بخلافه ــ كما هو حال المتعلمين اليوم ــ حرم الكثير من علومه ، وكان كمن عق والديه ، لأن المعلم بمنزلة الوالد ، فالأوّل يربي الجسمَ ، والثاني يربّي العقلَ ويهذّب النفسَ ويصقُل الطباع . لذلك كان الاسكندر الأكبر يبالغ باحترام معلمه ، حتى ليقدّمه على أبيه ، فسئل عن ذلك فأجاب : إنّ أبي سببُ حياتي الفانية ، أمّا معلمّي فهو سببُ حياتي الباقية .
قال العلامة الماورديُّ : اعلم أنّ للمتعلِّم في زمن تعلُّمه مَلَقاً وتذلّلاً إن استعملَهما غَنِم ، وإن تركهما حرم ، لأن التملُّقَ للعالِم يُظهرُ مكنونَ عِلمِه ، والتذلُّلُ له سببٌ لإدامة صبرِه ، وبإظهار مكنونِه تكون الفائدةُ ، وباستدامةِ صبرِه يكون الإكثارُ . ولا يمنعه من ذلك علوُّ منزلتِه ، وإن كان العالِمُ خاملَ الذكر ، فإنّ العلماءَ ، بعلمهم ، استحقّوا التعظيمَ لا بالشهرة والمال . وَقَدْ رَوَى مُعَاذٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {لَيْسَ مِنْ أَخْلاقِ الْمُؤْمِنِ الْمَلَقُ إلاَّ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ } .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ذَلَلْت طَالِبًا فَعَزَزْت مَطْلُوباً. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ ذُلَّ التَّعَلُّمِ سَاعَةً بَقِيَ فِي ذُلِّ الْجَهْلِ أَبَدًا .
وَقَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الْفُرْسِ ؛ إذَا قَعَدْت ، وَأَنْتَ صَغِيرٌ حَيْثُ تُحِبُّ قَعَدْت ، وَأَنْتَ كَبِيرٌ حَيْثُ لا تُحِبُّ . فعلى المتعلم أن يعرِفَ لمعلمهُ فَضْلَ عِلْمِهِ وَأن يَشْكُرَ لَهُ جَمِيلَ فِعْلِهِ ، فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { مَنْ وَقَّرَ عَالِمًا فَقَدْ وَقَّرَ رَبَّهُ}. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لا يَعْرِفُ فَضْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ إلاّ أَهْلُ الْفَضْلِ .
قال العارف بالله ابن عربي : حُرمةُ الحقِّ في حُرمةِ الشيخ ، وعقوقُه في عقوقِه، والمشايخ حُجّابُ الحَقِّ الحافظون أحوال القلوب ، فمن صحب شيخاً ممن يُقتدى بهم ولم يحترمه فعقوبتُه فُقدانُ وجودِ الحقِّ في قلبه ، والغفلةُ عن الله .
ومن سوءُ الأدب مع الشيخ أن يدخل عليه في كلامه ويزاحمه في رتبته ، فإنّ
وجودَ الحقِّ إنّما هو للأُدباء، ولا حرمان أعظم ، على المريد ، من عدم احترام الشيخ ، ومن قعد معهم في مجالسهم وخالفهم فيما يتحقّقون به من أحوالهم نزع الله نورِ الإيمان من قلبه ، فالجلوسُ معهم خطيرٌ، وجليسُهم على خطر .
قيل أنّه لمّا أراد الخليفة العباسيّ هارون الرشيد أن يقرأ على الإمام مالك الموطأَ قعد بجانبه وأمر وزيرَه أن يقرأ فقال له الإمام مالك : يا أمير المؤمنين هذا العلم لا يؤخذ إلا بالتواضع، وقد جاء في الخبر تواضعوا لمن تَعَلّمون منه ، فقام الخليفة وجلس بين يديه ، مع أنّ الخليفةَ في الفضل بحيث يُعلم موضِعُه ، ولأجل ما عنده من فضيلةِ العِلم انقاد إلى الأدب والتواضع ولم يَزِدْه ذلك إلا رفعةً وهيبةً ، بل ارتفعَ قدرُه بذلك حتى أُثني به عليه على مرِّ الزمان .
ومما يؤسف له في هذا العصر أن ْأصبحت مصيبة المعلم مزدوجة فيه ، فهو من جهة يلاقي الجحود من تلامذته ونكران الجميل نتيجة اعتماد الدول نظريات في التربية غريبة عن نسيجنا الاجتماعي ، وهو من جهة ثانية يعاني من انخفاض دخله في مقابل ارتفاع مسعور للأسعار ، وتطور متسارع لمتطلبات الحياة ، الأمر الذي حطّ من منزلته الاجتماعي ، وجعله يلجأ إلى أعمال إضافية غير لائقة ، الأمر الذي أسر سلباً على مكانة العلم في نظر المجتمع عامة ، والتلامذة خاصة، وهنا الطامة الكبرى .
وباعتباري معلماً فقد عانيت كباقي زملائي من هذا الدرك الذي وصل المعلم إليه ، مما اضطرني لأن أعمل طباخاً مع بعض البعثات الأجنبية للتنقيب عن الآثار أثناء العطلة الصيفية ، فأثر ذلك في نفسي تأثيراً عظيماً ، إلى درجة لم أعد معها قادراً على دخول غرفة الصف ومواجهة طلابي، فقدمت استقالتي عام / 1990 / وقلت في ذلك :
جَنى العشرين

عشريــــن عــــــــــامـاً لا أزالُ مُـعلّـما...........أَسـعى وأَكدحُ راضيــاً أو مُرغَمـــــا
بَـــرْدُ الشــــــــتاءِ أقام بين مَفاصلي .......... ضيفـاً ثَقيـــلاً يَستَـفـِزُّ الأعْظُمــــا
وأروح أزرعُ مخــــلصــــــاً في موطني........... عِطْراً وأَسعدُ ما أراه مُبَرعِـــمـــــــا
أَجني رحيقَ العِلمِ من أزهــــــــــــــارِهِ .......... وأُحيلُهُ شــــــــهــداً لذيذاً بلسمــــا
وكم انْـتَـضَيْتُ قصائدي مُضريّـــــــة .......... لأصونَ حقّــاً أنْ يَـضيـــعَ ويُهضَمـا
لأذود عن أعراض قومي حامــــــيـــاً .......... مجدَ العروبةِ أنْ يُـسامَ ويُـهـدَمـــا
أَشدوا على فَنَـنِ الجمـــالِ مُســبِّحــاً........... وأنام في أحضانِـــــهِ مُتَنَعِّمـــــــــــا
كم قُمتُ في محراب حسنك ناسـكــاً........... أوَ تَذكريـن الشاعرَ المُـتَرنِّمـــــا؟
***
وقَدِمتُ في العشرين أجني موسمي ............ فوجدتُـــــه مُرَّ الَمذاقةِ علقمــــا
أيــن البراعــــــمُ ؟ أيـن مـا رَوَّيْتُـه؟.............أين السنابلُ أين غزلانُ الحمى؟
حملت غصونُ الحبِّ غيرَ ثمارهــــا............. والحيُّ أَقْفَر من ظباه وأَظْلَمـــــا
والأرضُ إن فَسَدَتْ فــــلا تَبْذُرْ بهـا............ . واخْترْ مُجرَّبـــــــةً لئــــلاّ تَندمـــا
قد كنت يــومــاً في الأنام مُـعلِّمــــاً..............ومُربِّياً في الـعـالَمين مُـعظَّمـــــــا
واليومَ أَغدوا نادلاً،بل خادمــــــاً..............أوَ هكذا وطني تُجلُّ مُـعلِّمــــــا؟!
فالعِلمُ يَسـمو ما تَسامى أهلُـــــــــهُ .............ويهونُ إن هانوا، وحَسْبُكَ مَأْثَما
والشعرُ ، مـا للشعرِ أمسى لعنـــــةً .............يا ليتَني كنتُ البَليدَ الأبكـمـــــا
كان الأديبُ مُعظَّـمــــاً في قومِــــــــه ............ بل رائداً في النائبات مُـقدَّمـــــــا
إن صــــــاح دقَّ صَــداهُ كلَّ مُوصَّــــد............. أو حَلَّ حَلَّ مُـبَجَّلاً ومُـكرَّمــــــــــــــا
مـات الذين تُهِمُّهم أعــــــراضُهـــم............ . يَحـمونَها أنْ لا تُذَمَّ وتُثْلَـمـــــــــا
فتنكَّرَ اليومَ الزمانُ لِذي الحِجــا ............. وأَشاحَ وجهاً كالحاً مُتَجَهِّمــــــــــا
***
وطني لئن خُـيرتُ مـا كنتُ الــذي.............يَرضى لغيرِكَ في البَسيطةِ مُنْتَمى
أَجْلو الحِـسانَ عَرائسي وأزُفُّهـــــا ............ كُرْمى لِعيْنِكَ أنْ تَقَرَّ وتَنْعَمـــــــــــا
وطني : أَضِـقْتَ بعاشـقٍ مُـترنّـــمٍ؟............ صلّى ولبّى في رباك وأَحْـرَمــــــــــــا
ضاقتْ مَـغانيكَ الرِحابُ وأظلمتْ ........... ما كنتُ أحسَبُ أنْ تَضيقَ وتُظلِـمـــا
وقسَوْتَ بعد اللين حَسْبُـــــكَ أنّني ........... ما زلتُ صَبّاًً في هواكَ مُـتَيَّـمــــــــــــا
ــ 3 ــ

أُعلِّمُهُ الرمايــــــــةَ كلَّ يومٍ ....................فلمّا اسْتَدَّ ساعدُه رماني

ويروى (اشتدّ) بدلاً من استدَّ ، لكنّ الأصمعي رجَّحَه بالسين . قيل إنّ هذا البيت هو لأبي البطحاء ، وقيل لمالك بن فهم الأزدي ، وقيل لمَعْن بن أَوْس وهو من الإسلاميين . وقد أتينا به خلف سبقه لما بينهما من ترابط ، ويُتمثّل بهذا البيت لمن ينكر المعروف حال قوته ، ويتنكّر لمن كان قَصَدَه في حاجته ، وقالوا أيضاً في هذا المعنى:

لقد ربيّتُ جرواً طول عمري .....................فلمّا صار كلبـــــــاً عضّ رجلي

وهذا من مصائب العلماء وانعكاس حظوظهم ، أن يصيروا عند من علموه مستجهلين ، ولدى من قدّموه مرذولين ، وقد رجّح كثيرٌ حقّ المعلم والمؤدِّب على حقِّ الوالد، كما سلف بيانه في قصّة الإسكندر الأكبر .
ومن نسَب هذا البيت إلى مالك ، فقد ساق القصة الآتيّة في سببه ، فقال: لمّا استولى مالك بن فَهْمٍ الأزديّ على مُلْكِ عُمانَ والعراقَ ، وحاز أطرافَها وما حولها ، وكان بِنُزُلٍ ما بين شطِّ عُمانَ إلى ناحية اليمن ، فجعل على أولاده الحرس بالنوبة ، كلٌّ مع جماعة من خواصّه وأُمنائه من قومه الأزد ، لما كان بينه وبين ملوك اليمن من تنافس وتحاسد . إلى أنْ طمع بعضهم في ملك الآخر.
وكان أقربَ ولدِ مالك إليه ، ابنُه سليمة ، وهو أصغرُ ولده ، وكان مالك يُعلّم سُليمة في صغره الرمي بالسهام إلى أن تعلّم وكبر ، واشتدّ عَضُدُه ، فكان يحرس كأحد إخوته بالنوبة . فحسده إخوته لما له في نفس أبيه.
وأقبل نفر من أبناء مالك إلى أبيهم ، فقالوا : يا أبانا إنّك قد جعلتَ على جماعةٍ أولادك الحرس بالنوبة ، وما أحدٌ منهم إلاّ قائم بما يليه ، ما خلا سليمة ، فانّه أضعفُ همّةً ، وأعجز ، وإنّه إذا جنّه الليلُ في الليلة التي تكون فيها نوبته يعتزل عن فرسان قومه ، ويستسلم للنوم ، فلا يكون لك فيه كفاية . وجعلوا يوهنون أمره عند أبيه ، وينسبونه إلى العجز والتقصير . فلم يجدوا لكلامهم أثراً في نفس أبيهم ، فانصرفوا من عنده راجعين بغير ما كانوا يأملون .
ثم إن مالكاً داخله الشك في أمر ابنه سليمة ، فأسرَّ ذلك في نفسه . إلى أن كانت الليلةُ التي كان فيها نوبةُ ابنِه سليمة . وخرج سليمة في نفر من فرسان قومه يحرسون مالكاً كالعادة ، ولمًا جنّهم الليل . اعتزل سليمة عنهم المكان الذي يكمن فيه بقرب دار أبيه وخلد إلى النوم .
فبينما هو كذلك ، إذا أقبل مالك بن فهم من قصره في جوف الليل مختفّياً ، لينظر ما يكون من أمر سُليمة ، وقد كانت لحقته سِنةُ من نوم ، فأغمض على ظهرِ فرسه، وهو متنكّبٌ كنانته ، وفي يده قوسُه ، وأقبل مالك بن فهم في سواد الليل قاصداً نحوه فأحَسّت الفرس بمالك فصهلت الخيلُ ، فانتبه سليمة من سِنته مذعوراً . ففوّق سهمَه في كبد قوسه ، ويمّمه نحو شخصِ مالك وهو لا يعلم أنّه أبوه .
فسمع مالك صوتَ السهم ، فهتف به : يا بنيَّ لا ترمِ أنا أبوك . فقال سليمة : يا أبتِ ( قد مَلَكَ السهمُ قصدَه). فأرسلها مثلا . فأصاب السهمُ مالكاً في قلبه ، فقتله . فقال مالك حين أصابه السهم من ابنه سليمة هذه القصيدة، ونعى نفسه فيها إلى القبائل بأرض اليمن ، وذكرَ مسيرَه الذي ساره ، وما كان من شأنه ، والقصيدة طويلة اخترنا منها الأبيات الآتية :

ألا مِن مبلغٍ أبنـــــــــــــاءَ فَهْـــــمٍ...................بمـالكهم من الرجلِ العُمـــــان
وبلّغْ مُنْبِِهــــــــــــــاً وبني حَنيسٍ...................وسعــدَ الله ذي الحيِّ اليمـاني
بلاد قد نأى عنهــــــــــــا مزاري.................. وجـــــــيرانُ المجــاورةِ الأداني
جلبت الخيل من سروات نجــــد .................. وواصـلت الثنـــــــــايا غيرَ وان
فصالت فَهْمُ والأملاك فيهــــــم ...................بمرهقـــة تحلّ عُرا المِتـــــــان
فأمتعناهـــــــــــــــمُ بالمَنِّ عفــواً.................. وجــــــدنـا بالمكارم والأمـــــان
جزاني لا جزاه اللهُ خــــــــــــيرًا...................سليمـــــــــــــــةُ إنّه شرّاً جَزاني
أعلّمه الرمايـــــــــــة كلّ يـــــوم...................فلمّا اسْتَــــــــــدّ ساعدُه رماني

وهذه رواية من نسبه إلى معن بن أوس المزني :
فلا وأبي حبيبٌ ما نفــــــــــــاه ..................هوازنُ من بلاد بني يمـــــــــــــانِ
وكان هوى الغنيِّ إلى عنـــــاه ..................وكان من العشيرة في مكــــــــــانِ
تكنّفَهُ الوشـــــــــاةُ فأزعجوهُ...................ودسُّوا من قضاعـــــــة غـيرَ وانِ
ولولا أنَّ أمَّ أبيــــــــــــــــــه أُمِّي.................. وأنّي من هجـاه فقد هجـــــــاني
إذاً لأصابه منِّي هجــــــــــــــاءٌ...................تناقله الرواة على لِســـــــاني
أعلِّمه الرماية كل يـــــــــــــوم...................فلمَّــــــــــا اشتدَّ ساعدهُ رمــاني

ومن نسبه إلى أبي البطحاء روى له الأبيات الثلاثة الآتية :

فواعجبــاً لمن ربَّيتُ طفـــــــــلاً.................ألقمُــــــــــه بأطراف البَنـــــــــــانِ
أعلِّمـــــــه الرمايةَ كلَّ يـــــــوم................. فلمَّــــــــــــــــا اشتدَّ ساعدُه رماني
وكم علَّمتُـــــــــه نظمَ القوافِي.... .............فلمَّـــــــــــــــــا قال قافيةً هجانِي

والرأي أنّ البيت للأقدم من هؤلاء الثلاثة وقد أخذه عنه الآخران : تضميناً من قبلهما ، أو هو وهمٌ الرواة .


ــ 4 ــ

فما كان قيسُ هُلْكُهُ هُلْكَ واحدٍ............ولكنًّهُ بنيانُ قومٍ تهدّمــــــــا

هذا البيت للشاعر عَبدةُ بنُ الطبيب ، وهو شاعر مخضرم من بني عبدِ شمسٍ ابنِ كعبٍ بنِ سعدٍ بنِ زيدٍ بنِ مَناةَ من تميمٍ . وعَبْدةُ : تأنيثُ عبدٍ، وهو من الصفات الجاريةِ مجرى الأسماء . وهذا البيت من قصيدة مطلعُها :

عليك سلامُ الله قيسَ بنَ عاصمٍ...................ورحمتُه ما شاء أن يترحَّمــا

وهو شاهد على الأحرف التي تنصِبُ الأسماءَ ، ويُروى : (هُلك) رفعاً ونصباً ، فمن نصبَه فعلى أنّه خبرُ كان ، ومن رفعه فقد جعله بدلاً من قيسٍ ، البدلَ المعروفَ بالاشتمال ، لاشتماله على المعنى ، كقولِك أعجبني عبدُ اللهِ عِلمُه ؛ المعنى:أعجبني علمُ عبدِ الله .
قال الله تعالى : ((يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه)) (سورة البقرة، الآية : 217) المعنى : يسألونك عن قتالٍ في الشهر الحرام . ومَن هذا النوع قولُ الأعشى يهجو الحارثَ بنَ وَعْلَةَ :

لعمرك ما أشبهت وعلةَ في الندى ...............شمـــــــائلَهُ ، ولا أباه المُجالدا
المعنى المراد : ما أشبهت شمائلَ وعلة .
وهذه القصيدة قيلت في رثاءِ قيسٍ بنِ عاصمٍ المنقريّ ، وعن هذا البيت قال الأصمعيُّ هو أَرثى بيتٍ قالتْه العرب .
قيل إنّه لمّا مات عبدُ الملك بنُ مروانَ اجتمع وِلدُه حولَه فبكى هشامٌ حتى اختلفتْ أضلاعُه، ثم قال : رحِمَك اللهُ يا أميرَ المؤمنين ، فأنتَ واللهِ كما قال عَبْدةُ بنُ الطبيب :

وما كان قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحدٍ ...................ولكنَّه بُنْيَانُ قومٍ تَهَدَّمـــــــا

فقال له الوليدُ كذبتَ يا أحولُ يا مشْؤوم ، لسنا كذلك ولكنّا كما قال الآخر (ويقصد الشاعرَ أوسَ بنَ حِجْرٍ):

إذَا مُقْرَمٌ مِنًّــا ذَرَا حَــدُّ نابِه ........................تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَم

المُقْرَمُ : السيِّدُ ، تخمّطَ : تَغَضَّبَ و تَكَبَّرَ
ولعبدة هذا بيت آخر كان أميرُ المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يتعجّبُ من جودتِه وهو :

والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليس يُدركُه ......................العيشُ شُحٌّ وإشفاقٌ وتأميلُ

وكان يقول : ما أحسَنَ ما قسّــمَ .
يروى أن قيس بن عاصم جمع ولده حين حضرته الوفاة وقال يا بَنيَّ إذا مِتُّ فسوِّدوا كبارَكم ولا تُسوِّدوا صغاركم فيسفِّه الناسُ كبارَكم ، وعليكم بإصلاح المال فإنه مَنبهةٌ للكريم ويُستغنى به عن اللئيم ، وإذا مِتُّ فادفنوني في ثيابي التي كنت أُصلي فيها وأصوم ، وإياكم والمسألة فإنها آخر مكاسب العبد ، وإنَّ امرأً لم يسألْ إلاّ تَرك مكسَبَه ، وإذا دفنتموني فأخفوا قبري عن هذا الحيِّ من بكر بن وائل ، فقد كان بيننا خماشاتٌ في الجاهلية ، ثم جمع ثمانين سهماً فربطها بوَتَرٍ ، ثم قال: اكسروها ، فلم يستطيعوا ، ثم قال: فرِّقوا ، ففرّقوا فقال : اكسروها سهماً سهماً ، فكسروها، فقال : هكذا أنتم في الاجتماع وفي الفرقة ، ثمَّ قال :

إنّما المجدُ ما بَنى والدُ الصِّــــدْقِ .................وأحيا فَعــــــــــــــــــالَه المولودُ
وتَمامُ الفضلِ الشجاعةُ والحِلْـمُ..................إذا زانَه عَفَافٌ وجُـــــــــــــــــودُ
وثلاثون يا بَنيَّ إذا مـــــــــــــــــــــا..................جَمَعتْهم في النائباتِ العُهودُ
كثلاثين من قِدَاحٍ إذا مـــــــــــــــــا..................شَدَّها للزمـانُ ، قِدْحٌ شديـدُ
لم تَكَسَّرْ وإن تَفرَّقتِ الأسْهُــــــمُ ................. أوْدَى بجمعِهــــــــــــــا التبديد
وذوو الحلمِ والأكــــــــــــابرُ أولَى..................أن يُرَى ، منكُمُ ، لهم تسويدُ
وعليكمْ حِفْظ الأصــاغــــرِ حتَّى ................. يَبْلُغَ الحِنْثَ الأصغرُ المجهـــودُ
ثم مات فقال عبدةُ بنُ الطبيب يرثيه :
عليكَ سلامُ الله قَيْسَ بن عاصـمٍ .................ورحمتُـــه ما شـاء أن يَتَرَحَّمـا
تحيَّـةَ من أوليتَه منك نعمــــــــــةً .................إذا زار عن شَحْطٍ بلادَك سَلَّمــا
فمـا كان قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحـدٍ ................. ولكنَّه بُنْيانُ قومٍ تَهَدَّمـــــــــا

القصيدة .












ــ 5 ــ

لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله.................عار عليك إذا فعلتَ عظيمُ

وهذا البيتُ من قصيدةٍ للمُتَوَكِّل اللّيْثِي بن عبد الله بن نَهْشَل ساكن الكوفة وكان يكنى أبا جهمة ومطلعها:

للغانيات بذي المجازِ رسومُ ........................فببطن مكّةَ عهدُهُنَّ قديمُ

وقد قالها يمدح الخليفةَ الأُمويَّ الأوّلَ ، الصحابيَّ الجليلَ معاويةُ بنُ أبي سفيانَ رضي الله عنهما وابنَه يزيدَ بنَ معاويةَ .
ومنهم من نسب هذا البيت للأخطل ، ومنهم من نسبه لأبي الأسود الدؤلي كما قيل إنه لحسان بن ثابت ، لكن الذي ينعم البصر ويعمل الفكرَ يجده أقرب إلى نسيج أبي الأسود.
وأتي بهذا البيت كشاهد على (واو الصرف) فقال الفيروز أبادي في القاموس المحيط .
واوُ الصَّرْفِ : وهو أن تأتِيَ الواوُ معطوفَةً على كلامٍ في أوَّلِه حادِثةٌ لا تَسْتَقيمُ إعادتُها على ما عُطِفَ عليها كقولِهِ : لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ عارٌ عليك إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ ، فانّه لا يجوزُ إعادَةُ (وتأتِيَ مِثْلَهُ) على (تَنْهَ) سُمِّيَ صَرْفاً إذ كان مَعْطوفاً ولم يَسْتَقِمْ أن يُعادَ فيه الحادِثُ الذي فيما قَبْلَه .
كما أتي به كشاهد انتصاب الفعل بإضمار (أَنْ) أي : لا تجمع بين النّهي عن القبيح وفعله؛ ولم يرد نهيُه عن الفعلين .
وأتى به صاحب شذور الذهب وغيره كثير كشاهد على (واو المعية) وكلهم نسبوه إلى أبي الأسود الدؤلي .
وقد اخترنا من قصيدة المتوكل الليثي التي وردت في منتهى الطلب من أشعار العرب ــ (ج 1 / ص 97) الأبيات الآتية :

للغانياتِ بذي المجازِ رســـــومُ ............. .......فببطنِ مكةَ عهدهنَّ قديــــمُ
فبمنحرِ الهدْيِ المُقَلَّدِ من مِنًى .................... جُــــدَدٌ يلُحْنَ كأنّهنَّ وُشـــــــومُ
أبلغْ رميـمَ على التنائي أنّني .....................وصّالُ إخوانِ الصفاءِ صَرومُ
أرعى الأمانة للأمينِ بحقّهـــا .....................فيُبينُ عمّـــــــــــــا سرُّهُ مكتومُ
وأشُدُّ للمولى المدافعِ رُكنَـــــــهُ .....................شَفَقاً من التعجيزِ وهو مُليـمُ
وإذا أهنتَ أخاك أو أفردتَـــه........ ............. عمـداً فأنتَ الواهنُ المذمــومُ
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَـهُ ..................... عارٌ عليكَ إن فعلتَ عظيـــــمُ
قد يكثرُ النكسَ المقصِّرُ هــمّهُ .................... ويَقِلُّ مالُ المرءِ وهو كريــــــمُ
وأنا امرؤٌ أصِلُ الخليلَ ودونهُ .....................شُمُّ الذُرا ومَفـــــــازةٌ ، دَيْمومُ

ومن نسبه إلى أبي الأسود الدؤلي أتي به ضمن قصيدته الآتية :

تلقى اللبيبَ محسَّداً لم يجــــــترمْ................عِرضَ الرجالِ وعِرضُــه مثلومُ
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ...............فالقوم أعــــــــــداءٌ له وخصوم
كضرائرِ الحسناءِ قُلْنَ لوجهِهــــا ...............حسداً وبَغيــــــــاً ــ إنّه لذميـــــم
وإذا عَتبتَ على الصديق ولمتَـــــه .............. في مثلِ ما تأتي فأنتَ مُليـــــــــم
فابدأ بنفسِِك وانْهَها عن غيّهــا................فإذا انتهتْ عنْهُ فأنتَ حَكيــــــم
فهناك يَسمع ما تقولُ ويَقتَــدي................بالقول منك ، وينفعُ التعليــــمُ
لا تَنْــــــهَ عن خُلقٍ وتأتيَ مثلَــه ............... عــــارٌ عليكَ ــ إذا فعلت ــ عظيـمُ
وإذا طلبتَ إلى كريمٍ حاجـــــــــةً................ فلقاؤه ، يكفيـــك ، والتسليـــمُ
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجــــــــــةً ................فأَلِّحَّ في رِزْقٍ وأنتَ مُديـــــــــــــــم
والزَمْ قُبالَةَ بابِه وخِبـــــــــائه................ بأشَـدَّ ما لَزِمَ الغريمَ غَريــــــــمُ
وعجبتُ للدنيا وحُرقةِ أهلِهــــا................ والــــرِزقُ فيها ، بينهم،مَقســومُ
ثم انقضى عجبي لعِلمي أنّــــــه................ رزقٌ مــوافٍ ، وقتُــــــــــــــه مَعلومُ

وكما رأيتَ أخي الكريم فإنّ أبا الأسود أولى بنسبة هذا البيت إليه لأنه إلى نسيجَه أقرب.
ــ 6 ــ

العبدُ يقرعُ بالعصـــــا ......................... والحرُّ تكفيهِ الإشـارهْ
لقد اختلف الرواة في نسبة هذا البيت أيما اختلاف ، فمنهم من نسبه لبشار بن برد ومنهم من نسبه إلى الصلتان الفهميِّ ونسب كذالك لمالك بن الريب وليزيد بن الربيع بن مفرّغ وللأبي الأسود الدؤليّ . كما اختلفوا في لفظه بين الإشارة والملامة .
على كلٍّ هو بيت من الشعر يضرَبُ به المثل لخسة العبد وللئيم ، فقد كانوا يعدون اللئيم كالعبد والعبد كالبهيمة ، والبهيمة لها العصا ، لا تفهم بغيرها .
وثمّة قصة طريفة تروى عن يزيد بن ربيعة بن مفرغٍ وسبب قوله هذا البيت ، فقد كان هجاءً مقداماً على الملوك ، فصحب عبّادَ بنَ زيادٍ ، وعبّادُ على سَجَسْتان من قِبَلِ عُبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ ، في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، فهجا عبّاداً فبلغه ، وكان على ابن مفرغٍ دينٌ ، فاستعدى عليه عبّادَ، فباع عليه رحلَه ومتاعَه ، وقضى الغُرماءَ، وكان فيما بِيعَ له عبدٌ يقال له بردٌ ، وجاريةٌ يقال لها أراكة فقال ابن مفرغٍ:

أَصَرَمْتَ حبلَك مِن أُمامَــه ........................... من بعد أيامٍ بِرامَــــــــــــــهْ
لهفي على الرأي الـــذي ............................كـــانت عواقِبُه نَدامَـــــــهْ
تَركي سعيداً ذا النـــــدى...........................والبيتُ ترفعُه الدِّعامَـــــهْ
وتبعتُ عبدَ بني عــــــــــــ........................... ــلاجٍ تلك أشراطُ القيامَـهْ
جاءت به حبشيـــــــــــــــةٌ .......................... ســكّاءُ تحسَبُها نَعامَــــــــــهْ
مِن نِسوة سُودِ الوجـــــــــــ........................... ــــــوهِ تَرى عليهِنَّ الدَمامَـهْ
و شَريْـتُ بُـــــــرداً ليتني ...........................مـــــن بعدَ بردٍ كنتُ هـــامَــهْ
العبدُ يُقرعُ بالعَصــــــــا ...........................والحُـرُّ تكفيه المَلامَـــــــــــــهْ
الريحُ تَبكي شَجْوَهــــــــا........................... والبَرقُ يلمعُ في غَمامَــــــــهْ
و رَمَقْتُهــــــــــا فوجدتُها........................... كالضِلْــعِ ليس له اسْتقامَهْ
وكان الشاعر قد رغب عن صحبة سعيد بن عثمان بن عفان وصحب عباد بن زياد .
ثم إنَّ ابنَ مفرّغٍ صار إلى البصرة ، فاستجار جماعةً من بني زيادٍ فلم يُجِرْهُ منهم أحدٌ ، إلاّ المنذرَ بنَ الجارود ، فدخل عُبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ على معاويةَ فقال : إن ابنَ مفرغٍ قد آذانا ، فائذنْ لنا في قتله ، فقال لا : ولكن ما دون القتل . فبعث فتناولَه من دار المنذرِ بنِ الجارود ، ولم يُمكنُه الدفعُ عنه فعاقبَه أشد العقاب ، ثم أَسلَمَه إلى الحَجّامين ليعلموه الحجامة فأنشأ يقول:

ومــا كنتُ حَجّامــــــاً ولكنْ أَحَلَّني .............بمنزلةِ الحَجّامِ نأيي عن الأصلِ
ــ 7 ــ

أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخاً له .............. كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ

يضرب لمن قلّ أنصارُه ولمن يَدّعي عملاً ليس معه آلة ، وقائلُه هو ربيعةُ بن عامرٍ بنُ أنيف ، المعروف بمسكين الدارمي . وسببُه أنَّ الشاعر قدِم على الصحابيّ الجليلِ ، الخليفة الأمويِّ الأوّل ، معاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه ، فأنشده قصيدة منها :

إليك أمير المؤمنين رحلتهـــــــــــــــــا................تثير القطا ليـــلاً وهُنَّ هُجـودُ
على الطائر الميمون والجد صاعد ............... لكلِّ أُناسٍ طائرٌ وجُــــــــــدودُ
طالباً منه أن يَفرِضَ له عطاءً ، فأبى ، فخرج من عنده وهو يردّدُ هذه الأبيات:.

أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخــــــــــاً له ...............كساعٍ إلى الهيجا بغير ســــلاحِ
وإنَّ ابنَ عمِّ المرءِ،فاعلمْ،جناحُهُ ............... وهل ينهض البازي بغير جَناحِ
وما طالب الحاجـــــــات إلاّ مغرّر................ وما نال شيئاً طالبٌ كنجَــــاحِ
لحا الله من باع الصـديق بغــــيره ................وما كل بيع بِعتَه بربـــــــــــاحِ
كمفسدِ أدناه ومصلحِ غــــــــــــــيرِه ..............ولم يأتمرْ في ذاك غيرُ صـــــلاحِ

ثمّ إنَّ اليمنَ غَزَتْ وكثُرت وضُعْضِعَتْ عدنانُ وضعفت ، وبنو أميًة من عدنان ، فبلغ معاويةَ أنّ رجلاً من أهل اليمن قال يوماً : لهمَمْتُ ألاّ أَدَعَ بالشأم أحداً من مُضرَ ، بل هَمَمْتُ ألاّ أحُلَّ حَبْوتي حتى أُخرِجَ كلَّ نزاريٍّ بالشام ، فبلغت معاويةَ ففرض من وقتِه لأربعةِ آلافِ رجلٍ من قيْس ، وقدم عُطاردُ بنُ حاجب على معاويةَ فقال له : ما فعل الفتى الدارميّ الصبيحُ الوجهِ الفصيحُ اللسان ؟ يعني مسكيناً ، أعلِمْهُ أنّي قد فَرضْتُ له في شَرَفِ العطاء وهو في بلاده ، فإن شاء أن يقيم بها أو عندنا فليفعلْ فإنْ عطاءَه سيأتيه ، وبَشّرْهُ أنّي قد فرضْتُ لأربعةِ آلافٍ من قومِه .

فائدة :

أخاك : مفعول به لفعل محذوف وجوبًا ، لأنه من باب الإغراء تقديره : الزم أخاك ــ مثلاً ــ وهو منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ، والكاف مضاف إليه . و (أخاك) الثاني توكيد لفظي
وجملة : إنّ مَن لا أخاً له الخ استئناف بياني .
و مَن : نكرة موصوفة بالجملة بعدها وقيل : موصولة .
و لا : نافية للجنس .
و أخاً : اسمها . والخبر محذوف أي : موجودٌ .
والإغراء: تَنْبِيهُ المخاطَبِ على أمر محمودٍ ليفعلَه وحُكْمُ الاسم فيه حُكْمُ التحذير الذي لم يُذْكَر فيه (إيَّا) فلا يلزم حَذْفُ عاملِه إلاّ في عطف أو تكْرَارٍ كقولك (الَمُروءةَ وَالنَّجْدَةَ) بتقدير اِلزم ، وكقول الداعي إلى الصلاة : الصَّلاَةَ جَامعة ، ومن ذلك قولك : زيداً وعمراً ، كأنك تريد :أَعْطِ زيداً وعمراً .
وقد أورد علماءُ اللغة هذا البيت كشاهد على عدم وجوب استعمال الواو في التحذير ، في مثل قولك : (إياك والكذب) .









ــ 8 ــ

فعين الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ........ولكنَّ عينَ السُخطِ تُبْدي المَساوِيا

البيت لعبدِ اللهِ بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، من قصيدةٍ قالها في صديقِه الحسينَ بنِ عبدِ الله بن عبدِ اللهِ بنِ عبّاس ، رضي الله عنهما، معاتباً، ومنها :

رأيت فُضيلاً كانّ شيئاً مُلَفَّفـــــــاً..............فكَشَفَه التمحيصُ حتّى بَدا لِيــــــا
ولَسْتَ براءٍ عَيْبَ ذِي الوُدِّ كُـــلَّـــهُ .............ولا بَعْضَ ما فِيــه إذا كنتَ راضِيــــا
فَعَيْنُ الرِّضا عن كُلِّ عَيْبٍ كَلِيـلَةٌ .............ولـكنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَساوِيا
أَأنتَ أَخِي ما لمْ تَكُنْ ليَ حاجَــةٌ .............فإنْ عَرَضَتْ أيقَنْتُ أنْ لا أَخالِيــــــا
فلا زادَ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ بَعْدَمــــا ............. بَلَوْتُكَ في الحالَيْنِ إلاّ تَمادِيـــــــــا
كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيهِ حَياتَـــــــهُ ............. ونحنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانَيـــــــــــــــا
قوله: أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة"تقريرٌ وليس باستفهامٍ ، كما قد يُظنّ ، ومعناه: إني قد عرفتُك تُظهر لي الإخاء والمودّة ، فإذا عرضت بي حاجة إليك لم أجد من إخائك شيئاً ، أمّا قو لُه عزّ وجلّ مخاطباً السيدَ المسيحَ عليه السلام : ( وإذ قال الله يا عيسى بنَ مريمَ أأنت قلتَ للناسِ اتّخذوني و أمّيَ إلهينِ من دون الله..) المائدة /116/ إنّما هو توبيخٌ وليس باستفهام أيضاً ، كذا وَرَدَ في الكامل في اللغة والأدب ــ للمبرّد ــ (ج 1 / ص 56) ، وقوله:

أَأنتَ أَخِي ما لمْ تَكُنْ ليَ حاجَةٌ ................فإنْ عَرَضَتْ أيقَنْتُ أنْ لا أَخالِيا

لقد رُوي هذا البيتُ لجريرٍ بــ (فأنت ...) بدلاً من (أأنت ) ولا أدرى من تَقدّم صاحبَه وسبقه إلى هذا البيت ، وقد أدخل بعضهم في هذه الأبيات بيتين هما:

ولستُ بِهَيّابٍ لمن لا يَهــــــــــابُني .............. ولستُ أرى للمرءِ ما لا يَرى لِيـــا
متى تَدْنُ مِنّي تَدْنُ منكَ مَودَّتي ...............وإنْ تَنْأَ عنّي تُلْفِِني عنكَ نائيا






ــ 9 ــ

فإذا كنتُ مأكولاً فكن خيرَ آكلٍ ........... وإلاّ فـــــــــــــــأدركني ولمّا أمزّقِ

هذا البيتُ لشأسٍ بنِ نَهار ، من بني عبد القيس ، وقد لُقِّبَ بالممزَّق بسببه، وهو من قصيدةٍ قالها مخاطباً الملك عمرَو بنَ هندٍ ، وقد هَمَّ بغزوِ قومِه بني عبدِ القيس ، فلمّا بلغتْه هذه القصيدةُ عَدَلَ الملك عمرُو عن غزوهم.
وقد تمثّل بهذا البيت سيدُنا عثمان بن عفّان رضي اللهُ عنه يوم تسوّر عليه أهلُ الفتنةِ يريدون قتلَه ، لكنّهم لم يرعووا عن فَعلتهم الدنيئة ، لأنّهم ما كانوا عرباً ولا مسلمين ، فلم تكن لهم أخلاق العرب والمسلمين .إنّما كانوا مدفوعين بعصبيّات لا تعرف إلاّ الفتنة ، جاء ذلك في كتابه إلى عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنهما ، حين حُصِرَ،ومما جاء فيه :
أما بعد فقد بلغ السيل الزبى ، وطَمِعَ فيَّ مَن لا يَدفعُ عن نفسِه ، فإن أتاك كتابي هذا فأقبل إليّ ، عَلَيَّ كنتَ أو لي:

فإذا كنتُ مأكولاً فكنْ خيرَ آكلٍ ............... وإلاّ فــــــــــــــــــــأَدْرِكْني ولمّا أُمَزَّقِ

فأرسل سيّدنا عليٍّ ولديْه الحسن والحسين رضي الله عنهم ، فوقفا بباب سيدنا
عثمان يَدفعان عنه فيمن وقف من أبناء الصحابة كعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم أجمعين ، وغيره من فتية المسلمين المتواجدين في المدينة . لكنّ أهلَ الفتنةِ تَسَوّروا على سيدنا عثمان وقتلوه .
ويُستشهد بهذا البيت ، في الاستغاثة وطلب النجدة ، لدرء مصيبة ، أو التصدّي لفتنة.










ــ 10 ــ

كناطح صخرة يوماً ليوهنها...........فلم يَضُرَّ وأعيا قَرْنَـــــــهُ الوَعِلُ

هذا البيت للأعشى الكبير ، ميمون بن قيس ، مِن لاميّتِه المشهورة ، وهذا البيت من شواهد ابن عقيلٍ على عمل اسم الفاعل عمل فعله ، وذلك في شرحه لألفيّة ابنِ مالكٍ في النحو ، والأعشى من تميم إحدى أكبر قبائل العرب وأهمها، وهو من فحول شعراء العربية ، ويروى أن رجلاً كان مُبْنِتاً ، وكان فقيراً خامل الذكر ، فلم تخطب بناته ، وكانت امرأته ذات فطنة ودهاء ، فأشارت عليه ، فاعترض سبيل الأعشى في موسم الحج ، أثناء توجهه إلى مكة ، فذبح له ناقته ، واشترى ببعض لحمها خمراً وشوى الباقي فأطعمه وسقاه ، وأحسن ضيافته ، وفطن الأعشى إلى غرض الرجل من ذلك لما رأى كثرة بناته ، فذكره في قصيدة أنشدها ، فأقبل الناس على بنات الرجل فخطبوا بناته ، حتى إنه وهو في موسم الحج ، أوتي بهدايا ، فسأل الأعشى عنها فقيل له هي من مهر فلانة ، وقيل إنه ما كاد ينتهي موسم الحج حتى خطب بنات الرجل جميعاً ، وقد لقّب الأعشى، هذا ، بصنّاجة العرب لأنه كان يرافق إنشاده لشعره آلة الصنج ، وهي آلة وترية كان العرب يعزفون عليها ، وقيل غير ذلك ، والمعلّقةُ التي منها هذا البيت ، قد جَمعت رقّةَ التَشبيب ، ورَوْنقَ التَشبيه ، وروائعَ الفخرِ ، وشديدَ الحماسةِ ، في لفظٍ جَزْلٍ ، وأُسلوبٍ رائعٍ . وهي قصيدةٌ غرّاءُ ، تملك القلوبَ ، وتسترق الأسماع، وتأسرُ الأفهام .
وذكروا في سببِ نظمِها أنّ رجلاً من بني كعب بن سعد بن مالك يُقال له ضُبيع ، قَتَل رجلاً من بني همّام يقال له زاهر بن سيار ، من بني ذهل بن شيبان ، فهمَّ قومُه بقتل ،ضُبيع فنهاهم يزيد ابن مسهّر أن يقتلوه به ،وكان ضُبيع مَطروقاً ضعيفَ العقل، وقال : اقتلوا به سعيداً، من بني سعد بن مالك ، وحَضّ بني سيّار على ذلك وأمرهم به . وبلغ بني قيسَ ــ وهم عشيرة سعيد ــ ما قاله يزيد بن مُسهّر. فقال الأعشى ،هذه القصيدة يأمره أن يَدَعَ بني سيّار وبني كعب ، ولا يعين بني سيّار. فإنّه إنْ أعانَهم أعانت بنو قيسٍ بني كعبَ .وهذه أبيات منتخبة من معلقته هذه:

ودّعْ هريرةَ ، إنّ الركبَ مُرتَحِــــــــلُ .....وهــل تُطيقُ وَداعاً أيُّها الرجـــــــــــــــلُ ؟
غرّاءُ،فَرعاءُ،مصقولٌ عَوارضُهــــا.....تمشي الهُويْنا،كما يَمشي الوََجِي الوَحِلُ
كأنَّ مِشيتََها من بيتِ جارتِهــــــــــــا.....مَــــــرُّ السَحابةِِ : لا رَيْـــــــــــــــثٌ ولا عَجِلُ
ليست كمن يَكره الجيرانُ طلعتَهـا.....ولا تــراها لسرِّ الجـــــــــــــــــــــــارِ تختتِلُ
يكاد يصرعها لولا تشدّدُهــــــــــــا.....إذا تقوم إلى جاراتهـــــــــــــــــــا ، الكســلُ
إذا تقوم يضوع المسك أَصْـــــــــــوِرةً ....والزنبقُ الوَرْدُ من أردانِها شَمِــــــــــــــــــــــلُ
ما روضةٌ من رياضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ ....خضراء،جاد عليها مُسبِـــــــــــــــــــــلٌ هَطِلُ
يُضاحك الشمسَ منها كوكبٌ شَرُقٌ......مؤزّرٌ بعميمِ النبتِ ، مُكْتَهِِــــــــــــــــــــــــــــلُ
يومــــــــاً بأطيبَ منها نَشْرَ رائحةٍ ..... ولا بأحسنَ منها إذ دنا الأُصُـــــــــــــــــــــلُ
قالت هُريرةُ لما جئتٌ زائرَهــــــا: ..... ويلي عليك ، وويلي منك يا رجـــــــــــــــلُ
ومنها:
أبلغ يزيدَ بني شيبــــــــــــانَ مَأْلَكـةً ..... أبا ثُبيتٍ ، أما تَنْفَكُّ تأتكِــــــــــــــــــلُ ؟
ألستَ منتهياً عن نحتِِ أَثْلَتِنـــــــــــا ..... ولستَ ضائرَها ما أطَّتِ الإبــــــــــــــــــــلُ
كَناطِحٍ صخرةً يوماً لِيُوهِنَهــــــــــــا...... فلم يَضُرَّ وأَعيا قرنَه الوَعِـــــــــــــــــــــلُ
الوجي: حافي القدمين .
أصورة: جمع صُّوَارِ ، الرائحَةُ الطَّيِّبَةُ والقَليلُ من المِسْكِ .
مكتهل : اكْتَهَل النبت : طال وانتهى منتهاه .
المألكة : الرسالة .
تأتكل : تتضرم حقداً .
أثلتنا: صخرتنا أو جبلنا أصلنا ، يقال : أثَلَ يَأْثِلُ أُثُولاً ، وتَأثَّلَ : تَأَصَّلَ . وتَأثَّلَ : عَظُمَ والأَثَل: مَتاعُ البَيْتِ . والأَثْلُ : شَجَرٌ واحِدَتُهُ : أثْلَةٌ ج : أثَلاتٌ وأُثولٌ . والأَثالُ كسَحابٍ وغُرابٍ : المَجْدُ والشَّرَفُ . وكغُرابٍ (أُثال ) : جَبَلٌ .
أَطَّتِ الإبلُ تَئِطُّ أَطِيطاً : أَنَّتْ تَعباً أو حَنِيناً
فائدة :
هذا البيت شاهد على عمل اسم الفاعل عمل فعله ، دون اعْتِمَاده على استِفهامٍ، أو نفيٍ أو مُخْبَرٍ عنه ، أو موصوفٍ ، أو الحال .
فمثال الاستفهام قولك : أعارفٌ أنتَ قَدرَ نفسِكَ ؟ ومنه قول الشاعر:" أَمُنجِرٌ أنتُمُ وَعْداً وثِقتُ به"ومثال النفي قولك: ما طالِبٌ أخواكَ ضُرَّ غيرِهما".
ومثالُ المُخْبَر عنه ما قاله امرؤ القيس :
إني بِحَبْلِكِ واصِلٌ حَبلِي .............................وبِريشِ نَبْلِك رائِشٌ نَبْلِي
ومثال النعت قولك : "ارْكُنْ إلى عِلْمٍ زائِنٍ أَثَرُه مَن تَعَلَّمَهُ". ومثال الحال :"أَقْبَلَ أَخوك مُسْتَبْشِراً وَجْهُه". فقد عمل اسم الفاعل في هذه الأمثلة عملَ فغله ، فرفع فاعلاً ونصب مفعولاً به، ما عدا الأخير منها حيث كان له فاعل فقط لأن فعله (استبشر يستبشر) فعل لازمٌ لا يحتاج مفعولاً به . والاعتِمادُ على المقدَّر منها كالاعتماد على الملفوظِ به نحو ": مُعِطٍ خالدٌ ضَيْفَهُ أمْ مَانِعهُ"؟ أيْ أَمُعْطٍ (بدليل وجود "أم" المتصلة فإنها لا تأتي إلا في سياق النفي). ونحو قول الأعشى في هذا البيت :

كَناطِحٍ صَخْرةً يوماً لِيُوهِنُهَا.................. فَلمْ يَضرهَا وَأَوهَى قَرْنَه الوَعِلُ
أَي كَوَعْلٍ نَاطِحٍ. وفي الإعراب نقول : ناطح : اسم فاعل عمِل عمَل فعله (نَطَحَ) ، فنصب مفعولاً به هو صخرةً .
عبد القادر الأسود
عبد القادر الأسود
أرمنازي - عضو شرف
أرمنازي - عضو شرف

عدد المساهمات : 932
نقاط : 2771
السٌّمعَة : 15
تاريخ التسجيل : 08/06/2010
العمر : 76
الموقع : http://abdalkaderaswad.spaces.live.com

http://abdalkaderaswad.wordpress.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى