الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(3ـ10){الشاعر: عبد القادر الأسود}
4 مشترك
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(3ـ10){الشاعر: عبد القادر الأسود}
ــ 3 ــ
أُعلِّمُــــــهُ الرمايةَ كلَّ يومٍ ............ فلمّا اسْتَدَّ ساعدُه رماني
ويروى (اشتدّ) بدلاً من استدَّ ، لكنّ الأصمعي رجَّحَه بالسين . قيل إنّ هذا البيت هو لأبي البطحاء ، وقيل لمالك بن فهم الأزدي ، وقيل لمَعْن بن أَوْس وهو من الإسلاميين . وقد أتينا به خلف سبقه لما بينهما من ترابط ، ويُتمثّل بهذا البيت لمن ينكر المعروف حال قوته ، ويتنكّر لمن كان قَصَدَه في حاجته ، وقالوا أيضاً في هذا المعنى:
لقد ربيّتُ جرواً طول عمري .........فلمّا صار كلبـــــــاً عضّ رجلي
وهذا من مصائب العلماء وانعكاس حظوظهم ، أن يصيروا عند من علموه مستجهلين ، ولدى من قدّموه مرذولين ، وقد رجّح كثيرٌ حقّ المعلم والمؤدِّب على حقِّ الوالد ، كما سلف بيانه في قصّة الإسكندر الأكبر .
ومن نسَب هذا البيت إلى مالك ، فقد ساق القصة الآتيّة في سببه ، فقال: لمّا استولى مالك بن فَهْمٍ الأزديّ على مُلْكِ عُمانَ والعراقَ ، وحاز أطرافَها وما حولها ، وكان بِنُزُلٍ ما بين شطِّ عُمانَ إلى ناحية اليمن ، فجعل على أولاده الحرس بالنوبة ، كلٌّ مع جماعة من خواصّه وأُمنائه من قومه الأزد ، لما كان بينه وبين ملوك اليمن من تنافس وتحاسد . إلى أنْ طمع بعضهم في ملك الآخر.
وكان أقربَ ولدِ مالك إليه ، ابنُه سليمة ، وهو أصغرُ ولده ، وكان مالك يُعلّم سُليمة في صغره الرمي بالسهام إلى أن تعلّم وكبر ، واشتدّ عَضُدُه ، فكان يحرس كأحد إخوته بالنوبة . فحسده إخوته لما له في نفس أبيه.
وأقبل نفر من أبناء مالك إلى أبيهم ، فقالوا : يا أبانا إنّك قد جعلتَ على جماعةٍ أولادك الحرس بالنوبة ، وما أحدٌ منهم إلاّ قائم بما يليه ، ما خلا سليمة ، فانّه أضعفُ همّةً ، وأعجز ، وإنّه إذا جنّه الليلُ في الليلة التي تكون فيها نوبته يعتزل عن فرسان قومه ، ويستسلم للنوم ، فلا يكون لك فيه كفاية . وجعلوا يوهنون أمره عند أبيه ، وينسبونه إلى العجز والتقصير . فلم يجدوا لكلامهم أثراً في نفس أبيهم ، فانصرفوا من عنده راجعين بغير ما كانوا يأملون .
ثم إن مالكاً داخله الشك في أمر ابنه سليمة ، فأسرَّ ذلك في نفسه . إلى أن كانت الليلةُ التي
كان فيها نوبةُ ابنِه سليمة . وخرج سليمة في نفر من فرسان قومه يحرسون مالكاً كالعادة ، ولمًا جنّهم
الليل . اعتزل سليمة عنهم المكان الذي يكمن فيه بقرب دار أبيه وخلد إلى النوم .
فبينما هو كذلك ، إذا أقبل مالك بن فهم من قصره في جوف الليل مختفّياً ، لينظر ما يكون من أمر سُليمة ، وقد كانت لحقته سِنةُ من نوم ، فأغمض على ظهرِ فرسه ، وهو متنكّبٌ كنانته ، وفي يده قوسُه ، وأقبل مالك بن فهم في سواد الليل قاصداً نحوه فأحَسّت الفرس بمالك فصهلت الخيلُ، فانتبه سليمة من سِنته مذعوراً . ففوّق سهمَه في كبد قوسه ، ويمّمه نحو شخصِ مالك وهو لا يعلم أنّه أبوه .
فسمع مالك صوتَ السهم ، فهتف به : يا بنيَّ لا ترمِ أنا أبوك . فقال سليمة : يا أبتِ ( قد مَلَكَ السهمُ قصدَه). فأرسلها مثلا . فأصاب السهمُ مالكاً في قلبه ، فقتله . فقال مالك حين أصابه السهم من ابنه سليمة هذه القصيدة، ونعى نفسه فيها إلى القبائل بأرض اليمن ، وذكرَ مسيرَه الذي ساره ، وما كان من شأنه ، والقصيدة طويلة اخترنا منها الأبيات الآتية :
ألا مِن مبلغٍ أبنــــــــــاءَ فَهْـــمٍ............بمـالكهم من الرجلِ العُمــان
وبلّغْ مُنْبِِهـــــــــــــــــــاً وبني حَنيسٍ............ وسعـدَ الله ذي الحيِّ اليمـــــــاني
بلاد قد نأى عنهــــــــــــــــا مزاري............ وجـــــــــــــيرانُ المجــاورةِ الأداني
جلبت الخيل من ســـروات نجد ..............وواصلت الثنـــــــايا غيرَ وان
فصالت فَهْمُ والأملاك فيهـــــــــم ..............بمرهقــة تحلّ عُرا المِتــــــــــــان
فأمتعناهـــــــــــــــــــمُ بالمَنِّ عفـواً .... .......... وجدنـا بالمكارم والأمـــــــان
جزاني لا جزاه اللهُ خـــــــــــــيرًا .............. سليمــــــــــــةُ إنّه شرّاً جَزاني
أعلّمه الرمايــــــــــــــــــــــة كلّ يوم .............. فلما استــــــدّ ساعدُه رماني
وهذه رواية من نسبه إلى معن بن أوس المزني :
فلا وأبي حبيبٌ ما نفـــــــــــــــاه ..............هوازنُ من بلاد بني يمـــــــــــــانِ
وكان هوى الغنيِّ إلى عنــــــــــــاه ..............وكان من العشيرة في مكــــــانِ
تكنّفَهُ الوشـــــــــــــــاةُ فأزعجوهُ ..............ودسُّوا من قضاعة غـيرَ وانِ
ولولا أنَّ أمَّ أبيـــــــــــــــــــــــــه أُمِّي... ...........وأنّي من هجاه فقد هجــــاني
إذاً لأصابه منِّي هجـــــــــــــــــاءٌ...............تناقله الرواة على لِســـــــاني
أعلِّمه الرماية كل يـــــــــــــــــــــوم ...............فلمَّــا اشتدَّ ساعدهُ رمــاني
ومن نسبه إلى أبي البطحاء روى له الأبيات الثلاثة الآتية :
فواعجبــاً لمن ربَّيتُ طفــــــــــلاً .............. ألقمُـــــه بأطراف البَنـــــــــــانِ
أعلِّمــــــــــــــــــــــه الرمايةَ كلَّ يوم .............. فلمَّـــا اشتدَّ ساعدُه رماني
وكم علَّمتُــــــــــــــه نظمَ القوافِي .............. فلمَّــــــــــــــا قال قافيةً هجانِي
والرأي أنّ البيت للأقدم من هؤلاء الثلاثة وقد أخذه عنه الآخران : تضميناً من قبلهما ، أو هو وهمٌ الرواة .
ــ 4 ــ
فما كان قيسُ هُلْكُهُ هُلْكَ واحدٍ ...... ولكنًّهُ بنيانُ قومٍ تهدّمـــــــــــــا
هذا البيت للشاعر عَبدةُ بنُ الطبيب ، وهو شاعر مخضرم من بني عبدِ شمسٍ ابنِ كعبٍ بنِ سعدٍ بنِ زيدٍ بنِ مَناةَ من تميمٍ . وعَبْدةُ : تأنيثُ عبدٍ ، وهو من الصفات الجاريةِ مجرى الأسماء . وهذا البيت من قصيدة مطلعُها :
عليك سلامُ الله قيسَ بنَ عاصمٍ ............ ورحمتُه ما شاء أن يترحَّمـــــــا
وهو شاهد على الأحرف التي تنصِبُ الأسماءَ ، ويُروى : (هُلك) رفعاً ونصباً ، فمن نصبَه فعلى أنّه خبرُ كان ، ومن رفعه فقد جعله بدلاً من قيسٍ ، البدلَ المعروفَ بالاشتمال ، لاشتماله على المعنى ، كقولِك أعجبني عبدُ اللهِ عِلمُه ؛ المعنى:أعجبني علمُ عبدِ الله .
قال الله تعالى : ((يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه)) (سورة البقرة ، الآية : 217) المعنى : يسألونك عن قتالٍ في الشهر الحرام . ومَن هذا النوع قولُ الأعشى يهجو الحارثَ بنَ وَعْلَةَ :
لعمرك ما أشبهت وعلةَ في الندى ... ..........شمائلَهُ ، ولا أباه المُجالــــــدا
المعنى المراد : ما أشبهت شمائلَ وعلة .
وهذه القصيدة قيلت في رثاءِ قيسٍ بنِ عاصمٍ المنقريّ ، وعن هذا البيت قال الأصمعيُّ هو أَرثى بيتٍ قالتْه العرب .
قيل إنّه لمّا مات عبدُ الملك بنُ مروانَ اجتمع وِلدُه حولَه فبكى هشامٌ حتى اختلفتْ أضلاعُه، ثم قال : رحِمَك اللهُ يا أميرَ المؤمنين ، فأنتَ واللهِ كما قال عَبْدةُ بنُ الطبيب :
وما كان قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحدٍ ............. ولكنَّه بُنْيَانُ قومٍ تَهَدَّمــــــــــــــا
فقال له الوليدُ كذبتَ يا أحولُ يا مشْؤوم ، لسنا كذلك ولكنّا كما قال الآخر (ويقصد
الشاعرَ أوسَ بنَ حِجْرٍ):
إذَا مُقْرَمٌ مِنًّــا ذَرَا حَــدُّ نابِه ................. تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَم
المُقْرَمُ : السيِّدُ ، تخمّطَ : تَغَضَّبَ و تَكَبَّرَ
ولعبدة هذا بيت آخر كان أميرُ المؤمنين عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه يتعجّبُ من جودتِه وهو :
والمرءُ ساعٍ لأمرٍ ليس يُدركُه ...............والعيشُ شُحٌّ وإشفاقٌ وتأميلُ
وكان يقول : ما أحسَنَ ما قسّــمَ .
يروى أن قيس بن عاصم جمع ولده حين حضرته الوفاة وقال يا بَنيَّ إذا مِتُّ فسوِّدوا كبارَكم ولا تُسوِّدوا صغاركم فيسفِّه الناسُ كبارَكم ، وعليكم بإصلاح المال فإنه مَنبهةٌ للكريم ويُستغنى به عن اللئيم ، وإذا مِتُّ فادفنوني في ثيابي التي كنت أُصلي فيها وأصوم ، وإياكم والمسألة فإنها آخر مكاسب العبد ، وإنَّ امرأً لم يسألْ إلاّ تَرك مكسَبَه ، وإذا دفنتموني فأخفوا قبري عن هذا الحيِّ من بكر بن وائل ، فقد كان بيننا خماشاتٌ في الجاهلية ، ثم جمع ثمانين سهماً فربطها بوَتَرٍ ، ثم قال: اكسروها ، فلم يستطيعوا ، ثم قال: فرِّقوا ، ففرّقوا فقال : اكسروها سهماً سهماً ، فكسروها، فقال : هكذا أنتم في الاجتماع وفي الفرقة ، ثمَّ قال :
إنّما المجدُ ما بَنى والدُ الصِّــــدْقِ .............وأحيـــا فَعـــــــــــــــــــــالَه المولودُ
وتَمامُ الفضلِ الشجاعةُ والحِلْمُ .............إذا زانَه عَفَافٌ وجُــــــــــــــــــــودُ
وثلاثون يا بَنيَّ إذا مـــــــــــــــــــــا..............جَمَعتْهم في النائبــــــــــاتِ العُهودُ
كثلاثين من قِدَاحٍ إذا مــــــــــــــــا.............شَدَّها للزمـانُ ، قِدْحٌ شديــــــــدُ
لم تَكَسَّرْ ، وإن تَفرَّقتِ الأسْهُـمُ ............ أوْدَى بجمعِهــــــــــــــــــــــا التبديد
وذوو الحلمِ والأكــــــــــــابرُ أولَى ............ أن يُرَى ، منكُمُ ، لهم تسويـــــــدُ
وعليكمْ حِفْظ الأصاغرِ حتَّى ............ يَبْلُــــــــــــغَ الحِنْثَ الأصغرُ المجهودُ
ثم مات فقال عبدةُ بنُ الطبيب يرثيه :
عليكَ سلامُ الله قَيْسَ بن عاصمٍ ............ ورحمتُـه ما شـاء أن يَتَرَحَّمــــــــا
تحيَّـةَ من أوليتَه منك نعمــــــــــــــةً ............ إذا زار عن شَحْطٍ بلادَك سَلَّما
فمـا كان قَيْسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحـدٍ ........... ولكنَّه بُنْيانُ قومٍ تَهَدَّمـــــــــــــــــــــا
القصيدة .
ــ 5 ــ
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله ........ عار عليك إذا فعلتَ عظيـــمُ
وهذا البيتُ من قصيدةٍ للمُتَوَكِّل اللّيْثِي بن عبد الله بن نَهْشَل ساكن الكوفة وكان يكنى أبا جهمة ومطلعها:
للغانيات بذي المجازِ رسومُ ...........فببطن مكّةَ عهدُهُنَّ قديــمُ
وقد قالها يمدح الخليفةَ الأُمويَّ الأوّلَ ، الصحابيَّ الجليلَ معاويةُ بنُ أبي سفيانَ رضي الله عنهما وابنَه يزيدَ بنَ معاويةَ .
ومنهم من نسب هذا البيت للأخطل ، ومنهم من نسبه لأبي الأسود الدؤلي كما قيل إنه لحسان بن ثابت ، لكن الذي ينعم البصر ويعمل الفكرَ يجده أقرب إلى نسيج أبي الأسود.
وأتي بهذا البيت كشاهد على (واو الصرف) فقال الفيروز أبادي في القاموس المحيط .
واوُ الصَّرْفِ : وهو أن تأتِيَ الواوُ معطوفَةً على كلامٍ في أوَّلِه حادِثةٌ لا تَسْتَقيمُ إعادتُها على ما عُطِفَ عليها كقولِهِ : لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ عارٌ عليك إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ ، فا نّه لا يجوزُ إعادَةُ (وتأتِيَ مِثْلَهُ) على (تَنْهَ) سُمِّيَ صَرْفاً إذ كان مَعْطوفاً ولم يَسْتَقِمْ أن يُعادَ فيه الحادِثُ الذي فيما قَبْلَه .
كما أتي به كشاهد انتصاب الفعل بإضمار (أَنْ) أي : لا تجمع بين النّهي عن القبيح وفعله؛ ولم يرد نهيُه عن الفعلين .
وأتى به صاحب شذور الذهب وغيره كثير كشاههد على (واو المعية) وكلهم نسبوه إلى أبي الأسود الدؤلي .
وقد اخترنا من قصيدة المتوكل الليثي التي وردت في منتهى الطلب من أشعار العرب ــ (ج 1 / ص 97) الأبيات الآتية :
للغانياتِ بذي المجازِ رســومُ ............ فببطنِ مكةَ عهدهنَّ قديـمُ
فبمنحرِ الهدْيِ المُقَلَّدِ من مِنًى ............. جُدَدٌ يلُحْنَ كأنّهنَّ وُشومُ
أبلغْ رميــــمَ على التنائي أنّني ............ وصّالُ إخوانِ الصفاءِ صَرومُ
أرعى الأمانة للأمينِ بحقّهــــا ............ فيُبينُ عمّــــــــا سرُّهُ مكتومُ
وأشُدُّ للمولى المدافعِ رُكنَـــهُ ............ شَفَقاً من التعجيزِ وهو مُليـمُ
وإذا أهنتَ أخاك أو أفردتَـه ............عمـداً فأنتَ الواهنُ المذمـومُ
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثلَـــهُ ............عارٌ عليكَ إن فعلتَ عظيمُ
قد يكثرُ النكسَ المقصِّرُ همّهُ ........... ويَقِلُّ مالُ المرءِ وهو كريــــمُ
وأنا امرؤٌ أصِلُ الخليلَ ودونهُ ........... شُمُّ الذُرا ومَفـازةٌ ، دَيْمومُ
ومن نسبه إلى أبي الأسود الدؤلي أتي به ضمن قصيدته الآتية :
تلقى اللبيبَ محسَّداً لم يجــــــترمْ .........عِرضَ الرجالِ وعِرضُــه مثلومُ
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ........ فالقوم أعــــــــــداءٌ له وخصوم
كضرائرِ الحسناءِ قُلْنَ لوجهِهـــــا ........ ــ حسداً وبَغيـــــــاً ــ إنّه لذميم
وإذا عَتبتَ على الصديق ولمتَــه ........ في مثلِ ما تأتي فأنتَ مُليــــــــم
فابدأ بنفسِِك وانْهَها عن غيّهـــــا ........ فإذا انتهتْ عنْهُ فأنتَ حَكيـــم
فهناك يَسمع ما تقولُ ويَقتَــدي ......... بالقول منك ، وينفعُ التعليـــــمُ
لا تَنْــــــهَ عن خُلقٍ وتأتيَ مثلَه ......... عارٌ عليكَ ــ إذا فعلت ــ عظيـمُ
وإذا طلبتَ إلى كريمٍ حاجــــةً ......... فلقاؤه ، يكفيك ، والتسليـــمُ
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجـــــةً .........فأَلِّحَّ في رِزْقٍ وأنتَ مُديــــــــــــم
والزَمْ قُبالَةَ بابِه وخِبـــــــــــائه .........بأشَدَّ ما لَزِمَ الغريمَ غَريــــــــــــمُ
وعجبتُ للدنيا وحُرقةِ أهلِهـا ......... والرِزقُ فيها،بينهم،مَقســـومُ
ثم انقضى عجبي لعِلمي أنّـــــه ..........رزقٌ موافٍ ، وقتُــــــه مَعلومُ
وكما رأيتَ أخي الكريم فإنّ أبا الأسود أولى بنسبة هذا البيت إليه لأنه إلى نسيجَه أقرب .
ــ 6 ــ
العبدُ يقرعُ بالعصـــــا ............... والحرُّ تكفيهِ الإشـارهْ
لقد اختلف الرواة في نسبة هذا البيت أيما اختلاف ، فمنهم من نسبه لبشار بن برد ومنهم من نسبه إلى الصلتان الفهميِّ ونسب كذالك لمالك بن الريب وليزيد بن الربيع بن مفرّغ وللأبي الأسود الؤليّ . كما اختلفوا في لفظه بين الإشارة والملامة .
على كلٍّ هو بيت من الشعر يضرَبُ به المثل لخسة العبد وللئيم ، فقد كانوا يعدون اللئيم كالعبد والعبد كالبهيمة ، والبهيمة لها العصا ، لا تفهم بغيرها .
وثمّة قصة طريفة تروى عن يزيد بن ربيعة بن مفرغٍ وسبب قوله هذا البيت ، فقد كان هجاءً مقداماً على الملوك ، فصحب عبّادَ بنَ زيادٍ ، وعبّادُ على سَجَسْتان من قِبَلِ عُبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ ، في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، فهجا عبّاداً فبلغه ، وكان على ابن مفرغٍ دينٌ ، فاستعدى عليه عبّادَ ، فباع عليه رحلَه ومتاعَه ، وقضى الغُرماءَ، وكان فيما بِيعَ له عبدٌ يقال له بردٌ ، وجاريةٌ يقال لها أراكة فقال ابن مفرغٍ :
أَصَرَمْتَ حبلَك مِن أُمامَه ..................من بعد أيامٍ بِرامَــــــــــــــــــهْ
لهفي على الرأي الـــــــذي .................. كانت عواقِبُه نَدامَــــــــــــهْ
تَركي سعيداً ذا النــــــدى .................. والبيتُ ترفعُه الدِّعامَــــــهْ
وتبعتُ عبدَ بني عــــــــــــــ.................. ــلاجٍ تلك أشراطُ القيامَهْ
جاءت به حبشيـــــــــــــــةٌ .................. سكّاءُ تحسَبُها نَعامَــــــهْ
مِن نِسوة سُودِ الوجـــــــــــ.................. ـــــــوهِ تَرى عليهِنَّ الدَمامَـهْ
و شَريْـتُ بُــــــــــــرداً ليتني ..................من بعدَ بردٍ كنتُ هـــــامَــهْ
العبدُ يُقرعُ بالعَصــــــــــــــــا ..................والحُرُّ تكفيه المَلامَـــــــــــــهْ
الريحُ تَبكي شَجْوَهـــــــــــا .................. والبَرقُ يلمعُ في غَمامَـــــــهْ
و رَمَقْتُهـــــــــــــــا فوجدتُها ..................كالضِلْعِ ليس له اسْتقامَـــهْ
وكان الشاعر قد رغب عن صحبة سعيد بن عثمان بن عفان وصحب عباد بن زياد .
ثم إنَّ ابنَ مفرّغٍ صار إلى البصرة ، فاستجار جماعةً من بني زيادٍ فلم يُجِرْهُ منهم أحدٌ ، إلاّ المنذرَ بنَ الجارود ، فدخل عُبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ على معاويةَ فقال : إن ابنَ مفرغٍ قد آذانا ، فائذنْ لنا في قتله ، فقال لا : ولكن ما دون القتل . فبعث فتناولَه من دار المنذرِ بنِ الجارود ، ولم يُمكنُه الدفعُ عنه فعاقبَه أشدالعقاب ، ثم أَسلَمَه إلى الحَجّامين ليعلموه الحجامة فأنشأ يقول:
ومــا كنتُ حَجّاماً ولكنْ أَحَلَّني ............. بمنزلةِ الحَجّامِ نأيي عن الأصلِ
ــ 7 ــ
أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخاً له ........ كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ
يضرب لمن قلّ أنصارُه ولمن يَدّعي عملاً ليس معه آلة ، وقائلُه هو ربيعةُ بن عامرٍ بنُ أنيف ، المعروف بمسكين الدارمي .
وسببُه أنَّ الشاعر قدِم على الصحابيّ الجليلِ ، الخليفة الأمويِّ الأوّل ، معاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه ، فأشده قصيدة منها :
إليك أمير المؤمنين رحلتهـــــــــــــــــا .......... تثير القطا ليــــــــــــــلاً وهُنَّ هُجـودُ
على الطائر الميمون والجد صاعد .......... لكلِّ أُناسٍ طائرٌ وجُـــــــــــــــــــدودُ
طالباً منه أن يَفرِضَ له عطاءً ، فأبى ، فخرج من عنده وهو يردّدُ هذه الأبيات:.
أخاك أخاك إنّ مَنْ لا أخاً لـــــــــــــه ......... كساعٍ إلى الهيجا بغير ســـــــــــــلاحِ
وإنَّ ابنَ عمِّ المرءِ ــ فاعلمْ ــ جناحُهُ ......... وهل ينهض البازي بغير جَنـــــــــــــاحِ
وما طالب الحاجـــــــــات إلاّ مغرّر ......... وما نال شيئــــــاً طالبٌ كنجَــــــــــــاحِ
لحا الله من باع الصديق بغــــــــــــيره .........وما كل بيع بِعتَه بربـــــــــــــــــــــــــــــــاحِ
كمفسدِ أدناه ومصلحِ غــــــــــــــيرِه .........ولم يأتمرْ في ذاك غيرُ صـــــــــــــــــــــلاحِ
ثمّ إنَّ اليمنَ غَزَتْ وكثُرت وضُعْضِعَتْ عدنانُ وضعفت ، وبنو أميًة من عدنان ، فبلغ معاويةَ أنّ رجلاً من أهل اليمن قال يوماً : لهمَمْتُ ألاّ أَدَعَ بالشأم أحداً من مُضرَ ، بل هَمَمْتُ ألاّ أحُلَّ حَبْوتي حتى أُخرِجَ كلَّ نزاريٍّ بالشام ، فبلغت معاويةَ ففرض من وقتِه لأربعةِ آلافِ رجلٍ من قيْس ، وقدم عُطاردُ بنُ حاجب على معاويةَ فقال له : ما فعل الفتى الدارميّ الصبيحُ الوجهِ الفصيحُ اللسان ؟ يعني مسكيناً ، أعلِمْهُ أنّي قد فَرضْتُ له في شَرَفِ العطاء وهو في بلاده ، فإن شاء أن يقيم بها أو عندنا فليفعلْ فإنْ عطاءَه سيأتيه ، وبَشّرْهُ أنّي قد فرضْتُ لأربعةِ آلافٍ من قومِه .
فائدة :
أخاك : مفعول به لفعل محذوف وجوبًا ، لأنه من باب الإغراء تقديره : الزم أخاك ــ مثلاً ــ وهو منصوب بالألف لأنه من الأسماء الخمسة ، والكاف مضاف إليه . و (أخاك) الثاني توكيد لفظي
وجملة : إنّ مَن لا أخاً له الخ استئناف بياني .
و مَن : نكرة موصوفة بالجملة بعدها وقيل : موصولة .
و لا : نافية للجنس .
و أخاً : اسمها . والخبر محذوف أي : موجودٌ .
والإغراء: تَنْبِيهُ المخاطَبِ على أمر محمودٍ ليفعلَه وحُكْمُ الاسم فيه حُكْمُ التحذير الذي لم يُذْكَر فيه (إيَّا) فلا يلزم حَذْفُ عاملِه إلاّ في عطف أو تكْرَارٍ كقولك (الَمُروءةَ وَالنَّجْدَةَ) بتقدير اِلزم ، وكقول الداعي إلى الصلاة : الصَّلاَةَ جَامعة ، ومن ذلك قولك : زيداً وعمراً ، كأنك تريد :أَعْطِ زيداً وعمراً .
وقد أورد علماءُ اللغة هذا البيت كشاهد على عدم وجوب استعمال الواو في التحذير ، في مثل قولك : (إياك والكذب) .
ــ 8 ــ
فعين الرضــــا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ ... ولكنَّ عينَ السُخطِ تُبْدي المَساوِيا
والبيت لعبدِ اللهِ بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، من قصيدةٍ قالها في صديقِه الحسينَ بنِ عبدِ الله بن عبدِ اللهِ بنِ عبّاس ، رضي الله عنهما، معاتباً ، ومنها :
رأيت فُضيلاً كانّ شيئاً مُلَفَّفــــــــــــاً......... فكَشَفَه التمحيصُ حتّى بَدا لِيـــــــــا
ولَسْتَ براءٍ عَيْبَ ذِي الوُدِّ كُلَّــــــهُ ......... ولا بَعْضَ ما فِيه إذا كنتَ راضِيـــــــــا
فَعَيْنُ الرِّضا عن كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَــــــةٌ ......... ولكنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَساوِيـــا
أَأنتَ أَخِي ما لمْ تَكُنْ ليَ حاجَــــــةٌ ......... فإنْ عَرَضَتْ أيقَنْتُ أنْ لا أَخالِيــــــــا
فلا زادَ ما بَيْنِي وبَيْنَكَ بَعْدَمـــــــــا ......... بَلَوْتُكَ في الحالَيْنِ إلاّ تَمادِيــــــــــــــــــــــا
كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيهِ حَياتَـــــــــــهُ ......... ونحنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانَيــــــــــــــــــــــــا
قوله: أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة"تقريرٌ وليس باستفهامٍ ، كما قد يُظنّ ، ومعناه: إني قد عرفتُك تُظهر لي الإخاء والمودّة ، فإذا عرضت بي حاجة إليك لم أجد من إخائك شيئاً ، أمّا قو لُه عزّ وجلّ مخاطباً السيدَ المسيحَ عليه السلام: "(( وإذ قال الله يا عيسى بنَ مريمَ ءأنت قلتَ للناسِ اتّخذوني و أمّيَ إلهينِ من دون الله..)) المائدة /116/ إنّما هو توبيخٌ وليس باستفهام أيضاً ، كذا وَرَدَ في الكامل في اللغة والأدب ــ للمبرّد ــ (ج 1 / ص 56) ، وقوله:
أَأنتَ أَخِي ما لمْ تَكُنْ ليَ حاجَةٌ ... .........فإنْ عَرَضَتْ أيقَنْتُ أنْ لا أَخالِيا
لقد رُوي هذا البيتُ لجريرٍ بــ (فأنت ...) بدلاً من (أأنت ) ولا أدرى من تَقدّم صاحبَه وسبقه إلى هذا البيت ، وقد أدخل بعضهم في هذه الأبيات بيتين هما:
ولستُ بِهَيّـــــــــــــابٍ لمن لا يَهابُني ............ ولستُ أرى للمرءِ ما لا يَرى لِيا
متى تَدْنُ مِنّي تَدْنُ منكَ مَودَّتي .............وإنْ تَنْأَ عنّي تُلْفِِني عنكَ نائيا
ــ 9 ــ
فإذا كنتُ مأكولاً فكن خيرَ آكلٍ ...... وإلاّ فأدركني ولمـّـــــــــــــا أمزّقِ
هذا البيتُ لشأسٍ بنِ نَهار ، من بني عبد القيس ، وقد لُقِّبَ بالممزَّق بسببه، وهو من قصيدةٍ قالها مخاطباً الملك عمرَو بنَ هندٍ ، وقد هَمَّ بغزوِ قومِه بني عبدِ القيس ، فلمّا بلغتْه هذه القصيدةُ عَدَلَ الملك عمرُو عن غزوهم.
وقد تمثّل بهذا البيت سيدُنا عثمان بن عفّان رضي اللهُ عنه يوم تسوّر عليه أهلُ الفتنةِ يريدون قتلَه ، لكنّهم لم يرعووا عن فَعلتهم الدنيئة ، لأنّهم ما كانوا عرباً ولا مسلمين ، فلم تكن لهم أخلاق العرب والمسلمين .إنّما كانوا مدفوعين بعصبيّات لا تعرف إلاّ الفتنة ، جاء ذلك في كتابه إلى عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنهما ، حين حُصِرَ ،ومما جاء فيه :
أما بعد فقد بلغ السيل الزبى ، وطَمِعَ فيَّ مَن لا يَدفعُ عن نفسِه ، فإن أتاك كتابي هذا فأقبل إليّ ، عَلَيَّ كنتَ أو لي:
فإذا كنتُ مأكولاً فكنْ خيرَ آكلٍ ............. وإلاّ فأَدْرِكْني ولمّــــــــــــــا أُمَزَّقِ
فأرسل سيّدنا عليٍّ ولديْه الحسن والحسين رضي الله عنهم ، فوقفا بباب سيدنا عثمان يَدفعان عنه فيمن وقف من أبناء الصحابة كعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنهم أجمعين ، وغيره من فتية المسلمين المتواجدين في المدينة . لكنّ أهلَ الفتنةِ تَسَوّروا على سيدنا عثمان وقتلوه .
ويُستشهد بهذا البيت ، في الاستغاثة وطلب النجدة ، لدرء مصيبة ، أو التصدّي لفتنة.
ــ 10 ــ
كناطح صخرة يوماً ليوهنها .......... فلم يَضُرَّ وأعيا قَرْنَهُ الوَعِلُ
هذا البيت للأعشى الكبير ، ميمون بن قيس ، مِن لاميّتِه المشهورة ، وهذا البيت من شواهد ابن عقيلٍ على عمل اسم الفاعل عمل فعله ، وذلك في شرحه لألفيّة ابنِ مالكٍ في النحو ، والأعشى من تميم إحدى أكبر قبائل العرب وأهمها، وهو من فحول شعراء العربية ، ويروى أن رجلاً كان مبنتاً ، وكان فقيراً خامل الذكر ، فلم تخطب بناته ، وكانت امرأته ذات فطنة ودهاء ، فأشارت عليه ، فاعترض سبيل الأعشى في موسم الحج ، أثناء توجهه إلى مكة ، فذبح له ناقته ، واشترى ببعض لحمها خمراً وشوى الباقي فأطعمه وسقاه ، وأحسن ضيافته ، وفطن الأعشى إلى غرض الرجل من ذلك لما رأى كثرة بناته ، فذكره في قصيدة أنشدها ، فأقبل الناس على بنات الرجل فخطبوا بناته ، حتى إنه وهو في موسم الحج ، أوتي بهدايا ، فسأل الأعشى عنها فقيل له هي من مهر فلانة ، وقيل إنه ماكاد ينتهي موسم الحج حتى خطب بنات الرجل جميعاً ، وقد لقّب
الأعشى، هذا ، بصنّاجة العرب لأنه كان يرافق إنشاده لشعره آلة الصنج ، وهي آلة وترية كان
العرب يعزفون عليها ، وقيل غير ذلك ، والمعلّقةُ التي منها هذا البيت ، قد جَمعت رقّةَ التَشبيب ، ورَوْنقَ التَشبيه ، وروائعَ الفخرِ ، وشديدَ الحماسةِ ، في لفظٍ جَزْلٍ ، وأُسلوبٍ رائعٍ . وهي قصيدةٌ غرّاءُ ، تملك القلوبَ ، وتسترق الأسماع ، وتأسرُ الأفهام .
وذكروا في سببِ نظمِها أنّ رجلاً من بني كعب بن سعد بن مالك يُقال له ضُبيع ، قَتَل رجلاً من بني همّام يقال له زاهر بن سيار ، من بني ذهل بن شيبان، فهمَّ قومُه بقتل ،ضُبيع فنهاهم يزيد ابن مسهر أن يقتلوه به ،وكان ضُبيع مَطروقاً ضعيفَ العقل، وقال : اقتلوا به سعيداً، من بني سعد بن مالك، وحَضّ بني سيّار على ذلك وأمرهم به . وبلغ بني قيسَ ــ وهم عشيرة سعيد ــ ما قاله يزيد بن مُسهر. فقال الأعشى ،هذه القصيدة يأمره أن يَدَعَ بني سيّار وبني كعب ، ولا يعين بني سيّار. فإنّه إنْ أعانَهم أعانت بنو قيسٍ بني كعبَ .وهذه أبيات منتخبة من معلقته هذه:
ودّعْ هريــــــــــــــــــــرةَ ، إنّ الركبَ مُرتَحِلُ ... وهل تُطيقُ وَداعاً أيُّها الرجـــــــــــــــــــلُ ؟
غرّاءُ، فَرعاءُ، مصقولٌ عَوارضُها ...تمشي الهُويْنا،كما يَمشي الوََجِي الوَحِلُ
كأنَّ مِشيتََها من بيتِ جارتِهــــــــــا...مَرُّ السَحابــــــــــــــةِِ : لا رَيْثٌ ولا عَجِلُ
ليست كمن يَكره الجيرانُ طلعتَهـــا...ولا تراهـــــــــــــــــــــــا لسرِّ الجارِ تختتِلُ
يكاد يصرعها لولا تشدّدُهـــــــــا،... إذا تقوم إلى جاراتهـــــــــــــا ، الكسلُ
إذا تقوم يضـــــــوع المسك أَصوِرةً ...والزنبقُ الوَرْدُ من أردانِهــــــــــــــا شَمِلُ
ما روضةٌ من رياضِ الحَزْنِ مُعْشِبَةٌ... خضراء، جاد عليها مُسبِـــــــــلٌ هَطِلُ
يُضاحك الشمسَ منها كوكبٌ شَرُقٌ ... مؤزّرٌ بعميــــــــــمِ النبتِ ، مُكْتَهِِـــلُ
يومــــــــــــاً بأطيبَ منها نَشْرَ رائحةٍ ... ولا بأحسنَ منها إذ دنا الأُصُــــــــــــلُ
قالت هُريرةُ لما جئتٌ زائرَهـــــــــــا:... ويلي عليك ، وويلي منـــك يا رجلُ
ومنها:
أبلغ يزيدَ بني شيبــــــــــــــــــــــــــانَ مَأْلَكـةً :... أبا ثُبيتٍ ، أما تَنْفَكُّ تأتكِــــــــــــــــــــــلُ ؟
ألستَ منتهياً عن نحتِِ أَثْلَتِنــــــــــــــــــــــــا ... ولستَ ضائرَها ما أطَّتِ الإبـــــــــــــــــــــــلُ
كَناطِحٍ صخرةً يوماً لِيُوهِنَهــــــــــــــــــــــــــــا... فلم يَضُرَّ وأَعيا قرنَه الوَعِــــــــــــــــــــــــــــــــلُ
فائدة :
هذا البيت شاهد على عمل اسم الفاعل عمل فعله ، دون اعْتِمَاده على استِفهامٍ ، أو نفيٍ أو مُخْبَرٍ عنه ، أو موصوفٍ ، أو الحال .
فمثال الاستفهام قولك : أعارفٌ أنتَ قَدرَ نفسِكَ ؟ ومنه قول الشاعر:" أَمُنجِرٌ أنتُمُ وَعْداً وثِقتُ به"ومثال النفي قولك: ما طالِبٌ أخواكَ ضُرَّ غيرِهما".
ومثالُ المُخْبَر عنه ما قاله امرؤ القيس :
إني بِحَبْلِكِ واصِلٌ حَبلِي ...............وبِريشِ نَبْلِك رائِشٌ نَبْلِي
ومثال النعت قولك : "ارْكُنْ إلى عِلْمٍ زائِنٍ أَثَرُه مَن تَعَلَّمَهُ". ومثال الحال :"أَقْبَلَ أَخوك مُسْتَبْشِراً وَجْهُه". فقد عمل اسم الفاعل في هذه الأمثلة عملَ فغله ، فرفع فاعلاً ونصب مفعولاً به، ما عدا الأخير منها حيث كان له فاعل فقط لأن فعله (استبشر يستبشر) فعل لازمٌ لا يحتاج مفعولاً به . والاعتِمادُ على المقدَّر منها كالاعتماد على الملفوظِ به نحو ": مُعِطٍ خالدٌ ضَيْفَهُ أمْ مَانِعهُ"؟ أيْ أَمُعْطٍ (بدليل وجود "أم" المتصلة فإنها لا تأتي إلا في سياق النفي). ونحو قول الأعشى في هذا البيت :
كَناطِحٍ صَخْرةً يوماً لِيُوهِنُهَا .......... فَلمْ يَضرهَا وَأَوهَى قَرْنَه الوَعِلُ
أَي كَوَعْلٍ نَاطِحٍ. وفي الإعراب نقول : ناطح : اسم فاعل عمِل عمَل فعله (نَطَحَ) ، فنصب مفعولاً به هو صخرةً .
رد: الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(3ـ10){الشاعر: عبد القادر الأسود}
مجهود تُشكر عليه ...
سلمت يداك ... والله يعطيك العافية ...
سلمت يداك ... والله يعطيك العافية ...
رد: الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(3ـ10){الشاعر: عبد القادر الأسود}
نسجتُ لهُ بطُهرِ الروحِ ودي =فلمّا ازدادَ حبيَ قد رماني
وكم ناجيتُهُ بدموعِ وجدي =فلمّا باتَ في قلبي قلاني
ليَ عوةٌ لأكملَ هذا النثر الأدبي الرائع
نشكركَ سيدي على هذا المجهود وهذا المعلومات الثرية والثمينة
التي تهدي إلينا المتعة والفائدة
باقات الياسمين لقلبك الكبير وروحك لطاهرة
فاتن علي حلاق- صاحبة القلم اللامع ( ياسمين الشام )
- عدد المساهمات : 61
نقاط : 588
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
رد: الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(3ـ10){الشاعر: عبد القادر الأسود}
مرحباً بك وبحضورك النير ومرورك العطر شكراً يا فاتن
مواضيع مماثلة
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(1ــ 10){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد نسبتها ومناسبتها /40 ـ 50/( الشاعر عبد القادر الأسود)
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(11ــ 20){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(31ــ 40){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(21ــ 30){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد نسبتها ومناسبتها /40 ـ 50/( الشاعر عبد القادر الأسود)
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(11ــ 20){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(31ــ 40){الشاعر عبد القادر الأسود}
» الشواهد ، نسبتها ومناسبتها(21ــ 30){الشاعر عبد القادر الأسود}
منتدى مدينة أرمناز العام :: المنتدى الخاص بشاعر أرمناز الكبير الأستاذ عبدالقادر الأسود :: البحوث والدراسات والمقالات النثرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء أكتوبر 01, 2019 11:34 am من طرف bassam1972
» شهادة الشاعر الكبير الأستاذ عبد القادر دياب مدير عام الملتقى الثقافي العربي
الجمعة سبتمبر 13, 2019 7:15 pm من طرف bassam1972
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 12
الجمعة يوليو 12, 2019 10:33 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 10
الخميس يوليو 11, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 9
الأربعاء يوليو 10, 2019 1:29 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 8
الأربعاء يوليو 10, 2019 10:41 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 6
الثلاثاء يوليو 09, 2019 4:24 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 5
الأحد يوليو 07, 2019 10:10 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 3
السبت يوليو 06, 2019 10:14 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف الآية: 2
الجمعة يوليو 05, 2019 10:54 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكه، الآية: 1
الأربعاء يوليو 03, 2019 3:27 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الكهف: تعريف
الثلاثاء يوليو 02, 2019 7:01 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 111
السبت يونيو 29, 2019 7:26 am من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 110
الخميس يونيو 27, 2019 10:38 pm من طرف عبد القادر الأسود
» الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 109
الخميس يونيو 27, 2019 6:45 am من طرف عبد القادر الأسود